لماذا لم يستوعب اسلاميو السودان درس اليمن؟!
تاريخ النشر: 15th, February 2025 GMT
أذكر أيام التقدمات الكاسحة التي حققها الجيش بمدينة الخرطوم بحري والتي توجها بوصول الإشارة وربطها بالقيادة العامة.. واحد من الاسلاميين شالتو “الهاشمية” وكتب فرِحًا: “الخرطوم ليست صنعاء”! والحقيقة هذه العبارة لم أقرأها أول مرة؛ تكررت على مسامعي كثيرًا. وبخلاف التنبيه إلى أنّ هذه العبارة مُضللة، وفاسدة، وتنطلق من ذات تستبطن التعالي والغرور الكذوب، والاستكبار عن جهل وسفاهة.
أما عن حرب العدوان على اليمن فهي من مخازينا الوطنية؛ بل عار سنحملهُ على أعناقنا جيلًا بعد جيل؛ إذ شارك السودان في العدوان على اليمن ضمن “التحالف العربي” بقيادة السعودية وسند استخباري وعون لوجستي من الولايات المتحدة وبريطانيا فيما عُرف ب “عاصفة الحزم” في العام 2015. وتسبب السودان جنبًا إلى جنب مع الإمارات العربية التي تحاربهُ اليوم بلا رحمة في جريمة بشعة وصفت بأنها: “كارثة أو مأساة إنسانية”. وقتها قننت سلطات البشير أسوأ عملية ارتزاق مُنظّم؛ واقتيدت الدولة بجلالها لتعمل كخادم ذليل يحرس الملك السعودي، ويعمل على تنفيذ المخططات الشريرة للإمارات بما فيها التعاون في الإجْهاز على شعب من أطيب وأنبل الشعوب والسيطرة على أجزاء من أراضيه ومقدّراته.
الاسلامي على النكهة العثمانية الأردوغانية أو الخليجية بعد كل عبر التاريخ التي يمكن قراءتها من الأحداث القريبة.. ليس في وسعه فهم أنّ أركان الدولة قد اهتزّت وبدأت تزيح اللثام عن أمنها القومي عشية المشاركة في حرب اليمن!
وينتصر اليمن في نهاية المطاف، ويقفُ اليمن الحرّ اليوم ببسالة كرأس رمح في مواجهة قوى الاستكبار والهيمنة.. وكان الأول في مساندة أهل غزة وشعب فلسطين ودفع وحيدًا الفاتورة العظمى نظير وقفته المشرّفة في وجه الإرهاب الدولي بقيادة الولايات المتحدة والكيان الإسرائِِيليِّ.
صنعاء هذه مدينة الأحرار والشرفاء.. ولا يتناولها بتحقير إلا من كتب الله عليه الخزي جنبًا إلى جنب مع نتنياهو وسموتريتش وغالانت وبن غفير.
ولا تكريم لأهل اليمن بعد الذي قاله عنهم سيدنا النبي:
“الإيمان يمان والحكمة يمانية”
محمد أحمد عبد السلام
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
لماذا تدعم الطرق الصوفية المصرية الدولة وتحتمي بها؟
وعلى عكس الطريقة النقشبندية التي كانت تؤول إمامتها للرجل الأكثر زهدا وورعا، أصبح قانون الطرق الصوفية ينص على انتقال المشيخة بالوراثة للابن الأكبر، وهي طريقة تراها الدولة مريحة ونافعة لها، كما يقول الباحث السياسي الدكتور عمار علي حسن.
وخلال حلقة 2025/4/10 من بودكاست "وسط البلد"، قال الباحث إن هذا التوريث بحاجة لإعادة النظر لأن الأبناء لا يشبهون الآباء بالضرورة، وخصوصا فيما يتعلق بالأمور الدينية.
واستدل على ذلك، بأن الشيخ عبد الهادي القصبي، شيخ مشايخ الطرق الصوفية المصرية، ورث المشيخة عن أبيه رغم أنه لم يكن يسير في هذا الطريق، ويرى أنه أكره على هذا الأمر لأنه كان متعلما ومدخنا وله طريقة تختلف عن والده في الحياة.
في الوقت نفسه، لعب القصبي -الذي كان محافظا للغربية ثم نائبا في البرلمان- دورا في ضبط العلاقة بين الطرق والدولة لأنها على دراية واسعة بطبيعة وحدود هذه العلاقة، وفق الباحث الذي يصف الرجل بأنه "دولة".
لكن هذه الطريقة، تتماشى مع مصلحة الدولة التي تفضل أن تظل المشيخة في بيوت بعينها تكون على علاقة جيدة معها، كما يقول الباحث.
خدمة الدولة والاحتماء بها
ورغم أن كثيرين كانوا يعتقدون أن هذه الطرق سوف تموت في مواجهة الحداثة وتطور المجتمعات، فإنها نمت وحجزت لنفسها مكانة، وأصبحت أكثر ارتباطا بالدولة بحثا عن الحماية.
إعلانفي الوقت نفسه، فإن هذه الطرق تجعل رعاياها جزءا من الموالين للدولة، يقبلون بها ويؤيدونها ولا يناهضونها أبدا من باب الصبر على الحاكم، في صورة من صور مواجهة جماعات دينية أخرى تبحث عن الحكم، وفق تعبير الباحث.
وبسبب هذا التحالف مع السلطة، لم تغلق هذه الطرق الباب أمام الانضمام إليها على عكس الجماعات الدينية السياسية التي تتشدد في هذه الأمور خشية الاختراق، ومن ثم تجتذب الطرق الصوفية كثيرا من أصحاب المناصب الحساسة السابقة من ضباط جيش وشرطة وقضاة.
وعلى عكس الطرق الصوفية التي واجهت المستعمر في ليبيا والجزائر مثلا، يقول الباحث إن نشأة الطرق الصوفية المصرية مختلفة بحيث جعلت عينها متجهة باستمرار نحو الدولة المركزية التي تضمن حمايتها ومصالحها.
ومع ذلك، فقد ناهض الشيخ ماضي أبو العزايم -شيخ الطريقة العزمية- الإنجليز في مصر والسودان، واتهم سعد زغلول بتملق المحتل.
لكن هذه الطرق في العموم لم تلعب دورا وطنيا ملموسا في مناهضة الاحتلال، على عكس الإخوان المسلمين الذين عارضوا الاحتلال رغم مساعدة بريطانيا للشيخ حسن البنا في تأسيس الجماعة، كما يقول الباحث.
وأكثر من ذلك، فقد لعب مشايخ الطرق الصوفية الذين كانوا قريبين من السلطان عبد الحميد، آخر سلطان شرعي للدولة العثمانية، دورا في إضعاف الخلافة وصولا لسقوطها.
حيث أخذ هؤلاء المشايخ مكانة عالية عند السلطان بينما هم ينشرون الخرافات ويضفون الشرعية على السلطان حتى لو تخاذل أو تواطأ، وكان على رأس هؤلاء أبو الهدى الصيادي، الذي كان لصيقا بالسلطان، حسب كلام الباحث.
الصوفية والإخوان المسلمون
ورغم أن مؤسس الإخوان المسلمين، كان سكرتيرا للطريقة الحصافية فإنه قد تخلى -وفق الباحث- عن موقف الصوفية المبتعد عن طلب السلطة، وأخد منها ما يتعلق بالتربية الروحية.
وقد ظل البنا ومَن خلفه من مرشدي الجماعة -يضيف الباحث- على موقفهم الذي لم يناهض الصوفية على اعتبار أنها ربما تكون مخزنا لأعضاء الجماعة مستقبلا، وهو ما دفعهم لعدم مواجهتها أو انتقادها بوضوح في مسألة التبرك بالأضرحة، على عكس السلفيين.
إعلانولعبت الطرق الصوفية دورا مهما في تعزيز شرعية الرئيس جمال عبد الناصر في مواجهة الإخوان المسلمين الذين تحدثوا عن تحكم الشيوعية في مصر.
وعندما احتدم الصدام بين الإخوان وعبد الناصر، ردت الطرق الصوفية على بيانات الجماعة ببيانات تنتقدهم وتدعم الرئيس وصولا إلى وصفه بأنه من "أولياء الصالحين"، كما يقول الباحث.
وامتد خلاف الصوفيين ليشمل جماعة الجهاد الإسلامي والسلفيين الذين سعوا للحكم، ودخلوا معهم صراعا استعانوا فيه بقوة الدولة لأن الصوفيين ليسوا حركة اشتباك بقدر ما هي حركة مواجهة كلامية، كما يقول الباحث.
كما اتكأ الرئيس أنور السادات أيضا على الصوفية خلال خلافه مع الإخوان المسلمين والكنيسة بسبب ذهابه للسلام مع إسرائيل، في حين تعامل الرئيس حسني مبارك مع الإخوان والسلفيين الجهاديين بمنطق آخر يقوم على "التسكين".
أما الصوفية، فلم يكن مبارك على خلاف معهم لأنه لم يكن صاحب مشروع تصفية لأي جماعة لا تصارعه على الحكم، والأمر نفسه كان مع الأزهر الشريف، وفق الباحث.
واستمر وضع الطرق الصوفية في دعم الدولة المركزية حتى خلال أحداث 2013، وأيدوا عزل الجيش للرئيس السابق محمد مرسي.
لكن الباحث يقول إن الصوفيين والأزهر كانوا مدفوعين في هذا الأمر بخوفهم من تعاون الإخوان المسلمين خلال وجودهم في الحكم مع السلفية الجهادية التي تنادي بهدم الأضرحة وإلغاء الأزهر.
ومع ذلك، فإن الدولة المصرية لا ترغب في وجود حزب سياسي لهذه الفئة لأن لها ملايين الأتباع ولديها دخل مالي كبير، وهو أمر يمثل خطرا على السلطة ما لم يكن في كنفها، كما يقول الباحث.
12/4/2025