أمام الاتحاد الأفريقي، الأمين العام للأمم المتحدة يدعو المجتمع الدولي إلى وقف تمويل سفك الدماء في السودان
تاريخ النشر: 15th, February 2025 GMT
قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش إن الشراكة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة أقوى من أي وقت مضى. وأمام قمة الاتحاد الأفريقي، اليوم السبت، تحدث عن أهم التحديات التي تواجهها القارة، وتطرق إلى الوضع في السودان وجمهوريه الكونغو الديمقراطية وأزمة المناخ والذكاء الاصطناعي.
وقال غوتيريش إن العالم لا ينبغي أن ينسى أبدا أن أفريقيا ضحية لظلمين هائلين ومركبين أولهما التأثير العميق للاستعمار وتجارة الرقيق عبر الأطلسي.
وأشار إلى أن إنهاء الاستعمار، في حد ذاته، لم يكن الحل الشافي. وقال إن الوقت حان لوضع أطر للعدالة التعويضية.
ثانيا، أوضح الأمين العام أن أفريقيا كانت تحت السيطرة الاستعمارية عندما تم إنشاء النظام متعدد الأطراف اليوم - ولا يزال هذا الظلم قائما، مشيرا إلى عدم وجود عذر لافتقار أفريقيا إلى التمثيل الدائم في مجلس الأمن في القرن الحادي والعشرين.
وقال إن تصحيح الظلم القديم أمر ضروري لمواجهة التحديات الآنية، مشيرا إلى أنه سيستمر في العمل مع الاتحاد الأفريقي وجميع الدول الأعضاء لضمان التمثيل الذي تحتاجه أفريقيا والعدالة التي تستحقها - بما في ذلك منحها مقعدين دائمين في مجلس الأمن.
كما أكد على ضرورة إصلاح النظام المالي العالمي وأضاف: "سنواصل الضغط معا من أجل نظام مالي دولي لم يعد قديما ومختلا وغير عادل".
أربعة مجالات للعمل
وأشار الأمين العام إلى أن القارة مليئة بالأمل والإمكانات. وسلط الضوء على أربعة مجالات للعمل في القارة الأفريقية: أولا، يجب أن ندفع من أجل السلام والأمن وتخفيف مستويات المعاناة الإنسانية المروعة.
وقال في هذا السياق: "السودان يتمزق أمام أعيننا - وهو الآن موطن لأكبر أزمة نزوح ومجاعة في العالم. مع اقترابنا من شهر رمضان المبارك، حان الوقت لوقف الأعمال العدائية على الفور". ودعا المجتمع الدولي إلى أن يتحد لوقف تدفق الأسلحة وتمويل إراقة الدماء.
وبشأن الوضع في جمهورية الكونغو الديمقراطية، قال الأمين العام إن القتال المستعر في جنوب كيفو - نتيجة لاستمرار هجوم حركة 23 مارس - يهدد بدفع المنطقة بأكملها إلى الهاوية، مشددا على ضرورة تجنب التصعيد الإقليمي بأي ثمن. وأكد عدم وجود حل عسكري.
ثانيا، يجب أن نستمر في العمل معا لتحقيق أجندة الاتحاد الأفريقي 2063 وأجندة التنمية المستدامة 2030 - ودفع العمل بشأن التمويل.
وقال إن الدول الأفريقية تدفع نحو ثمانية أضعاف مقارنة بما تقترضه الدول المتقدمة. وتعاني عشرون دولة في القارة من ضائقة الديون أو معرضة لخطرها.
ثالثا، أزمة المناخ. قال الأمين العام إن الكوارث المناخية تمزق أفريقيا وتدمر الأرواح والاقتصادات وتؤجج الصراعات.
وقال إن أفريقيا لم تساهم سوى بالقليل في أزمة المناخ، ولكنها مع ذلك تدفع الثمن في شكل جفاف وفيضانات وحرارة غير مسبوقة. وأكد أن العدالة المناخية تتطلب استثمارا هائلا في التكيف، مع تحمل المجتمع الدولي مسؤولية هائلة.
رابعا وأخيرا، شدد الأمين العام على أننا بحاجة إلى اتخاذ إجراءات بشأن التقنيات الجديدة، بما فيها الذكاء الاصطناعي، مشيرا إلى أن ما يقرب من ثلثي سكان القارة الأفريقية لا يتمتعون بإمكانية الوصول إلى الإنترنت بشكل موثوق.
وقال إنه تقع على عاتقنا مسؤولية تاريخية لضمان استفادة البشرية من الذكاء الاصطناعي، وليس فقط قِلة من الدول والشركات المتميزة.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الاتحاد الأفریقی الأمین العام وقال إن إلى أن
إقرأ أيضاً:
انسحاب 3 دول أفريقية من منظمة الفرانكفونية.. هل تنهار هيمنة فرنسا في القارة؟
أعلنت ثلاث من دول الساحل الإفريقي انسحابها جماعيا من المنظمة الدولية "الفرانكفونية"، في خطوة نٌظر إليها على أنها مؤشر للانهيار المتسارع للهيمنة الفرنسية في أفريقيا.
وتأسست المنظمة الدولية الفرانكفونية 1970 ومقرها باريس، وتضم في عضويتها 94 دولة، ويتمثل هدفها الإستراتيجي في تفعيل وتطوير اللغة الفرنسية والترويج لها.
لدى المنظمة ممثلون دائمون بالاتحاد الأفريقي واللجنة الاقتصادية الأفريقية، والاتحاد الأوروبي، وداخل الأمم المتحدة، ولها مكاتب جهوية بعدد من الدول الأفريقية.
ويدير شؤون المنظمة أكثر من 300 موظف موزعين ما بين المكتب الرئيسي في باريس وباقي المكاتب الجهوية.
ووفق تقديرات غير رسمية، فإن أكثر من عشر سكان القارة الإفريقية يتحدثون اللغة الفرنسية، فيما تعمل باريس على اصطفاف النخب السياسية الفرنكوفونية الأفريقية وراء السياسة الفرنسية.
"تطبيق انتقائي للعقوبات"
وأعلنت مالي والنيجر وبوركينا فاسو، في بيان مشترك اطلعت عليه "عربي21" انسحابها جماعيا من المنظمة الدولية للفرانكفونية، معتبرة أن هذه المنظمة "بدلا من دعم الدول الثلاثة في تحقيق الأهداف المشروعة لشعوبها فإنها عملت على التطبيق الانتقائي للعقوبات على أساس اعتبارات جيوسياسية واستهتار بسيادة هذه البلدان".
وأوضح البيان أن رؤساء الدول الثلاث "المخلصين لتطلعات شعوبهم والحريصين على الدفاع عن مصالحهم المشروعة، قرروا مغادرة المنظمة الدولية للفرانكفونية".
وقبل إعلان الانسحاب في بيان مشترك، أعلنت الدول الثلاثة في بيانات منفصلة انسحابها من المنظمة، حيث اعتبرت مالي أنها لا يمكن أن تظل عضوا في منظمة "تتعارض أفعالها مع المبادئ الدستورية على أساس سيادة الدولة" فيما أعلنت النيجر في بيان مقتضب موجه إلى البعثات الدبلوماسية، وقعه الأمين العام لوزارة الخارجية لاوالي لابو، قرارها الانسحاب "بشكل سيادي من المنظمة الدولية للفرانكفونية".
وكانت المنظمة، قد علقت عضوية النيجر بعد انقلاب 26 حزيران /يوليو 2023، وطالبت العسكريين بإطلاق سراح محمد بازوم وترك السلطة للمدنيين.
وفي كانون الأول /ديسمبر الماضي، علق المجلس العسكري في نيامي جميع أشكال التعاون مع المنظمة، وقال، إنها أداة لخدمة مصالح فرنسا ولم تعد إطارا ثقافيا يؤسس للتعاون بين الحكومات الناطقة بلغة مشتركة.
وقبل انسحابها رسميا من المنظمة، غيرت السلطات في العاصمة النيجرية نيامي اسم شارع ديغول الذي يقع وسط المدنية إلى شارع "جيبو باكاري" أحد زعماء جيل الاستقلال.
كما قامت السلطات في النيجر، باستبدال اسم "ساحة لفرانكفونية" بساحة "تحالف دول الساحل" الذي يجمع ثلاثة من دول الساحل هي: النيجر ومالي وبوركينافاسو، وأطلقت أيضا على المركز الثقافي الفرنسي في نيامي، اسم مصطفى آلاسان، أحد المثقفين الوطنيين العاملين في المجال السينمائي.
"انهيار متسارع"
ويرى عدد من المتابعين أن القرارات التي اتخذتها عدة دول أفريقية خلال الفترة الأخيرة "تعكس حجم الانهيار المتسارع للهيمنة الفرنسية في القارة السمراء".
فبالإضافة إلى الانسحابات الحالية المنظمة الدولية الفرانكفونية، اتخذت العديد من الدول الأفريقية قرارات نظر إليها على أنها "تعكس خيارات استراتيجية لأفريقيا للتحرر الكامل من الهيمنة الفرنسية".
وفي هذا السياق، يرى الباحث "بالمركز الموريتاني للدراسات والبحوث الاستراتيجية" المختار ولد نافع، أن الانسحابات الحالية من المنظمة الدولية الفرانكفونية، "تعني أن نفوذ باريس سقط معنويا قبل سقوطه سياسيا واستراتيجيا".
ويضيف في تصريح لـ"عربي21"، أن "الشعوب والدول الأفريقية التي أخرجت القوات الفرنسية من بلادها أخرجت قبل ذلك من قلوبها الثقافة الاستعمارية الفرنسية".
وتوقع ولد نافع أن تتزايد انسحابات الدول الأفريقية خلال الفترة القادمة، من هذه المنظمة، مضيفا أن ما حصل "يعكس رفضا لكل ما يتعلق بالهيمنة الفرنسية لأن فرنسا أصرت أن تكون ثقافتها والأطر والهياكل التي تنشرها وسيلة من وسائل استدامة النفوذ ذي الطابع الاستعماري".
واعتبر أنه: "لم يبق أمام الأفارقة إلا رفض هذه الثقافة الاستعمارية تماما مثل ما يرفضون الوجود العسكري الاستعماري، والتغلغل الاقتصادي الاستعماري".
"انتكاسة باريس"
وشكل العام 2024 ما يشبه انتكاسة لنفوذ باريس في أفريقيا التي شكّلت لأكثر من قرنين محور السياسة الخارجية والحضور العسكري الفرنسي خارج الحدود.
وأعلنت العديد من الدول الأفريقية ومن بينها، تشاد، ومالي، والنيجر، وبوركينافاسو وساحل العاج، طرد القوات الفرنسية من أراضيها، فيما دعت دول أخرى ومن بينها السنغال، القوات الفرنسية لمغادرة أراضيها.
في المقابل استغلّت روسيا انتكاسة فرنسا في أفريقيا لشغل الفراغ الذي خلفه الانسحاب العسكري الفرنسي، حيث تصاعد الحضور الروسي في منطقة الساحل الأفريقي، بشكل متسارع، خلال العام 2024، مدفوعا بمزاج شعبي يميل لصالح موسكو بدل باريس التي هيمنت على المنطقة لسنوات، خصوصا في مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
وظلّت أفريقيا، لعقود، المزوِّد الرئيسي لفرنسا بالطاقة واليورانيوم والمعادن، إذ تضخّ دول أفريقيّة مثل النيجر ومالي وتشاد 25 في المئة من احتياجات المفاعلات النووية التي تعتمدها فرنسا للتزود بالكهرباء.
كما تضع فرنسا يدها على العديد من ثروات القارة عن طريق الشركات الفرنسية العملاقة. ووفق تقديرات بعض الخبراء، فإن 80 في المئة من كل ما يتم استخراجه من الموارد والثروات المعدنية في أفريقيا يصدّر بإشراف فرنسي نحو القارات الأخرى.
ويرى متابعون أن الخروج العسكري الفرنسي من أفريقيا، بدأت تداعيات تظهر على حجم نفوذها في القارة، كما حصل مع الانسحاب من المنظمة الدولية الفرانكفونية.
ووفق متابعين، فمن بين عوامل تراجع النفوذ الفرنسي بأفريقيا "فشل باريس المزمن في تجاربها العسكرية في المنطقة، ومن آخرها عمليتا (سيرفال) و(برخان) في منطقة الساحل، والتي أدّت عمليا لزيادة التحديات الأمنية حجما ومستوى بدل القضاء عليها" بالإضافة على رغبة الشعوب في استعادة قرارها، والتخلص من هيمنة المستعمر.
وتحاول فرنسا الحفاظ على موطئ قدم في إفريقيا الفرنكوفونية لخدمة مصالحها في القارة، في وقت تهاوت علاقتها بالأفارقة نظرا لفشلها في جلب الاستقرار لمناطق وجودها بالقارة، وفق متابعين.