الأسبوع:
2025-02-19@05:50:28 GMT

احذروا «الغدر الأمريكي»!

تاريخ النشر: 15th, February 2025 GMT

احذروا «الغدر الأمريكي»!

لقد كانت سعادتي بالغة، وأنا أتابع تصريحات وقرارات ومبادرات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث كشفتِ الأحداث المتلاحقة خلال الأسابيع الأخيرة، حقيقةَ الدور المصري، وكيف كانت ولا تزال وستظل القاهرة، حائطَ الصد المنيع في مواجهة المخططات الشيطانية الرامية لإشعال المنطقة وتقسيمها باسم «الشرق الأوسط الجديد»، وذلك بعد أن حاول شذاذ الآفاق، وأرباب السوابق والإرهاب، تشويهَ دورها والتقليلَ منه بل والتشكيكَ في جيشها الوطني العظيم.

منذ اللحظات الأولى، وعقب نجاح ثــورة 30 يونيـة في الإطاحة بـ«نظام حكم الإخوان»، أدركت «قــوى الشر» خطـورةَ تولي شخصية يثق بها المصريون، مقاليد الحــكم في البـلاد، فكان الموقف المناهض للثورة، ثم لترشح عبد الفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسية.

لقد أدركوا مبكرًا أن وجود رئيس يستند إلى شعبه، يساعد على خروج مصر من كبوتها، وانطلاقها نحو مستقبــل أفضل، ويُـبعـد سينــاريوهات الفوضى والعنف التي تحاك للمنطقة بأكملها وفي القلب منها مصر، مارسوا ضغوطـًـا على الخليج العربي، لإقناع المشير عبد الفتاح السيسي وقتها، بعدم خوض الانتخابات، فوجوده رئيسـًـا لمصر يحقق المعادلة الصعبة: «حاكم يمتلك الإرادة، وشعب يلتف حول حاكمه».

حاولوا كثيرًا ولا يزالون جرح شعبيته، بطرق مختلفة ومفضوحة، من عينة: «يسقط حكم العسكر»، و«عودة نظام مبارك»، وغيرها، لكن ظل الـمصريون يراهنون عليه ويثقون به، خرجوا بالملايين لتفويضه في مواجهة الإرهاب، ثم في التصويت على الدستور، وبعدها في الانتخابات الرئاسية، ثم في جمع 64 مليار جنيه في أيام قليلة، خلال الاكتتاب في مشروع قناة السويس الجديدة، ليمنحوه في كل مرة، شرعيةً لم يحصل عليها رئيس قبله، منذ رحيل الزعيم الخالد جمال عبد الناصر.

أطلقوا أبواقَهم الإعلامية، وراحوا يتاجرون يوميًّا ولسنوات - عبر قنوات الجماعة الإرهابية التي تبث من الخارج - بآلام وعذابات المصريين، يستغلون الظروفَ الاقتصادية الصعبة وضيقَ المعيشة، وهذا الرصيد الهائل من المشكلات الـمتراكمة، لتقليب الرأي العام ضد مؤسسات الدولة.

كان المصريون يشعرون بالفخر وهم يشاهدون وصول حاملتَي المروحيات جمال عبد الناصر وأنور السادات من طراز «ميسترال»، لقاعدة الإسكندرية البحرية، يفتخرون بتنويع مصادر السلاح، وصفقات التسليح الكبرى مثل طائرات «الرافال» الفرنسية و«الفرقاطات» الألمانية وغيرها - تلك التي تضيف الكثير إلى قدرات قواتنا المسلحة المصرية - وكانوا هم -على الجانب الآخر- يشككون ويشوّهون ويخوّنون.

كان المصريون يتابعون التقارب الكبير «الـمصري الروسي»، أو «الـمصري الصيني»، أو الانفتاح من جديد على «آسيا» و«إفريقيا»، وعودة مصر للقيام بدورها الإقليمي الذي يليـق بهــا وبتاريخها، وكانوا هم -على الجانب الآخر- يطلقون الشائعات، يكذبون ويزيفون.

ومع العدوان الإسرائيلي على غزة، بعد السابع من أكتوبر 2023، جاء الموقف المصري واضحًا وراسخًا، حيث أعلنتِ القاهرة منذ اللحظة الأولى وفي أكثر من مناسبة وبحسم شديد، رفضَ أي مخططات لإجبار الشعب الفلسطيني على مغادرة أرضه، سواء في الضفة الغربية أو غزة، وخاضتِ الدبلوماسية المصرية العريقة معارك عديدة، دفاعًا عن قضية العرب الأولى، لكن على الجانب الآخر راحوا يتاجرون بالدماء والشهداء، ويستغلون العدوان الصهيوني الغاشم لتـوجيه الدفـة باتجـاه الهجـوم على مصر!.

راحت «قوى الشر» وزبانيتها وقنواتها الفضائية وميليشياتها على «السوشيال ميديا»، تصب جامَ غضبها على القاهرة، لتصبـح القضية بالنسبة لهم ما وصفوه بـ«التخاذل المصري!» وليس العدوان الصهيوني.

اليوم أدرك المصريون، أين يقفون، وأين يقف «سماسرة الأوطان» من تجار «الدين والدم»، وربما جاء مشهد تسليم أسرى الاحتلال الصهيوني ليرد الاعتبار من جديد للقاهرة، ودور مصر الفاعل، المدافع عن الحق العربي والفلسطيني، فقد ظهر العلم المصري في منتصف لافتة كبيرة أثناء تسليم الأسرى، ناهيك عن الاحتفالات التي يتردد فيها اسم مصر والرئيس عبد الفتاح السيسي، منذ بدء الهدنة ووقف العدوان.

بالطبع أفهم تخوفات البعض من مواجهة مخططات «واشنطن»، وتوجسَهم من «الغدر الأمريكي»، لكن على هؤلاء أن يثقوا في أنفسهم وفي جيشهم الوطني وقيادته، في المقابل علينا أن ننتبه جيدًا، فغدًا ستجري في النهر مياه كثيرة، وستحاك المؤامرات لعقاب مصر التي طالما أربكتِ الحسابات الأمريكية، مرة بـ«ثورة الثلاثين من يونيو»، ومرة بالتصدي لـ«مخطط التهجير الشيطاني».. ولتبقَ ثقتنا في أنفسنا وجيشنا وقائدنا ومؤسساتنا الوطنية، سلاحَنا في مواجهة أي مخاطر وإفساد أي مؤامرات.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الرئيس الأمريكي حسني مبارك دونالد ترامب عبد الفتاح السيسي محمد السيسي ميسترال الرافال الفرقاطات

إقرأ أيضاً:

17 فبراير خلال 9 أعوام.. 19 شهيدًا وجريح واحد في جرائم حرب وإبادة جماعية بغارات العدوان السعوديّ الأمريكي على اليمن

يمانيون../
واصل العدوانُ السعوديّ الأمريكي، يومَ السابع عشر من فبراير خلال الأعوام: 2017 م، و2018م، و2019م، ارتكابَ جرائم الحرب، والإبادة الجماعية، بغاراتِه الوحشية، على منازل الوجاهات الاجتماعية والمواطنين وخيام وسيارات البدو الرحل، والطريق العام والمحلات التجارية، في محافظتي صنعاء، وصعدة.

أسفرت عن 19 شهيدًا، وجريح واحد، وتهجير عشرات الأسر من منازلها، وترويع الآمنين، وإعاقة حرية التنقل، ومضاعفة المعاناة، واستهداف متعمد لرموز ووجاهات القبائل اليمنية، في محاولة لثنيها عن الصمود ورفد وإسناد الجبهات بقوافل الرجال والمال.

وفيما يلي أبرز التفاصيل:

17 فبراير 2017.. غارات العدوان تستهدف منزل الشيخ الغادر بخولان صنعاء:

في السابع عشر من فبراير 2017م، استهدف طيران العدوان السعوديّ الأمريكي، منزل الشيخ محمد بن ناجي الغادر منطقة الأعروش، مديرية خولان الطيال، محافظة صنعاء، بغارات مباشرة أسفرت عن أضرار ودمار بالغ، ومحاولة للضغط على الوجاهات الاجتماعية اليمنية، ومنعها من التحَرّك الفاعل في رفد الجبهات، ومساندة القوات المسلحة اليمنية، وحشد أبناء قبائل خولان السبع لرفد الجبهات والتصدي لمواجهة العدوان.

كما أسفر الاستهداف عن تدمير أجزاء كبيرة من المنزل وتهشيم الأثاث والممتلكات، والعديد من السيارات وأضرار مادية ومعنوية كبيرة للشيخ وأسرته، فضلًا عن حالة من الذعر والخوف في صفوف المدنيين في المنطقة، في جريمة حرب جديدة تضاف إلى سجل جرائم العدوان بحق الإنسانية في اليمن.

يأتي هذا الاستهداف في سياق سلسلة من الهجمات الممنهجة التي يشنها العدوان السعوديّ على منازل وممتلكات الوجاهات الاجتماعية في اليمن، وتهدف إلى ترهيب هذه الشخصيات وإخضاعها، وثنيها عن مواقفها الوطنية في مواجهة العدوان.

تتسبب هذه الجريمة في معاناة إنسانية كبيرة للمدنيين، الذين نزحوا من منازلهم وممتلكاتهم، المجاورة، ويضطرون إلى النزوح والعيش في ظروف صعبة؛ ما زاد من معاناتهم الإنسانية.

يقول ابن الشيخ الغادر: “كنت خارجي أصلي الجمعة، وأنا خلف الباب فضرب الطيران، ووقع عليَّ الباب وأغمي عليَّ خمس دقائق، ونهضت بعدها وحاولت الخروج من الباب الثاني، وصلت إليه وسمعت الغارة الثانية، فارتميتُ على الأرض، وضرب الطيران الغارة الثالثة على السيارة، ثم تصاعدت أعمدة الدخان والغبار وما قدرت أشاهد أي شيء، وتدمّـر البيت، وهذ خسارة على الجميع”.

هرع الأهالي إلى منزل الشيخ، فوجدوا أمامهم دماراً كبيراً في كل أركانه وأقسامه وملحقات الواسعة، وكل ما كان فيه من المحتويات، والمدخرات، وعدالات تحكيم خَاصَّة بالمتخاصمين، ورهونات، وودائع، وأثاث، فتحول المنزل بما فيها إلى أكوام من الدمار والخراب.

بدوره يقول أحد الحاضرين: “استهداف منزل الشيخ محمد بن ناجي الغادر ليس استهدافاً لمنزله فقط، بل هو استهداف لكل قبائل اليمن ووجهائها، بشكل عام، وقبيلة بكيل وقبائل خولان بشكل خاص، واعتقد أن بعد هذه الاستهداف الذي لم يكن يتخيله أحد غير ما قبله، وهذا سيحرك كُـلّ واجهات اليمن ويشعرهم بالخطر، ويوقظ كُـلّ من عنده شرف وغيرة وإحساس، فما بقاء شيء، وأن تصل المسألة إلى استهداف منزل الشيخ الغادر فهذا عار عار.. على كُـلّ قبيلي من قبائل اليمن وبالخَاصَّة قبائل خولان”.

يناشد الشيخ محمد بن ناجي الغادر المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان إلى التدخل العاجل لوقف العدوان السعوديّ الأمريكي المُستمرّ على الشعب اليمني، وضمان محاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب، كما يدعو إلى عدم التدخل في شؤون اليمن الداخلية، ودعوة مختلف الأطراف اليمنية إلى صوت العقل وتغليب المصالح العليا والعودة إلى طاولة المفاوضات.

إن استهداف منازل وممتلكات الوجاهات الاجتماعية في اليمن جريمة حرب وانتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، ويجب على المجتمع الدولي أن يتخذ جميع الإجراءات اللازمة لوقف هذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها، والتحَرّك الجاد لوقف العدوان ورفع الحصار على الشعب اليمني.

17 فبراير 2018.. شهيد ودمار واسع في جريمة حرب لغارات العدوان على الطريق العام ومحلات المواطنين بصعدة:

وفي اليوم ذاته من العام 2018م، استهدف طيران العدوان السعوديّ الأمريكي، محلات المواطنين والطريق العام في منطقة آل علي بمديرية رازح الحدودية، محافظة صعدة، بغارات وحشية، أسفرت عن شهيد ودمار واسع في الممتلكات، وإعاقة مرور السيارات، وحرية التنقل، وترويع المسافرين.

على طريقِ الحياة، حَيثُ يمرُّ الناسُ لقضاءِ حوائجهم اليومية، لم يُراعِ العدوانُ حرمةَ المكان أَو إنسانيةَ المارة، ليُحوِّلَ الطريقَ إلى ساحةِ حربٍ، والمحلاتَ إلى ركامٍ ودخان، ورفعت روحً بريئة، كان صاحبها يسعى لطلبِ رزقِه، أَو قضاءِ حاجةٍ لأسرته، وُجِدَ نفسَه في لحظةٍ بينَ الموتِ، ليرتفعَ عددُ ضحايا العدوان من المدنيين الأبرياء.

وتسببت الغاراتُ في أضرارٍ ماديةٍ كبيرة، حَيثُ تدمّـرت المحلات التجارية، وتضررت المنازل القريبة، وتشوَّهَ الطريق العام، لم تتوقف الأضرار عندَ هذا الحد، بل امتدت لتطالَ الجانبَ المعنوي، حَيثُ خلَّفَ القصفُ حالةً من الخوفِ والرعبِ في صفوفِ المدنيين.

يقول أحد الأهالي: “غارة جوية للعدوان، النازي الغاشم، استهدفت أحد المواطنين، فاستشهد على الفور في منطقة آل علي برازح، ودمّـرت عددًا من المحلات التجارية والمنازل، على الطريق العام، وهذا عدوان ظالم، حتى كتاب الله الذي كان في إحدى رفوف المحلات وجدناه بين الدمار على الأرض، بأوراق ممزقة ومليء بالأتربة، هذا عدو ما فيه دين، ولا عروبة ولا نخوة، ولا إنسانية”.

يناشدُ أهالي منطقةِ آل علي المجتمعَ الدولي ومنظماتِ حقوقِ الإنسان إلى التدخلِ العاجل لوقفِ هذه الهجماتِ الوحشية التي تستهدفُ المدنيين الأبرياء، وتُطالبُ بمحاسبةِ المسؤولين عن هذه الجرائم.

17 فبراير 2018.. 18 شهيدًا بينهم نساء وأطفال وجريح بغارات العدوان السعوديّ الأمريكي على الطريق العام بصعدة:

في صباحٍ السابع عشر فبراير 2018م، في منطقة العقيق النائية، حَيثُ تعانق ضباب الفجر خيام البدو الرحل، تحَرّكت عائلاتٌ بحثًا عن الماء والطعام، غير أن دويّ محركات الطائرات الحربية غيّر مصيرهم إلى الأبد، انقضّت غارات العدوان السعوديّ الأمريكي على طريقٍ عامٍ مكتظّ بسيارات البدو، مُطلقةً صواريخها دون سابق إنذار، لتحوّل الأجساد إلى أشلاء، وتترك وراءها 18 شهيدًا بينهم نساء وأطفال، وجريحًا واحدًا ينبض بالحياة وسط أخدود الموت.

لم تكن سوى لحظات حتى امتزجت أصوات الانفجارات بصرخات الرعب، تلاها صمتٌ ثقيل اخترقه أنين الجريح الوحيد، الذي حاول الزحف بين الجثث الممزقة بحثًا عن نجاة، الدماء غطّت الرمال، وتشبثت أيدي أطفال صغار بدمى محترقة، بينما انهمرت دموع رجل عجوز أمام جثة ابنته التي لم يتبقَّ منها سوى حذاء وردي اللون، تقول أم علي، إحدى الناجيات التي كانت تبعد أمتارًا عن موقع القصف: “رأيتُ سيارة جارنا وخيمته تتحول إلى كرة نار.. طفله الرضيع كان يبكي قبل دقائق، ثم صار جسده أشلاء”.

لم يرحم القصفُ أحدًا، فقد طال بنيرانِهِ نساءً وأطفالاً كانوا يسيرون في طريقهم، أَو يلعبون بالقرب من خيامهم، تحولت أجسادهم الغضة إلى أشلاء متناثرة، وتلطخت الأرض بدماءٍ زكيةٍ لم تُذنب إلا أنها وُجدت في مكان يدعى اليمن، في زمان العدوان الغاشم.

عمت حالةٌ من الحزن الشديد أرجاء المنطقة، وتوشحت البيوت بالسواد، الأُمهات فقدن فلذات أكبادهن، والزوجات ترملن، والأطفال تيتموا، لم تجد العيون دموعًا تُعبّر عن حجم الفاجعة، ولم تجد القلوب كلماتٍ تُضمد الجراح.

هرع الأهالي إلى مكان الجريمة بحلول المساء، تحوّلت القرية إلى مسرحٍ للوجع، رجالٌ حملوا الأكفان على أكتافهم، بينما سُمعت زغاريد النساء تُنادي بالثأر، مزيجٌ من التقاليد البدوية والألم الذي لا يُوصف، في خيمة العزاء اجتمع الأهالي حول صور الضحايا، بينما حاولت فرق الإسعاف الميدانية إنقاذ ما تبقى من جرحى، وسط نقصٍ حاد في الأدوية والمعدات الطبية.

يقول أحد المسعفين: “هؤلاء عيال هادي النيف موطنين نازحين، بدو، كان معهم مرضى يسعفونهم، ويتسوقوا للسوق، فاستهدفهم الطيران، على متن السيارة، و3 كانوا في الخيمة، وجريح مكسور في كتفة هو الناجي الوحيد، هادي بن حمد النيف، راحت أمه وراحت امرأته، وراحت بنته الصغيرة، وعاد معهم ولد رضيع، وعيال هادي النيف، راح علي وصالح وحمد، ورايد، وعلي بن علي حلمة راح عليه 3، كانوا رائحين يتعالجوا مرضى في المستوصف، وسيارة مواطن آخر من المقاشة، وهادي بن علي بن درهم، وعايض بن عيضة، ومعجب ساري حامد، ثلاث سيارات، وجدانهم أشلاء، بعضهم عين غير رأسه، هذه جريمة بشعة، ولنا 3 أعوام والجرائم بحقنا نحن كلنا نازحين، والطيران بعدنا كُـلّ مرة”، ولم يكمل الحاج حديثه، حتى عاود طيران العدوان يقصف المنطقة مجدّدًا، على شاحنة محملة بالمواد الغذائية، كانت تمر من ذات المكان.

الناجي الوحيد من على سرير المشفى بجراح غائرة على أطرافه وفي وجهه وكتفه، يقول: “ضربنا طيران العدوان ونحن متسوقين في الطريق العام، أين هي حقوق الإنسان استشهدت أسرتي بالكامل، أمي وأبي وإخواني وزوجتي وأطفالي”.

لم تكن المجزرة سوى فصل جديد من معاناة متكرّرة، عشرات العائلات نزحت نحو المناطق الجبلية، خوفًا من غاراتٍ جديدة، حاملين معهم ذكريات الموت ورهبة الانتظار، من جانبها أدانت منظمات حقوقية الهجوم، ووصفته بـ”جريمة حرب”، مشيرة إلى أن استهداف المدنيين العزل ينتهك المواثيق الدولية، أما على المستوى الشعبي والقبلي، فخرج الشعب اليمني في وقفات احتجاجية تضامنية معلنين النفير العام والنكف القبلي، ورفعت لافتات في الجامعات والمسيرات الطلابية كتبوا عليها: “من يحاكم الأمريكي والسعوديّ؟”.

اليوم، لم يتبقَّ من موقع المجزرة سوى حفر عميقة، وإطارات سيارات محترقة، ودماءٌ جافة تُرجمت بأرقام في تقارير إخبارية، لكن لأهل كتاف رواية أُخرى: روايةٌ عن غدر الطائرات، وعن أطفال لم يعودوا، وعن سؤالٍ معلق: إلى متى يظل دم الفقراء أرخص من صوت الضمير العالمي؟

17 فبراير 2019.. بيوت الوجاهات الاجتماعية والقبلية أهداف لغارت العدوان السعوديّ الأمريكي بصنعاء:

في وادٍ اعتاد أن يكون ملاذًا للصلحاء والوسطاء، حَيثُ تُحلّ الخصومات بكلمة شيوخه، حلّت طائرات التحالف السعوديّ الأمريكي فجرًا لِتُحيل منزلي الشيخين هادي صالح صبر وناجي صالح صبر رموز اجتماعية عُرفت بحلّ النزاعات دون سلاح– إلى ركامٍ مُشعّ وسط وادي غيلمة، لم تكن الغارات مُجَـرّد تدميرٍ لجدران طينية، بل ضربةٌ موجعةٌ لنسيج المجتمع الذي يُحاول الصمود أمام عدوان يهجّر الأحياء والأموات معًا، في جريمة حرب جديدة تستهدف أعيان القبيلة اليمنية وعقالها.

لماذا بيوت المشايخ؟

الشيخان صبر، اللذان لم تحميهما مكانتهما كـ”صانعي سلام”، كانا ضمن العشرات من وجهاء القبائل والزعامات المحلية الذين استهدفت منازلهم خلال سنوات العدوان، يقول محللون إن الهدف يتجاوز الترهيب إلى محو أية مرجعيةٍ قادرة على توحيد الصفوف، أَو إيقاظ روح المقاومة، “من يُبقي على بيوت الشيوخ يترك جذوة الثورة حية”، هكذا علّق أحد سكان المنطقة، بينما كان يُشير إلى كتب الفقه والصلح التي تناثرت تحت الأنقاض.

عندما وصل الأهالي إلى موقع المنزلين المُدمّـرين، لم يجدوا سوى رائحة البارود وأوراق مخطوطات قديمة تحمل أقوالًا عن التسامح، “لم يكتفوا بقتل الأحياء، بل أحرقوا تاريخنا”، يقول محمد، ابن الشيخ ناجي، وهو يلتقط صفحاتٍ متفحمةً من مذكرات والده.

لم يقتصر الأذى على العائلتين؛ فالقصف أَدَّى إلى نزوح عشرات الأسر المجاورة خوفًا من غاراتٍ جديدة، فيما تحوّل الوادي إلى منطقة أشباح، “بيت الشيخ كان ملجأ للمحتاجين، والآن صرنا بلا حماية”، تقول أم ياسر، التي فقدت ابنها في غارة سابقة، من جهتها، تُندّد منظمات حقوقية باستهداف المنازل كشكلٍ من “العقاب الجماعي” للشعب اليمني.

يقول شاهد عيان من أحد الأهالي وهو فوق دمار المنزل: “كنا على مقربة من المكان وسمعنا طيران العدوان يحلق في السماء، وفي لحظة شاهدناه يضرب منزل الشيخ هادي صبر؛ ما أَدَّى إلى تدميره الكلي، بغارتين جويتين، وهذه أحد الشظايا، بصواريخ وقنابل محرمة دوليًّا، وهذه كتب الطلاب وحقائبهم بين الدمار، والمزارع التي كانت بالقرب تحطمت أشجارها”.

بحسب مراقبين، يُعتبر تدمير الممتلكات دون مبرّر عسكري جريمة حرب بموجب المادة 8 من نظام روما الأَسَاسي، إلا أن غياب المحاسبة شجّع على تكرار هذه الجرائم، كما يوضح محامٍ يمني يُتابع الملف: “استهداف البيوت رسالة مفادها: لا حصانة لكم، حتى لو كنتم مشايخ صلح”.

هل تنجح الغارات في كسر الإرادَة؟

اليوم، يُحاول أبناء الشيخين إعادة بناء منزلين متواضعين على الإنقاض، بينما تحمل جدران العزاء صورًا للشهداء وأُخرى للركام، في وادي غليمة، حَيثُ كان صوت الشيخين يُطفئ نيران الخصومات، صار السؤال: هل يُمكن لغارات غادرة أن تقتل مبدًأ راسخًا؟ الجواب يكتبه الأهالي كُـلّ يوم بدمهم: “ما دُمنا أحياء، فبيوت الشيوخ ستبقى سقفًا للضعفاء”، ويتساوى الجميع أمام جرائم العدوان الذي لا يفرق بين كبير ولا صغير، وكل أحرار شعبنا اليمني معنيون بالجهاد في سبيل الله والنفير العام ورفد الجبهات، للذود على الأرض والعرض، والممتلكات وتحرير اليمن من الغزاة والمستعمرين وأدواتهم، وإفشال مشاريعهم.

جرائم العدوان في السابع عشر من فبراير، خلال 9 أعوام، وثيقة وملف موثق بكامل الأدلة، والمشاهد الحية والصور الواضحة، وشهادات العيان، وإحصائيات الإضرار تضع نفسها على طاولة الأمم المتحدة ومؤسّساتها المعنية، ومحكمتي الجنايات والعدل الدولية، للقيام بمسؤوليتهما في ملاحقة مجرمي الحرب، وتقديمهم للعدالة، وإنصاف الشعب اليمني.

مقالات مشابهة

  • 18 فبراير خلال 9 أعوام.. 19 شهيدًا وجريحاً في جرائم حرب لغارات العدوان السعوديّ الأمريكي على اليمن
  • جرائم العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي في مثل هذا اليوم 18 فبراير
  • 17 فبراير خلال 9 أعوام.. 19 شهيدًا وجريح واحد في جرائم حرب وإبادة جماعية بغارات العدوان السعوديّ الأمريكي على اليمن
  • الرئيس المصري: أثمن دور السعودية الرائع في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة
  • الأسطول الأمريكي يكشف حجم الأضرار التي لحقت بحاملة الطائرات “هاري إس ترومان”
  • جرائم العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي في مثل هذا اليوم 17 فبراير
  • التعليم الطبي في مواجهة العدوان والحروب: ندوة علمية بكلية الطب بجامعة صنعاء
  • كلية الطب بجامعة صنعاء تنظم ندوة بعنوان “التعليم الطبي في مواجهة العدوان والحروب”
  • الحرية المصري: كثرة الشائعات في 2024 يعكس حجم التحديات التي تواجهها مصر
  • أستاذ علوم سياسية: هناك تعنت إسرائيلي في إدخال المساعدات المصرية إلى غزة |فيديو