جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-07@04:42:51 GMT

لقد بلغ السبل الزبى

تاريخ النشر: 15th, February 2025 GMT

لقد بلغ السبل الزبى

د. إبراهيم بن سالم السيابي

 

لقد بلغ السبل الزبى فهذه المرة لم يعد الأمر مجرد مقترحات وتصريحات مثيرة للجدل، لكنها خطوات مؤلمة وصريحة، قام بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على مرأى ومسمع العالم أجمع، والذي يظن بأنه يمكنه أن يعود بالعالم إلى الوراء إلى أيام الاستعمار البغيض للدول وغياب القانون الدولي.

فمع عودته للحكم مرة أخرى، أبدى ترامب رغبته في ضم جزيرة جرينلاند التابعة للدنمارك الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي، وكذلك رغبته في ضم دولة كندا لتصبح الولاية الواحدة والخمسين للولايات المتحدة وإعلانه كذلك رغبته في السيطرة على قناة بنما، ليصبح هذا الممر المائي تحت سيطرة الولايات المتحدة، وها هو يعود ويقوم بالمشاورات ويصدر ما يشبه الأوامر ويبحث عن طريقة لنقل الفلسطينيين من الأراضي الفلسطينية المحتلة من سكان غزة، وكذلك سكان الضفة الغربية، إلى الدول المجاورة مثل الأردن ومصر؛ بل اقترح نقلهم وإقامة دولة فلسطينية على أراضي المملكة العربية السعودية.

ويرى هذا الرئيس المغرور بتصرفاته العنجهية أن الاقتراح يعد حلاً عمليًا للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وضمان أمن إسرائيل، وهذا هو ديدن كل الرؤساء من قبله، والذين سيأتون من بعده، لخدمة الكيان الصهيوني. لكن الجديد هذه المرة أنه قال إن الولايات المتحدة ستمتلك قطاع غزة وتحوله -كما يحلم- إلى منتجعات سياحية وأندية قمار وليالي صخب، لتشبه مدينة لاس فيجاس في الولايات المتحدة، بينما تضم إسرائيل الضفة الغربية إلى الأبد.

هذه النوايا القبيحة بلا شك تتنافى مع القانون الدولي بمصادرة الأراضي بالقوة وتهجير سكان هذه الأرض الأصليين، كما أن الذي يحز في النفس أن هذه النوايا المقرونة بخطط التنفيذ أتت ودماء أهل غزة لم تجف بعد، وتضحياتهم للتمسك بأرضهم كانت مضرب المثل لكل العالم، بعد حرب إبادة شنتها إسرائيل طوال 15 شهرًا نُفِّذت فيها شتى أنواع جرائم الحرب من قتل للمدنيين وتدمير القطاع.

وبالعودة إلى القضية الفلسطينية التي خاض فيها الشعب الفلسطيني نضالًا طويلًا وقدم التضحيات الجسيمة من أجل الحفاظ على الهوية والوجود على الأرض التي ارتبطت بها الأجيال الفلسطينية منذ آلاف السنين، يعتبر الفلسطينيون أرضهم، وخاصة الضفة الغربية وقطاع غزة، جزءًا لا يتجزأ من هويتهم الوطنية والتاريخية. ومنذ نكبة 1948، حينما تم تهجيرهم من ديارهم، فإنهم يجددون دومًا تمسكهم بالأرض ويرفضون كل محاولات تهجيرهم مرة أخرى، لقد ضحوا بكل غالٍ ونفيس من أجل الدفاع عن أرضهم، في معارك مستمرة ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي يسعى إلى إبعادهم عنها، هذا النضال الفلسطيني الذي بدأ منذ أكثر من 76 عامًا في مواجهة الاحتلال والتهجير، والذي ظل مستمرا إلى يومنا هذا ولن يتوقف، مع الإصرار على إنهاء الاحتلال وإقامة دولتهم المستقلة.

لقد رفض الفلسطينيون على مر العقود أي حلول تهدف إلى تهجيرهم أو توطينهم في أماكن أخرى، هذا الرفض القوي يأتي من إيمانهم الراسخ بأن أرضهم هي هويتهم، وأن مغادرتها يعني فقدان كل ما يربطهم بماضيهم وحاضرهم وبالتالي أي اقتراح تهجير اعتداءً صارخًا على حقوقهم الإنسانية والوطنية.

وبالعودة إلى نية هذا الرئيس حول نقل الفلسطينيين إلى دول أخرى، فإن هذه النية لا يمكن أن تلقى أي قبول ليس من الفلسطينيين فحسب؛ بل من قادة وشعوب العالم العربي بأكمله الذي يدرك ماذا تعني أرض فلسطين لكل عربي وما لها من مكانة مقدسة في قلب كل عربي ومسلم؛ حيث إن تهجير الفلسطينيين إلى دول أخرى، محاولة لتصفية القضية الفلسطينية وإغلاق الأفق أمام الحلول العادلة، وأن حلم الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على أرضهم هو حلم عادل وشرعي، وهو حلم لا يمكن لأي قوة في العالم أن تقضي عليه.

ورفض الفلسطينيين لمغادرة أرضهم ليس مجرد موقف سياسي، بل هو تعبير عن تمسكهم بحقوقهم التاريخية وإصرارهم على إعادة بناء وطنهم وتحريره من الاحتلال، فالفلسطينيون ليسوا مجرد لاجئين يبحثون عن مكان للعيش؛ بل هم شعب عريق له حقه الكامل في تقرير مصيره وإقامة دولته الحرة والمستقلة.

إن الأفعال والنوايا والتصاريح التي تتحدث عن تهجير الفلسطينيين لا يمكن أن تمر دون رد فعل قوي، ليس فقط من الفلسطينيين، بل من المجتمع الدولي والعربي أيضًا، ويجب على الدول العربية -قادة وشعوبًا- أن تتوحد في مواجهة هذه المحاولات الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية وإغلاق الأفق أمام حل عادل. ودعم الفلسطينيين في نضالهم المشروع والحفاظ على حقوقهم الأساسية، هو واجب ديني وأخلاقي وسياسي، ومن المهم أن تتكاتف الجهود العربية للضغط على القوى التي تسعى إلى فرض حلول جائرة تتناقض مع إرادة الشعب الفلسطيني، وتعزيز مواقف الدول التي تدعم حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة.

كذلك، يقع على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية الدفاع عن حقوق الإنسان ورفض محاولات التصفية، كما يتوجب على العالم أن يقف في وجه أي محاولات لفرض حل غير عادل على الفلسطينيين، وأن يعمل على تفعيل القرارات الدولية التي تدعم حقوقهم، خاصة تلك التي تنص على حق العودة وتقرير المصير.

ختامًا.. إن الوحدة العربية والدولية في هذا السياق تعد السبيل الوحيد للتصدي لهذه الأفعال والنوايا والتصريحات الخطيرة، ولإعادة التأكيد على أن القضية الفلسطينية هي قضية حقوق إنسان، وليست مجرد صراع سياسي.

 

 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: القضیة الفلسطینیة

إقرأ أيضاً:

تقرير إسرائيلي: تهجير الفلسطينيين من الضفة جريمة حرب ترعاها الدولة

فلسطين – أكدت منظمتان إسرائيليتان، امس الجمعة، أن تل أبيب ترعى رسميا عنف وإرهاب المستوطنين بالضفة الغربية الذي أدى إلى تهجير مئات العائلات الفلسطينية من منازلها في 7 تجمعات رعويّة خلال أقل من عامين.

جاء ذلك في تقرير مشترك أعدته منظمتا “ييش دين” و”أطباء من أجل حقوق الإنسان”، والذي خلص إلى أن إسرائيل ترتكب “جريمة حرب في الضفة عبر التهجير القسري والتطهير العرقي” للفلسطينيين.

وقال التقرير، الذي حمل عنوان: “مُجتمعات مُهجرّة، أناسُ منسيون”، إن تهجير هذه العائلات من منازلها جاء كنتيجة لـ”سياسة تنتهجها إسرائيل وعنف المستوطنين”.

التقرير، الذي تلقت الأناضول نسخة منه، أوضح أنه “لم يكن هذا رحيلا طوعيا بل تهجير قسري، جراء عدة عوامل متداخلة منها، القمع المؤسسي طويل الأمد، والعنف الجسدي اليومي، والإرهاب النفسي، والأضرار الاقتصادية الجسيمة”.

وأضاف: “كل هذه العوامل أدّت إلى فقدان الشعور بالأمان الشخصي، وتفكيك نسيج الحياة اليومية في 7 تجمّعات رعوية فلسطينية، اضطُرّت إلى الرحيل عن أراضٍ اعتبرتها وطنا وبيتا لها”.

وأشار التقرير إلى أن السلطات الإسرائيلية صنّفت هذه التجمعات (الفلسطينية) على أنها “غير معترف بها”، و”مارست بحق سكانها سياسات تنكيل استمرت لسنوات”.

إلا أن نقطة التحوّل جاءت حين أقام المستوطنون بؤرا استيطانية زراعية قرب هذه التجمعات الرعوية الفلسطينية.

وفي هذا الصدد، أوضح التقرير أن “تصاعد العنف المنطلق من هذه البؤر (الاستيطانية) خلال العامين الأخيرين خلق بيئة لا تُحتمل، لا تتيح سُبل العيش أو البقاء للتجمعات الرعوية الفلسطينية، وعمليا أجبرها على النزوح والتهجير من منازلها”.

وتابع: “رغم أن إسرائيل تتنصل رسميا من أفعال المستوطنين بحجة أن البؤر غير قانونية، فإنها عمليا تدعمها وتستفيد من نتائج العنف ضد الفلسطينيين، ما يُسهم في تحقيق أهداف الدولة نفسها”.

وأوضح التقرير، أن إسرائيل “تمس بشكل منهجي ومتواصل بحقوق المجتمعات الرعوية الفلسطينية في الضفة الغربية، بما يشمل: الحق في الحياة والأمان، الحق في الصحة، حرية الحركة والتنقل، الحق في الملكية الخاصة، الحق في العمل وكسب الرزق، والحق في الكرامة الإنسانية”.

وخلص إلى أن إسرائيل “تتحمّل المسؤولية عن ارتكاب جريمة حرب متمثّلة في النقل القسري للفلسطينيين في الضفة الغربية، وهي جريمة تُرتكب بدعم مباشر من الدولة، سواء عبر مؤسساتها أو من خلال مواطنيها”.

وأضاف أن “التدخل العميق للدولة، وطبيعة هذه الممارسات ومنهجيتها وتكرارها في مواقع مختلفة، تقود إلى استنتاج لا مفرّ منه، وهو أن إسرائيل تنفّذ في بعض مناطق الضفة الغربية ممارسات تطهير عرقي بحق الفلسطينيين”.

وتابع التقرير: “تنتهج إسرائيل السياسة ذاتها، وبالأساليب نفسها التي يستخدمها المستوطنون، في مناطق أخرى من الضفة، ما يثير مخاوف من أن تتحول هذه الأنماط إلى استراتيجية سلطوية طويلة الأمد، تهدف إلى تطهير عرقي واسع النطاق، لا سيما في المنطقة (ج) التي تشكل نحو 60 بالمائة من مساحة الضفة الغربية”.

وحتى الساعة 16:45، لم يصدر عن الحكومة الإسرائيلية تعليق رسمي على مضمون هذا التقرير.

ووفق تقارير فلسطينية، فإن “عدد المستوطنين في الضفة بلغ نهاية 2024 نحو 770 ألفا، موزعين على 180 مستوطنة و256 بؤرة استيطانية، منها 138 بؤرة تصنف على أنها رعوية وزراعية”.

وفي 20 يوليو/ تموز 2024، قالت محكمة العدل الدولية إن “استمرار وجود دولة إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة غير قانوني”، مشددة على أن للفلسطينيين “الحق في تقرير المصير”، وأنه “يجب إخلاء المستوطنات الإسرائيلية القائمة على الأراضي المحتلة”.

وتعتبر الأمم المتحدة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني، وتحذر من أنه يقوض فرص معالجة الصراع وفق مبدأ حل الدولتين، وتدعو منذ سنوات إلى وقفه دون جدوى.

ومنذ بدئه حرب الإبادة على قطاع غزة، صعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى مقتل أكثر من 944 فلسطينيا، وإصابة قرابة 7 آلاف، واعتقال 15 ألفا و700، وفق معطيات فلسطينية رسمية.

وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 165 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

 

الأناضول

مقالات مشابهة

  • برلماني يدعو شباب العالم لتنظيم مبادرات لدعم القضية الفلسطينية
  • إصابة عدد من الفلسطينيين بالاختناق عقب اقتحام العدو لبلدة إذنا
  • من هي ابتهال أبو السعد التي فضحت عملاق التكنولوجيا في العالم؟
  • خالد قزمار: جرائم الاحتلال بحق الأطفال الفلسطينيين دليل على فشل المجتمع الدولي
  • «الخارجية الفلسطينية»: العالم خذل أطفال فلسطين في ظل صمته عن معاناتهم التي لا تنتهي
  • نسف المنازل في قطاع غزة.. سياسة ممنهجة لقتل الحياة وتهجير الفلسطينيين (شاهد)
  • ألبانيزي: ما يجري في غزة ليس حربا بل إبادة جماعية وليس هناك حماية لأرواح الفلسطينيين
  • تقرير إسرائيلي: تهجير الفلسطينيين من الضفة جريمة حرب ترعاها الدولة
  • الحرب العالمية التجارية التي أعلنها ترمب لا تخصنا في الوقت الراهن
  • الرياض تدين التصعيد الإسرائيلي بحق الفلسطينيين