أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية السابق، أن هناك حركة نقدية علمية مستمرة داخل المدارس الفقهية المختلفة، حيث يخضع الاجتهاد الفقهي لمراجعة دقيقة وفق الأصول التي وضعها كل مذهب لنفسه.

وأوضح مفتي الديار المصرية السابق، خلال حلقة برنامج "بيان للناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم السبت: "بكل اطمئنان، نحن أمام حركة علمية نقدية تبين مدى وقوف هؤلاء المجتهدين في إبداء أحكامهم وآرائهم وفق المنهج الذي رسموه لأنفسهم أو لا، حتى إنني ألحظ في بعض الحالات، مثلًا، على المذهب الحنفي، أن لديه منهجًا معينًا وأصولًا وقواعد يسير عليها".

وتابع: "كل مذهب فقهي له أصول يسير عليها، فإذا خرج عن الأصول نجد أننا نقف له بالمرصاد، فنقول: "أنت خالفت نفسك في هذه المسألة، كيف تجتهد وتقول كذا مع أن القاعدة عندك تقول كذا؟"، على سبيل المثال، في الفقه المالكي، هناك قاعدة مقررة بأن عمل أهل المدينة حجة، وهو مقدم على خبر الواحد، هذه قاعدة عندهم، وعندما نأتي إلى هذا الأمر نجد أن هذه حركة نقدية نقوم بها في تقييم المذهب المالكي، مثلًا، يقول الإمام مالك: "في كل اجتهاداتي، إذا وجدت أن عمل أهل المدينة موجود ويجري عليه العمل، فسأقدمه باعتباره سنة عملية متواترة منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا هذا، أي إلى زمن الإمام مالك".

وأردف: "الإمام مالك، يتحدث عن الأجيال الثلاثة: جيل الصحابة، جيل التابعين، وجيل تابع التابعين، الذين أدركهم الإمام مالك نفسه، حيث أدرك جيلين سابقين، ومن هنا، يقول: "أنا متبع لأهل المدينة، فهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهدوا المشاهد معه، وعندهم حجج كثيرة جدًا".

وأشار إلى أنه قد ورد ذلك في رسالة الإمام مالك إلى الإمام الليث بن سعد المصري، حيث احتج فيها بعمل أهل المدينة، وعند قراءة الرسالتين، رسالة الليث ورسالة مالك، نجد أن هذا نموذج عالٍ المستوى وراقٍ في النقد العلمي وتصحيح المسار، من أجل تحقيق المصلحة ودفع المفسدة، حتى لا ينحرف الاجتهاد هنا أو هناك عن إدراك المراد من النص الشرعي، أو عن إدراك مقصود النص، أو غايته.

واستكمل: "وجدنا أن المالكية يقولون إن عمل أهل المدينة مقدم على خبر الواحد، ثم وجدنا أن الإمام مالك في نحو 40 موضعًا من "الموطأ" يروي حديثًا بسنده، ثم يقدم عليه عمل أهل المدينة، فهل ترك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ لا، بل يقول: "أنا لم أترك حديث رسول الله، وإنما قدمت ما هو أقوى رتبة، لأن من القواعد عندي أن ما كان متواترًا، وما كان قطعيًا، وما كان يقينيًا ومعلومًا، فهو مقدم على ما كان ظنيًا".

وتابع:"لذلك، قضية الثابت والمتغير قضية محورية جدًا، حيث نتعامل معها انطلاقًا من مركز الدائرة، وهو الوحي الشريف، ويجب أن يكون هذا المفهوم حاضرًا في ذهن كل مجدد، حيث ينظر إلى الثابت فيبقي عليه كما هو، وينظر إلى المتغير فيقرؤه في سياقه وزمانه، ووفق ظروف مكانه، ومن هنا نجد نقدًا يقول للمالكية: "أنتم قاعدتكم كذا، ولكنكم خالفتم عمل أهل المدينة في هذه المسألة، فقد وجدنا، مثلًا، أن سيدنا عبد الله بن عمر، وهو من علماء المدينة، كان يعمل بخلاف ما تقولون إنه عمل أهل المدينة.

هذه الحركة النقدية ليست جديدة، بل نجد فيها أبحاثًا ورسائل وكتبًا عديدة جدًا تهذب العقل المسلم، أو تعيد تقييم اجتهاده عبر الزمن".

اقرأ أيضاًبحضور وزراء التموين والزراعة والعمل.. افتتاح معرض «أهلاً رمضان» بحى باب الشعرية

محمود توفيق يشارك في دورة مجلس وزراء الداخلية العرب

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية السابق الإمام مالک رسول الله ما کان

إقرأ أيضاً:

هل يأثم من لم يذهب لأداء فريضة الحج .. المفتي السابق يجيب

كشف الدكتور شوقي علام ، مفتي الجمهورية السابق، عن حكم الحج بالتقسيط، موضحاً أنه وفقًا للشريعة الإسلامية، فإن ملكية نفقة الحج أو العمرة، والتي يُطلق عليها في الفقه "الزاد والراحلة"، تعد شرطًا لوجوب الحج، وليس شرطًا لصحة الحج نفسه.

 وأوضح أنه إذا لم يمتلك الشخص هذه النفقة في وقت الحج، مثل الذي يحج بالتقسيط، فإن ذلك لا يؤثر على صحة الحج، ولكنه يعني أن الحج ليس واجبًا عليه، وفي حال قرر الإحرام بالحج، فعليه إتمامه، ويعد حجه صحيحًا ويسقط عنه حجة الفريضة.

كيفية إحرام المتمتع بالحج .. وهل يجوز الاستحمام أثناء الإحرام؟حكم الحج عن ميت والعمرة عن ميت آخر في رحلة واحدة.. الإفتاء تجيب

وأكد علام في لقاء له مع الإعلامي حمدي رزق ببرنامج "نظرة" على قناة صدى البلد، أن المسلم الذي لا يمتلك نفقة الحج كاملة لا يُحاسب على عدم أداء الفريضة، مشيرًا إلى أن الله لا يُكلف نفسًا إلا وسعها. 

وأوضح أن الحج بالتقسيط جائز من الناحية الشرعية، ولكن تساءل لماذا يفرض المسلم على نفسه شروط الحج ويُحمّل نفسه فوق طاقتها أو يرهقها بالديون؟

وحول أولوية الحج مرة أخرى كنفل أو مساعدة المحتاجين، قال المفتي إنه من الأرجح في الوقت الحالي أن تَقدُم مساعدة الفقراء والمحتاجين، علاج المرضى، وسد ديون الغارمين، وغيرها من أشكال تفريج كرب الناس، على الحج والعمرة النافلة.

 وبيّن أن ذلك يتوافق مع نصوص الوحيين واتفاق علماء الأمة والمذاهب المتبعة، مؤكدًا أن هذه الأعمال أكثر ثوابًا وأقرب قبولًا عند الله.

واختتم مفتي الجمهورية بأن الهدف من الحج هو تهذيب النفس وتقوية الروح، مؤكداً أن الاستعداد الروحي والنفسي يعد أمرًا أساسيًا بجانب الاستعداد المادي والجسمي لأداء هذه الفريضة.

طباعة شارك الدكتور شوقي علام حكم الحج بالتقسيط وقت الحج

مقالات مشابهة

  • الجيش الأوكراني: عملياتنا داخل منطقة كورسك الروسية مستمرة
  • هل يأثم من لم يذهب لأداء فريضة الحج .. المفتي السابق يجيب
  • هل صلاة ركعتين سنة الوضوء مستحبة أم بدعة .. الإفتاء توضح
  • من جامع زوجته بهذه الأيام.. علي جمعة: عليه كفارة 10 آلاف جنيه
  • ولي أمر الطفلة المعتدى عليها بإحدى المدارس يروي تفاصيل الواقعة.. فيديو
  • الحركة الإسلامية في الـ48.. وحرب غزة
  • التحقيقات: المتهمة بسرقة ذهب من داخل شقة بالمعادى استولت عليه بأسلوب المغافلة
  • غرب كردفان.. الأضرار التي لحقت بالمشروعات والبنى التحتية
  • حكم من ترك الجهر في الصلاة الجهرية.. هل يؤثر في صحتها؟.. أزهري يجيب
  • سلاح الجو النوعي الذي أرعب الحركة الإسلامية