عبيدلي العبيدلي **

في الحلقتين الأولى والثانية من هذا المقال، استعرضنا بصورة شاملة المفهوم العام لـ"النظام البيئي"، وفي هذه الحلقة الأخيرة، ننتقل إلى حالة نوعية محددة ناجحة انطلقت، بمبادرة جريئة، من رحم أروقة منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية "اليونيدو"- مكتب البحرين، بأفق كوني، تقوم على نظام بيئي ديناميكي، يحمل في أحشائه مقومات النجاح، بغض النظر عن التحديات التي تواجهه.

بشكل ملخص، وكما يقول "النموذج البحريني لتنمية رواد الأعمال وتحفيز الاستثمار" عن نفسه، إنه "إطار عمل تنموي شامل، تم تطويره من قبل منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو)- مكتب البحرين، ويهدف إلى تعزيز ريادة الأعمال عبر تمكين الأفراد من تأسيس مشاريعهم الخاصة وتطويرها وفقًا لمنهجية متكاملة ومستدامة". وفق هذا التعريف، يعتمد النموذج على نهج منظم يجمع بين التدريب، والإرشاد، والتمويل، والاحتضان، ودعم النمو. مما يعزز بيئة الأعمال ويحفز الاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

المرتكزات الأساسية للنموذج

ويكمن سر النجاحات التي حققها هذا النموذج البحريني، ليس على النطاق المحلي فحسب، ولكن على الصعيد الدولي أيضا، كونه يقوم على مجموعة من المرتكزات يمكن تلخيص الأساسي منها على النحو التالي:

التكاملية والاستدامة: وهي نظام منهجي متكامل يشمل جميع مراحل دورة حياة المشروع، من لحظة تبلور الفكرة حتى مرحلة التفكير في التوسع والانتشار. التنمية الاقتصادية والاجتماعية: يسهم في دعم الاقتصاد الوطني من خلال العمل المستمر على تحفيز ريادة الأعمال، وعن طريق خلق فرص عمل جديدة، وتعزيز الابتكار. الشراكة بين القطاعات: يعتمد على التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص في المؤسسات المالية، والمنظمات الدولية لضمان بيئة داعمة لريادة الأعمال. التكيّف مع المتغيرات العالمية: يواكب التطورات التكنولوجية والاقتصادية، مما يسمح بتطبيقه في أكثر من 52 دولة حول العالم.

مراحل للنموذج البحريني

تعزز هذه المرتكزات، من صلابة هياكل "النموذج البحريني"، وتغذي احتياجاتها، عناصر النظام البيئي لـ"النموذج البحريني"، المرتكز على مرحلتين:

مرحلة ما قبل الاستثمار، وتشمل: الإعداد والتمكين: وتغطي هذه المرحلة التدريب والتأهيل لتنمية المهارات الريادية. تقديم المشورة والربط التكنولوجي: ويتطلب ذلك توفير مواد الإرشاد وربط المشاريع بالحلول التقنية. الربط المالي: ويهدف ذلك إلى تذليل مصاعب الوصول إلى مصادر التمويل والاستثمار، وعلى وجه الخصوص تلك التي تعنى بريادة الأعمال. مرحلة ما بعد الاستثمار: وتركز على: الاحتضان: دعم المشاريع الناشئة في مراحلها الأولى من خلال مراكز وحاضنات الأعمال. برامج النمو: تمكين المشاريع من التوسع ورفع مستويات تنافسيتها في الأسواق.

النتائج والإنجازات

شأنه شأن أي نظام بيئي ناجح، تمكن النموذج البحريني، رغم الصعاب التي واجهته، وعلى وجه الخصوص في المراحل المبكرة من انطلاقته، من تحقيق مجموعة ملحوظة من النجاحات الأبرز بينها:

تمكين أكثر من 8000 رائد أعمال منذ العام 2000. إنشاء 2000 مشروع جديد في مختلف القطاعات. جذب استثمارات 2 مليار دولار. خلق أكثر من 17500  فرصة عمل في البحرين. اعتماده كاستراتيجية ناجحة في 53 دولة حول العال، من بينها العديد من البلدان العربية، وبلدان العالم الثالث.

ويلقي رئيس المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية "اليونيدو" للاستثمار والتكنولوجيا في البحرين، الدكتور هاشم حسين، عند حديثه عن النموذج البحريني المزيد من الأضواء على إنجازات النموذج البحرين ونجاحاته حين يقول: "إن تعزيز ثقافة الابتكار وريادة الأعمال عبر التعليم يعتبر من أهم أولويات الدول، وهذا ما حرصت مملكة البحرين على تنفيذه، مشيراً إلى سعي منظمة الـ (يونيدو) لتوثيق هذه التجربة المتميزة بالاشتراك مع منظمة الأمم المتحدة، مضيفاً إن النموذج البحريني لريادة الأعمال وبرنامج الاستثمار وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يتم تطبيقه في (53) دولة عبر العالم نظراً لتميزه في هذا الجانب".

الفرص والتحديات

أولًا: الفرص:

ومن الطبيعي أن ينعم "النموذج البحريني" بمجموعة من الفرص التي عززت مسيرته، وثبتت أركان مكوناته، يمكن إيجازها في النقاط التالية:

الابتكار: يمكن للنظم البيئية أن تعزز الابتكار من خلال الجمع بين الجهات الفاعلة المتنوعة ذات وجهات النظر والخبرات المختلفة. الكفاءة: يمكن أن يؤدي التعاون ومشاركة الموارد داخل النظام البيئي، إلى زيادة الكفاءة، وخفض التكاليف. خلق القيمة: يمكن للنظم البيئية إنشاء عروض قيمة جديدة من خلال دمج المنتجات والخدمات المختلفة. تأثيرات الشبكة: مع نمو النظام البيئي، تزداد قيمته لجميع المشاركين.

وعلى نحو مواز، لم تخل مسيرة نجاح " النموذج البحرين" من مواجهته لمجموعة من التحديات التي يمكن تلخيص الأهم بينها في النقاط التالية:

          ثانيًا: التحديات:

التنسيق: يمكن أن تكون إدارة التفاعلات المعقدة بين أصحاب المصلحة المتعددين أمرا صعبًا. المنافسة: يمكن أن تنشأ المنافسة داخل أي نظام بيئي لرواد الأعمال، حتى بين الشركاء. الحوكمة: يتطلب وضع قواعد وآليات حوكمة واضحة، وهي عمليات صعبة ومعقدة، أمرًا ضروريًا لحسن سير النظام البيئي. الاضطراب: يمكن للقوى الخارجية، مثل التقدم التكنولوجي أو التغيرات في ظروف السوق، أن تعطل النظام البيئي.

لكن رغم كل تلك التحديات، يأتي اعتماد جمهورية الصين الشعبية النموذج البحريني لتنمية رواد الأعمال وتحفيز الاستثمار تطبيق التجربة البحرينية لريادة الاعمال التي ابتكرتها منظمة الامم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) تحت مصطلح «النموذج البحريني –العربي» لتدريب الموارد البشرية وتأهيلها لكي تنتسب إلى فئة رواد الأعمال؛ بما في ذلك تدريب بعض الكوادر البشرية لتمكينهم من القيام بمهام تدريب فئات رواد الاعمال، يأتي ذلك كدليل لا يقبل الشك على أن النموذج البحريني نموذج ناجح يستحق أن يكون قدوة لأي مشروع لريادة الأعمال، قرر أن يخوض غمار المخاطرة المدروسة والمسؤولة في آنٍ، ويصمد في وجه التحديات التي تواجه بعقلانية رشد متكاملين.

** خبير إعلام

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تعزيز الوعي البيئي بين طلبة شمال الشرقية

نظمت هيئة البيئة بمحافظة شمال الشرقية برنامجًا توعويًا بالتعاون مع مدرسة اليحمدي للتعليم الأساسي، بمشاركة أعضاء من المجلس البيئي الطلابي في المحافظة، وذلك احتفاءً بفعالية "ساعة الأرض" التي ستُقام يوم السبت المقبل، ويهدف البرنامج إلى تعزيز الوعي البيئي بين الطلبة وتحفيزهم على المشاركة الفاعلة في جهود الحفاظ على البيئة.

تضمن البرنامج محاضرة توعوية تناولت أهمية "ساعة الأرض"، والتي تأتي هذا العام تحت شعار "معًا نحو أكبر ساعة للأرض". وأكدت المحاضرة على أهمية ترشيد استهلاك الطاقة وحفظ موارد كوكبنا، مع إبراز دور الطلاب في تقليل استهلاك الطاقة لضمان بيئة أفضل للأجيال القادمة. كما تم تنظيم ورشة تلوين احتفالًا بهذه المناسبة البيئية.

كما تم تقديم محاضرة أخرى تناولت قرار حظر الأكياس البلاستيكية رقم 8 /2024، حيث تم تعريف الطلاب بأهمية الالتزام بهذا القرار لتقليل تأثير البلاستيك على البيئة. وناقشت المحاضرة المخاطر التي يشكلها البلاستيك على البيئة والمجتمع، بالإضافة إلى استعراض الخطة الزمنية التي وضعتها هيئة البيئة للحد من استخدام الأكياس البلاستيكية.

في ختام الفعالية، تم توزيع شتلات برية وإصدارات بيئية وأكياس صديقة للبيئة على الطلاب المشاركين، وذلك بهدف تعزيز الوعي البيئي وتشجيعهم على تبني سلوكيات مستدامة في حياتهم اليومية.

مقالات مشابهة

  • تعزيز الوعي البيئي بين طلبة شمال الشرقية
  • مقامرة ترامب التي ستضع الدولار في خطر
  • سفير المملكة ونائب رئيس الوزراء البحريني يبحثان تطوير العلاقات
  • اين سوريا اليوم من النموذج الإنساني لنيلسون مانديلا و الترفع عن الثأر
  • محافظ كفر الشيخ يشهد فعاليات الأسبوع البيئي وريادة الأعمال والابتكار المستدام
  • شركة صينية تطلق نموذجين للذكاء الاصطناعي
  • العراق يتجه لاعتماد نظام تعداد سكاني جديد دون الحاجة إلى التقليدي
  • مع اشتداد المنافسة.. "بايدو" الصينية تطلق نموذجين للذكاء الاصطناعي
  • اكتشاف مذهل .. أداة جديدة تكشف «الأهداف الخفية» للذكاء الاصطناعي
  • قانون شراكة بين القطاعين العام والخاص في الجزائر