التحدي الوجودي الذي يواجه العرب!
تاريخ النشر: 15th, February 2025 GMT
د. محمد بن عوض المشيخي **
يجب الاعتراف بأننا نعيش في عالم غريب لا يعرف إلّا لغة القوة والسيطرة على الآخرين، وقوة الدول الاستعمارية غير المسؤولة والتي تفتقد إلى المنطق وتكرس قانون الغاب، تجعلُ العرب والمسلمين في أنحاء العالم على المحك، وتفرض عليهم خيارًا وحيدًا هو الجهاد في سبيل الله، وتدفعهم للمقاومة ورد الظُلم الذي وقع على الشعب الفلسطيني طوال سبعة عقود من الزمن.
ولعل التهديدات التي صدرت خلال الفترة الماضية من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإبادة سكان غزة ثم التهجير القسري لمن تبقى منهم إلى مصر والأردن، قد شكَّلت صدمة غير مسبوقة للعالم وللضمير الإنساني في الشرق والغرب، باستثناء الصهاينة والأحزاب اليمينية المتطرفة فقط التي ترقص على أنغام هذيان ترامب ووعده الذي لا يُمكن أن يتحقق، لكونها أقرب لأحلام اليقظة منها إلى الحقيقة؛ لأن من خطَّط ونفَّذ "طوفان الأقصى" كفيل بإفشال كل المؤامرات والأطماع الغربية والصهيونية على حد سواء بعون الله. وبينما يقف قادة العرب هذه الأيام في حيرة من أمرهم، فهذه المرة لا مجال للمراوغة أو إصدار بيانات جوفاء لا تُساوي قيمة الحبر المكتوب بها، كما جرت العادة طوال عقود الصراع العربي الإسرائيلي المُسانَد بقوة والمزروع في الأساس من أوروبا وأمريكا في قلب الوطن العربي مثل الشوكة في الحلق؛ ذلك لكونهم يدركون أن شعوبهم لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال أن تقف متفرجة على هذه المهزلة من شخص لا يعرف سوى سلب ونهب أموال الغير، وزاد على ذلك السطو على الأوطان وتحويلها إلى صفقات عقارية إذا ما تمكن من ذلك، على الرغم من توليه رئاسة أكبر دولة في العالم. وإذا كانت نكبة 1948 التي تم فيها قتل وحرق الشعب الفلسطيني أحياءً ثم تهجير من بقي منهم على قيد الحياة إلى الضفة الغربية والأردن وقطاع غزة، فإنَّ الأمر في الألفية الثالثة مُختلف تمامًا، ومن الصعب تمريره أو ابتلاعه من المواطن العربي من المحيط إلى الخليج.
المَشَاهِد التي تأتي من غزة عبر الشاشات والقنوات التلفزيونية، العربية منها والعالمية، تكشف عن أكبر محرقة في التاريخ الإنساني على أرض فلسطين المستباحة بالسلاح الأمريكي والألماني، وهي الأرض التي استبسل عليها المجاهدون وضحُّوا بأنفسهم للدفاع عن الأقصى والعرض الفلسطيني، من خلال مواجهة الجيش الصهيوني والمُرتزقة الذين أتوا من بعض البلدان بهدف الحصول على المال؛ بل والقوات الأمريكية والبريطانية التي اشتركت في القتال إلى جانب الكيان الغاصب، تحت مُبرر البحث عن الأسرى الإسرائيليين في أنفاق غزة الصامدة.
لا شك أنه كانت هناك خيانات في الشرق الأوسط في ذلك الوقت؛ بل وحتى يومنا هذا؛ لأن الخوف على الكراسي يجعل البعض يطلب الحماية الوهمية من الأعداء، وقد سجَّل لنا التاريخ أن هناك من أخذ الأثمان البخسة وباع المقدسات وتراب فلسطين الغالي للمعتدين الصهاينة الذين قدموا من كل حدب وصوب بهدف السيطرة على أرض الرباط فلسطين المباركة، بزعم بأنها أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، وهي عبارة تمثل أكبر أكذوبة في التاريخ المعاصر.
والسؤال المطروح الآن: هل طرأ جديد على مؤتمرات القمة العربية لتكون مختلفة عن سابقاتها؟
نعم، الجديد هو صحوة الشعوب العربية والإسلامية ووصولها إلى مرحلة الغليان؛ كرد فعل طبيعي على طرد الشعب الفلسطيني من أرضه وتحويلها إلى منتجعات للشركات التي يملكها اللوبي الصهيوني وترامب. لذا يجب التأكيد هنا على أهمية اتخاذ قرارات شجاعة وقوية من الزعماء العرب في قمتهم المرتقبة في القاهرة، بما يمنع وقوع أي تصرفات ظالمة من الإدارة الأمريكية الراهنة والتي تتسم بالتهوُّر، وكذلك من نتنياهو الذي تلاحقه تهم خيانة الأمانة وممارسة الفساد. لقد ظهر الرئيس الأمريكي الجديد بأسلوب عدائي غير مسبوق ضد شعوب العالم في جميع القارات الخمس، بدون أي مبرر، ولعل العقوبات التي فرضها على جنوب أفريقيا بسبب ملاحقتها لإسرائيل في محكمة العدل الدولية قد قُوبلت برد فعل أكثر مما توقعه البيت الأبيض، إذ هددت جنوب أفريقيا بتعليق تصدير المعادن النفيسة إلى أمريكا.
وأخيرًا.. ماذا سيفعل العرب تجاه غطرسة النظام العنصري في واشنطن الذي لا يعرف إلّا لغة القوة؟ وهل النُظُم العربية سترفع الراية البيضاء أمام ترامب ومطالبه الجنونية؟
لا شك أن الأيام المقبلة ستكشف ما يملكه العرب من قوة وكرامة تجاه الأشقاء في فلسطين المحتلة.
** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
3 مواجهات قوية ترفع راية التحدي نحو الاقتراب من الصعود .. غداً
يدخل دوري الدرجة الأولى لكرة القدم غداً المنعطف المهم نحو اقتراب الفرق من الصعود لدوري عمانتل للموسم المقبل، وكما يبدو فإنها ترفع راية التحدي قبل 3 جولات من الختام عندما تقام غداً 3 مباريات في الأسبوع الثامن ضمن المرحلة النهائية، الذي من المتوقع أن يكشف الملامح الأولى للفرق المرشحة نحو العودة من جديد إلى دوري الأضواء، خاصة ظفار المتصدر الذي يستضيف سمائل بمجمع السعادة الرياضي بصلالة، ومسقط الذي يلاقي بوشر في استاد السيب الرياضي، وكذلك السلام الذي يستقبل الاتحاد في المجمع الرياضي بصحار، حيث تقام المباريات الثلاث في توقيت واحد وهو الساعة العاشرة مساء.
ومن خلال الترتيب العام يتضح أن ظفار وضع قدمه الأولى في العودة من جديد إلى دوري عمانتل بعدما تربع على القمة برصيد 15 نقطة بعد الفوز الأخير على بوشر 1/2 في المباراة المؤجلة من الأسبوع الثاني لينفرد بالصدارة وبفارق 4 نقاط عن مسقط أقرب المنافسين برصيد 11 نقطة، ومن ثم يأتي سمائل ثالثًا برصيد 10 نقاط، وبعدهم السلام 8 نقاط، وبوشر 6 نقاط، والاتحاد الأخير 3 نقاط، لذلك ستكون المهمة صعبة للغاية، لأن التقارب في مراكز الترتيب العام يضع جميع الفرق تحت ضغوطات كبيرة خوفًا من فقدان النقاط من خلال التعثر بالتعادل أو الخسارة التي ستبعد بعض الفرق عن طموحاتها.
ظفار يستضيف سمائل
مهمة ليست بالسهل لظفار الذي يستضيف سمائل في مواجهة تعد حساسة وصعبة على الفريقين، باعتبار ظفار المتصدر برصيد 15 نقطة يسعى إلى مواصلة انتصاراته وتأكيد أحقّيته في العودة، في المقابل فإن سمائل الذي يحتل المركز الثالث برصيد 10 نقاط يسعى للعودة إلى دائرة المنافسة بكل قوة بعدما فقد مجموعة من النقاط في الجولات الأخيرة، كان آخرها مع ظفار أيضًا في المباراة المؤجلة من الأسبوع الثالث التي لعبت في محافظة الداخلية، وما بين هذه المواقف الصعبة والتحديات الكبيرة، تكون المهمة محددة للفريقين وهو الفوز، حيث يطمح ظفار في مواصلة انفراده بقمة الدوري ليضع قدمه الأولى بكل قوة في طريق العودة إلى مكانته الطبيعية مع الكبار، وهذا ما يركز عليه مدرب الفريق مصبح هاشل، وإن كان الفوز الأخير على بوشر 1/2 جاء بصعوبة وفي الوقت القاتل، عندما تمكن اليمني عمرو طلال من ترجيح كفة الفريق في الوقت بدل الضائع بعدما تقدم لظفار محمد الحبسي، إلا أن بوشر فرض التعادل عن طريق يوسف السعدي، ومع كل ما حصل فإن ظفار جاهز لهذه المواجهة بالعدة والعتاد نحو تحقيق الفوز بأي طريقة كانت ومنح الفريق النقاط الثلاث والوصول للنقطة 18، وهذا يحتاج إلى جهد مضاعف من الأخوين الحبسي وعبدالله زاهر والأردني القرا وبقية الرفاق، لأن سمائل الضيف لا يزال يمتلك فرصة المنافسة على البطاقة الثانية وهو مؤهل لذلك على الرغم من التراخي في الجولات الأخيرة، الذي جعله يتقهقر للخلف، لكن مدرب الفريق عيسى الغافري يثق في قدرات لاعبيه الذين يمتلكون الكثير من الإمكانيات في العودة من محافظة ظفار، ولديهم 13 نقطة تضعهم في دائرة المنافسة وبكل قوة، وهذا يعتمد على الدور الذي سيقوم به مهند الهشامي ورضوان السيابي وسعيد الجابري، مع أهمية يقظة الحارس الخضر البلوشي، لأن أصحاب الأرض فريق متمرس ويعرف الطريق جيدًا إلى المرمى.
مسقط يلاقي بوشر
المواجهة الأخرى بين أبناء محافظة مسقط لن تكون أقل أهمية عن المباراتين الأخيرتين، خاصة وأنها تهم مسقط الذي يحتل المركز الثاني برصيد 11 نقطة، حيث يسعى بكل ما لديه للمحافظة على مكانته دون التفريط في أي مباراة، لأن الوضع أصبح بالفعل صعبًا ولا يمكن التكهن بنتائج المباريات المتبقية أو نتائج الفرق الأخرى، في المقابل فإن بوشر الذي تراجع للمركز الخامس برصيد 6 نقاط يعيش على بصيص الأمل الصعب جدًا والمشروط بأن يحقق الفوز في المباريات الثلاث، وأن تتعثر الفرق التي تتقدمه بالخسارة، وهذا يجعله يعيش على أمل مفقود من الصعب تحقيقه، لكن دائمًا في كرة القدم لا يوجد مستحيل، وعسى أن تقف الظروف بجانبه، وإن كانت نتيجة مباراة الذهاب انتهت سلبية، فإن هذا اللقاء لا يمكن أن يكون سلبياً أيضًا.
ومن خلال جاهزية مسقط لهذه المباراة، يرى فيها حلم العودة من جديد مع وجود حماس اللاعبين ورغبتهم في مواصلة سكة الانتصارات بعد الفوز الأخير على الاتحاد 1/4، مما أعطى مدرب الفريق عصام السناني الثقة الكبيرة في جميع اللاعبين بأنهم جاهزون وقادرون على تحقيق الفوز، لذلك ستكون مهمة كيرفالا كوياتي ومهند الشبلي ويعقوب السيابي ومنذر الوهيبي وعبدالرحمن الفوري وعيسى الناعبي محددة في تأكيد قدرة الفريق على الفوز للوصول إلى النقطة 14، للتمسك بالمركز الثاني في ترتيب الدوري.
السلام يستقبل الاتحاد
كما تبدو أن مهمة السلام الذي يحتل المركز الرابع برصيد 8 نقاط سهلة عندما يستضيف الاتحاد الأخير برصيد 3 نقاط فقط، والذي ودع المنافسة مبكرًا، ولا يزال صاحب الأرض يتشبث بالأمل والبقاء على طموح المنافسة على البطاقة الثانية، لأن لا تزال في الملعب 9 نقاط كاملة يمكن أن تقلب الموازين وتتغير معها المراكز إذا جاءت حسب ما يشتهيه فريق السلام، بعدما فقد مجموعة من النقاط آخرها التعادل مع سمائل 1/1، ولكن مدرب الفريق مصطفى إسماعيل يأمل أن تكون نقطة انطلاقة الفريق نحو العودة من جديد إلى دائرة المنافسة، وأيضًا التمسك بحق المنافسة على الصعود، خاصة أن الفريق سيلاقي بعدها ظفار وبوشر في مهمة تحديد مصير الفريق الذي يجب عليه أن يكون أكثر صلابة وتسجيلًا للأهداف التي يمكن أن تساعده في الحسابات المعقدة بين الفرق، وهذا يحتاج إلى جهد مضاعف من عمر المسلمي وأحمد العجمي وسالم حبيب وعلي البلوشي مع وجود الثلاثي المحترف إيمانويل وباتيور وبنجالي.
أما الاتحاد الذي يسعى إلى تكملة الواجب وكما يبدو فقد فرصة المنافسة، والنقاط الثلاث التي يملكها لا يمكن أن تساعده في التقدم مع قوة المنافسة من أصحاب المقدمة، لذلك يأمل أن يعرقل السلام ويقدم خدمة جيدة للفرق الأخرى الطامحة في العودة إلى دوري عمانتل، ومع ذلك يأمل المدرب سالم سلطان في تقديم مستوى جيد يكون رصيدًا للفريق للموسم المقبل مع وجود مجموعة من اللاعبين الشباب الذين ينتظرهم مستقبل أفضل.