لجريدة عمان:
2025-03-18@11:51:00 GMT

أوطاننا في خطر

تاريخ النشر: 15th, February 2025 GMT

هل يتذكر المواطنون العرب، المثقفون منهم والعوام كم عدد القمم العربية التي عُقدت منذ إنشاء جامعة دول العربية وحتى اليوم؟ هل يعلم الكثيرون أن العرب ليسوا أصحاب إنشاء جامعة الدول العربية؟ بل بريطانيا هي صاحبة الفكرة حينما تأزمت الأوضاع العسكرية للحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية، وتوقفت وسائل الإمداد والتموين بسبب محاصرة المحور على البحار والمحيطات، وواجه مئات الألوف وربما الملايين من جنود الحلفاء أزمة كبيرة في التسليح والغذاء، حينئذ ابتكر إيدن رئيس وزراء بريطانيا ما سُمي بمركز تموين الشرق الأوسط، واتخذ من القاهرة مقرًا له، وتحددت مهامه في أن تتولى الدول الواقعة في البلدان التي لديها فائض غذائي بإمداد الدول ذات الندرة الغذائية بهدف دعم جيش الحلفاء، واستعارة الأسلحة من جيوش المنطقة لكي تتولى القوات المتحالفة الاعتماد عليها لمواجهة قوات المحور التي كانت تحقق انتصارًا ساحقا على قوات الحلفاء، ونجحت التجربة، بل لعلها كانت في مقدمة الأسباب التي أوحت لإيدن بإنشاء مؤسسة عربية يتم التنسيق معها لدعم القوات المتحالفة، من هنا جاءت فكرة جامعة الدول العربية التي اقتنع بها رئيس الوزراء المصري مصطفى النحاس ومعه الملك فاروق، بعدها انضمت الدول العربية واحدة بعد الأخرى لكي تجتمع أول قمة عربية في مصر (١٩٤٦).

تعاقبت القمم العربية فيما بعد بشكل منتظم سنويًّا أو غير منتظم، كلما ألمت أزمة بدولة عربية، وفي كل مرة ينتهي الاجتماع ببيان إنشائي بعدها ينصرف الحكام العرب عائدون إلى بلدانهم دون إنجاز أي نتائج حقيقية، باستثناء ما حدث في غزو الكويت ١٩٩٠، وما أعقبها من اجتماع آخر طارئ عقد في القاهرة ٢٠٠٣، حينما أقدمت الولايات المتحدة الأمريكية بمشاركة بعض القوى الأجنبية والعربية على غزو العراق، ولعل ذلك كان هو البداية الحقيقية لدخول العرب في أزمات كبيرة، ربما لم تنته نتائجها بعد، ورغم كل ما واجهه العرب من أزمات إلا أن المخاطر التي تواجهها الأمة العربية هذه الأيام لا مثيل لها في التاريخ، فقد اجتاح الصهاينة فلسطين، بعد أن تمكنوا من إقامة دولتهم عقب حرب ١٩٤٨، ومنذ هذا التاريخ الذي اقترب من الـ٧٧ عامًا والعرب يواصلون اجتماعاتهم في قمم عربية متواصلة جميعها لم تحقق نتائج عملية على الأرض، رغم وقوع حروب متوالية ١٩٥٦، ١٩٦٧، ١٩٧٣، بعدها دخل العرب في صراعات مع بعضهم البعض لأسباب مختلفة، البعض منها لأسباب أيديولوجية، وأخرى بسبب صراعات على الحدود، والأخطر من كل هذا هو ما ألمّ بالعرب منذ عام ٢٠١١ من صراعات أهلية وجهوية أسماها البعض ثورات، إلا أن جميعها قد آل مصيره إلى الفشل، وانقسمت بعض أوطاننا إلى دولتين وربما ثلاث، كل يقاتل الآخر وبأسلحة أجنبية، بينما جامعتنا العربية لم تجتمع ولو لمرة واحدة لدراسة هذه الظاهرة الخطيرة.

بعد مرور كل هذه السنوات الطويلة تواجه أوطاننا قضية وجود، هي الأخطر على الإطلاق في ظل تفاقم نفوذ إسرائيل، وبدعم أمريكي وأوروبي غير مسبوق، بل تجاوزت الأطماع الأمريكية-الإسرائيلية قضية فلسطين التي أسقطوها من حساباتهم والسعي نحو الاستيلاء على غزة والضفة الغربية، وربما بلدان عربية أخرى وهو ما صرّح به الرئيس دونالد ترامب، الذي اعتزم تفريغ غزة من سكانها وتوزيع أهلها على بلدان مجاورة بحجة إعمارها كمشروع اقتصادي، ربما يعتزم أن يستقدم إليه اليهود من كل دول العالم، بينما يعيش الفلسطينيون في المنافي لكي يمضوا ما بقي من حياتهم بعيدًا عن أرضهم ومقدساتهم وذكريات آبائهم، وهو المشروع الذي تبناه الرئيس الأمريكي وراح يمارس ضغوطا من أجله، وخصوصًا على مصر والأردن، حيث يعتزم تهجير الفلسطينيين إليهما، ورغم رفض معظم دول العالم هذا المشروع المجنون، إلا أن الرجل عازم على أن يضرب بالقوانين الدولية عرض الحائط، والغريب ما صرّح به ترامب من أنه سيحصل على غزة بلا مقابل! وعندما سألته إحدى الصحفيات في مؤتمر صحفي: وماذا عن الضفة الغربية؟ أجاب قائلًا: ليست لدينا مشكلة في هذا الموضوع.

أيها العرب نحن مهددون في وجودنا، وإسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة الأمريكية يعتزمان إحالتنا في أوطاننا وعلى أرضنا ووسط تاريخنا إلى ما يشبه الهنود الحمر، الذين تم القضاء عليهم وانتهوا من الوجود، وقامت على أنقاضهم الولايات المتحدة الأمريكية. إن ما تتعرض له أوطاننا من خلال ما أسموه بالشرق الأوسط الجديد الذي ابتكره أوباما وروج له بايدن وسعى إليه ترامب بدعم من حلفائه بادئا بفلسطين والأردن وسوريا ولبنان وسيناء، ولا بأس أن تكون هناك دول عربية أخرى قادمة أسماها بعضهم (الهلال الخصيب) الذي تسعى أمريكا لإقامته بتفريغ المنطقة من سكانها، وإبعاد سكانها إلى بلدان الشتات لكي يحيلوا المنطقة إلى ما يمكن تسميته بالمنطقة الترانزيت، وخصوصًا غزة التي يسعى الرئيس ترامب إلى إقامة مجتمعات ترفيهية عليها بما يشبه الريڤيرا الفرنسية، ولم يفهم الرجل بأن سكان فلسطين هم أصحاب الأرض تاريخيا، وعندما أُجبروا على ترك بيوتهم حملوا معهم مفاتيح منازلهم، التي راحوا يتوارثونها جيلًا بعد جيل، ولم يقبلوا عنها بديلًا، والغريب في الأمر أنه لا حديث عن القدس التي تعد القضية المحورية في قلب الصراع العربي-الإسرائيلي.

لفت نظري الأسبوع الماضي حديث تلفزيوني مطول أُجري مع الدبلوماسي المخضرم الأستاذ عمرو موسى، وهو يعدّ واحدا من المتابعين للقضية منذ ستين عاما، وقد امتد هذا الحديث لأكثر من ساعة، وكان الرجل صريحًا حينما حذّر من المخاطر التي تحاك لفلسطين والعرب، وقد قال بصراحته المعهودة: إن منطقتنا العربية سوف يُعاد تشكيلها بشكل واضح وقد بدأ ذلك منذ عام ٢٠١١، وظهر جليًّا هذه الأيام وأن المفاوضات مع إسرائيل بشأن القضية الفلسطينية مضيعة للوقت، فالحكومة الإسرائيلية في مجملها لا ترغب في السلام، وهي تحظى بدعم أمريكي غير مسبوق، ويتساءل عمرو موسى: لماذا يرغبون في السلام وهم ليسوا في حاجة إليه؟ ولا يوجد في إسرائيل من يمكن التحدث معهم، حتى من بين أعضاء مجلسيهم.

على الجانب العربي وحتى الفلسطيني لا يوجد من يمكن التحدث معهم، الفلسطينيون في الضفة وغزة مختلفون بقدر اختلافهم مع إسرائيل، وهي الأزمة الأكثر تعقيدًا، وطالما بقي هذا الانشقاق بين أصحاب القضية الواحدة فلا أمل في أي مفاوضات ولا أمل في حلول، حتى ولو تضامن معهم كل داعمي قضيتهم من العرب والأجانب، وخصوصًا فلم يعد لدينا من القوة ما يمكن أن نتفاوض عليه في ظل الصراع الفلسطيني-الفلسطيني (إنه الجنون بعينه) الذي أضاع فلسطين.

عندما سأل مقدم البرنامج ضيفه عمرو موسى سؤالا يردده البعض كثيرا في كل وسائل الإعلام: يلقي البعض باللائمة على جماعة حماس التي باغتت إسرائيل بالهجوم في السابع من أكتوبر، وقد ترتب على ذلك ما نجم من أهوال الحرب؟ أجاب عمرو موسى باستفاضة كبيرة: هذه شماعة يعلقها البعض تبريرًا للعدوان الهمجي الذي أقدمت عليه إسرائيل، المشكلة هي الاحتلال والظلم وسوء إدارة المحتل وسياسة الاستعمار والقتل كل يوم ومشقة الحياة التي يعيشها الفلسطينيون تحت الاحتلال، ويتساءل عمرو موسى: ألا يدعو كل ذلك إلى المقاومة ثم إن ما قام به الفلسطينيون في ٧ أكتوبر لا يتناسب أبدًا مع القوة الغاشمة التي قتلت عشرات الألوف، وهدمت ٨٠٪؜، من المباني والمؤسسات التعليمية والصحية والاجتماعية وتجريف الشوارع وتدمير كل الخدمات بما فيها المياه والكهرباء والغاز؟

السؤال الذي أوجهه بدوري إلى حكامنا وقادتنا في اجتماعهم القادم سواء في القاهرة أو الرياض، ماذا أنتم فاعلون ونحن مهددون في وجودنا وفي أوطاننا وعلى أرضنا.. أفيدونا يرحمكم الله.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: دول العربیة عمرو موسى

إقرأ أيضاً:

حبس سيدة عربية لمدة سنة لاعتدائها على شرطية في البحرين

سرايا - قررت محكمة الاستئناف العليا الجنائية تأجيل جلسة سيدة عربية الجنسية محكومة بالحبس سنة والإبعاد لاعتدائها على شرطية إلى 23 مارس للمرافعة، وكانت المجني عليها تلقت بلاغا بوجود المتهمة في المبنى الفندقي بالسيف وافتعالها للمشاجرة مع أمن الفندق، فتوجهت إلى الموقع وأعلمت المتهمة بهويتها وطلبت منها التعاون، إلا أن المتهمة رفضت وقامت بالصراخ عليها وأحدثت الفوضى وألقت أباجورة على المجني عليها التي اتخذت الإجراءات اللازمة ووضعت الأصفاد في يدها، حيث قامت المتهمة بالتعدي عليها لفظيا والاعتداء عليها بالضرب .

وشهد مدير المبنى بأنه ورد إليه اتصال من حارس المبنى يوم الواقعة بوجود المتهمة نائمة على الكرسي الموجود في منطقة الاستقبال رافضة الخروج، رغم طلبها منها إلى ان حضرت الشرطية وتحدثت مع المتهمة، فقامت الأخيرة بالتعدي على المجني عليها .

وجهت النيابة العامة للمتهمة أنها في ليلة 20 نوفمبر 2024 اعتدت على سلامة جسم عضو من قوات الأمن العام، وهي رئيسة عرفاء تابعة لوزارة الداخلية أثناء تأديتها وظيفتها، ما أدى إلى الإصابات الموصوفة في التقرير الطبي، والتي لم تُفضِ إلى مرضها أو عجزها عن أعمالها الشخصية مدة تزيد على عشرين يومًا، كما وجهت لها النيابة تهمة رمي موظفة عمومية بألفاظ لم تتضمن إسناد واقعة معينة، وتهمة إتلافها عمدًا منقولات مملوكة للشقق الفندقية .





تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا


طباعة المشاهدات: 1519  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 17-03-2025 06:22 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
تناولا الكوكايين .. كلبان يُقطعان جسد سبعينية حتى الموت "المسحراتي" مهنة ل30 يوما فقط .. تاريخها وأول من عمل بها بمصر بمساعدة الريح .. تلميذ أسترالي يركض مسافة 200 متر في أقل من 20 ثانية رجل إطفاء يصاب بسكتة قلبية أثناء مكافحة حريق ضخم بيان صادر عن وكالة سرايا بعد اعتذار مجلس النواب... وصول تعزيزات عسكرية وراجمات صواريخ تابعة للسلطات... إعلام عبري : تهريب أسود وقرود بطائرات درون من... بالفيديو .. صاحب أسبقيات يعتدي على طفل... العرموطي: جبهة العمل الإسلامي تؤيد اعتذار مجلس... إدارة ترامب تبدأ عمليات تسريح واسعة لموظفي إذاعة...3 شهداء جراء استهداف مسيرة للاحتلال وسط قطاع غزةنائب الرئيس التركي: 873 ألف سوري عادوا إلى بلادهم...الاتحاد الأوروبي قدّم أكثر من 4 مليارات يورو لدعم...الرئاسة السورية تشكل لجنة لمتابعة الاتفاق مع...أكثر من 48 ألف شهيد في غزة منذ بدء العدوانتواصل عدوان الاحتلال على طولكرم وسط تهجير قسري...وصول تعزيزات عسكرية وراجمات صواريخ تابعة للسلطات...ترمب ينشر على منصته تروث سوشيال 3 صور لولايتيه... هو من أصل فلسطيني .. فنانة لبنانية غائبة بلقطة... مسلسل شباب امرأة الحلقة1 .. قتل غادة عبد الرازق أصيبت بنوع نادر من السرطان .. وفاة الممثلة... مي عز الدين تكشف أسرار "قلبي ومفتاحه" ..... "الغاوي" يتصدر الترند .. ما علاقة أحمد... ميسي يسجل هدفه الأول في الدوري الأميركي شغف وترقب جماهيري لمباراتي"النشامى" أمام فلسطين وكوريا الجنوبية سبب مفاجئ لأداء صلاح المتدني أمام نيوكاسل شغف وترقب جماهيري لمباراتي النشامى أمام فلسطين وكوريا الجنوبية نيوكاسل ينهي 70 عاما من الغياب عن الألقاب ويتوج بكأس الرابطة الإنكليزية تناولا الكوكايين .. كلبان يُقطعان جسد سبعينية حتى الموت "المسحراتي" مهنة ل30 يوما فقط .. تاريخها وأول من عمل بها بمصر بمساعدة الريح .. تلميذ أسترالي يركض مسافة 200 متر في أقل من 20 ثانية رجل إطفاء يصاب بسكتة قلبية أثناء مكافحة حريق ضخم بالفيديو .. مدير يعتدي على طالبيتن ضرباً في باحة المدرسة في مصر الجامع الأقمر .. 9 قرون من الإبداع المعماري بتوقيع الفاطميين .. صور فيديو صادم .. ثعبان يلتف حول رقبة طفل يشعل غضب السوشيال ميديا "تناول الصراصير والسلاحف للبقاء حياً" .. صياد يعود بعد 95 يومًا من الضياع مدينة في كندا تُغلق طريقاً لأسابيع ليمرّ الزواحف تعويض بـ50 مليون دولار لسائق توصيل أُصيب بحروق بسبب مشروب ستاربكس

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • إدانات عربية ودولية لتجدّد عدوان الاحتلال على غزة
  • رئيس الوزراء: الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة هي حرب على الإنسانية
  • مناقشات بين تل أبيب وواشنطن لتعزيز ممر بري عبر 3 دول عربية
  • حبس سيدة عربية لمدة سنة لاعتدائها على شرطية في البحرين
  • 3 دول عربية الأكثر تضررا من الرسوم الجمركية الأمريكية
  • إدانات عربية ودولية للعدوان الأمريكي على اليمن
  • شاهد | إدانات عربية وإسلامية للعدوان الأمريكي على اليمن
  • العراق ضمن أكبر 5 اقتصادات عربية خلال 2024
  • خطة أمريكية لمنع مواطني 5 دول عربية من دخول البلاد
  • بينها 6 عربية.. أميركا تدرس حظر السفر لـ40 دولة من السفر إليها (فيديو)