خبراء لـ"الرؤية": القيمة المحلية المضافة ركيزة أساسية لتحقيق التنمية الشاملة.. والموازنة بين الإنتاج والجودة سر التنافسية العالمية
تاريخ النشر: 15th, February 2025 GMT
الرؤية- سارة العبرية
يؤكد اقتصاديون أن القيمة المحلية المضافة وتعزيز المحتوى المحلي تشكل محاور حيوية للنهوض بالاقتصاد الوطني وخلق فرص عمل مستدامة، في الوقت الذي تحقق فيه العديد من الشركات والمؤسسات الكبرى تقدما ملموسا في هذا المجال.
ويقول المهندس غسان فضل بيت بن سليم خبير في القيمة المحلية المضافة والمبادرات الاقتصادية، إن القيمة المحلية المضافة ليست مجرد سياسة اقتصادية؛ بل هي استراتيجية لتحقيق استدامة في الاقتصاد الوطني وخلق الفرص الوظيفية، وتعزيز تنافسية الشركات العمانية على الصعيد العالمي، مبينا أن القيمة المحلية المضافة والمحتوى المحلي هما أدوات اقتصادية تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الوطني من خلال زيادة الإنفاق المحلي وتشجيع الإنتاج والاستهلاك المحلي، وهذه المفاهيم تُعد بمثابة "سياسة حمائية ذكية" تهدف إلى دعم الشركات المحلية وتعزيز قدرتها التنافسية عالميًا، مما يساهم في خلق فرص اقتصادية جديدة وتوفير وظائف مستدامة.
ويرى ضرورة التوازن بين الإنتاجية والمحتوى المحلي؛ حيث لا يمكن تحقيق القيمة المحلية المضافة على حساب جودة الخدمات أو كفاءة المشاريع، لافتا إلى أن المشاريع يجب أن تُركز على "التحسين" بدلاً من "التضخيم"، مع تعزيز الإنتاجية والتنافسية بالتوازي مع زيادة المحتوى المحلي، وذلك في ظل التطور الذي يشهده قطاع اللوجستيات.
ويتابع قائلا: "التوظيف المستدام يتم من خلال خلق وظائف في المشاريع التي تعتمد على سلاسل القيمة في القطاعات المختلفة، وقطاع الأسماك يملك إمكانات ضخمة لتوطين الصناعات والخدمات المرتبطة به، مثل تصنيع الأسماك وتطوير تقنيات التبريد، مما يخلق فرص عمل مستدامة في عدة مجالات، كما أن القيمة المحلية المضافة تسهم في تقليل الاعتماد على النفط من خلال توسيع سلاسل القيمة في القطاعات غير النفطية مثل التعدين والصناعات التحويلية، ويمكن تحويل المعادن المستخرجة في عُمان إلى منتجات مصنعة محليًا، مما يعزز الاقتصاد ويوفر وظائف جديدة".
ويلفت المهندس غسان إلى أن الحكومة العمانية تولي أهمية كبيرة لتعزيز المحتوى المحلي عبر سياسات تحفز الشركات على زيادة مساهمتها في الاقتصاد الوطني، كما أن إطلاق برامج وطنية للتثقيف والتدريب، بالتعاون بين القطاعين العام والخاص، سيساهم في رفع الوعي وتعزيز القيمة المحلية المضافة في السوق العماني.
ويؤكد أن رواد الأعمال لديهم فرصة كبيرة للاستفادة من القيمة المحلية المضافة من خلال الابتكار في مجالات التكنولوجيا والصناعات المحلية، مضيفا أن المشاريع الناشئة في القطاعات مثل اللوجستيات والأغذية والزراعة يمكن أن تسهم في تعزيز سلاسل التوريد المحلية.
ويوضح كهلان بن عبدالله المحروقي خبير في مجال القيمة المحلية أن المحتوى المحلي يعد ركيزة أساسية لتحقيق التنمية الشاملة في سلطنة عمان؛ حيث يسهم في تعزيز الهوية الاقتصادية، وجذب الاستثمارات العالمية، وتحقيق الاستدامة، مبينا أن المحتوى المحلي يدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويعزز الاكتفاء الذاتي، ويقلل المخاطر الناجمة عن الاعتماد على الخارج، كما يساهم في خفض البطالة وتحفيز الابتكار والإنتاجية.
ويشير إلى أن العديد من دول العالم تبنّت برامج المحتوى المحلي وحققت نجاحات كبيرة، مثل قطاع النفط في عمان والسعودية والنرويج، وصناعة السيارات في المغرب، والأدوية في الأردن، والصناعات الثقيلة في ألمانيا، مضيفا أن سلطنة عُمان تمتلك العديد من المقومات لتعظيم المحتوى المحلي، من بينها الموقع الاستراتيجي، ورؤية عمان 2040، وتوافر البنية الأساسية، وبرامج دعم الصناعات المحلية.
ويبين أن الشركات الكبرى مطالَبة بوضع رؤى واضحة للمحتوى المحلي، تشمل توظيف العمانيين، وتطوير الشركات الصغيرة والمتوسطة، وإعطاء الأولوية للمنتجات المحلية، إذ إن المحتوى المحلي لا يقتصر على الصناعات التقليدية؛ بل يشمل نقل التكنولوجيا وإنشاء مراكز الأبحاث والتطوير لتعزيز تنافسية المنتجات العمانية.
وعن التحديات، يقول المحروقي: "هناك تحديات يجب التعامل معها، مثل نشر الوعي المجتمعي، وتحقيق التوازن بين الإنتاج المحلي والعالمي، وتعزيز تنافسية المحتوى المحلي، ونجاح هذه البرامج مسؤولية مشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع، إلى جانب دور المؤسسات التعليمية والإعلامية في نشر الوعي وترسيخ ثقافة المحتوى المحلي بين الأفراد".
واختتم حديثه مؤكدا أن المحتوى المحلي والتنوع الاقتصادي وجهان لعملة واحدة؛ إذ يسهم في توطين الصناعات، واستقطاب الاستثمارات، وزيادة الصادرات، مشيرًا إلى أن سلطنة عمان شهدت منذ السبعينيات العديد من المبادرات الوطنية التي تصب في هذا الاتجاه، داعيًا إلى تعزيز التكامل بين جميع الفئات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وحققت بعض الشركات في سلطنة عُمان نجاحًا ملحوظًا في تعزيز القيمة المحلية المضافة، ما ساعد في دعم الاقتصاد الوطني وتوفير فرص عمل مستدامة، منها شركة تنمية نفط عُمان، ففي عام 2023 بلغت القيمة المحلية المضافة التي احتفظت بها الشركة في سلطنة عمان 2.5 مليار دولار أمريكي؛ أي ما يعادل 40% من إجمالي الإنفاق على سلسلة التوريد بالشركة، ومن هذا المبلغ، أُنفِق 900 مليون دولار على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، و422 مليون دولار على الصناعات الوطنية، استفادت منها 30 شركة ومصنعًا في البلاد، كما تم توفير 1,830 فرصة عمل في الشركات المتعاقدة في مجالات مختلفة، وتنفيذ 28 برنامجًا تدريبيًا ضمن برنامج "كفاءة" لتطوير مهارات 1,000 مهندس.
وفي أوكيو وحتى نهاية الربع الثالث من عام 2023، بلغ إنفاق المجموعة على السلع والخدمات نحو 974.07 مليون دولار أمريكي، منها 753.11 مليون دولار أُنفِقت على السلع والخدمات في العقود والمشتريات الخاصة بالشركات والمؤسسات المحلية، مما أدى إلى الاحتفاظ بمبلغ قدره 314.17 مليون دولار كقيمة محلية مضافة. كما أُنفِق 172.53 مليون دولار على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، منها 56.99 مليون دولار للمؤسسات الحاملة لبطاقة ريادة.
وفيما يخص جهاز الاستثمار العماني، ففي عام 2023، بلغ إجمالي الإنفاق على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة 202 مليون ريال عماني، مقارنة بـ187 مليون ريال في عام 2022، بنسبة زيادة 4.5%. كما ارتفع إجمالي مبالغ العقود وأوامر الإسناد لحاملي بطاقة ريادة الأعمال إلى 106.7 مليون ريال، مقارنة بـ 67 مليون ريال في 2022.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: القیمة المحلیة المضافة الصغیرة والمتوسطة الاقتصاد الوطنی المحتوى المحلی ملیون دولار ملیون ریال العدید من سلطنة ع من خلال إلى أن
إقرأ أيضاً:
وزارة الزراعة تعلن خطة التحول الرقمي لتعزيز الإنتاج المحلي
أكد علي عبد المحسن، رئيس قطاع الشؤون الاقتصادية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، أن القطاع الزراعي يمثل أحد الركائز الأساسية للاقتصاد المصري، حيث يساهم بنسبة 15% من الناتج المحلي الإجمالي، فيما تشكل الصادرات الزراعية 25% من إجمالي الصادرات المصرية.
أشار "عبد المحسن" خلال لقائه مع الإعلامي نشأت الديهي ببرنامج "بالورقة والقلم" المذاع عبر فضائية "TeN"، مساء اليوم السبت، إلى أن مصر تمكنت من تحقيق الاكتفاء الذاتي من الألبان والأرز وجميع أنواع الخضر والفاكهة، مما يعكس نجاح السياسات الزراعية في تعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
أوضح أن الوزارة تضع التكنولوجيا الزراعية في مقدمة أولوياتها، حيث يتم العمل على تجهيز الأراضي بأساليب حديثة تساعد في ترشيد مياه الري بنسبة 15%، إلى جانب استخدام نظم الري الحديثة لزيادة كفاءة الموارد المائية، كما يتم استنباط أصناف زراعية جديدة أكثر إنتاجية وتحملًا للظروف المناخية المختلفة.
وفيما يخص زراعة القصب، كشف عبد المحسن عن مشروع زراعة القصب بالشتلات، والذي يهدف إلى زيادة الإنتاجية وترشيد استخدام مياه الري، ما يساهم في دعم صناعة السكر وتحقيق الاستدامة الزراعية.