الاعتداء الجنسي خطر يهدد سلامة الطفل
تاريخ النشر: 15th, February 2025 GMT
◄ النظيرية: التأثيرات النفسية للتحرش تختلف من شخص لآخر
◄ اللويهي: التوعية خط الدفاع الأول لحماية الأطفال
◄ الفزاري: المدارس حريصة على التصدي لمثل هذه الظواهر
◄ اللواتي: على الأسرة توفير بيئة آمنة وداعمة للأطفال
◄ الشكيلية: آثار التحرش على الطفل تتجاوز الحدود النفسية وتصل للدماغ
الرؤية - إيمان العويسية
أكد عدد من المختصين والمسؤولين أنّ التحرش الجنسي بالطفل يُعدّ من أخطر الجرائم التي تُهدد سلامة الطفل النفسية والجسدية، لأنها تخلِّف آثارا عميقة تمتد إلى مراحل حياته المختلفة، لافتين إلى أن القانون يفرض عقوبات صارمة على الجاني تصل إلى السجن خمس سنوات لضمان ردع المتحرشين وحماية حقوق الطفل.
وشددوا -في تصريحات لـ"الرؤية"- على أهمية تكثيف الجهود المشتركة بين المدارس والأسر لتوعية الأطفال بمخاطر التحرش، وتعليمهم كيفية حماية أنفسهم من خلال الحوار المفتوح والتواصل الأسري والبرامج الإرشادية، مما يسهم في بناء بيئة آمنة تشجع على احترام خصوصية الطفل وسلامته.
وتقول عائشة بنت عامر النظيرية أخصائية نفسية: إن التحرش الجنسي يترك آثارا نفسية عميقة على الطفل، تختلف حدتها حسب العمر ودرجة الاعتداء وردة فعل المحيطين به وطريقة تربيته وقرب أو بعد الأهل عنه، إذ قد يشعر الطفل بالخوف والقلق والاكتئاب، ويتطور لديه شعور دائم بعدم الأمان وفقدان الثقة بالنفس وبالآخرين، مضيفة إن هناك علامات تكشف عن تعرض الطفل للتحرش مثل: التصرفات غير المعتادة والخوف المفرط من أشخاص معينين، وتجنب أماكن محددة، بالإضافة إلى تكرار كلمات أو سلوكيات غير مناسبة أو الصمت، إلى جانب اضطرابات النوم مثل الكوابيس المتكررة والتبول اللاإرادي أو النوم لفترات طويلة، وكذلك تحدث تغيرات في الشهية كفقدانها المفاجئ أو الإفراط في الأكل، وكذلك تظهر أحيانا اضطرابات نفسية وانخفاض في الأداء الدراسي وضعف في التركيز، والشكاوى الجسدية المتكررة دون سبب طبي واضح، أو لمس غير مبرر لأجزاء حساسة من جسده أو جسد الآخرين.
وتوجه النظيرية أفراد الأسرة بضرورة الاستماع الجيد للأطفال ومنحهم الأمان والطمأنينة اللازمة للتعبير عما حدث، حتى يكون الطفل قادرا على التعبير عن التهديدات التي تلاحقه دون خوف، مبينة: "يجب ألا نقلل من مشاعر الأطفال، وأن نعزز الثقة في نفوسهم بأن يتحدثوا عن أي تصرف غير مقبول، إذ إن الوقاية تبدأ بالوعي، والحماية تبدأ بالحب واللمسة الحانية من الوالدين، فيجب على الأسرة أن تكون المصدر الأول للشعور بالأمان والحب".
الوعي القانوني
ويوضح المستشار القانوني أحمد بن سعيد اللويهي، أن جريمة التحرش وانتهاك عرض الطفل تعد ضمن الجرائم الجنائية التي تهدد استقرار المجتمع، مما يستوجب على القانون فرض عقوبات صارمة لضمان حماية حقوق الطفل، مشيرا إلى أن قانون الطفل العماني، الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 22/ 2014، يحظر بشكل قاطع أي اعتداء جنسي على الطفل، بما في ذلك التحرش به وتشجيعه على ممارسة الجنس فعليا أو بالمحاكاة، أو تصويره أثناء الممارسة، أو تصوير أعضائه الجنسية بقصد تحقيق غرض غير أخلاقي.
ويبين اللويهي أن التحرش الجنسي جريمة يعاقب عليها القانون بمقتضى المادة (72) من قانون الطفل بدلالة المادة (56/ب) من ذات القانون، حيث جاءت العقوبة رادعة لمن تسول له نفسه التعدي على براءة هؤلاء الأطفال فقد نصت المادة: "يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (5) سنوات، ولا تزيد عن (15) سنة، وبغرامة لا تقل عن (5000) ريال عماني، ولا تزيد عن (10000) ريال عماني".
ويستعرض المستشار القانوني أبرز حقوق الطفل التي نص عليها القانون، والتي ينبغي لأولياء الأمور الإلمام بها، وتشمل هذه الحقوق الحماية من كافة أشكال الاعتداء الجنسي، وتعليمهم كيفية التمييز بين اللمس الآمن وغير الآمن، بالإضافة إلى ضمان خصوصيتهم وأمانهم أثناء استخدام الإنترنت، لافتا إلى حق الطفل في الإبلاغ والحصول على الحماية القانونية، إلى جانب حقه في التربية السليمة والتوجيه المناسب.
ويقول اللويهي إن المعرفة والوعي يمثلان خط الدفاع الأول في حماية الأطفال من التحرش والانتهاكات، مؤكداً أن إدراك الأهل والأطفال لهذه المخاطر يعزز قدرتهم على منع وقوعها والتعامل الصحيح في حال حدوثها، مؤكداً أن الوعي القانوني لدى الأطفال يسهم في بناء ثقافة الرفض والمواجهة.
ويوجه اللويهي الآباء في حالة تعرض الطفل لأي شكل من أشكال الاعتداء الجنسي، الاستماع إليه بهدوء وتقديم الدعم العاطفي له وتوثيق الحادثة بتسجيل ما رواه الطفل والحصول على الأدلة المتاحة مثل الرسائل أو التسجيلات أو اللقطات من كاميرات المراقبة القريبة، إلى جانب تقديم بلاغ للجهات المختصة دون تساهل أو تعاطف جزاء لفعله الإجرامي.
دور المدرسة والأسرة
ويشير مروان بن أحمد الفزاري -مدير مدرسة عبدالله بن سلام التعليم الأساسي- إلى أن المدرسة تعمل على مواجهة مثل هذه المشاكل، وتقديم برامج توعوية للطلبة وأولياء الأمور ووضع منشورات عن مخاطر الاعتداء الجنسي، إضافة إلى تفعيل دور المشرفين أثناء تجمع الطلبة في الفسحة، وأنشطه الجمعية، ومتابعة دورات المياه الخاصة بالمدرسة والفصول.
ويتابع الفزاري قائلا: "في حالة وقوع حالة تحرش لطالب نسعى إلى توفير الدعم والأمان وإشعاره بالطمأنينة حتى يسرد للاختصاصي الاجتماعي تفاصيل الواقعة، والذي بدوره يعمل على إعادة تأهيل الطالب لدمجه في محيطه الدراسي، والوقوف على المخاوف من أي خطر يلحق به، كما أنّ المدرسة توجه الأسرة بضرورة متابعة الطفل وتوجيهه نحو السلوكيات الصحيحة".
وفي السياق، يقول فلاح بن حسن اللواتي مستشار أسري: إنّ بناء أسرة سليمة مسؤولية عظيمة يقع عبؤها على الوالدين بصفة مشتركة، وحتى تكون الأسرة متماسكة دافئة وقوية ينبغي أن تعيش أجواء مفعمة بالحب والمودة والرحمة، يكون الأب حاضرا بين أبنائه يزرع فيهم القيم والأخلاق مثل القوة والشجاعة والحزم والأم موجودة بينهم تزرع في أبنائها الحب والعاطفة والحنان وتتمازج الأدوار بينهم لتثمر جيلا قويا واعيا وناضجا.
ويُشدّد على أهمية دور الأسرة في توفير بيئة آمنة وداعمة للطفل تعزز شعوره بالأمان وتمنحه مساحة للتعبير عن نفسه بحرية، وتسهم في بناء شخص مليء بالثقة بالنفس، مما تساعده على النمو بشكل صحي وسليم.
ويؤكد المستشار الأسري ضرورة تنمية الوعي الجنسي لدى الأطفال في سن مبكر من خلال تعليمه أسماء أعضائه التناسلية، وتعرفيهم بالمناطق الخاصة التي لا يجوز لأحد لمسها، كما يوضح أهمية توجيه الطفل إلى الأشخاص الذين يمكنه الوثوق بهم وإبلاغهم في حال تعرضه لأي لمس غير لائق، مشيرا إلى أهمية فتح قنوات حوار وتواصل داخل الأسرة لتشجيع الطفل على التحدث بأريحية عن يومه وما يواجهه، مما يساعد الوالدين على ملاحظة أي تغيرات غير طبيعية في سلوكه أو الخوف من أشخاص معينين.
ويوضح اللواتي أنّ البيانات الصادرة من الجهات المختصة بشأن تزايد جرائم التحرش، خاصة وسط الأسر المفككة أمر مؤسف ومؤلم، مشدّدا على أهمية استشعار المسؤولية العظيمة الواقعة على عاتقهم، وضرورة العمل على إزالة هذه المشاكل والعودة بالحياة الزوجية إلى الصفاء والسلام والوئام، والابتعاد عن فكرة الطلاق قدر المستطاع.
خطط علاجية وتأهيلية
وتذكر الدكتورة منى بنت سعيد الشكيلية استشاري طب نفسي أطفال ومراهقين وخبيرة في القضايا الأسرية الجنائية، أن الآثار البيولوجية والنفسية للتحرش الجنسي على الطفل تتجاوز الحدود النفسية والعاطفية لتصل إلى الدماغ نفسه، مبينة أن الصدمة تحدث تغيرات في نشاط الدماغ، مما يؤثر على مناطق حساسة مثل اللوزة الدماغية (المسؤولة عن تنظيم المشاعر مثل الخوف) والقشرة الجبهية (المسؤولة عن اتخاذ القرارات وتنظيم المشاعر).
كما أوضحت أن تعرض الطفل للتحرش يؤدي إلى ارتفاع مستويات التوتر وزيادة إفراز هرمون الكورتيزول، مما ينعكس سلبًا على صحة الدماغ مسبباً مشاكل في الذاكرة والنمو العصبي، والتركيز، واضطرابات النوم، والتفاعل الطبيعي مع الأحداث، مما يعيق النمو العقلي والاجتماعي للطفل.
وتلفت إلى أن التأثيرات النفسية والعاطفية العميقة التي يخلفها التحرش على المدى الطويل كالقلق المستمر والاكتئاب العميق، قد تدفع الطفل إلى العزلة وفقدان الاهتمام بالأشياء التي كان يستمتع بها، إلى جانب الاضطرابات السلوكية مثل العدوانية أو الانسحاب الاجتماعي، إضافة إلى فقدان الثقة بالنفس والتأثير على قدرته في بناء علاقات اجتماعية سليمة.
وحول التدخلات ما بعد الاعتداء الجنسي، تؤكد الشكيلية أن هذه المرحلة تكون صعبة جدًا على الطفل، حيث يواجه مخاوف من عدم تصديقه أو تعرضه للّوم، ولذلك يجب الحرص على أن تكون المقابلات الجنائية آمنة للطفل، وتقديم رعاية شاملة للأطفال الذين تعرضوا للاعتداء الجنسي، بدءًا من التقييم الجنائي وصولًا إلى العلاج النفسي المتخصص من خلال المقابلة الجنائية وفقًا لبروتوكول صياصي في بيئة آمنة وداعمة، بالتنسيق مع الجهات المعنية لضمان جمع الأدلة دون التسبب في المزيد من الأذى النفسي، وإجراء تقييم نفسي شامل لتشخيص القلق والاكتئاب واضطرابات السلوك، يلي ذلك خطة علاجية مخصصة تشمل العلاج السلوكي المعرفي (CBT) لمساعدة الطفل على تغيير الأفكار السلبية المرتبطة بالتحرش، والعلاج السلوكي المرتبط بالصدمة لمعالجة الكوابيس والقلق المستمر، والعلاج الأسري لتعليم الوالدين كيفية تقديم الدعم العاطفي والنفسي خلال فترة العلاج.
وتشدد الشكيلية على أهمية التدخل المبكر للتعامل مع هذه الحالات، باعتبار ذلك مفتاح التعافي السريع للطفل، مما يساعد على تقديم العلاج النفسي المناسب للحد من الآثار السلبية طويلة المدى على صحته النفسية والعاطفية، وأهمية تقديم الدعم للأسرة وتوجيهها لمساندة الطفل خلال هذه المرحلة الحساسة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
دراسة: انتهاكات الاحتلال ضد أطفال القدس ترقى لجرائم اضطهاد وفصل عنصري
عصر يوم الخميس العاشر من شهر أبريل/نيسان الجاري ضجّ مخيم شعفاط شمال القدس بنبأ إصابة طفل يبلغ من العمر (12 عاما) برصاصة معدنية مغلفة بالمطاط في منطقة العين، وسرعان ما أُعلن عن اسمه بعدما هرع أصدقاؤه لإبلاغ والده بإصابته.
رامي حدّاد والد الطفل أمير -الذي يرقد في مستشفى هداسا عين كارم غربي القدس منذ إصابته- سرد للجزيرة تفاصيل إصابة طفله المؤلمة قائلا إنه طلب منه عصر ذلك اليوم الذهاب مع صديقه إلى حانوت يختص ببيع الطيور ومستلزماتها ليشتري صديقه طعاما لطيوره.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هيومن رايتس تتهم الولايات المتحدة والسلفادور بإخفاء قسري لمهاجرين فنزويليينlist 2 of 2في يوم ديني.. إسرائيل تحرم آلاف المسيحيين الفلسطينيين من الوصول للقدسend of list"ركب دراجته الهوائية وانطلق وبعد 10 دقائق جاءني أبناء الحي يصرخون: أمير تصاوب. نزلت إلى الشارع كالمجنون ورأيته مضرّجا بدمائه في العيادة الطبية قبل أن تنقله سيارة الإسعاف إلى مستشفى هداسا".
يتابع الوالد بصوت منخفض حزين تفاصيل الخوف والألم قائلا إن نجله أصيب خلال الاقتحام شبه اليومي للمخيم ودون اندلاع أي مواجهات، بل بسبب الإطلاق العشوائي للقنابل الغازية والصوتية والرصاص المطاطي في كل اقتحام.
"كان أمير في منطقة مرتفعة والجيش في أخرى منخفضة يهمّون باقتحام المنطقة التي يتواجد بها.. وفي اللحظة التي أدار فيها وجهه ناحية الجيش وهو راكب على دراجته أطلق جندي الرصاصة وأصيب أعلى عينه اليسرى مباشرة، وسقط عن دراجته وغاب عن الوعي".
في المستشفى أُبلغت العائلة أن أمير يعاني من كسر في الجمجمة، وأن بعض العظام المهشمة تضغط على عصب العين مما أفقد هذا الطفل القدرة على تحريكها، وفي صبيحة اليوم التالي أجريت له عملية جراحية لإزالة العظام المفتتة التي تضغط على عصب العين، لكنه ما زال يعاني من نزيف في عينه ومن وجود نقطة دم على الدماغ يعود سببها عادة لنزف عندما ينفجر أو يتمزق شريان في الدماغ، وفق ما أبلغ به أطباء عائلته.
إعلانوعند سؤال الأب عمّا يقوله أمير عن ذلك اليوم أجاب أنه لا يقول سوى "مش متذكّر"، وأنه لن يصمت عن أخذ حقّ طفله من خلال القضاء وإن كان غير متيقن من أنه سينصفه.
أصيب الطفل المقدسي أمير حداد (12 عاما) برصاصة مباشرة في رأسه أطلقها جنود الاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحامهم لمخيم شعفاط، شمال شرقي القدس المحتلة الخميس الماضي.
ويرقد الطفل حداد في المستشفى بعد أن أصيب بجروح بالغة في الرأس وكسر في الجمجمة أدى إلى نزيف في الدماغ، بالإضافة إلى ضرر… pic.twitter.com/W10gtHeKON
— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) April 13, 2025
حرمان وملاحقةلم ينعم أمير مثله مثل بقية أطفال مخيم شعفاط بطفولة هادئة ولا طبيعية، فلا ملاعب ولا متنزهات يلجؤون إليها في أوقات الفراغ يقول رامي، ولا يجدون سوى الحواري والشوارع للعب بها، رغم أنها لم تكن يوما آمنة، وازداد الوضع سوءا مع الاقتحام "شبه الساعاتي للمخيم".
قبل ختام حديثه سألنا الأب عن شخصية أمير وهواياته، فخيّمت نبرة حزن عميقة على صوته فورا، وقال "أمير مؤدب ومميز وهادئ، ويعشق كافة أنواع الرياضة لكنه يلعب كرة القدم ويركب الدراجة الهوائية بشكل يومي.. وهما الهوايتان اللتان حرم منهما منذ إصابته، ولا يبدو أنه سيمارسهما في المستقبل القريب".
من أجل ما يعيشه أمير وعشرات آلاف الأطفال المقدسيين من انتهاكات على يد الاحتلال الإسرائيلي أعدّ الخبير في الشؤون القانونية والحقوقية المحامي عصام عابدين بإشراف مؤسسة الرؤيا الفلسطينية، دراسة تحليلية متخصصة حول واقع قطاع الطفولة في محافظة القدس، وحملت عنوان "الأسباب الرئيسية للعنف، التعذيب وسوء المعاملة، والتطلعات المستقبلية".
وفي بحثه عدّد المحامي عابدين أنماط الانتهاكات للطفولة في محافظة القدس، واستهلها بجرائم القتل والإيذاء مستشهدا ببيان صدر عن منظمة "اليونيسيف" في يوليو/تموز من عام 2024 وجاء فيه أن الخسائر في أرواح الأطفال في الضفة الغربية والقدس ازدادت بنسبة 250% في الأشهر التسعة التي تلت السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 قياسا بالأشهر التسعة التي سبقته.
خلال شهر، أصاب جنود الاحتلال طفلين مقدسيين برصاص أضرّ بأعضاء حيوية في جسديهما.
والطفلان هما: أمير حداد (12 عاما)، الذي ما زال يرقد في المستشفى، بعدما أُطلق الرصاص مباشرة على رأسه، في 10 أبريل/ نيسان الجاري، أثناء ركوبه دراجته الهوائية في مخيم شعفاط. علما أن رصاصة استقرت فوق عينه… pic.twitter.com/vjeIK6JtDc
— القدس البوصلة (@alqudsalbawsala) April 13, 2025
إعلان سلب الحريةوتطرقت الدراسة إلى سياسة الاعتقالات التعسفية لأطفال القدس، مستشهدة ببيانات مؤسسات الأسرى التي تحدثت في شهر أغسطس/آب 2024 عن ارتفاع غير مسبوق في أعداد المعتقلين بالضفة الغربية والقدس الذين كان من بينهم 700 طفل على الأقل، وكانت نسبة الأطفال المقدسيين هي الأعلى من بين المحافظات الفلسطينية الأخرى.
ولم يغفل الباحث أهمية الحديث عن سياسة الحبس المنزلي التي تستهدف بشكل أساسي أطفال المدينة الذين تقلّ أعمارهم عن 14 عاما، وأشار الباحث إلى أن الإحصائيات الصادرة عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية تؤكد أن أكثر من 600 طفل مقدسي تعرضوا لهذه العقوبة خلال عام 2022 وحده.
التعذيب وسوء المعاملة لأطفال المدينة وانتهاكات حقوق الأطفال ذوي الإعاقة كان لها حضور لافت في هذه الدراسة التحليلية التي ركزت أيضا على نظام الفصل العنصري (الأبارتايد)، ونظام منح الهويّات وتشتيت العائلات والجدار العازل وتداعيات عسكرة مدينة القدس.
ولفت الباحث عصام عابدين في دراسته النظر إلى أن "أنماط الانتهاكات الجسيمة والجرائم الدولية من قبيل: جرائم القتل والإيذاء المتعمد للأطفال المقدسيين، والاعتقالات التعسفية، والاعتقال المنزلي، والتعذيب وسوء المعاملة، تشكّل "جرائم دولية مستقلة" في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية إلى جانب أنها تشكّل "جرائم اضطهاد وفصل عنصري" مما يعني أننا أمام حالة "تعدد للجرائم الدولية" المرتكبة.
وحول التأثيرات الاجتماعية والنفسية على الأطفال وعائلاتهم كشفت نتائـج اللقاءات والمقابلات التي أجراها الباحث مع الجهات الرسـمية وغير الرسمية والشركاء لغايات هذه الدراسة، أهمية وضرورة فهم واقع محافظة القدس، وخاصة داخل الجدار العازل، والتعقيدات الناجمة عــن الاضطهاد الممنهج والتراكمات على مدار السنوات الطويلة في منهجية أي تدخلات على صعيد واقع الصحة النفسية.
إعلانوشملت توصيات هذه الدراسة التحليلية 3 مستويات، أولها الدولي والمتعلق بالتزامات ومسؤوليات سـلطات الاحتلال الاستعماري ودول العالم والهيئات والمنظمات الدولية لإنقاذ الطفولة في محافظة القدس.
وعلى المستوى الوطني تطرق الباحث إلى مسؤوليات دولة فلسطين بمؤسساتها وأجهزتها الرسمية وغير الرسمية تجاه الطفولة المقدسية، أما المستوى الثالث المحلي فتضمن توصيات تتعلق بأداء المؤسسات المقدسية العاملة في محافظة القدس، إذ "ينبغي على المنظمات الأهلية والحقوقية إجراء تقييم جاد علـى المستوى الفردي والجماعي للبرامج والأنشطة التي يتم تنفيذها داخل مدينة القـدس المحتلة في ظل بيئة عمل شديدة التعقيد وسياسة الاضطهاد والأبارتايد".
وختم دراسته بضرورة تعزيز العمل الجماعي والتشـبيك بين مؤسسات القدس للتعامل مــع الاحتياجات الكبيرة لقطاع الطفولة داخل القدس على مختلف المستويات القانونية والحقوقية والاجتماعية والنفسية والتنموية، وتطوير سلة موارد مشتركة بينها، لمواجهة العزلة وشح التمويل والإمكانيات والموارد، وعدم بعثرة الجهود لإمكانية الصمود والاستجابة.