قال موقع ناشونال إنترست إن الولايات المتحدة في ظل ولاية الرئيس دونالد ترامب الثانية، تشكل فرصة لأوروبا للوقوف لحظة في دائرة الضوء، والصعود كفاعل مستقل، لا للدفاع عن نفسها فقط، ولكن كوسيط بين اثنتين من أكثر القوى العظمى خلافا في العالم، وهما واشنطن وبكين.

وتساءل الموقع -في مقال بقلم سيمينغتون سميث- هل يغتنم الاتحاد الأوروبي هذه الفرصة أم يدعها تفلت من بين يديه؟ مشيرا إلى أن ترامب بدأ إعادة هيكلة ضخمة للحكومة الفدرالية، وعين وزراء من صقور مناهضة للصين ومشككين في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، مما يشير إلى أن أميركا مهتمة بتصفية الحسابات أكثر من الحفاظ على التحالفات.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مهمتها نقل الاستخبارات.. تعرف على وحدة سابير الإسرائيلية الغامضةlist 2 of 2هآرتس: الخلاف بين ترامب وحلفائه بمصر والأردن لصالح حماسend of list

ومع إصرار واشنطن على التعامل مع الأصدقاء مثل كندا، والمنافسين مثل الصين، بمقادير متساوية من العداء، يجد الاتحاد الأوروبي فرصة لا تتكرر للصعود كفاعل مستقل، ولكن ذلك يتطلب التحول من عضو حذر في جوقة إلى قائد لحفل موسيقي عالمي جديد، حسب تعبير الكاتب.

وأشار الكاتب إلى أن ازدراء ترامب المسرحي للناتو وحماسه للرسوم الجمركية أوضح لأوروبا أن صبر أميركا على تمويل أمنها وتركها تتاجر مع بكين، قد انتهى.

ما وراء القوة العسكرية

وفي وقت تتناوش فيه واشنطن وبكين، تجد أوروبا نفسها في موقف قوي بشكل غير متوقع، خاصة أن قوتها الحقيقية لم تكن أبدا في حاملات الطائرات ولا الأسلحة الأكثر تقدما، بل في قدرتها على تشكيل المعايير والتطلعات العالمية.

إعلان

فعندما تصدر بروكسل مراسيمها التنظيمية، فإن عمالقة وادي السيليكون ومليارديرات بكين يمتثلون لها، ليس من منطلق أي ولع خاص بالقيم الأوروبية، ولكن من باب الاحترام للواقع البسيط المتمثل في قوة الاقتصاد الأوروبي الذي يمثل سدس الاقتصاد العالمي.

ويبلغ إجمالي اقتصاد الاتحاد الأوروبي 19.4 تريليون دولار، وهو ينافس الاقتصاد الأميركي. ويتموقع اليورو في مكان مريح باعتباره العملة الاحتياطية الثانية في العالم، كما تتدفق الاستثمارات الأوروبية إلى الخارج بنحو 10.7 تريليونات دولار، وتجذب 8.1 تريليونات دولار في المقابل.

ومن دور الأزياء في باريس إلى معاهد البحوث البريطانية وكروم العنب الإيطالية، إلى أستوديوهات التصميم في الشمال الأوروبي، تشكل أوروبا الكيفية التي يفكر بها العالم في الحياة، ويتدفق نصف سياح العالم إلى المدن الأوروبية لا لالتقاط الصور أمام برج إيفل، بل لتجربة واستيعاب أسلوب حياة قديم لا يمكن للاستهلاك الأميركي ولا رأسمالية الدولة الصينية تكراره، مما يمنح الاتحاد الأوروبي ثِقلا لا يوجد في الكتل الأخرى.

وبالنسبة للاقتصادات النامية -كما يرى الكاتب- يستطيع الاتحاد الأوروبي الصاعد أن يقدم طريقا ثالثا مختلفا عن الولاء الذي تطالب به واشنطن وبكين، وهو شراكة حقيقية قائمة على المنطق والحس السليم.

نموذج جديد

وإذا تمكن الاتحاد الأوروبي من التغلب على انقساماته الداخلية وتبسيط عملياته البيروقراطية، فلن يبقى "تأثير بروكسل" مقتصرا على ممارسات الأعمال العالمية فحسب، بل سيوفر للقوى الناشئة وسيلة للتطور والازدهار، دون أن تصبح بيدقا في يد شخص آخر، وهو ما سيجعل من أوروبا الموحدة قوة تنظيمية عظمى، وثقلا موازنا لسياسات القوى العظمى.

ولكي ينجح هذا النفوذ لا بد أن تتغلب أوروبا على أعظم نقاط ضعفها، لأن هذه ليست مجرد فرصة لتعزيز أمنها أو توسيع نفوذها، بل فرصة لإعادة تعريف الزعامة العالمية للقرن الـ21.

إعلان

ومع تراجع واشنطن إلى الانعزالية التي يفرضها ترامب، وصراع بكين مع حدودها، تستطيع أوروبا أن تظهر كوسيط أساسي، وتقدم شيئا نادرا على نحو متزايد في السياسة العالمية، ألا وهو التطور.

وخلص الكاتب إلى أن رد فعل أوروبا في السنوات الأربع المقبلة، سيحدد ما إذا كانت ستغتنم هذه اللحظة أم تفلت منها، مشيرا إلى أن أوروبا التي خرجت ذات يوم من العصور الوسطى إلى عصر النهضة، ومن ظلام التعصب الديني إلى التنوير، تقف الآن على عتبة التحول، ولم يعد الوقت مناسبا للتردد البيروقراطي واجتماعات اللجان غير المثمرة، لأن الأسس أصبحت قائمة لنهضة أوروبية جديدة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات الاتحاد الأوروبی إلى أن

إقرأ أيضاً:

أوروبا تبحث إعادة فرض الخدمة العسكرية الإلزامية

باريس"أ ف ب": تدرس الدول الأوروبية إعادة فرض الخدمة العسكرية الإلزامية لتعزيز قدراتها الذاتية في مواجهة أي عدوان روسي، مدفوعة بخشيتها من احتمال فك الولايات المتحدة ارتباطها الدفاعي، وحرب موسكو المستمرة منذ ثلاث سنوات ضد أوكرانيا.

وفاجأ قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غزو أوكرانيا مطلع عام 2022 أوروبا، وتزايدت المخاوف بشأن متانة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في ظل التغييرات الجذرية التي يدخلها الرئيس دونالد ترامب على السياسة الخارجية الأميركية، وتشديده على وجوب أن تهتم أوروبا بأمن القارة.

ويقرّ كل من المحللين العسكريين والحكومات الأوروبية بأن خطر العدوان الروسي حقيقي، بل وأعلى بكثير مما كان عليه ثلاث سنوات.

يقول ألكسندر بوريلكوف، الباحث في معهد العلوم السياسية بجامعة هايدلبرغ، إن "الجيش الروسي اليوم أكبر وأفضل مما كان عليه في 24 فبراير 2022. لدى الروس نوايا عدائية تجاه دول البلطيق والجناح الشرقي للاتحاد الأوروبي".

وتفيد دراسة شارك بوريلكوف في إعدادها لصالح مركز بروغل البحثي ومعهد كيل، بأن أوروبا قد تحتاج إلى 300 ألف جندي إضافي لردع العدوان الروسي، بالإضافة إلى 1,47 مليون عسكري في الخدمة حاليا.

ويوضح الباحث "يجب أن يؤدي التجنيد الإلزامي دورا في (توفير) أعداد كبيرة كهذه من القوات الجديدة".

من باريس إلى وارسو، يسعى القادة إلى زيادة الإنفاق الدفاعي لدولهم في مواجهة التهديدات الأميركية بسحب ضماناتها الأمنية لأوروبا.

لكن العديد من الدول، بما في ذلك فرنسا وبريطانيا، تعاني لتجنيد العديد والاحتفاظ بهم. وقد تكون إعادة فرض شكل من أشكال الخدمة العسكرية، الإلزامية أو الطوعية، أصعب.

وبحسب استطلاع رأي أجرته مؤسسة يوغوف، تؤيد غالبية في فرنسا (68%) وألمانيا (58%) الخدمة العسكرية الإلزامية للشباب. في المقابل، ينقسم الإيطاليون والبريطانيون بشأنها، بينما يعارضها غالبية الإسبان (53%).

لكن الدراسات تظهر أيضا أن العديد من الأوروبيين غير مستعدين للدفاع عن بلدانهم في ساحة المعركة.

وتوضح الخبيرة الفرنسية بينيديكت شيرون التي تدرس الروابط بين المجتمع والقوات المسلحة "في مجتمع ليبرالي، أصبح فرض القيود العسكرية شبه مستحيل".

تضيف "ما دام لا يوجد غزو، فإن تقبّل التكاليف السياسية لمعاقبة الرافضين للاستدعاء، يبدو أمرا لا يمكن تصوّره".

- "حوافز" - وألغت معظم الدول الأوروبية التجنيد الإجباري بعد الحرب الباردة، باستثناء تسع دول لم تعلّقه بتاتا وهي اليونان، قبرص، النمسا، سويسرا، الدنمارك، إستونيا، فنلندا، النروج، وتركيا.

وأعادت ليتوانيا العمل بالتجنيد الإجباري في 2015، بعد عام من ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في جنوب أوكرانيا.

وحذت السويد حذوها عام2017، ولاتفيا عام 2023. ولكن نظرا للتكاليف السياسية والاقتصادية، لا تعتزم معظم الدول الأوروبية الخمس الأكثر إنفاقا في حلف شمال الأطلسي، أي فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وإيطاليا وبولندا، لجعل الالتحاق بالقوات المسلحة إلزاميا.

وأعلنت بولندا التي ألغت التجنيد الإجباري في عام 2008، مؤخرا عن خطط لتقديم تدريب عسكري لمئة ألف مدني سنويا، بدءا من 2027.

وسيكون هذا البرنامج طوعيا، بينما تخطط السلطات لاعتماد نظام "دوافع وحوافز"، بحسب رئيس الوزراء دونالد توسك.

في ألمانيا، أعرب المستشار العتيد فريدريش ميرتس عن تأييده لإعادة اعتماد سنة إلزامية يمكن للشباب خلالها أداء الخدمة العسكرية أو المجتمعية.

وفي بريطانيا، تم تسريح آخر جنود الخدمة الوطنية عام 1963، ولا تخطط الحكومة للعودة عن ذلك.

وصرح بات ماكفادن، وزير شؤون مجلس الوزراء "لا ندرس التجنيد الإجباري، لكننا أعلنا بالطبع عن زيادة كبيرة في الإنفاق الدفاعي".

في فرنسا، حيث انتهت الخدمة الإلزامية عام 2001، يبحث الرئيس إيمانويل ماكرون عن سبل لتشجيع الشباب على الخدمة العسكرية.

وأكد في تصريحات للصحافيين نشرت السبت أن فرنسا باتت تفتقد "الوسائل اللوجستية" لإعادة فرض الخدمة الإلزامية، لكنه يريد "البحث عن سبل لتعبئة المدنيين"، وسيُصدر إعلانا بهذا الشأن في الأسابيع المقبلة.

ويرى المؤرخ العسكري الفرنسي ميشال غويا أن إعادة فرض الخدمة الوطنية "ستعني تحويل جزء كبير من الجيش إلى مراكز تدريب".

في إيطاليا، استبعد وزير الدفاع غيودو كروسيتو إعادة فرض الخدمة، لكنه أيد فكرة إنشاء قوة احتياط.

ويرى باحثون أن على سياسيي أوروبا الغربية التعلم من دول الشمال الأوروبي ودول البلطيق، وخاصة فنلندا والسويد. وتمتلك فنلندا التي تتشارك حدودا طويلة مع روسيا وغزاها الاتحاد السوفيتي عام 1939، إحدى أكبر قوات الاحتياط في أوروبا.

ويؤكد بوريلكوف "لا يزال الانقسام بين الشرق والغرب مشكلة. قلة من الناس في أوروبا الغربية على استعداد للقتال".

ويعتبر أن إقناع الأوروبيين بالتطوع يتطلب حملات مناصرة.

ويوضح "هناك أيضا علاقة بين ما إذا كان الناس يرون أن الانتصار ممكن في الحرب وما إذا كانوا يرغبون في الخدمة، لذا فإن التحسين الجذري للقدرات العسكرية الأوروبية سيزيد من ثقة الناس بها".

ويؤكد ميشال غويا أن الأوروبيين صُدموا بهشاشتهم وضعفهم دفاعيا.

ويشير الى أن الدعم الأميركي "ينحسر، والعديد من الدول الأوروبية تقرّ بأنها في النهاية، مكشوفة بعض الشيء".

مقالات مشابهة

  • «الصحة العالمية» تحث الولايات المتحدة على إعادة النظر في خفض التمويل
  • رئيسة المفوضية الأوروبية: الاتحاد الأوروبي تعهد بتقديم 5ر2 مليار يورو لدعم سوريا
  • واشنطن والرؤية االجديدة للشرق الاوسط
  • مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي: سنتابع الإجراءات ضد مرتكبي العنف بسوريا
  • أمريكا من إمبراطورية إلى دولة
  • أوروبا تبحث إعادة فرض الخدمة العسكرية الإلزامية
  • الشمبانيا الفرنسية في مرمى نيران حرب الرسوم بين أوروبا وواشنطن
  • تحقيقات فساد تطال "هواوي" الصينية وحظر لدخول ممثليها البرلمان الأوروبي
  • Euroviews. بين إعادة الإعمار وتحقيق العدالة... كيف يمكن للاتحاد الأوروبي دعم مستقبل سوريا؟
  • نائب ترامب: لن ننشر قواتنا في سوريا لكننا سنحمي الأقليات