هذا ما يعلّمه مسلمو أميركا للعالم
تاريخ النشر: 15th, February 2025 GMT
يكثر حديث الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن تجاوزات الحكومة وأساليبها القمعية. ولكن هل سيصدر توجيهاته لإدارته بعدم تكرار هذه الانتهاكات؟
المتحدث باسم ترامب، أليكس فايفر، أكد أن كاش باتيل، المرشح لمنصب مدير مكتب التحقيقات الفدرالي (FBI)، "سينهي تسليح أجهزة إنفاذ القانون"، وسيركّز على "استهداف الجريمة".
لكنني أجد هذا الادعاء بعيد الاحتمال.
لمن يتساءل كيف يمكن لإدارة تسعى وراء العناوين الرنانة أكثر من تحقيق العدالة أن تستخدم أجهزة إنفاذ القانون كسلاح، أو تطلق تحقيقات بلا أساس، أو تلجأ إلى الانتقام السياسي ضد من يخالفونها الرأي، فإن تجربة المسلمين في أميركا تحمل دروسًا عميقة في هذا السياق.
بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول، استهدفت أجهزة إنفاذ القانون مجموعة واسعة من المنظمات الإسلامية في الولايات المتحدة تحت ذريعة مكافحة الإرهاب. شملت هذه الحملة تحقيقات واسعة النطاق، ومصادرة أصول، واتهامات علنية.
وقد ذكرت منظمة الاتحاد الأميركي للحريات المدنية (ACLU) في تقريرها الصادر عام 2009 بعنوان "تجميد الإيمان، حظر الصدقة"، أن موظفي لجنة التحقيق في هجمات 11 سبتمبر/ أيلول أقروا بأن بعض الأسس التي استندت إليها قرارات تصنيف المنظمات الإسلامية كجهات إرهابية كانت "ضعيفة للغاية"، وأن التسرع في اتخاذ هذه القرارات أدى إلى معدلات مرتفعة من التصنيفات الخاطئة.
إعلانمن بين الجهات التي تعرضت لحملات التشويه مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (CAIR)، وهو أكبر منظمة إسلامية في الولايات المتحدة تعنى بالدفاع عن الحقوق المدنية. ورغم مرور سنوات، لا تزال آثار هذه التشويهات قائمة حتى اليوم.
إذا كنت مسلمًا أميركيًا تتبنى آراء سياسية -خصوصًا إذا كانت تتعلق بالحقوق المدنية أو قضايا الأقليات المهمشة- فقد أصبحت عرضة لمراقبة الحكومة. وبحلول عام 2011، خلص المدعي العام حينها، إريك هولدر، إلى أن "الوقائع والقانون" لا يدعمان أي إجراءات قانونية ضد (CAIR)، وهو نفس الاستنتاج الذي توصلت إليه إدارة بوش قبل ذلك.
ومع ذلك، استمرت بعض الجهات على الإنترنت في الترويج لمزاعم بأن القرار بعدم توجيه التهم جاء نتيجة "تدخل سياسي". لكن المدعي العام الأميركي جيمس جاكس، الذي لعب دورًا رئيسيًا في إحدى القضايا ذات الصلة، ردّ على هذه المزاعم قائلاً: "يستند قرار توجيه الاتهام أو عدمه إلى تحليل الأدلة والقانون. وهذا ما حدث في هذه القضية".
ورغم ذلك، لا تزال الشائعات والتصنيفات المشبوهة تلاحقنا. وهذا ما ينبغي أن تتوقعه أنت أيضًا- وأي شخص يعبّر علنًا عن رأي معارض أو يتصدى لسياسات الحكومة- تحت حكم ترامب في ولايته الثانية.
الحقائق؟ القانون؟ لا مكان لهما هنا. إنها القصة ذاتها تتكرر: التضليل الذي يخدم الأجندات السياسية. وهذا من شأنه أن يجعل حلفاءك مترددين في الدفاع عنك، ويجعل المتبرعين لمنظمتك قلقين، ويعرقل قدرتك على خدمة القضايا الخيرية.
في حالة المسلمين الأميركيين، رصد المحللون دوافع عديدة وراء هذه الهجمات، كثير منها لم يكن له أي علاقة بالأمن العام. فبعد 11 سبتمبر/ أيلول، تعرضت الحكومة الأميركية لضغوط شديدة لمنع وقوع هجمات أخرى.
وكان توجيه الاتهامات للمنظمات الإسلامية بمثابة فرصة للمسؤولين ليظهروا أنهم يتخذون خطوات فعالة لمحاربة الإرهاب الداخلي. لكن العنصرية المعادية للمسلمين، وليس الأدلة على أي نشاط إجرامي، هي التي ساهمت في اعتبار هذه المنظمات "موضع شبهة". ومؤخرًا، لجأ الملياردير إيلون ماسك، مالك منصة إكس والمسؤول عن "وزارة كفاءة الحكومة" التي أسسها ترامب حديثًا، إلى منصته لنشر صور نمطية تصور المسلمين على أنهم "أشرار متآمرون".
إعلانعلى مدار العقدين الماضيين، كوفئت الوكالات الحكومية الأميركية بتمويل إضافي وسلطات موسعة كلما زادت من استهدافها للمسلمين تحت شعار "مكافحة الإرهاب"، حتى عندما كانت هذه البرامج تعتمد على صور نمطية وأدلة واهية، ولا تساهم فعليًا في تحسين الأمن العام.
فعلى سبيل المثال، لم تؤدِّ برامج مراقبة المسلمين في نيويورك إلى أي ملاحقات جنائية. أما برامج "مكافحة التطرف العنيف" التي أطلقتها إدارة أوباما، فقد استندت إلى مؤشرات مشكوك فيها، مثل أن إطالة اللحية أو حلقها قد يكون علامة على "نزعة متطرفة".
وفي الوقت الذي تم فيه التقليل من المخاطر التي يشكلها المتطرفون البيض، كان هناك تحذيرات من صعود هذه الجماعات. ففي عام 2009، أصدرت وحدة تحليل التهديدات في وزارة الأمن الداخلي تقريرًا يحذر من تنامي الخطر الناجم عن الجماعات اليمينية المتطرفة والمتعصبين البيض. لكن الكونغرس رفضه، وتبرأت الوزارة منه، واضطر المحلل الذي أعده إلى مغادرة منصبه، كما تم تفكيك فريقه بالكامل.
وبحلول عام 2011، كان هناك 40 محللًا في وزارة الأمن الداخلي يركزون على تنظيم القاعدة وحلفائه، بينما لم يكن هناك سوى محلل واحد مكلف برصد جميع أشكال التطرف غير الإسلامي داخل الولايات المتحدة. وفي عام 2017، أصدرت هيئة الرقابة الحكومية تقريرًا كشف أن 62 من أصل 85 هجومًا إرهابيًا وقعت في الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر/ أيلول كانت من تنفيذ جماعات يمينية متطرفة.
خلال هذه الحملات القمعية، تعلم المسلمون الأميركيون درسًا قاسيًا: عندما تستهدفك السلطة، لا يمكنك فعل الكثير لمنع ذلك. التراجع أو محاولة استرضاء القامعين ليست إاستراتيجيات ناجحة.
ولكن هناك خطوات يمكن اتخاذها. عليك أن تركز على خدمة مجتمعك، وأن تبني المرونة النفسية والتنظيمية، وألا تغيّر من هويتك لإرضاء السلطة، وأن تعزز استعدادك القانوني، وأن تطور قدرتك على التواصل المباشر مع الشعب الأميركي.
إعلانإنها طريق شاقة، لكنها ضرورية. وفي نهاية المطاف، ستشكر الحركات التي تناضل من أجل العدالة كل من سار عليها.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
سياسات ترامب تربك الشركات التي مولت حفل تنصيبه
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تبرز حملة جمع التبرعات لحفل تنصيب دونالد ترامب الثاني في عام 2025؛ كحدث غير مسبوق في تاريخ الولايات المتحدة، حيث جمعت لجنة التنصيب مبلغًا قياسيًا بلغ 239 مليون دولار، متجاوزة بكثير الرقم السابق البالغ 107 ملايين دولار في عام 2017.
ورغم ذلك، وبعد مرور أشهر، تغير المزاج حيث بدأ قادة الأعمال يدركون التأثير الذي ستخلفه الرسوم الجمركية على أعمالهم.
جاءت هذه التبرعات من مجموعة واسعة من الشركات الكبرى والأفراد الأثرياء؛ مما يعكس اهتمامًا متزايدًا بالتأثير على الإدارة القادمة.
ومن بين المساهمين البارزين، قدمت شركات التكنولوجيا الكبرى مثل أمازون، ميتا، جوجل، مايكروسوفت، وإنفيديا تبرعات قدرها مليون دولار لكل منها. كما ساهم قادة في هذا القطاع، مثل تيم كوك (أبل) وسام ألتمان (أوبن إيه آي)، بمبالغ مماثلة. بالإضافة إلى ذلك، قدمت شركات العملات الرقمية مثل كوينبيس وسولانا مليون دولار لكل منهما، بينما تبرعت شركة روبن هود بمبلغ مليوني دولار، وفقا لشبكة “سي.إن.بي.سي.”.
لم تقتصر التبرعات على قطاع التكنولوجيا؛ فقد ساهمت شركات مالية كبرى مثل جي بي مورجان وبلاك روك، وشركات اتصالات مثل “إيه تي أند تي” وفيرايزون، بمبالغ كبيرة. كما قدمت شركات طاقة مثل شيفرون (2 مليون دولار) وتويوتا وبوينغ تبرعات سخية. حتى شركات المستهلكين مثل ماكدونالدز وتارجت كانت من بين المتبرعين.
من بين الأفراد، ساهم مليارديرات محافظون مثل ميريام أديلسون، كين جريفين، ورون لودر بمبالغ لا تقل عن مليون دولار لكل منهم. كما قدم جاريد إسحاقمان، المرشح لمنصب في وكالة ناسا، تبرعًا بقيمة مليوني دولار. وكانت أكبر تبرع فردي من نصيب شركة بيلجريمز برايد كورب، التي قدمت 5 ملايين دولار.
وتسلط هذه التبرعات الضوء على الدعم المالي العميق الذي يحظى به ترامب من قبل الصناعات الأمريكية الكبرى والنخب؛ مما يثير تساؤلات حول تأثير هذه المساهمات على السياسات المستقبلية.
يُذكر أن بعض الشركات التي لم تكن داعمة لترامب في السابق، أو التي توقفت عن التبرع بعد أحداث 6 يناير، عادت الآن لتقديم تبرعات كبيرة، مما يشير إلى تحول في استراتيجياتها السياسية.
على الرغم من أن القانون يمنع التبرعات الأجنبية المباشرة، إلا أنه يسمح بمساهمات من فروع الشركات الأجنبية العاملة في الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن بعض التبرعات تم رفضها أو إرجاعها، دون توضيح الأسباب، مما يثير تساؤلات حول معايير قبول التبرعات.
بشكل عام، تعكس هذه الحملة التمويلية غير المسبوقة رغبة الشركات والأفراد في التأثير على الإدارة القادمة، سواء من خلال دعم السياسات أو تأمين مصالحهم في ظل التغيرات السياسية المتوقعة.
منذ تنصيبه، تسبب ترامب فيما وصفه البعض، مثل الرئيس التنفيذي لشركة فورد، جيم فارلي، بـ”الفوضى” في تعريفات السيارات والرسائل المتضاربة بشأنها. يواجه القطاع حاليًا تعريفات جمركية بنسبة 25% على مواد مثل الفولاذ والألمنيوم، بالإضافة إلى تعريفات بنسبة 25% على المركبات المستوردة من خارج الولايات المتحدة. ومن المقرر أيضًا أن تدخل التعريفات الجمركية على قطع غيار السيارات المستوردة إلى الولايات المتحدة حيز التنفيذ بحلول 3 مايو.
وتم فرض هذه التعريفات الجديدة وتنفيذها بسرعة؛ مما صعّب على قطاع السيارات التخطيط، خاصةً للزيادات المتوقعة في تكلفة قطع غيار السيارات.
العديد من الموردين الأصغر حجمًا غير مؤهلين لتغيير أو نقل عمليات التصنيع بسرعة، وقد لا يملكون رأس المال الكافي لدفع التعريفات، مما قد يتسبب في توقف الإنتاج.
وكتب ست من أبرز المجموعات السياسية الممثلة لصناعة السيارات الأمريكية – في رسالة إلى مسئولي إدارة ترامب – “معظم موردي السيارات غير مؤهلين لمواجهة أي تعطل مفاجئ ناجم عن الرسوم الجمركية. كثيرون منهم يعانون بالفعل من ضائقة مالية، وسيواجهون توقفًا في الإنتاج وتسريحًا للعمال وإفلاسًا”.
وأضافت: “يكفي فشل مورد واحد أن يؤدي إلى إغلاق خط إنتاج شركة صناعة سيارات. وعندما يحدث هذا، كما حدث خلال الجائحة، سيتأثر جميع الموردين، وسيفقد العمال وظائفهم”.