الجزيرة:
2025-02-15@22:07:29 GMT

هذا ما يعلّمه مسلمو أميركا للعالم

تاريخ النشر: 15th, February 2025 GMT

هذا ما يعلّمه مسلمو أميركا للعالم

يكثر حديث الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن تجاوزات الحكومة وأساليبها القمعية. ولكن هل سيصدر توجيهاته لإدارته بعدم تكرار هذه الانتهاكات؟

المتحدث باسم ترامب، أليكس فايفر، أكد أن كاش باتيل، المرشح لمنصب مدير مكتب التحقيقات الفدرالي (FBI)، "سينهي تسليح أجهزة إنفاذ القانون"، وسيركّز على "استهداف الجريمة".

لكنني أجد هذا الادعاء بعيد الاحتمال.

فتصريحات باتيل توحي بأن إدارة ترامب لن تتراجع عن هذه الممارسات، بل ستضاعف من حملات الاضطهاد والملاحقات، سواء الجنائية أو المدنية، ضد من تراهم خصومًا سياسيين.

لمن يتساءل كيف يمكن لإدارة تسعى وراء العناوين الرنانة أكثر من تحقيق العدالة أن تستخدم أجهزة إنفاذ القانون كسلاح، أو تطلق تحقيقات بلا أساس، أو تلجأ إلى الانتقام السياسي ضد من يخالفونها الرأي، فإن تجربة المسلمين في أميركا تحمل دروسًا عميقة في هذا السياق.

بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول، استهدفت أجهزة إنفاذ القانون مجموعة واسعة من المنظمات الإسلامية في الولايات المتحدة تحت ذريعة مكافحة الإرهاب. شملت هذه الحملة تحقيقات واسعة النطاق، ومصادرة أصول، واتهامات علنية.

وقد ذكرت منظمة الاتحاد الأميركي للحريات المدنية (ACLU) في تقريرها الصادر عام 2009 بعنوان "تجميد الإيمان، حظر الصدقة"، أن موظفي لجنة التحقيق في هجمات 11 سبتمبر/ أيلول أقروا بأن بعض الأسس التي استندت إليها قرارات تصنيف المنظمات الإسلامية كجهات إرهابية كانت "ضعيفة للغاية"، وأن التسرع في اتخاذ هذه القرارات أدى إلى معدلات مرتفعة من التصنيفات الخاطئة.

إعلان

من بين الجهات التي تعرضت لحملات التشويه مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (CAIR)، وهو أكبر منظمة إسلامية في الولايات المتحدة تعنى بالدفاع عن الحقوق المدنية. ورغم مرور سنوات، لا تزال آثار هذه التشويهات قائمة حتى اليوم.

إذا كنت مسلمًا أميركيًا تتبنى آراء سياسية -خصوصًا إذا كانت تتعلق بالحقوق المدنية أو قضايا الأقليات المهمشة- فقد أصبحت عرضة لمراقبة الحكومة. وبحلول عام 2011، خلص المدعي العام حينها، إريك هولدر، إلى أن "الوقائع والقانون" لا يدعمان أي إجراءات قانونية ضد (CAIR)، وهو نفس الاستنتاج الذي توصلت إليه إدارة بوش قبل ذلك.

ومع ذلك، استمرت بعض الجهات على الإنترنت في الترويج لمزاعم بأن القرار بعدم توجيه التهم جاء نتيجة "تدخل سياسي". لكن المدعي العام الأميركي جيمس جاكس، الذي لعب دورًا رئيسيًا في إحدى القضايا ذات الصلة، ردّ على هذه المزاعم قائلاً: "يستند قرار توجيه الاتهام أو عدمه إلى تحليل الأدلة والقانون. وهذا ما حدث في هذه القضية".

ورغم ذلك، لا تزال الشائعات والتصنيفات المشبوهة تلاحقنا. وهذا ما ينبغي أن تتوقعه أنت أيضًا- وأي شخص يعبّر علنًا عن رأي معارض أو يتصدى لسياسات الحكومة- تحت حكم ترامب في ولايته الثانية.

الحقائق؟ القانون؟ لا مكان لهما هنا. إنها القصة ذاتها تتكرر: التضليل الذي يخدم الأجندات السياسية. وهذا من شأنه أن يجعل حلفاءك مترددين في الدفاع عنك، ويجعل المتبرعين لمنظمتك قلقين، ويعرقل قدرتك على خدمة القضايا الخيرية.

في حالة المسلمين الأميركيين، رصد المحللون دوافع عديدة وراء هذه الهجمات، كثير منها لم يكن له أي علاقة بالأمن العام. فبعد 11 سبتمبر/ أيلول، تعرضت الحكومة الأميركية لضغوط شديدة لمنع وقوع هجمات أخرى.

وكان توجيه الاتهامات للمنظمات الإسلامية بمثابة فرصة للمسؤولين ليظهروا أنهم يتخذون خطوات فعالة لمحاربة الإرهاب الداخلي. لكن العنصرية المعادية للمسلمين، وليس الأدلة على أي نشاط إجرامي، هي التي ساهمت في اعتبار هذه المنظمات "موضع شبهة". ومؤخرًا، لجأ الملياردير إيلون ماسك، مالك منصة إكس والمسؤول عن "وزارة كفاءة الحكومة" التي أسسها ترامب حديثًا، إلى منصته لنشر صور نمطية تصور المسلمين على أنهم "أشرار متآمرون".

إعلان

على مدار العقدين الماضيين، كوفئت الوكالات الحكومية الأميركية بتمويل إضافي وسلطات موسعة كلما زادت من استهدافها للمسلمين تحت شعار "مكافحة الإرهاب"، حتى عندما كانت هذه البرامج تعتمد على صور نمطية وأدلة واهية، ولا تساهم فعليًا في تحسين الأمن العام.

فعلى سبيل المثال، لم تؤدِّ برامج مراقبة المسلمين في نيويورك إلى أي ملاحقات جنائية. أما برامج "مكافحة التطرف العنيف" التي أطلقتها إدارة أوباما، فقد استندت إلى مؤشرات مشكوك فيها، مثل أن إطالة اللحية أو حلقها قد يكون علامة على "نزعة متطرفة".

وفي الوقت الذي تم فيه التقليل من المخاطر التي يشكلها المتطرفون البيض، كان هناك تحذيرات من صعود هذه الجماعات. ففي عام 2009، أصدرت وحدة تحليل التهديدات في وزارة الأمن الداخلي تقريرًا يحذر من تنامي الخطر الناجم عن الجماعات اليمينية المتطرفة والمتعصبين البيض. لكن الكونغرس رفضه، وتبرأت الوزارة منه، واضطر المحلل الذي أعده إلى مغادرة منصبه، كما تم تفكيك فريقه بالكامل.

وبحلول عام 2011، كان هناك 40 محللًا في وزارة الأمن الداخلي يركزون على تنظيم القاعدة وحلفائه، بينما لم يكن هناك سوى محلل واحد مكلف برصد جميع أشكال التطرف غير الإسلامي داخل الولايات المتحدة. وفي عام 2017، أصدرت هيئة الرقابة الحكومية تقريرًا كشف أن 62 من أصل 85 هجومًا إرهابيًا وقعت في الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر/ أيلول كانت من تنفيذ جماعات يمينية متطرفة.

خلال هذه الحملات القمعية، تعلم المسلمون الأميركيون درسًا قاسيًا: عندما تستهدفك السلطة، لا يمكنك فعل الكثير لمنع ذلك. التراجع أو محاولة استرضاء القامعين ليست إاستراتيجيات ناجحة.

ولكن هناك خطوات يمكن اتخاذها. عليك أن تركز على خدمة مجتمعك، وأن تبني المرونة النفسية والتنظيمية، وألا تغيّر من هويتك لإرضاء السلطة، وأن تعزز استعدادك القانوني، وأن تطور قدرتك على التواصل المباشر مع الشعب الأميركي.

إعلان

إنها طريق شاقة، لكنها ضرورية. وفي نهاية المطاف، ستشكر الحركات التي تناضل من أجل العدالة كل من سار عليها.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

تيك توك يعود لمتجري تطبيقات أبل وجوجل في أميركا

عاد تطبيق تيك توك إلى متجري تطبيقات أبل وجوجل في الولايات المتحدة أمس الخميس بعدما أرجأ الرئيس دونالد ترامب الحظر حتى الخامس من أبريل، وأكد للشركتين أنهما لن تتعرضا لغرامات بسبب التطبيق الصيني.
وبدأ تطبيق مقاطع الفيديو القصيرة الشهير، الذي يبلغ عدد مستخدميه في الولايات المتحدة 170 مليونا، في استعادة خدماته بعد أسابيع من توقفه.
وكان ترامب قد قال قبل تنصيبه رئيسا إنه سيعيد تشغيل التطبيق في البلاد.
ولم تستجب شركة تيك توك بعد لطلب من رويترز للتعليق.
أدى الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب الشهر الماضي إلى تأجيل حظر تيك توك لمدة 75 يوما مما سمح للشركة المملوكة لشركة بايت دانس الصينية بمواصلة عملياتها في الولايات المتحدة مؤقتا.

أخبار ذات صلة الكرملين: أوكرانيا تشارك في محادثات السلام «بطريقة أو بأخرى» ترامب يدلي بتصريح بشأن السلاح النووي والإنفاق العسكري المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • ساكنة الحوز يستعدون لمواجهة مصيرهم المجهول، مع اقتراب نهاية فترة الدعم الاستثنائي الذي قررته الحكومة
  • أردوغان: حسابات أميركا خاطئة في الشرق الأوسط
  • أستاذ علوم سياسية: تصريحات ترامب أحرجت إسرائيل وأظهرت للعالم مخطط التهجير
  • خبراء أردنيون: القمة العربية التي دعت لها مصر رسالة للعالم بوحدة الصف العربي ضد التهجير
  • بأمر من ترامب.. سفارات أميركا تستعد لخفض عدد الموظفين
  • تيك توك يعود لمتجري تطبيقات أبل وجوجل في أميركا
  • درس بالقاهرة وخبير بشؤون الإخوان المسلمين.. إريك تريجر ناصح ترامب حول الشرق الأوسط
  • أتاسي: هذا التفاعل الشعبي الذي يعكس نبض الشارع وتطلعات المواطنين شكل قاعدة صلبة استندت إليها اللجنة التحضيرية في تحديد الأفكار المركزية والمحاور الرئيسية التي يناقشها المؤتمر
  • الدغيم لـ سانا: عندما تنضج عملية التواصل وإعداد الأوراق الأولية للتنفيذ لا شك ستتم الدعوة لمؤتمر الحوار الوطني، الذي سيلاقي فيه السوريون والسوريات الأرضية التي سينطلقون منها في بناء مستقبل بلدهم لأول مرة منذ عام 1950