في خطوة تعكس عمق العلاقات الاستراتيجية بين المغرب وجمهورية الصين الشعبية، أكد سفير الصين بالمغرب، لي شانغلين، أن بلاده تعتبر المملكة شريكًا “طبيعيًا” ووجهة “مفضلة” لاستثماراتها.

وخلال لقاء-مناقشة حول العلاقات المغربية الصينية نظمه المجلس المغربي للشؤون الخارجية، أشار السفير إلى أن التعاون بين الرباط وبكين يشهد دينامية استثنائية، حيث يتقاسم البلدان رؤية مشتركة بشأن التحديات الكبرى الحالية، ويعملان معًا في خدمة تعددية الأطراف.

وفيما يتعلق بالمجال التجاري، شهدت العلاقات بين البلدين نموًا ملحوظًا خلال العقد الأخير، حيث ارتفع حجم المبادلات التجارية إلى مستويات غير مسبوقة، تجاوزت 6 مليارات دولار في عام 2023، مما يجعل الصين من بين أهم الشركاء التجاريين للمغرب.

أما فيما يتعلق بالاستثمارات، رسخت الصين حضورها في المغرب عبر مشاريع استراتيجية جعلت من المملكة بوابة لدخول الأسواق الإفريقية. يُعد مشروع مدينة “طنجة تيك” أحد أبرز رموز هذا التعاون، حيث يسعى إلى إنشاء منطقة صناعية عالمية بتقنيات متطورة، توفر آلاف مناصب الشغل وتعزز مكانة المغرب كمركز إقليمي في مجالات التصنيع والابتكار.

كما استثمرت الصين بشكل كبير في قطاع البنية التحتية، بما في ذلك مشروعات تطوير الموانئ والطرق السريعة، مما يدعم موقع المغرب كمحور لوجستي يربط بين أوروبا وإفريقيا.

بالإضافة إلى ذلك، شهدت الاستثمارات الصينية في المغرب توسعًا ملحوظًا في مجالات حيوية مثل تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية وتطوير مشاريع القطارات فائقة السرعة. في يونيو 2024، أعلنت شركة “غوشن هاي تيك” (Gotion High Tech) عن استثمار بقيمة 1.3 مليار دولار لإنشاء أول مصنع ضخم للبطاريات في إفريقيا، وذلك في مدينة القنيطرة، حيث يتوقع أن يبدأ المصنع بإنتاج البطاريات ومكوناتها الأساسية، مع توجيه الجزء الأكبر من الإنتاج للتصدير، مع خطط لزيادة قدراته الإنتاجية واستثماراته المستقبلية لتصل إلى 6.5 مليار دولار.

وفي مجال السكك الحديدية، تساهم الشركات الصينية بنشاط في تطوير مشاريع القطارات فائقة السرعة في المغرب. منذ توقيع مذكرة تفاهم بين الشركة الصينية للسكك الحديدية والمكتب الوطني المغربي للسكك الحديدية في مايو 2016، توسع التعاون ليشمل نقل التكنولوجيا وتدريب الكوادر والاستثمار المشترك. تتجلى هذه الشراكة في مشروع الخط فائق السرعة الذي سيربط بين القنيطرة ومراكش، حيث فازت شركات صينية بعدة صفقات لتنفيذ أجزاء من هذا المشروع.

ونوه السفير الصيني بالارتفاع الملحوظ في المبادلات التجارية بين البلدين، حيث يفوق حجمها سبعة مليارات دولار أمريكي، موضحًا أن هذا التوجه يعزى إلى شراكات متينة تشجع على تبادل الخبرات وتطوير فرص أعمال جديدة.

وأشار لي شانغلين إلى أن الزيارة التي قام بها الرئيس الصيني، شي جين بينغ، في نوفمبر الماضي إلى الدار البيضاء، ستعطي دفعة جديدة لتنويع وتكثيف العلاقات الثنائية.

كما سلط الضوء على دور الدينامية التصاعدية للعلاقات الصينية المغربية باعتبارها رافعة لتنمية القارة الإفريقية، مشيرًا إلى أن أهداف الرباط وبكين تتطابق في ما يتعلق بتحقيق انخراط أفضل في السياسات المكرسة لتنمية القارة الإفريقية.

وأكد الإرادة المشتركة للرباط وبكين للارتقاء بشراكتهما إلى مستوى أعلى، وتوسيع تعاونهما ليشمل مجالات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي والانتقال الطاقي.

المصدر: مملكة بريس

كلمات دلالية: استثمارات الصين المغرب تبادل الخبرات تحديات كبرى رؤية مشتركة

إقرأ أيضاً:

تايوان تواجه تهديدات "ترامب" التجارية.. استثمارات جديدة في أمريكا لموازنة التجارة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في استجابة سريعة لتهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض تعريفات جمركية جديدة على الدول التي تعاني معها الولايات المتحدة من عجز تجاري، أعلنت تايوان عزمها زيادة استثماراتها ومشترياتها من الولايات المتحدة، في خطوة تهدف إلى تهدئة التوترات وحماية صناعة أشباه الموصلات التي تعد العمود الفقري لاقتصادها.

تصاعد التوترات التجارية

جاء إعلان وزير الخارجية التايواني لاي تشينج تي بعد ساعات فقط من إعلان ترامب عن خطته الجديدة لفرض "رسوم جمركية متبادلة"، والتي تستهدف بشكل خاص الشركاء التجاريين الكبار مثل تايوان، التي ارتفع عجز الولايات المتحدة التجاري معها إلى 73.9 مليار دولار العام الماضي.

تلعب تايوان دورًا محوريًا في صناعة أشباه الموصلات العالمية، حيث تُصنّع شركة Taiwan Semiconductor Manufacturing Company (TSMC) معظم رقائق الذكاء الاصطناعي المتطورة. لكن ترامب يتهم تايوان بـ"سرقة" صناعة الرقائق من الولايات المتحدة، متوعدًا بإعادتها إلى الداخل الأمريكي.

وفي خطوة استباقية، أكدت تايوان استعدادها للتعاون، حيث أبدى المسؤولون التايوانيون دعمهم لاستثمارات جديدة لشركة TSMC في الولايات المتحدة.

وعلى الرغم من أن الشركة التايوانية تعهدت سابقًا باستثمار 65 مليار دولار في مصانع تصنيع بأريزونا، إلا أن هذه المشاريع ستظل تمثل أقل من 20% من إجمالي إنتاجها، مما يثير قلق إدارة ترامب.

ومصير استثمارات TSMC في أمريكا
وسط التهديدات المتزايدة، لوّح ترامب بإلغاء صفقات الدعم الحكومية التي تم منحها لشركة TSMC خلال فترة حكم بايدن، مما يعرض تمويلًا يزيد عن 6 مليارات دولار للخطر.

كما يسعى الرئيس الأمريكي السابق إلى إعادة بناء صناعة الرقائق داخل الولايات المتحدة على نطاق أوسع بكثير، وهو ما يضع ضغوطًا إضافية على تايوان.

بين الأمن القومي والسياسة التجارية
تدرك تايوان أن دورها في صناعة أشباه الموصلات يمنحها نفوذًا قويًا في العلاقات الدولية، خصوصًا في ظل تصاعد التوترات مع الصين. وترى تايبيه أن احتكارها شبه الكامل لأشباه الموصلات المتقدمة يضمن دعم الدول الديمقراطية ضد أي تهديد صيني محتمل.

لكن في المقابل، ترى إدارة ترامب أن هذا الاعتماد الكبير على تايوان في قطاع بالغ الأهمية مثل أشباه الموصلات يُشكل خطرًا استراتيجيًا على الولايات المتحدة.

محاولات تايوان لكسب ود واشنطن
لم يقتصر الرد التايواني على زيادة الاستثمارات التجارية فحسب، بل تعهد الرئيس التايواني برفع الإنفاق الدفاعي من 2.5% إلى أكثر من 3% من الناتج المحلي الإجمالي، في محاولة أخرى لتعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة. كما أكد أن بلاده ستظل "الشريك التجاري الأكثر موثوقية" لواشنطن، لكنه أقر بأن سياسات ترامب التجارية الجديدة تشكل تحديًا كبيرًا ليس فقط لتايوان، ولكن للعالم بأسره.

مع اقتراب الانتخابات الأمريكية، يبدو أن العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وتايوان على المحك. وبينما تحاول تايبيه تجنب صدام مباشر مع ترامب عبر تقديم تنازلات استثمارية، يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح هذه التحركات في تهدئة المخاوف الأمريكية، أم أن التصعيد سيستمر، مما يهدد باضطراب جديد في أسواق أشباه الموصلات العالمية؟

مقالات مشابهة

  • الحكومة تقبل استثمارات غير مباشرة بـ 387.8 مليون دولار..تفاصيل
  • تايوان تواجه تهديدات "ترامب" التجارية.. استثمارات جديدة في أمريكا لموازنة التجارة
  • سفير بكين بالرباط : الصين تعتبر المغرب شريكها الطبيعي في أفريقيا ووجهة مفضلة لإستثماراتها
  • الإمارات توقع اتفاقيات تعاون مع النرويج والصين والفلبين
  • “وزير الاقتصاد”: حجم استثمارات البنية التحتية المتوقعة تصل تريليون دولار
  • الأمم المتحدة: سوريا بحاجة إلى استثمارات بقيمة «36 مليار دولار» خلال عشر سنوات
  • نائب وزير الخارجية: الكويت حريصة على تطوير علاقاتها الإستراتيجية مع الصين بجميع المجالات
  • الاستثمارات الإماراتية تعزز نمو لاتفيا الاقتصادي
  • في أول اتصال هاتفي.. بوتين يعرض مساعدة سوريا والشرع يؤكد العلاقات الاستراتيجية بموسكو