عربي21:
2025-03-18@06:43:54 GMT

في اختلاف المقاربتين السعودية والمصرية حيال سوريا

تاريخ النشر: 15th, February 2025 GMT

لا يشبه الفراغ الأمني والسياسي في سوريا كغيره من البلدان العربية الأخرى: موقعها بين شبه الجزيرة العربية وآسيا الوسطى من جهة، وبلاد الرافدين وأرض الكنانة من جهة أخرى، وحدودها مع فلسطين المحتلة من جهة ثالثة، جعلها قِبلة للمسؤولين العرب والدوليين منذ الأيام الأولى التي أعقبت سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر الماضي.



غير أن ما يلفت الانتباه في المعادلة السورية هو تباين الموقفين السعودي والمصري حيال سوريا مع حكامها الجدد، ذوي الخلفيات الدينية الراديكالية حتى الأمس القريب.

بين الجانبين السعودي والمصري تتباين المواقف حيال سوريا، وهو تباين لا يمكن رده إلى اختلاف المقاربة الاستراتيجية لصناع القرار في العاصمتين، فحسب، بل أيضا إلى أن معادلة الجغرافية ـ السياسية تكتسب أهمية كبرى بين سوريا والسعودية، أكثر بكثير مما هي بين سوريا ومصر.

المقاربة السعودية

تشكل سوريا بالنسبة للسعودية جغرافية ـ سياسية مباشرة ومؤثرة:

أولا، تعتبر سوريا امتدادا طبيعيا للجزيرة العربية وفيها بعض القبائل العربية في الجزيرة السورية تجد امتداها التاريخي مع شبه الجزيرة العربية، ولا تزال العديد من العشائر ترتبط بعلاقات قوية مع السعودية حتى الآن.

ثانيا، بحكم الحضور السعودي التاريخي في لبنان، تعتبر سوريا فاعلا استراتيجيا لأي حضور عربي أو دولي في لبنان، ومن شأن حضور سعودي في سوريا أن ينعكس مباشرة على لبنان، وتعتبر هذه فرصة قوية للسعودية لإعادة موضعة وجودها في لبنان بعدما تراجع خلال السنوات السابقة.

تختلف المقاربة المصرية حيال سوريا عن نظيرتها السعودية، لا بسبب اختلاف الجغرافية ـ السياسية وإنما بسبب المقاربة السياسية الذاتية لحكام مصر، وحساسيتهم العالية تجاه أي حكم إسلامي مهما كانت طبيعته وتوجهاته.ثالثا، شكلت سوريا منصة جغرافية واسعة وقوية متقدمة لإيران، ما سمح لأصحاب العمائم في طهران أن يشكلوا تهديدا مباشرا للسعودية: من الشمال عبر سوريا، ومن الجنوب عبر الحوثيين في اليمن.

من منظور الجغرافية السياسية هذه، للسعودية مصلحة استراتيجية كبرى ليس في استقرار سوريا الأمني والسياسي والاقتصادي فحسب، بل أيضا مصلحة في حضور سعودي قوي في دمشق، من شأنه أن يسمح للسعودية بقلب المعادلة الجغرافية التاريخية تجاه إيران من جهة، وتجاه أي مقاربة عربية لا تكون مضادة للتوجه السعودي ثانيا، ولمنع استفراد تركيا في سوريا من جهة ثالثة.

ومن مفارقات السياسة، أن قطر التي تمتلك تحالفا استراتيجيا مع تركيا، وتشترك معها في دعم الحكام الجدد في سوريا، لديها مصلحة كبرى في حضور سعودي قوي في الشام، فتقاطعات المصالح الاستراتيجية الكبرى في سوريا تتقارب بين قطر والسعودية أكثر مما تتقارب بين قطر وتركيا، التي تمتلك رؤية قريبة من الرؤيتين القطرية والسعودية حيال سوريا، وإن كانت لا تتطابق معهما بالضرورة.

بالنسبة لتركيا، ثمة مصلحة قوية أن تبقى سوريا ضعيفة وبحاجة دائمة لحضورها، في حين ترى قطر والسعودية أن سوريا قوية هي مصلحة لهما في ظل حكم جديد يجد امتداده الديني في الخليج العربي، وفي ظل رؤية سياسية تتطابق كثيرا مع توجهات الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع وإدارته.

لن تسمح السعودية للفراغ الحاصل في سوريا أن يمر دون بصمتها، ولن يسمح الحكام الجدد في سوريا أن يبنوا بلدهم دون تعاضد مع السعودية، وهذا ما يفسر أن أول زيارة رسمية لمسؤول في الإدارة الجديدة السورية إلى الخارج كانت إلى الرياض، ويفسر أيضا زيارات المسؤولين السعوديين المتكررة إلى دمشق، وعلى رأسها زيارة وزير الخارجية السعودي.

ومنذ سقوط الأسد، أخذ الموقف السياسي السعودي من سوريا يميل تدريجيا نحو الإيجاب، ولعل اجتماع الرياض كان عنوانا بارزا لهذا الموقف، عندما أكد الاجتماع على ضرورة دعم نهضة سورية.

غير أن هذا التوجه التقاربي بين الجانبين لا تفسره معطيات الجغرافية السياسية وحدها، بل أيضا توجهات الحكم في كلا البلدين: لسوريا الجديدة مصلحة في الحصول على دعم سعودي على المستويين السياسي والاقتصادي، لما تثمله الرياض من قوة مهمة في المنظومة العربية، وقدرة على تعبيد الطريق أمام دمشق نحو الغرب.

وبالنسبة للسعودية، تعتبر سوريا اليوم صفحة بيضاء من الناحية الاستراتيجية، وللرياض مصلحة في أن تكون دمشق المقبلة على تماس مباشر مع التوجهات السياسية السعودية في المنطقة، ومصلحة في شكل حكم سياسي لا يبتعد عن الأيديولوجيا السياسية السعودية.

المقاربة المصرية

تختلف المقاربة المصرية حيال سوريا عن نظيرتها السعودية، لا بسبب اختلاف الجغرافية ـ السياسية وإنما بسبب المقاربة السياسية الذاتية لحكام مصر، وحساسيتهم العالية تجاه أي حكم إسلامي مهما كانت طبيعته وتوجهاته.

تقوم سردية السيسي في الحكم منذ عام 2013 على أن الإسلام السياسي يشكل تهديدا مباشرة للبلدان العربية، بسبب سلوكهم السياسي الإقصائي وعقيدتهم في "حمل السلاح".

وطالما حذر السيسي وإدارته وإعلامه المصريين مما جرى في سوريا خلال السنوات الأربعة عشر الماضية، وإن عليهم الاختيار بين الفوضى (سوريا) والاستقرار (مصر السيسي).

وبالنسبة للسعودية، تعتبر سوريا اليوم صفحة بيضاء من الناحية الاستراتيجية، وللرياض مصلحة في أن تكون دمشق المقبلة على تماس مباشر مع التوجهات السياسية السعودية في المنطقة، ومصلحة في شكل حكم سياسي لا يبتعد عن الأيديولوجيا السياسية السعودية.من هذه المقاربة الذاتية، يُمكن فهم التخوف المصري من نجاح تجربة الحكام الجدد في سوريا، فنجاحهم يعرض السردية المصرية الرسمية للاهتزاز، الأمر الذي قد يشكل تهديدا لحكم السيسي.

وفي هذه الرؤية تتلاقى مصر مع الإمارات: الأولى وصفت الحكم الجديد في سوريا بأنه حكم الأمر الواقع، في حين لم تضع الإمارات العلم السوري أثناء استقبال وزير الخارجية الإماراتي لنظيره السوري أسعد الشيباني، في رسالة سياسية واضحة مفادها أن أبو ظبي لا تعترف بالإدارة الجديدة.

تعتبر مصر أن خضوع سوريا لسيطرة إسلاميين لهم علاقات متينة مع الإخوان عاملا خطيرا من شأنه أن يجعل دمشق منصة لهم للتحرك إقليميا، على الرغم من تطمينات القيادة السورية الجديدة لدول الإقليم، سواء على مستوى التصريحات الرسمية أو على المستوى العملي، حين ألقت الإدارة السورية القبض على أحمد منصور الذي حرض على حكم السياسي في مصر.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا السعودية المصرية علاقات سوريا مصر السعودية علاقات رأي مقالات مقالات مقالات سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السیاسیة السعودیة تعتبر سوریا حیال سوریا مصلحة فی فی سوریا من جهة

إقرأ أيضاً:

“رجال أعمال إسكندرية” تُناقش التشريعات الضريبية الجديدة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

استضافت لجنة الضرائب بجمعية رجال أعمال إسكندرية، رجب محروس، مستشار رئيس مصلحة الضرائب، بحضور محمد هنو، رئيس مجلس إدارة الجمعية، وسمير الدلجاوي، رئيس لجنة الضرائب بالجمعية والذي نسق للقاء، وعادل صبري، نائب رئيس لجنة الضرائب.

وذلك لمُناقشة التشريعات الضريبية الجديدة التي تتضمن القانون رقم 5 لسنة 2025 بشأن تسوية أوضاع بعض الممولين والمكلفين، والقانون رقم 6 لسنة 2025بشأن بعض الحوافز والتيسيرات الضريبية للمشروعات التي لا يتجاوز حجم أعمالها السنوي 20 مليون جنيه، والقانون رقم 7 لسنة 2025 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الضريبية الموحد الصادر بالقانون رقم 206 لسنة 2020.
وشارك من أعضاء مجلس إدارة الجمعية كل من الدكتورعبد المنعم عبد الحافظ، ونرمين مميش، ومن رؤساء اللجان محمد حفني، رئيس لجنة التجارة الداخلية، وعبد العال علي، رئيس لجنة الجمارك، والمهندس مجدي الصيصا، رئيس لجنة الصناعة والمناطق الصناعية. 

وأكد محمد هنو، رئيس مجلس إدارة الجمعية، متانة العلاقات بين الجمعية ومصلحة الضرائب والتي تُثمِر عن إيجاد حلول لمشكلات قطاع الأعمال  خاصةً في ظِل التحوّل الرقمي الذي تشهده المصلحة وإصدار القوانين الداعمة للقطاع الخاص، لافتًا إلى أن الاجتماع يهدف إلى فهم القوانين الجديدة ومناقشتها بما يضمَّن التغلٌب على التحديات التي تواجِّه المستثمرين.
ومن جانبه، أشار سمير الدلجاوي، إلى أهمية مناقشة قوانين 5 و6 و7 بما تتضمنه من تسويات للمستثمرين وتيسيرات ضريبية للمشروعات، إضافة إلى تعديل أحكام قانون الإجراءات الضريبية الموحدة، مؤكدا التعاون المُستمر بين مصلحة الضرائب وجمعية رجال أعمال إسكندرية.

في نفس السياق، أكد رجب محروس، أهمية نشر الوعي الثقافي والضريبي بين مجتمع الأعمال لبناء شراكة قوية ومواجهة التحديات الحالية، كما أوضح تفاصيل القوانين الجديدة التي تشمل 20 محورًا  من بينهم الحوافز المُقدمة للمشروعات والتي تُحقق العدالة.

كما أوضح محروس، تيسيرات مصلحة الضرائب المصرية للمشروعات التي لم يتجاوز رقم أعمالها السنوي عشرون مليون جنيه، وقد شمِلت إعفاءات من ضريبة الدمغة، ورسوم الشهر، ضريبة الأرباح الرأسمالية على بيع الأصول، وضريبة التوزيعات ونظام الخصم تحت حساب الضريبة أو الدفعات المقدمة، وتخضع لضريبة نسبية مُبسطة على الإيرادات حسب رقم الأعمال مع تبسيط إقرار ضريبة الدخل السنوي وتقديم إقرار ضريبة مرتبات سنوي بدلاً من شهري وإقرار قيمة مُضافة ربع سنوي بدلاً من الإقرار الشهري مع وضع نظام مُبسط للسجلات والدفاتر .

وناقش مُستشار رئيس مصلحة الضرائب المصرية، حوافز وتيسيرات ضريبية  تتضمن عدم المحاسبة عن التصرفات العقارية والأسهم غير المقيدة بعد مُضي خمس سنوات على التصرف فيها، وجواز التصالُح في مخالفات عدم تطبيق نظام الخصم تحت الضريبة مُقابل سداد نصف الغرامة وعدم تجاوز مقابل التأخير أو الضريبة الإضافية أصل الضريبة مع السماح بتقديم أو تعديل الإقرارات عن السنوات 2020 حتى 2024 دون احتساب مُقابل تأخير أو عقوبات مع السماح بتسوية المُنازعات الناتجة عن الفحص التقديري عن الفترات المُنتهية قبل 2020 مُقابل نسبة من الضريبة. 

مقالات مشابهة

  • أحمد عيد عبدالملك: من مصلحة حسام حسن تواجد إمام عاشور في المنتخب
  • الفريق أول المفتش العام للقوات المسلحة الملكية يقوم بزيارة عمل إلى المملكة العربية السعودية
  • مسؤولة أوروبية: الحرب التجارية عبر الأطلسي تصب في مصلحة بكين
  • الريادة: تعاون بين الأحزاب السياسية من أجل مصلحة الوطن
  • وزارة العدل تبحث أوضاع «السجناء» في تونس
  • الضرائب: استمرار استلام إقرارات ضريبة الدخل حتى 31 مارس
  • فرانس 24: إيران تتوعد بالرد بعد تهديدات ترامب حيال دعمها للحوثيين
  • “رجال أعمال إسكندرية” تُناقش التشريعات الضريبية الجديدة
  • أمريكا تتخذ خطوة حيال دخول السودانيين إلى أراضيها
  • الصحف العربية.. مسئول أمريكي ينفي إقالة بوهلر.. وبن زايد يحتفل بيوم الطفل الإماراتي.. واتفاق سوريا يقوي قسد