#ترامب.. #رئيس أم #مقامر_سياسي؟
بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة
للأسف، يبدو أن الكثير من الزعماء العرب الذين يواجهون ترامب هذه الأيام لا يدركون سوى القليل عن شخصيته الحقيقية، وكأنهم يتعاملون مع سياسي تقليدي يحسب خطواته بعناية ويتبع أساليب الدبلوماسية المتزنة. لكن الواقع مختلف تمامًا، فهم أمام شخصية لا ترى العالم إلا كساحة مصارعة، حيث القاعدة الوحيدة هي أن الأقوى يسدد الضربة الحاسمة، بغض النظر عن العواقب.
هذا الرجل الذي يفاخر بلقب “رئيس الصفقات”، لا يتورع عن تحويل السياسة إلى استعراض رخيص، حيث يطلق وعودًا ضخمة وتصريحات نارية، ثم يتراجع عنها بمجرد أن يدرك أن المسرحية لم تعد تثير الجمهور. لا عجب في ذلك، فهو يرى السياسة مجرد منصة لعروضه الشخصية، وليس مجالًا لاتخاذ قرارات مصيرية. كيف يمكن لدول كاملة أن تواجه شخصًا يتعامل مع السلطة كما يتعامل مع حسابه على وسائل التواصل الاجتماعي، يتحدث دون تفكير، يبالغ في الوعود، ثم ينكر كل شيء عند أول مواجهة؟
مقالات ذات صلةالمفارقة أن بعض الزعماء العرب لا يزالون يظنون أن بإمكانهم التعامل مع ترامب بنفس الأدوات الدبلوماسية التقليدية، متجاهلين أن هذا الرجل لا يؤمن إلا بمنطق القوة والمقايضة. البيانات الرصينة والمواقف المتزنة لا تعني له شيئًا، فهو لا يرى في العالم سوى سوق مفتوح يمكن فيه المساومة على كل شيء، حتى على السيادة الوطنية. ربما يعتقد البعض أنه يمكن إقناعه أو التفاوض معه، لكن سجل تعاملاته حتى مع أقرب حلفائه يثبت العكس.
ترامب لا يتردد في ابتزاز حتى شركائه، فهو يبدأ بالصراخ وينتهي بفرض شروطه عبر الضغط والتهديد. علاقاته الدولية تشبه مفاوضات تجارية رخيصة، حيث تكون الشعارات الكبيرة مجرد أدوات للمساومة. عندما يواجه مقاومة حقيقية، يتراجع مؤقتًا، لكنه سرعان ما يعود بأساليب أخرى، وكأنه تاجر يفاوض على صفقة غير مشروعة، وليس رئيسًا مسؤولًا عن قرارات تؤثر على مصير العالم.
هذا الأسلوب قد يكون فعالًا في سوق العقارات، لكنه كارثي عندما يتعلق بمصائر الشعوب والسياسات الدولية. فالسياسة لا تُدار بمنطق المقامر الذي يلعب بالنار دون اكتراث، ولا بمنطق المصارع الذي لا يرى سوى خصوم يجب إسقاطهم بأي وسيلة. ومع ذلك، لا يزال البعض يتعامل مع ترامب وكأنه زعيم يتخذ قراراته بناءً على دراسات استراتيجية عميقة، بينما هو في الحقيقة رجل يقرر وفق نزواته ومصالحه الضيقة.
النتيجة واضحة: نحن أمام رئيس يتعامل مع السياسة كما لو كانت فيلماً هوليوديًا، حيث الضجيج والصوت العالي هو ما يجذب الانتباه، وليس الحكمة أو التخطيط. أما الخاسر الوحيد، فهو من يعتقد أن الدبلوماسية ما زالت تحكم العلاقات الدولية، بينما الحقيقة أن السياسة في عهد ترامب أصبحت مجرد عرض مسرحي، يتغير وفق ما يناسب نجم العرض الرئيسي، حتى لو كان الثمن استقرار العالم بأسره.
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
رئيس وزراء بريطانيا الأسبق ينتقد تصريحات ترامب الأخيرة: تهدد استقرار العالم
تطرق رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، بوريس جونسون، خلال مشاركته في جلسة حوارية ضمن فعاليات اليوم الثاني من القمة العالمية للحكومات، إلى عدد من القضايا الدولية الملحة، معلقًا على تصريحات الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، بشأن الأوضاع في قطاع غزة والحرب في أوكرانيا، إضافة إلى التحديات التي تواجه الحكومات عالميًا، كما شدد على ضرورة تبني سياسات عقلانية لمواجهة الأزمات الدولية المتزايدة.
بوريس ينتقد تصريحات ترامب الأخيرة عن غزةواستهل جونسون حديثه بالتطرق إلى الوضع الإنساني والسياسي المتدهور في قطاع غزة، معلقًا على تصريحات ترامب الأخيرة، مؤكدًا أن الشعب الفلسطيني يستحق دولة مستقلة طال انتظارها.
وأشار إلى أن معاناة الفلسطينيين في القطاع يجب أن تنتهي، موضحًا أن المجتمع الدولي لم يفِ بالوعود التي قطعها منذ عقود بشأن القضية الفلسطينية: «يجب أن ينال الشعب الفلسطيني الدولة التي يستحقها والتي وُعد بها منذ عقود.. ما يحدث في غزة معاناة كبيرة يجب أن تنتهي».
كما انتقد «جونسون» تصريحات ترامب الأخيرة، والذي تضمنت تهجير سكان قطاع غزة وبناء مدينة جديدة داخل القطاع، معتبرًا أن هذه الفكرة لن تؤدي إلا إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة وزيادة التوترات السياسية والعسكرية.
«جونسون» يعارض احتمال سيطرة روسيا على أوكرانياوتحدث «جونسون» بعد ذلك عن الوضع في أوكرانيا، منتقدًا تصريحات ترامب الأخيرة، التي ألمحت إلى احتمال سيطرة روسيا على أوكرانيا، واصفًا هذا الطرح بأنه «غير منطقي وغير واقعي».
وتطرق «جونسون» أيضًا إلى موقف ترامب من الأزمة الأوكرانية، معتبرًا أن ترامب سياسي ذكي للغاية ويفكر في كيفية تحقيق أفضل نتيجة للغرب وأميركا.
وعلى الرغم من الغموض الذي يحيط بموقف ترامب تجاه دعم أوكرانيا، فإن «جونسون» يرى أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن كييف، بل ستسعى إلى إيجاد حلول دبلوماسية أو عسكرية لإنهاء الحرب.
وشدد «جونسون» على أن العالم يواجه تحديات معقدة تتطلب من الحكومات تبني سياسات عقلانية ومستدامة، مؤكدًا أن التعاون الدولي أصبح ضرورة حتمية لمواجهة الأزمات المتزايدة، سواء في الشرق الأوسط أو أوروبا أو مناطق أخرى.
وأشار إلى أن القادة السياسيين يتحملون مسؤولية كبيرة في توجيه دفة العالم نحو الاستقرار والسلام، مشددًا على أهمية العمل المشترك بين الدول لمواجهة الأزمات بطريقة أكثر فعالية وعدالة.