في طرحه الأخير بمنصة النادي السياسي ، قدّم القيادي بحزب المؤتمر السوداني، مستور أحمد، رؤية دافئة – أو "أُطروخة دافية" كما وصفها البعض – حول فك الارتباط السياسي لبعض القوى المدنية، لكنه لم يتناول بوضوح الآليات الجديدة التي ستنتهجها حركة صمود في المرحلة المقبلة. ورغم أن هذه الحركة تحظى بدعم شعبي واسع، إلا أن استمراريتها وقدرتها على تحقيق أهدافها ستعتمد على مدى تطوير أدواتها السياسية والتنظيمية لمواكبة التحديات الراهنة.


الضرورة الملحّة: بناء القاعدة الجماهيرية
يظل بناء قاعدة جماهيرية متينة من أهم متطلبات النجاح لأي كيان سياسي ناشئ، خاصة في ظل تعقيدات المشهد السوداني. ويمكن تحقيق ذلك من خلال:
تطوير خطاب سياسي واضح يعكس تطلعات المواطنين ويعزز من ثقتهم في قدرة الحركة على التغيير.
توسيع التحالفات مع النقابات، الناشطين، والمجتمع المدني، مما يزيد من الزخم السياسي والميداني للحركة.
تعزيز الحضور الإعلامي لإيصال الرؤية والأهداف للجمهور العريض، مع التركيز على المنصات الرقمية والإعلام البديل.
الحاجة إلى هيكلة تنظيمية مرنة
لكي تتجنب صمود مصير بعض الأجسام المدنية السابقة، فإنها بحاجة إلى هيكلة تنظيمية قائمة على:

وضع آليات ديمقراطية داخلية تضمن الشفافية والمحاسبة، مما يزيد من تماسك الحركة داخليًا.
تفادي الصراعات والانقسامات الداخلية عبر تطوير رؤية موحدة لمواجهة التحديات المشتركة.
الاستفادة من الخبرات السياسية والتكنوقراطية لإثراء العمل التنظيمي وتعزيز الحوكمة الداخلية.
الضغط السياسي والدبلوماسي كأداة للتأثير
إيقاف الحرب وتحقيق التحول الديمقراطي لن يكون ممكنًا دون استخدام أدوات ضغط فعالة، مثل:

تشكيل فرق تفاوض قوية قادرة على فرض رؤية صمود للحل السلمي.
التواصل مع المجتمع الدولي لتأمين الدعم السياسي والإنساني لجهود وقف الحرب.
استثمار العصيان المدني والاحتجاجات السلمية كوسيلة للضغط على القوى المتحاربة ودفعها نحو طاولة الحوار.
دروس الماضي: تجنّب أخطاء "تقدّم"
رغم الزخم الذي حظي به "تقدّم"، إلا أن بعض الأخطاء ساهمت في تراجعه، ومنها:

ضعف التواصل الجماهيري، مما أفقده القدرة على استقطاب شرائح واسعة من المجتمع.
عدم التوازن بين المطالب الثورية والواقعية السياسية، مما حدّ من قدرته على بناء تحالفات مؤثرة.
الإقصاء السياسي لبعض الأطراف، وهو ما أدى إلى انقسامات داخلية أضعفت قوته التفاوضية.
الخلاصة
إن استدامة صمود كقوة مدنية مؤثرة تتطلب الانتقال من الطرح النظري إلى العمل الميداني الفعّال، مع التركيز على تطوير أدواتها التنظيمية والسياسية، وتوسيع دائرة التأثير داخليًا وخارجيًا. ففي ظل الأوضاع الحالية، لا يكفي مجرد طرح رؤية دافئة، بل المطلوب هو اتخاذ خطوات عملية تسهم في تغيير موازين القوى لصالح السلام والديمقراطية.[/B]

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

شوقي علام: استمرار الحركة النقدية في المدارس الفقهية المختلفة

أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية السابق، أن هناك حركة نقدية علمية مستمرة داخل المدارس الفقهية المختلفة، إذ يخضع الاجتهاد الفقهي لمراجعة دقيقة وفق الأصول التي وضعها كل مذهب لنفسه.

وقال مفتي الديار المصرية السابق، خلال حلقة برنامج بيان للناس، المذاع على قناة الناس: «بكل اطمئنان، نحن أمام حركة علمية نقدية تبين مدى وقوف هؤلاء المجتهدين في إبداء أحكامهم وآرائهم وفق المنهج الذي رسموه لأنفسهم أو لا حتى أنني ألحظ في بعض الحالات مثلًا على المذهب الحنفي، أن لديه منهجًا معينًا وأصولًا وقواعد يسير عليها».

كل مذهب فقهي له أصول يسير عليها

وتابع: «كل مذهب فقهي له أصول يسير عليها، فإذا خرج عن الأصول نجد أننا نقف له بالمرصاد، فنقول: أنت خالفت نفسك في هذه المسألة، كيف تجتهد وتقول كذا مع أن القاعدة عندك تقول كذا؟ على سبيل المثال في الفقه المالكي، هناك قاعدة مقررة بأن عمل أهل المدينة حجة، وهو مقدم على خبر الواحد، هذه قاعدة عندهم، وعندما نأتي إلى هذا الأمر نجد أن هذه حركة نقدية نقوم بها في تقييم المذهب المالكي، مثلًا يقول الإمام مالك: في كل اجتهاداتي، إذا وجدت أن عمل أهل المدينة موجود ويجري عليه العمل، فسأقدمه باعتباره سنة عملية متواترة منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا هذا، أي إلى زمن الإمام مالك».

وأردف: «الإمام مالك، يتحدث عن الأجيال الثلاثة: الصحابة، التابعين، وجيل تابع التابعين، الذين أدركهم الإمام مالك نفسه، حيث أدرك جيلين سابقين، ومن هنا، يقول: أنا متبع لأهل المدينة، فهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهدوا المشاهد معه، وعندهم حجج كثيرة جدًا».

وأشار إلى أنه ورد ذلك في رسالة الإمام مالك إلى الإمام الليث بن سعد المصري، إذ احتج فيها بعمل أهل المدينة، وعند قراءة الرسالتين، رسالة الليث ورسالة مالك، نجد أن هذا نموذج عالي المستوى وراقٍ في النقد العلمي وتصحيح المسار من أجل تحقيق المصلحة ودفع المفسدة حتى لا ينحرف الاجتهاد هنا أو هناك عن إدراك المراد من النص الشرعي أو عن إدراك مقصود النص أو غايته.

واستكمل: «وجدنا أن المالكية يقولون إن عمل أهل المدينة مقدم على خبر الواحد، ثم وجدنا أن الإمام مالك في نحو 40 موضعًا من الموطأ يروي حديثًا بسنده، ثم يقدم عليه عمل أهل المدينة، فهل ترك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ لا، بل يقول: «أنا لم أترك حديث رسول الله، وإنما قدمت ما هو أقوى رتبة لأن من القواعد عندي أن ما كان متواترًا، وما كان قطعيًا، وما كان يقينيًا ومعلومًا، فهو مقدم على ما كان ظنيًا».

قضية الثابت والمتغير محورية

وتابع: «لذلك قضية الثابت والمتغير قضية محورية جدًا، إذ نتعامل معها انطلاقًا من مركز الدائرة، وهو الوحي الشريف، ويجب أن يكون هذا المفهوم حاضرًا في ذهن كل مجدد، حيث ينظر إلى الثابت فيبقي عليه كما هو، وينظر إلى المتغير فيقرؤه في سياقه وزمانه، ووفق ظروف مكانه، ومن هنا نجد نقدًا يقول للمالكية: "أنتم قاعدتكم كذا، ولكنكم خالفتم عمل أهل المدينة في هذه المسألة، فقد وجدنا، مثلًا، أن سيدنا عبد الله بن عمر، وهو من علماء المدينة، كان يعمل بخلاف ما تقولون إنه عمل أهل المدينة، هذه الحركة النقدية ليست جديدة، بل نجد فيها أبحاثًا ورسائل وكتبًا عديدة جدًا تهذب العقل المسلم، أو تعيد تقييم اجتهاده عبر الزمن».

مقالات مشابهة

  • شوقي علام: استمرار الحركة النقدية في المدارس الفقهية المختلفة
  • فيلم الرعب "Heart Eyes" يتصدر شباك التذاكر الأمريكي
  • زيلينسكي يحذر من عدم صمود أوكرانيا أمام روسيا
  • الحكيم والرماحي يبحثان الواقع السياسي والاقتصادي في العراق
  • محمد وداعة يكتب: صمود .. وبرضو الطرفين
  • المسلماني: مستمرون في تطوير الإذاعة لدعم رسالتها الإعلامية الوطنية والمهنية
  • قراءة في بيان البنك المركزي الأخير الذي هاجم فيه الرئاسي والحكومة وكشف عن تقاعسهما.. 4 إشكاليات كبيرة
  • اختارت وقت غلط.. تامر أمين يعلق على ظهور ابنة أحمد حلمي بعد لقائها الأخير
  • راشد عبد الرحيم: صمود علي الفشل