تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قبل أيام، أوامر تنفيذية بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع واردات الصلب والألمنيوم إلى الولايات المتحدة من كافة الدول بلا استثناء، على أن تدخل حيز التنفيذ الشهر المقبل.
وذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أنه بعيدا عن الضرر الاقتصادي الواضح الذي أحدثته هذه الواردات في الداخل الأمريكي، إلا أن الرسوم الجمركية الأخيرة التي أعلنها الرئيس ترامب تخفي حقيقة أشد قتامة، حيث تهدد بتقويض الاستراتيجية الأمريكية الأوسع نطاقا من خلال استهداف الحلفاء عمدا بقيود تجارية تعسفية.


وحذرت المجلة من أن الأمر قد يزداد سوءا إذا كانت خطط إدارة ترامب لفرض رسوم جمركية أوسع نطاقا و"متبادلة" على كل دولة تقريبا في العالم هي الخطوة التالية؛ حيث ستشكل هذه الرسوم مشكلة خاصة بالنسبة للشركاء المحتملين للولايات المتحدة في جنوب آسيا وجنوب شرق آسيا، فضلا عن إفساد العلاقات مع أوروبا. 
واعتبرت المجلة الأمريكية أن التحركات التي تقودها إدارة ترامب لن يقتصر تأثيرها السلبي على الولايات المتحدة في قطاع التجارة فقط. فقد أدى تفكيك الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، إلى فتح الباب بالفعل أمام نفوذ صيني أكبر في العالم النامي. كما أن تصديق مجلس الشيوخ الأمريكي على تعيين تولسي جابارد كرئيسة للمخابرات المركزية الأمريكية من شأنه أن يحد على الأرجح من تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الحلفاء، إضافة إلى أن خطة ترامب للاستيلاء على غزة قد أثارت حفيظة الحلفاء والشركاء في منطقة الشرق الأوسط؛ بينما أثارت خططه الأخرى للاستيلاء على الأراضي قلق الحلفاء والشركاء في أوروبا والأمريكيتين. 
ونبهت المجلة إلى أن الرسوم الجمركية التي أعلنها ترامب على واردات الصلب والألومنيوم، تشكل مثالا واضحا بأن السياسات الاقتصادية للرئيس لن تعمل ضد كل تعهداته الاقتصادية فحسب (من خلال رفع الأسعار، وقتل الوظائف، وإبطاء النمو)، بل ستكون أيضا مضادة للانتاجية على المستوى الاستراتيجي، معتبرة أن هذا الأمر مثير للسخرية بشكل خاص؛ لأن الرسوم الجمركية يتم تنفيذها باسم حماية الأمن القومي الأمريكي.
وأوضحت المجلة أنه على الرغم من أن قلق ترامب المعلن بشأن صناعتي الصلب والألومنيوم يتعلق بالصين وإنتاجها من الصلب الرخيص، إلا أن الضرر الأكبر موجه مباشرة إلى حلفاء الولايات المتحدة وشركائها، مثل المكسيك وكندا والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية. 
وبينت المجلة الأمريكية أنه لفهم مدى تأثير الرسوم الجمركية الأخيرة التي فرضها ترامب على أهداف الأمن القومي الأمريكية المزعومة، ما عليك سوى النظر إلى أوكرانيا التي مزقتها الحرب.
ففي حين أكد بيت هيجسيث، وزير دفاع ترامب، لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، أن أوكرانيا المزدهرة هي الهدف والمحور للدبلوماسية الأمريكية لإنهاء الحرب، إلا أن قطاع الصلب في أوكرانيا، والذي انكمش بالفعل بشكل سيئ بسبب الحرب الروسية، يتعرض لضغوط شديدة نتيجة أحدث أمر تنفيذي لترامب (الرسوم الجمركية)، خاصة بعدما قرر الرئيس الأمريكي، إلغاء الإعفاء الذي منحته إدارة سلفه جو بايدن لكييف من أجل المساعدة في دعم أحد المحركات الرئيسية للاقتصاد الأوكراني المجهد بالفعل بسبب الحرب، وتأكيده (ترامب) أن واردات المواد الفولاذية من أوكرانيا تهدد بإضعاف الأمن القومي.
وفي هذا الصدد، قال ستانيسلاف زينتشينكو الرئيس التنفيذي لمركز "جي إم كيه" للاستشارات الصناعية ومقره أوكرانيا، إن "صادرات الصلب الأوكرانية إلى الولايات المتحدة هي 0.3 في المائة من واردات الولايات المتحدة. نحن لا شيء. لا يوجد أساس لفرض حواجز جمركية ضد أوكرانيا. إن مبيعات أوكرانيا من الصلب والحديد إلى الولايات المتحدة لا تشكل سوى قطرة في بحر في السوق الأمريكية، لكنها تشكل صفقة ضخمة بالنسبة لأوكرانيا، حيث تمثل أكثر من نصف صادرات البلاد إلى الولايات المتحدة".
وأضاف زينتشينكو "إذا أوقفنا الصادرات، فسوف ننتج كميات أقل من الصلب، وشركات الصلب لدينا هي أكبر دافعي الضرائب لدينا، حيث تدفع أكثر من 6 مليارات دولار في السنوات الخمس الماضية، وعليه ستحتاج أوكرانيا إلى المزيد من الدعم المالي من أوروبا والولايات المتحدة".
ولفتت "فورين بوليسي" إلى أنه إذا تمكنت واشنطن وكييف وموسكو من التوصل إلى حل تفاوضي للحرب، فإن التحدي الكبير سيتمثل في إعادة بناء بلد تكبد ما لا يقل عن نصف تريليون دولار من الأضرار على أيدي الروس. وسوف يتطلب ذلك وجود صناعة صلب أوكرانية قوية، وليس تلك التي تعرقلها الحواجز الجمركية التعسفية.
واتفقت وزيرة الاقتصاد الأوكرانية يوليا سفيريدينكو مع ما ذهب إليه زينتشينكو، حيث شددت على أن التعريفات الجمركية وإلغاء الإعفاءات الأمريكية "سيؤثران بشكل كبير على صناعة الصلب". 
وأكدت المجلة الأمريكية أن الأكثر تضررا من هذه التعريفات الجمركية هم الشركاء والحلفاء، وهو ما قد يدفع البعض لاتخاذ إجراءات انتقامية، حيث يخطط الاتحاد الأوروبي بالفعل لذلك.
وترى كايا كالاس، رئيسة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، أن "الشخص الذي يضحك على الجانب هو الصين" بينما تتورط أوروبا والولايات المتحدة في حروب تجارية مدمرة متبادلة.
كما أن الدول التي ليست حليفة رسمية للولايات المتحدة تشعر هي الأخرى بضغوط شديدة، حيث من المرجح أن تكون الأولى في مواجهة الألم التجاري الخطير مع كشف إدارة ترامب عن رسومها الجمركية "المتبادلة" الأوسع نطاقا المحتملة.
وأخيرا، تؤكد المجلة الأمريكية أن حماس حلفاء وشركاء واشنطن للعمل معها في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية العالمية العديدة ربما يفتر مع إصدار تهديدات جديدة بالرسوم الجمركية، فضلا عن أن هذه الرسوم من شأنها تحويل الانتباه بعيدا عن أمور ملحة أخرى ستتطلب منهم تخصيص وقت ضمن أي مباحثات مستقبلية ثنائية مع الولايات المتحدة لطلب إعفاءات جمركية، وذلك على حساب قضاء الوقت اللازم في قضايا إقليمية وعالمية أكثر إلحاحا.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: ترامب الولايات المتحدة واردات الصلب إلى الولایات المتحدة الرسوم الجمرکیة

إقرأ أيضاً:

كيف يفكر ترامب في موضوع الرسوم الجمركية؟

منذ وصوله للحكم وبدء فترة حكم ثانية قبل أقل من شهرين، لم يتوقف الرئيس دونالد ترامب عن توقيع أوامر تنفيذية، أو التعهد، بفرض تعريفات تجارية على كبار شركاء بلاده التجاريين سواء الحلفاء منهم مثل كندا والمكسيك والاتحاد الأوربي، والمنافسون وعلى رأسهم الصين، معلنا حربا تجارية في محاولة إعادة رسم قواعد التجارة الدولية.

ويتسبب ما يقوم به ترامب من رفع التعريفات الجمركية في اضطراب كبير بأسواق المال داخل وخارج أميركا، ومع ذلك فهناك فئة من ملاك المصانع، التي أغلقت أبوابها بسبب صعوبة المنافسة مع رخص البدائل الصينية، تريد لترامب أن يزيد من تشدده ولجوئه لفرض المزيد من الرسوم الجمركية.

وأجل ترامب فرض تعريفات بقيمة 35% على كل من كندا والمكسيك إلى الثاني من الشهر المقبل، وفرض تعريفة إضافية بنسبة 10% على جميع الواردات الصينية، وهدد بفرض تعريفة جمركية بنسبة 200% على منتجات الكحول من فرنسا ودول أوروبية أخرى، كما فرض تعريفات بقيمة 20% على واردات الحديد والألمنيوم.

واتخذت بعض الدول من جانبها إجراءات انتقامية مشابهة بفرضها تعريفات جمركية على المنتجات الأميركية.

ولا يترك ترامب فرصة إلا ويؤكد أن "التعريفات" (Tariffs) هي كلمته الإنجليزية المفضلة، وأنه لن يتردد في فرض المزيد منها كي تتوقف دول العالم عن استغلال الولايات المتحدة.

إعلان

وتعهد ترامب بالقضاء على العولمة التي بشرت بها وعملت على نشرها الولايات المتحدة خلال العقود الأخيرة.

ويؤمن ترامب أن وجود عجز أو فجوة في ميزان التبادل التجاري الأميركي بين حجم الواردات والصادرات يعني بالضرورة ضعفا أميركيا، وهذا مبدأ لا يقتنع به أغلب الخبراء الاقتصاديين بالضرورة.

عجز تجاري أميركي ضخم

بلغ حجم العجز التجاري الأميركي مع دول العالم عام 2024 ما يقارب من 920 مليار دولار، وذلك بزيادة مقدارها 17% عن العام السابق عليه، طبقا لبيانات مكتب الإحصاء الفدرالي.

وتعد الولايات المتحدة من أكبر دول العالم من حجم تجارتها الخارجية ولا تتفوق عليها سوى الصين. وبلغ حجم الصادرات الأميركية العام الماضي 3.2 تريليونات دولار، وبلغ حجم الواردات 4.1 تريليونات دولار.

وكانت أكبر الفجوات التجارية مع الصين بمقدار (295 مليار دولار)، يليها الاتحاد الأوروبي بمقدار (235 مليار دولار)، ثم المكسيك (172 مليار دولار)، وفيتنام (123 مليار دولار)، ثم كندا بمقدار (64 مليار دولار).

ودفع أداء الدولار القوي، وارتفاع قيمته أمام أغلب عملات دول العالم، إلى زيادة أسعار المنتجات والخدمات الأميركية، وارتفاع القدرة الأميركية على الاستيراد، مع ارتفاع نسبي في أسعار المنتجات الأميركية وهو ما يؤدي لانخفاض حجم الصادرات.

وتأتي قطع غيار السيارات وأدوية إنقاص الوزن، والأجهزة الكهربائية، ومواد البناء والمواد الغذائية على رأس الواردات الأميركية، في حين تصدر أميركا الكثير من الخدمات، والسيارات والأسلحة والمحركات والمواد الزراعية وقطع الغيار والأجهزة الإلكترونية.

جهل ترامب

يرى بعض الخبراء الاقتصاديين أن جهل ترامب بكيفية حساب بيانات الناتج المحلي الإجمالي، يجعله يؤمن أن العجز التجاري هو شيء سيئ ويرى ترامب أن معاملات التجارة الدولة ما هي إلا معادلة صفرية تنتهي بفوز طرف وخسارة الطرف الآخر.

إعلان

وعلى العكس من أن أساس التجارة الدولية تعني أن كلا الطرفين قد يربحان من عملية التبادل، يرى ترامب أن التعريفات الجمركية يمكن استخدامها لإعادة الاعتبار لبلاده عالميا.

ويتجاهل ترامب حقيقة أن بلاده، ورغم معاناتها من عجز تجاري ضخم، فإنها ما زالت صاحبة أقوى اقتصاد في العالم لأن حجم الاستثمار يفوق المدخرات، في وقت تحتفظ فيه الدول التي لديها فائض في الميزان التجاري بأموالها ومدخراتها في السندات الأميركية الدولارية.

أهداف ترامب الثلاثة

لا يخشى ترامب ما يكرره كبار مساعديه من أن رفع التعريفات الجمركية سيؤدي إلى زيادة الأسعار، ويرى أن ذلك سيدفع لترشيد الاستهلاك، وتشجيع عودة التصنيع لأميركا.

وفي الوقت الذي يستبعد فيه العديد من المراقبين تحقيق أي من أهداف ترامب بخفض العجز التجاري الأميركي، يؤمن ترامب أن فرض هذه الرسوم تمكنه من تحقيق عدة أهداف، يمكن تلخيصها على النحو التالي:

أولا: أداة التفاوض، ويؤمن ترامب أن فرض التعريفات يعد وسيلة للضغط على شركاء أميركا التجاريين، كما أنها ورقة مساومة مهمة. وعن طريق الضغط بالتعريفات الجمركية، حركت المكسيك وكندا عشرات الآلاف من جنودهما لتأمين حدود الدولتين مع الولايات المتحدة، والحد من عبور المهاجرين غير النظاميين والمخدرات إلى داخل الأراضي الأميركية. وبهذه الطريقة يسهم فرض العقوبات، أو التهديد بفرضها، من تحقيق أهداف ترامب غير التجارية. ثانيا: أداة عقابية، ويؤمن ترامب أنه يمكن التهديد بالعقوبات أو فرضها بالفعل على أي دولة تفكر في الخروج على قواعد النظام المصرفي العالمي، والتي يعد الدولار الأميركي هو عملتها المهيمنة. وحذر ترامب دولة مجموعة البريكس، وغيرها ممن يفكرون في تقليل استخدام الدولار الأميركي في معاملاتهم التجارية. ثالثا: أخيرا يؤمن ترامب أن فرض العقوبات يخدم أجندته الطموحة، والتي عبر عنها بوضوح في حملته الانتخابية، والتي تعد أساس حركة لجعل أميركا عظيمة مرة أخرى (ماغا). ومن بين بنود هذه الأجندة حماية الصناعات المحلية، مثل صناعة الحديد والصلب من الممارسات التجارية غير العادلة المتمثلة في وجود بدائل مستوردة أرخص من نظيرتها الأميركية، إضافة لتشجيعه التصنيع داخل الولايات المتحدة بصفة عامة، وهو ما يخلق فرص عمل جديدة للقاعدة الشعبية الداعمة له وللجمهوريين. إعلان

وفي النهاية لا تعكس الموازين التجارية طبيعة الاقتصادات الناجحة أو الفاشلة، وتعد ألمانيا، على سبيل المثال، دولة ذات فائض تجاري ضخم، إلا أن اقتصادها الكلي يتجه للهبوط، وعلى العكس يأتي النموذج الأميركي الذي يتقدم دول العالم في حجم العجز التجاري في وقت يشهد فيه الاقتصاد نموا كبيرا ونسب بطالة محدودة جدا.

مقالات مشابهة

  • ترامب يؤكد عدم نيته تخفيف الرسوم الجمركية على الصلب والألمونيوم
  • حروب ترامب التجارية تؤدي إلى تباطؤ النمو العالمي وزيادة التضخم حسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية
  • حرب الرسوم الجمركية تضع صناعة الصلب التايلاندية في "مأزق"
  • ليس بينها المغرب.. 3 دول عربية الأكثر تضررا من الرسوم الجمركية الأمريكية 
  • 3 دول عربية الأكثر تضررا من الرسوم الجمركية الأمريكية
  • الدول العربية الأكثر ضرراً من الرسوم الجمركية الأميركية
  • رسالة صارمة من ترامب: لا نية لتخفيف الرسوم الجمركية
  • ترامب: لا أنوي فرض إعفاءات على رسوم الصلب والألومنيوم
  • الولايات المتحدة تجري مناقشات مع الدول المعنية في أوروبا بشأن أوكرانيا
  • كيف يفكر ترامب في موضوع الرسوم الجمركية؟