بعد القدس الدور على مكة.. قراءة في كتاب العودة إلى مكة
تاريخ النشر: 15th, February 2025 GMT
لا نحتاج للتعمق كثيراً في كتاب Return To Mecca للكاتب والسياسي الإسرائيلي Avi Lipkin الذي صدر باللغة الإنجليزية عام 2012، الغلاف بحد ذاته قصة، ويحتوي على صورة للحرم المكي تتوسطه الكعبة ويعلوه رمز التفليين اليهودي (رمز اليهودية).
الكتاب يدعو إلى إحلال النفوذ اليهودي محل الوجود الإسلامي في مكة والمدينة والى إعادة رسم حدود جديدة لإسرائيل انطلاقاً من مبدأ استعادة أرض بني إسرائيل (أرض الميعاد) باعتبارها جغرافيا داخلة ضمن حدود مملكة داود وجزءاً لا يتجزأ من إسرائيل الكبرى الممنوحة من الرب لبني إسرائيل كما ذكرت التوارة في سفر (يشعوبن نون) وهي الوطن التاريخيّ لليهود الذي لا تؤثر فيه الحدود السياسية القابلة للتغيير.
يقول مؤلف الكتاب: علينا غزو جزيرة العرب واحتلال الحجاز وتبوك وهدم الكعبة والتي هي أهم لنا من هدم الأقصى وبناء الهيكل ولنا الحق في إرث جدنا إبراهيم.
قد يُصاب البعض بالذهول؛ ما أكتبه ليس من نسج الخيال، فما نخاف منه هو ان نجد أنفسنا أمام تهديد عام موجود في كل مكان بعد ان أصبحت غالبية الأنظمة العربية في حضن إسرائيل، فما كان صعباً بات الآن ممكناً ولا استحالة لأي شيء، خصوصاً بعد ما تشابكت الجغرافيا مع السياسة بفضل مواقف الكثير من العرب الذين يتسابقون فيما بينهم لإثبات ولائهم لإسرائيل بطرق عدة.
الليالي من الزمان حُبلى تَلِدنَ كل عجيب وتستحق المراقبة وسط خنوع عربي لم يشهده التاريخ إلا في زمن البرابرة والتتار، وكل عربي يشاهد بأم عينيه سقوط أحجار وطنه العربي ويرى تصدع جدرانه الآيلة للسقوط.
بشكل عام، يعيش العالم العربي هذه الأيام نشاطاً واسعاً في سوق بيع الأوطان وينتقل من كارثة إلى أخرى كأنه خارج مزارع الموز، ولا نعلم من هي الدولة العربية التي تلي سوريا على أجندة المشروع الصهيوني!
إذعان واستسلام، أمة عربية منقسمة داخلياً ومهزومة نفسياً، وتحوُّلٌ سياسي عربي يمكن ان نطلق عليه عصر الرِّدة العربية ومخاضات ستنتهي بظهور مولود جديد ستتغير معه تركيبة المنطقة وشكلها.
موالاة إسرائيل أصبحَ يتم الجهر بها علناً واللعب بات على المكشوف ومن بابه الواسع، ومطالبة إسرائيل بخيبر ومناطق قينُقاع وبني النضير وبني قُريظة ليست نكتة، وهذا ما نبّه له مُبكراً المفكر العربي (عبدالوهاب المسيري) في منتصف سبعينات القرن الماضي حين قال: قد نصل إلى مرحلة يصبح فيها الإنسان العربي صهيونياً وظيفياً يؤدي الوظائف نفسها التي يؤديها الصهيوني الأصلي.
بالتأكيد الطريق إلى مكة بات مفتوحاً أمام إسرائيل وكتاب العودة إلى مكة يمثّل تطوراً لافتاً للأحلام الإسرائيلية في استعادة أرض الميعاد التي تحدثت عنها نصوص التوراة كما يقولون.
من منكم يتذكر العبارات التي قالتها رئيسة وزراء إسرائيل بعد هزيمة العرب عام 1967: إني أشم رائحة بلادي في الحجاز وهي وطني الذي على أن أستعيده. وبعدها بسنوات طويلة جاء نتنياهو في كتابه (مكان تحت الشمس) وقال: طموحنا السياسي والجغرافي لا حدود له وحدود دولتنا ليست فلسطين بل تمتد إلى الأردن وحتى خيبر في السعودية والى حيث توجد دباباتنا وأقدام جنودنا.
أضحكني فيديو تم نشره قبل حوالي أربع سنوات تقريباً للإعلامي الإسرائيلي (إيدي كوهين) الذي تحدى فيه الحكام العرب جميعاً في أن يتجرأ أحد منهم على سحب سفرائهم من واشنطن اعتراضاً على قرار الرئيس الأمريكي ترامب وقتها بنقل سفارة أمريكا إلى القدس والمضحك فيما قاله إنه سيعلن إسلامه إن حدث ذلك.
دعوني أعود إلى سؤال قديم: ما الفرق بين رؤية الرئيس القذافي قبل ثلاثين عاما ورؤية كل حكام العرب؟ وإذا كان القذافي مجنوناً -كما يقولون- فمن العاقل فينا ومن المجنون؟
الكارثة قادمة والحديث هنا بلا حرج، ولا نملك من أمرنا شيئاً! والمطلوب أن نُجيب على سؤال قديم لنزار قباني: متى يعلنون وفاة العرب؟ الجواب: الآن حان وفاة العرب.
فهل يفطن من يهمهم الأمر خطورة المنزلق؟
كاتب اردني
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
العرب يحذرون من إشعال صراعات جديدة مع إسرائيل
عواصم "وكالات": قال أحمد أبو الغيط، أمين عام جامعة الدول العربية، إن التوجهات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بخصوص الشرق الأوسط، وضغوطه المستمرة على العالم العربي، ستقود المنطقة إلى مرحلة جديدة من الصراع العربي الإسرائيلي.
وأضاف في جلسة بالقمة العالمية للحكومات المنعقدة في دبي اليوم "على الولايات المتحدة أن تكون متوازنة في مواقفها، وأن تتجنب اشعال أي صراع في المنطقة، حتى لا يتم هدم ماتم بناؤه عبر اتفاقيات السلام.
ولفت إلى أن الشعب الفلسطيني لا يقبل التهجير، وسيحارب من أجل أرضه من أي مكان ومن أي دولة، والرؤية الأمريكية ملتبسة حيث تتصور أن تسوية النزاع في الشرق الأوسط يأتي من خلال إنهاء الوجود الفلسطيني والهوية الفلسطينية في غزة، لكن هذا يعد نقلا للنزاع ليتجاوز غزة وإسرائيل إلى العالم.
ودعا جاسم البديوي أمين عام مجلس التعاون الخليجي ترامب إلى تذكر العلاقات القوية بين المنطقة وواشنطن، وأضاف "هناك ثوابت واضحة فيما يخص القضية الفلسطينية.. عندك صفقة لن يقبلها العالم العربي"، كما أعربت الصين عن رفضها "التهجير القسري" لسكان غزة.
وقالت حركة المقاومة الفلسطينية حماس إن وفدا برئاسة خليل الحية وصل القاهرة وبدأ لقاءات مع مسؤولين مصريين لمتابعة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
وأكد المتحدث باسم حركة حماس حازم قاسم أن موقف المقاومة واضح "ولن نقبل بلغة التهديدات الأمريكية والإسرائيلية"، وأضاف قاسم أن هذه الزيارة تأتي في إطار الجهود التي يبذلها الوسطاء في مصر وقطر من أجل احتواء الأزمة المحيطة باتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
واليوم، قال مصدر فلسطيني لوكالة فرانس برس إنّ "الوسطاء على تواصل مع الطرف الأمريكي.. ويعملون بشكل مكثف من أجل إنهاء الأزمة لإلزام إسرائيل بتنفيذ البروتوكول الإنساني في اتفاق وقف النار وبدء مفاوضات المرحلة الثانية".