عائلات مشتتة ومبيت في المساجد.. من قصص النزوح بشمال الضفة
تاريخ النشر: 14th, February 2025 GMT
وصل الخبر صباح الأربعاء لعامر مرعي وعائلته بوفاة جده، فاضطرت العائلة النازحة من مخيم جنين في بلدة قباطية جنوب جنين للعودة إلى الحي الشرقي في المدينة لإجراء مراسم الدفن، ثم التجمع في منطقة جبل أبو ظهير القريبة من المخيم لفتح عزاء وليوم واحد فقط في المسجد.
والجد مرعي المتوفى كان قد نزح من مخيم جنين إلى منزل ابنته في قرية عانين غربي جنين، مع بدء الاحتلال عمليته العسكرية قبل 3 أسابيع، قبل أن يتوفى بعيدا عن بيته، ويدفن في مدينة جنين لاستحالة دفنه في مقبرة المخيم.
يقول الحفيد عامر "جدي الذي لجأ إلى المخيم مات نازحا عنه، ودفن غريبا في مقبرة أخرى، غير مقبرة المخيم، هكذا أصبح حالنا نحن اللاجئين في مخيم جنين".
نزحت عائلة مرعي إلى منزل ابنتهم في مخيم الفارعة بعد دخول قوات الاحتلال الإسرائيلي مخيم جنين، لكن سرعان ما حاصر الاحتلال الفارعة وفرض حظر التجول على سكانها، وبدأ بإجبار الناس على الخروج من منازلهم.
يقول عامر للجزيرة نت "نحن عائلة كبيرة ممتدة، نسكن كلنا في منزل واحد من 6 طبقات، الجد والأبناء وعمتي والأحفاد، وعند نزوحنا اختار كل فرع من العائلة اللجوء إلى مكان مختلف، كي يكون النزوح أسهل والحركة أسرع، وحتى لا نزيد الحمل على العائلات التي سننزح عندها".
وجرت العادة في اقتحامات سابقة أن تخرج العائلات من مخيم جنين إلى أقاربهم في مخيمات أخرى في مدن شمال الضفة الغربية، إلى حين انسحاب قوات الاحتلال من المدينة والمخيم، لكن ورغم انسحاب الاحتلال من مخيم الفارعة، فإن الدمار الكبير في المنازل وممتلكات المواطنين صعّب على الأهالي العودة إليها.
إعلانوبالنسبة إلى عائلة عامر، فبعد دخول الاحتلال شارع مهيوب في عمق مخيم جنين خلال عملية "السور الحديدي"، فخخ الجنود الإسرائيليون منزل العائلة وسواه بالأرض، ففقدت العائلة مكان سكنها بشكل كامل، ولا يعرف أحد منهم الآن كيف سيتمكنون من العودة إلى المخيم.
لكن الأصعب، حسب عامر، هو نزوح العائلة من دون أن يسمح لهم بحمل أي شيء من المنزل، فلم يعودوا يملكون ملابس أو أدوية أو أي مستلزمات شخصية.
ويقول "كنت أجهز شقتي للزواج، أثثتها وجهزتها بفرش جديد، راحت كلها، نسفها الاحتلال بشكل كامل، بالإضافة إلى أستديو بكامل المعدات الصوتية والتسجيلية، تقدر تكلفته بقرابة 70 ألف شيكل، كلها تدمرت مع المنزل، كما خسرت ورشة الحدادة التي كنت أعمل بها داخل محل أسفل بنايتنا".
وتعيش عائلة عامر مرعي اليوم نزوحا جديدا في بلدة قباطية جنوب جنين، بعد لجوئهم إلى بيت إحدى قريباتهم الكبيرة في السن، حيث يعيش 10 أفراد في غرفة صغيرة، وتنقصهم كثير من الاحتياجات الضرورية لإدارة يومهم بشكل طبيعي.
"نمنا في المسجد"وفي مخيم طولكرم للاجئين شمال الضفة الغربية، اقتحم جيش الاحتلال الإسرائيلي منزل سماح صلاحات، وبعد استجواب دقيق وتفتيش، وتحطيم محتويات المنزل وتكسيره، قال لها الضابط الإسرائيلي "لديك 5 دقائق لإخلاء المنزل والخروج منه".
هذه المرة، لم تتمكن صلاحات من اللجوء إلى منزل والدها في مخيم جنين كما اعتادت خلال الاقتحامات السابقة لمخيم طولكرم، حيث اضطر والدها وبقية أهلها لإخلاء منزلهم في الأيام الأولى لاقتحام جنين، وتوجهوا إلى منزل شقيقتها في بلدة برقين المجاورة.
وبينما خرجت صلاحات ووالدة زوجها مع عشرات العائلات من منازلهم، جرى اعتقال زوجها من أحد شوارع المخيم، ونقله إلى جهة غير معروفة، فاضطرت صلاحات لأن تبيت يومين كاملين في مسجد وصلت إليه بعد نزوحها من المخيم، قبل أن تنتقل إلى بلدة ذنابة القريبة من مدينة طولكرم.
إعلانوتصف صلاحات ما مرت به بقولها "كنا نساء وحيدات، والبعض معهم أطفالهم، بتنا في المسجد من دون وسائل تدفئة ومن دون أغطية، وكنت لا أستطيع الحصول على خبر عن مكان زوجي أيضا، لا يمكن وصف حال سيدات يبتن في مسجد، بعد ترحيلهن عن منازلهم".
أما عجزها عن الوصول للمنزل الذي اعتادت اللجوء إليه في ظروف مشابهة، فتقول: "ربما يعتقد من يسمع بأن منزل والدي موجود في المخيم أنه منزل بسيط وأننا أصحاب عوز، الناس لا تعرف أن بيوتنا في المخيمات بيوت عز، وأننا نكرم الضيوف وننجد من يستنجد بنا".
وتضيف "والدي معروف في مخيم جنين، والكل يقصده وقت الحاجة، نزوحي من منزلي كان مصيبة، وعدم استطاعتي الوصول إلى منزل والدي واللجوء إليه مصيبة أخرى".
مستقبل مجهولاستطاعت صلاحات وبمساعدة بعض المعارف الوصول إلى بلدة ذنابة وتأمين منزل صغير للمكوث فيه برفقة والدة زوجها، وبعد يومين تم الإفراج عن زوجها.
وتقول إن لجنة خدمات مخيم طولكرم أمّنت لعدد قليل من النازحين بيوتا ودفعت أجرتها، لكنها تؤكد أن "حال النازحين لا يسمح بالبقاء لوقت طويل خارج المخيم، هذه البيوت فارغة لا يوجد بها عفش ولا غاز ولا بطانيات".
وتصف صلاحات شعور النزوح الصعب، وتقول: "مؤلم أن أُجبر على ترك منزلي، في الاقتحامات السابقة كنا نترك المنزل ليوم أو اثنين وأحيانا أسبوع، وكنت أقضي هذه الأيام عند أهلي في مخيم جنين، اليوم أنا وأهلي نازحين، وكل منا في محافظة مختلفة، الوضع صعب جدا، الناس تعاني أصلا من قلة المال منذ أشهر طويلة، ونحن على أعتاب شهر رمضان، كيف سنتدبر أمورنا؟".
تعيش صلاحات اليوم مخاوف كثيرة بعد نزوحها من مخيم طولكرم، يتعلق بعضها بوضع عائلتها وإن كانت ستستطيع الوصول إليهم بعد لجوئهم إلى بلدة برقين، وبعضها الآخر يتعلق بمستقبل ضبابي ينتظرها وزوجها، خاصة بعد أن اتضح أنها حامل في الشهر الأول.
إعلانوحسب القائمة بأعمال مكتب إعلام "الأونروا" عبير إسماعيل، فإن أكثر من ألفي عائلة نزحت من مخيم طولكرم، في حين وصل عدد العائلات النازحة من مخيم جنين إلى 3500 عائلة، كما قدرت أن عدد النازحين من مخيمات شمال الضفة الغربية بشكل عام يصل إلى 40 ألف نازح.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی مخیم جنین من مخیم جنین مخیم طولکرم إلى منزل
إقرأ أيضاً:
آخر ما تبقى للفلسطينيين.. 11 وزيرا يطالبون بضم «الضفة» للسيادة الإسرائيلية.. وجيش الاحتلال يشن هجوما واسعا ويجبر آلاف السكان على النزوح.. عاجل
على غرار غزة.. إسرائيل تجبر الفلسطينيين على النزوح من الضفة ومطالبات من الليكود بفرض السيطرة
على غرار نكبة 1948 ونكسة 1967، وفي قطاع غزة، تشهد الضفة الغربية أكبر موجة نزوح قسري منذ 5 عقود، حيث اضطر آلاف الفلسطينيين إلى مغادرة منازلهم بفعل عملية "السور الحديدي" التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على مخيمات اللاجئين في جنين وطولكرم وطوباس، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".
الأكثر عنفًا وقسوةوقال النازحون أن هذه الموجة "الأكثر عنفًا وقسوة" مقارنة بجميع عمليات التهجير السابقة التي نفذها الاحتلال، خاصة منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر 2023.
وأضافوا أن الاحتلال استخدم في عملياته أساليب "الإرهاب المطلق" ضد السكان، حيث اقتحم المنازل، هدمها، وأجبر الأهالي على مغادرتها تحت التهديد المباشر، مما دفعهم إلى الفرار بشكل جماعي بحثًا عن ملجأ آمن.
وتتزامن هذه التحركات مع تصاعد دعوات داخل حزب الليكود لإعلان فرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على الضفة الغربية، وهو ما يشكل تصعيدًا خطيرًا قد يؤدي إلى انفجار الأوضاع الأمنية والسياسية في المنطقة.
سياسات التهجير القسري في الضفة الغربيةوتواصل السلطات الإسرائيلية هدم منازل الفلسطينيين في الضفة الغربية، خاصة في القدس والمناطق المصنفة "ج"، مما يجبر العائلات على النزوح القسري نحو مناطق أخرى أو البحث عن ملجأ خارج الضفة.
كما تسمح شرطة الاحتلال للمستوطنين بزيادة الهجمات العنيفة التي ينفذها المستوطنون ضد الفلسطينيين، تحت حماية جيش الاحتلال الإسرائيلي، حيث تم إحراق ممتلكات، والاعتداء على القرى، وإجبار السكان على ترك منازلهم خوفًا من التصعيد المستمر.
تواصل إسرائيل بناء المستوطنات بشكل غير مسبوق في الضفة الغربية، مع مصادرة آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية، مما يُحكم سيطرتها على المنطقة ويُضيّق الخناق على السكان.
تصاعد المطالب بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفةفي ظل هذه التطورات، طالب 11 وزيرًا من حزب الليكود رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بفرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على الضفة الغربية، ما يعني إلغاء أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
يرى أعضاء الليكود واليمين المتطرف أن هذه اللحظة مناسبة لتثبيت السيطرة الإسرائيلية على الضفة، مستغلين الدعم الأميركي، وتشتت المجتمع الدولي بسبب الأزمات العالمية الأخرى.
تداعيات ضم الضفة الغربيةلكن هذه الخطوة ستؤدي إلى تداعيات خطيرة، أبرزها: تصاعد العمليات العسكرية للمقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، ما قد يؤدي إلى اندلاع انتفاضة جديدة.
بالإضافة إلى توتر العلاقات مع الولايات المتحدة وأوروبا، خاصة أن واشنطن حذرت من أي "إجراءات أحادية الجانب"، زيادة عزلة إسرائيل دوليًا، وربما فرض عقوبات اقتصادية عليها من قبل بعض الدول الأوروبية.