قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية، إن تحويل القبلة حدث يؤكد وسطية أمة الإسلام والعلاقة الوثيقة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى المباركين.

وأضاف مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية، إن سيدنا رسول الله ﷺ كان في مكة يصلي إلى بيت المقدس ويجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس؛ كي يستقبلهما معًا؛ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُصلِّي وهو بمكةَ نَحْوَ بيتِ المقدسِ والكعبةُ بينَ يدَيهِ».

[أخرجه أحمد].

ولما هاجر سيدنا النبي ﷺ والمسلمون إلى المدينة كان بيت المقدس قبلتهم ما يقرب من عام ونصف؛ فعَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَلَّى نحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ، سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا...». [متفقٌ عليه]

وجاء الأمر الإلهي إلى سيدنا رسول الله ﷺ بتحويل القبلة إلى المسجد الحرام بمكة في منتصف شهر شعبان من العام الثاني للهجرة على المشهور، ونزل قول الله سبحانه: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}. [البقرة: 144]

وكان تحويل القبلة اختبارًا من الله سبحانه تبين من خلاله المؤمن الصادق المُسلِّم لله وشرعه، والمعاند العاصي لله ورسوله ﷺ؛ قال تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّاِ لنَعْلَمَ َمنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ}. [البقرة: 143] 

فكانت استجابة المؤمنين  صدقًا وهُدًي ونورًا؛ إذ سارعوا إلى امتثال الأمر ولسان حالهم يقول: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا.

أما المشركون فزادهم هذا الحدث العظيم عنادًا على عنادهم، وقالوا: يوشك أن يرجع محمدٌ إلى ديننا كما رجع إلى قِبلتِنا؛ فخاب ظنهم، وكسَد سعْيُهم، وباؤوا بغضبٍ على غضبٍ.

وفي تحويل القبلة تأكيد على عُلوّ مكانة سيدنا رسول الله ﷺ عند ربّه، فقد كان ﷺ يحبّ التوجَّه في صلاته إلى البيت الحرام، وتهفو روحُه إلى استقبالِ أشرفِ بقاع الدُّنيا؛ فعَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الكَعْبَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البقرة: 144]، فَتَوَجَّهَ نَحْوَ الكَعْبَةِ». [أخرجه البخاري]

وأكد تحويل القبلة على العلاقة الوثيقة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى، تلك العلاقة التي دلت على قوتها وشرفها أدلةٌ كثيرة؛ كقول أبي ذر لسيدنا رسول الله ﷺ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلَ؟ قَالَ: «الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ»، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى». قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: «أَرْبَعُونَ»، ثُمَّ قَالَ: «حَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ، وَالْأَرْضُ لَكَ مَسْجِدٌ ». [أخرجه البخاري]

وعلى المُستوى المُجتمعي: يظهر هذا الأمر تكاتف المسلمين واتحادهم وأنهم بمثابة الجسد الواحد في التسليم لوحي الله سبحانه وشرعه، وفي حرص بعضهم على بعض، حينما خاف بعضهم على إخوانهم الذين ماتوا ولم يدركوا الصلاة إلى المسجد الحرام؛  فأنزل الحقُّ سبحانه قوله: {‌وَمَا ‌كَانَ ‌اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ }.  [البقرة: 143]

ورسخ تحويل القبلة أن الغاية العظمى هي عبودية الله سبحانه والتسليم له وإن اختلفت الوجهة؛ فلله سبحانه المشارق والمغارب، قال تعالى: {وَلِلَّهِ ‌الْمَشْرِقُ ‌وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}. [البقرة: 115]

وتضمن تحويل القبلة تعظيمًا وتشريفًا لأُمَّة الإسلام بالوسطية والتوفيق إلى قبلة أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام؛ لتستحق بذلك مكانة الشهادة على جميع الأمم؛ قال تعالى: {وَكَذَلِكَ ‌جَعَلْنَاكُمْ ‌أُمَّةً ‌وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}. [البقرة: 143]

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: المسجد الحرام تحويل القبلة النصف من شعبان المزيد سیدنا رسول الله ﷺ المسجد الحرام تحویل القبلة الله سبحانه

إقرأ أيضاً:

هل تحويل القبلة حدث في ليلة النصف من شعبان؟.. الشيخ مصطفى ثابت يجيب

أكد الشيخ مصطفى ثابت، الداعية الإسلامي، أن ليلة النصف من شعبان من أعظم الليالي التي ينبغي على المسلمين اغتنامها، موضحًا أنها ليلة مباركة يغفر الله فيها لجميع عباده إلا لمشرك أو مشاحن، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ: «إن الله ينزل إلى السماء الدنيا في ليلة النصف من شعبان فيقول: هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من مسترزق فأرزقه؟ وذلك حتى يطلع الفجر».

وأضاف الشيخ مصطفى ثابت، خلال حلقة برنامج «مع الناس»، المذاع على قناة الناس، اليوم الأربعاء، أن هذه الليلة ليست فقط فرصة للتوبة والاستغفار، بل شهدت أيضًا حادثة عظيمة في التاريخ الإسلامي، وهي حادثة تحويل القبلة، مشيرًا إلى أن النبي ﷺ ظل يصلي نحو المسجد الأقصى لمدة 16 أو 17 شهرًا بعد فرض الصلاة، وكان يتمنى أن تكون قبلته نحو الكعبة المشرفة، قبلة أبيه إبراهيم عليه السلام.

وأوضح أن تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام تم بأمر من الله تعالى في قوله: (قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ)، موضحا أن هذا الحدث كان اختبارًا لصدق إيمان المسلمين، حيث أثار استغراب اليهود والمنافقين الذين بدأوا يثيرون الشبهات حول هذا التغيير، إلا أن الله سبحانه وتعالى أكد أن له ملك المشرق والمغرب، وهو الذي يهدي من يشاء إلى الصراط المستقيم.

وأشار الشيخ مصطفى ثابت إلى أن تحويل القبلة كان تكريمًا للنبي ﷺ، وتأكيدًا لوحدة الدين الإسلامي الذي جاء به جميع الأنبياء، فقد كانت قبلة الأنبياء السابقين المسجد الأقصى، ثم جاء الإسلام ليؤكد أن الدين عند الله واحد، وأن الإسلام هو الامتداد الطبيعي للرسالات السماوية.

وأشار إلى استغلال ليلة النصف من شعبان في العبادة والدعاء والاستغفار، وتصحيح النية، والتخلص من الضغائن والمشاحنات، قائلًا: «فلنبدأ من الآن بتنقية قلوبنا، ولنستعد لهذه الليلة العظيمة بالدعاء والقيام، حتى ننال مغفرة الله ورحمته».

اقرأ أيضاًبحضور المحافظ.. أوقاف الشرقية تحتفل بليلة النصف من شعبان

الشيخ مصطفى ثابت: هذه الأمور تمنع مغفرة الله ليلة النصف من شعبان.. «فيديو»

ثوابها عظيم.. أفضل أدعية لـ ليلة النصف من شعبان

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية: تحويل القبلة حدث عظيم يعكس حب النبي للوطن
  • مفتي الجمهورية يكشف أسباب وأهمية تحويل القبلة في تاريخ الإسلام.. فيديو
  • الأزهر للفتوى: تحويل القبلة يؤكد وسطية أمة الإسلام والعلاقة الوثيقة بين المسجدين الحرام والأقصى
  • فضل ليلة النصف من شعبان.. اعرف قصة تحويل القبلة والحكمة منها
  • أسباب تحويل القبلة.. مفتي الجمهورية يكشف| فيديو
  • أوقاف مطروح تفتتح مسجدين بإدارة الحمام استعدادا لشهر رمضان
  • الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 14 فبراير 2025.. «تحويل القبلة دروس وعبر»
  • هل تحويل القبلة حدث في ليلة النصف من شعبان؟.. الشيخ مصطفى ثابت يجيب
  • «تحويل القبلة دروس وعبر».. موضوع خطبة الجمعة المقبلة