يُقَيَّم الحكم في «أسوأ المحامل» على عدة احتمالات أو اعتبارات؛ منها: أن الإنسان بحكم ضعفه غير مطلع على خفايا الأقوال والأفعال لدى الطرف الآخر، سواء كان هذا الطرف قريبا جدا منه، أو بعيدا عنه، والقرب والبعد هنا؛ أيضا؛ ينظر إليهما من كثير من الوجوه والزوايا، بين قرب معنوي ــ وهو المعرفة الخاصة به، وهذه نفسها تخضع لمقاييس شديدة التعقيد، وذلك فما يدور في خلد صاحبك، يظل ليس يسيرا أن تعرفه، وتتحقق منه، إلا إذا خاصك به بأمانة مطلقة - أو قرب مادي ــ وهو القرب المرتبط بالجسد ــ ويندرج تحت ذلك كل العلاقات القائمة بين الناس؛ قريبها وبعيدها على حد سواء، ولأننا ضعفاء؛ حتى الثمالة؛ فإن استشعار الأسوأ مما يصدر عن الآخر تجاهنا؛ هو امتداد لهذا الضعف، وهو ضعف فطري؛ كما هو معلوم بالضرورة، ولذلك تتسلسل مجموعة الحكم والنصائح في أهمية ألا نكون في حدة الرد أثناء المواجهة، فقد لا يقصد الطرف الآخر كل ما يخيم على ذاكرتنا في تلك اللحظة الفارقة في العلاقة بين الطرفين المتحاورين، على أنه سيئ، سواء أكان هذا الحوار عقلانيا محكما، أو كان حوارا جنونيا منفلتا من عقال الحكمة والتيقن.
ومع ذلك لا ينظر إلى حالة «أسوأ المحامل» على أنها نقيصة خلقية من قبل الآخرين، إطلاقا؛ فهذه فطرة، وفي مقولة: «رحم الله امرأ نفعه ظنه» ما يخفف من تحمل المسؤولية عند الطرف الذي يستشعر منه الأسوأ من أي طرف كان يدخل معه في حوار علاقة ممتدة، أو علاقة مؤقتة، فكما هو حق الرد مكفول، فإنه كذلك حق تصحيح الظن مكفول، صحيح؛ أن حالة «أسوأ المحامل» قد تؤدي في بعض الأحيان إلى ضرر كبير على الطرفين، سواء على الطرف المستقبل لما يبدو من الطرف المرسل، أو حتى على الطرف المرسل الذي -لربما- لا يقصد ما تفوه به، أو قام به من عمل مادي، تجاه الطرف الأول، فكلا الطرفين واقع في مأزق الأسوأ، ولذلك تتجلى الحكمة أكثر من الطرف المستقبل في بداية الأمر، وذلك في أن لا يتلبسه الشطط في الحكم على قول أو فعل الطرف الثاني، على اعتبار الظن السليم بالآخر، ويمكن للطرف الآخر أن يتقين في مجريات العلاقة بعد ذلك إن كان صاحبه يتقصد الأسوأ، أو غير ذلك تماما، وفي الحديث المروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث» ــ حسب الروايةــ فيه الكثير مما يجب الانتباه إليه، حتى لا تقع الأطراف المتعاطية في مختلف العلاقات في أسوأ ما يمكن أن يحدث نتيجة سوء الظن.
ولذلك فـ«أحسن المظان» هو ورقة رابحة عند كل الأطراف في مختلف العلاقات، حيث تظل ربحيتها في عوائدها المعنوية والمادية على كلا الطرفين، عندما ينجزان قدرا من التعامل السليم والآمن، وهو التعامل الذي يضيف أبعادا إنسانية على قدر كبير من الأهمية، ولذلك يحق تسمية إدارة العلاقات بأنها إدارة تقنية بامتياز، وذلك لعدم كفاءة الجانب المعنوي في تصويب مساراتها، فالظن لا يكفي للحكم على مستوى العلاقة بالنجاح أو الفشل، فلا بد أن ترافق ذلك حمولة كمية من العطاء المادي، المتبادل بين مختلف الأطراف، ومن الأقوال الرائعة في هذا المعنى القول المنسوب إلى الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرًّا، وأنت تجد لها في الخير محملا» ــ بحسب المصدر.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
اشتعال مشاجرة دامية بين أبناء عمومة في المنشاة بسوهاج وسقوط ضحايا
شهد مركز المنشاة بمحافظة سوهاج مشاجرة عنيفة بين أبناء عمومة، أسفرت عن إصابة عدد من الأشخاص من الطرفين بجروح قطعية متفرقة، بسبب خلافات الجيرة ولهو الأطفال.
تفاصيل الواقعةوتعود أحداث الواقعة عندما تلقى اللواء صبري صالح عزب، مساعد وزير الداخلية مدير أمن سوهاج، إخطارًا من مأمور مركز شرطة المنشاة.
يفيد بورود بلاغ عن نشوب مشاجرة بين طرفين من أبناء عمومة، أسفرت عن إصابة عدة أشخاص بجروح متفرقة.
المصابين من الطرف الأول:" إسلام أ. م. ع 34 عامًا، سائق، مصاب بجرح نافذ بالبطن من الناحية اليسرى- محمود أ. م. ع 32 عامًا، سائق، مصاب بجرح قطعي بفروة الرأس وآخر بالجبهة- حازم ع. م. ع 25 عامًا، عامل، مصاب بجرح قطعي بالذراع الأيسر".
"خالد ع. م. ع 18 عامًا، عامل- عبد الناصر م. ع. ب 50 عامًا، عامل، مصاب بجرح قطعي باليد اليسرى"، المصابين من الطرف الثاني:" حمادة هـ. ع. ا 40 عامًا، عامل، مصاب بجرح قطعي بالبطن واليد اليمنى- عادل هـ. ع. ا 45 عامًا، عامل، مصاب بجرح قطعي بالبطن من الناحية اليمنى".
"مجدي هـ. ع. ا، 46 عامًا، عامل، مصاب بجرح قطعي بكف اليد اليمنى- ماجده هـ. ع. ا 32 عامًا، ربة منزل، مصابة بجرح قطعي بالكتف الأيسر- عبد العال ج. ع. س 40 عامًا، عامل".
تم نقل جميع المصابين إلى مستشفى سوهاج الجامعي الجديدة لتلقي العلاج اللازم.
التحقيقات والإجراءات القانونيةبالفحص، تبين أن الطرفين أبناء عمومة، وتم ضبط المتهمين، وعُثر بحوزة الرابع من الطرف الأول على سلاح أبيض "مطواة"، وبحوزة الخامس من الطرف الثاني على "مطواة" أخرى.
تبادل الطرفان الاتهامات بالتعدي على بعضهما البعض بالسب والضرب وإحداث الإصابات باستخدام الأسلحة البيضاء المضبوطة، بسبب خلافات الجيرة ولهو الأطفال.
تم تحرير المحضر اللازم بالواقعة، وتولت النيابة العامة التحقيقات.