عربي21:
2025-02-15@12:46:36 GMT

حينما تحدى حجاب السوريات دهاء حافظ الأسد

تاريخ النشر: 14th, February 2025 GMT

ثمّة سذاجة تتحدى العقل والمنطق السليم في تصرفات بعض الإسلاميين في سوريا، من خلال دعواتهم تحجيب النساء أو تخميرهن، السذاجة هنا لا تقتصر على حقيقة أنّ البلاد التي تركها نظام الأسد شبه مدمّرة ومفلسة، لديها قائمة أولويات، ملحّة وضرورية، أكثر من الحجاب الذي ينتشر أصلا بكثرة في سوريا، بل لأن البلاد لا زالت في حالة استقطاب طائفي لا يسمح بهذا النمط من الممارسات الدعوية، التي يمكن تفسيرها على أنها نوع من فرض نمط تدين معين يفرضه الغالب، أو من يظن نفسه كذلك.



في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات، كان السفور منتشر بكثرة في سوريا ولا سيما في المدن الكبرى وضواحيها، وحتى في الأرياف لم يكن غطاء الرأس على نمط الحجاب الحالي، بل كان يغطي نصف شعر المرأة، وباستثناء بعض المناطق، لم يكن النقاب منتشرا في سوريا.

ستشهد نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماضي انتشارا كثيفا ومتسارعا للحجاب في سوريا، سيشمل المدن والريف، ضمن سياق تحوّل كامل في عادات الناس، حيث ستنتهي معها دبكات الريف المختلطة التي كانت سائدة في حوران والجزيرة على سبيل المثال، وسيتراجع الاختلاط بين الإناث والذكور بشكل ملحوظ، حتى النمط العمراني سيعاد تشكيله حيث بدأ ينتشر نمط المنازل المغلقة، هذا التحوّل حصل في زمن نظام كان يحارب مظاهر المحافظة الإسلامية في سوريا بجميع مظاهرها من اللحية الى الحجاب وسواها، ووصل به الأمر الى حد تنظيم حملة لنزع الحجاب في الشوارع العامة في دمشق، ويبدو أن العملية كانت اختبارا لردة فعل الشارع السوري المحافظويتراجع دور البلكون ووظيفته من مكان لسهرة العائلة مفتوح على الحارة وأخبارها وتفاعلاتها، إلى مجرد مستودع للأغراض الزائدة في المنزل، وسيختفي في الأبنية التي ستظهر بعد ذلك.

المفارقة، أن هذا التحوّل حصل في زمن نظام كان يحارب مظاهر المحافظة الإسلامية في سوريا بجميع مظاهرها من اللحية الى الحجاب وسواها، ووصل به الأمر الى حد تنظيم حملة لنزع الحجاب في الشوارع العامة في دمشق، ويبدو أن العملية كانت اختبارا لردة فعل الشارع السوري المحافظ، لكن حافظ الأسد، الذي كان نظامه يمر بأزمة اقتصادية خانقة وعزلة إقليمية ودولية، أدرك، وبعد معاينة ردود الشارع، أنه قد يفتح على نفسه بابا خطيرا لا داعي له، فخرج في مساء ذلك اليوم معتذرا للشعب السوري، فيما أشاعت أجهزته الأمنية أن رفعت الأسد هو من يقف وراء هذا التصرف الذي لم يرضي شقيقه حافظ.

وهكذا، فإن ظاهرة انتشار الحجاب جاء في سياق تحوّل أملته ظروف موضوعية، كان قد تنبه لها الباحث المصري سعد الدين إبراهيم في كتابه "النظام العربي الجديد" الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، وقد درس مجموعة التحولات التي شهدها المجتمع العربي في تلك الآونة، وربطها في الغالب بالمتغير النفطي وأثره على الاقتصاد في الدول العربية المتوسطية، مصر وسوريا وفلسطين والمغرب والأردن، والتي ستسمى بعد ذلك بدول الاقتصاد الريعي، وتحصل على عوائد النفط الخليجي من خلال المساعدات وتحويلات العمالة والسياحة وسواها من المدخلات الاقتصادية.

ادعى إبراهيم حينها، أن الحجاب انتشر بوصفه نوعا من الحماية الذاتية للفتاة وعنوانا لا يجرؤ أصحاب الجيوب المليئة بأموال النفط من الاقتراب منه، ومن ثم فإن البنت أو المرأة المحجبة ستحمي نفسها من التحرش أو طمع أولئك الذين جاؤوا من بلادهم ويعتقدون أنهم يمتلكون المفتاح السحري للوصول إلى كل ما يريدون الوصول له، وشجّعهم على ذلك فساد الأجهزة في البلدان العربية المستقبلة ولهاثهم وراء المال الخليجي وإبداء الاستعداد لفعل أي شيء وكل شيء حتى يحصلوا على جزء مما في جيوب هذا الزائر، وبعضهم اعتقد أن فرصة واحدة قد تخرجه من الفقر إلى الأبد.

لكن نظرية سعد الدين إبراهيم قد تكون صحيحة بنسبة معينة، لكنها لا تصلح وحدها لتفسير ظاهرة انتشار الحجاب في البلاد العربية؛ فالمعلوم أن السياح القادمين من الخليج كانوا يفضلون العواصم أو المدن الكبرى، نظرا لوجود خدمات سياحية بها مثل الفنادق والمطاعم والحانات، وسكان هذه المدن في أحسن الأحوال لا يتجاوز 20 في المائة من سكان البلاد في ذلك الوقت، فلماذا وكيف إذا انتشر الحجاب في بقية البلاد؟ يجيب الباحث على ذلك بالقول إن العمال العائدين من الخليج نشروا نمط التدين الخليجيانتشار الحجاب في سوريا كان نتيجة تفاعل العديد من العوامل التي شكّلت شرطا لهذا التحوّل، ولم ينتشر الحجاب لا بالدعوة ولا بالقسر والإجبار، فضلا عن أن الظرف السياسي الراهن غير مناسب لمثل هذه الدعوة بما فيه نمط لباس المرأة والحجاب، وهذا تفسير غير دقيق نظرا لنسبة الذين ذهبوا للعمل في الخليج في ذلك الوقت وبالنظر كذلك لمكانتهم الاجتماعية ومحدودية تأثيرهم.

كان انتشار الحجاب انعكاسا لتحول أشمل عاشته المجتمعات العربية، شمل تمدين الريف وترييف المدن، ومكننة أدوات الإنتاج ومنها القطاع الزراعي ومعه سيصبح الاختلاط نادرا في الريف، بل سيصبح الفصل رمزا للمكانة الاجتماعية المتقدمة، ووصول الكهرباء الى غالبية الحواضر والأرياف العربية، وانتشار التلفزيون والهاتف حيث ستحقق هذه الأدوات بديلا عن الاختلاط بالناس، وموت أو تراجع أحزاب اليسار بدرجة كبيرة، وعسكرة المجتمعات العربية وتغوّل الاستبداد وبلوغه درجات لم يسبق أن وصل لها سابقا، ونتج عن ذلك تقوقع المجتمعات العربية وانغلاقها على نفسها، والعودة لقيم العائلة والعشيرة، حيث تصبح قضايا الشرف والعار مسائل مركزية في تقييم المكانة الاجتماعية، ما دفع الكثيرات من النساء إلى التمسك بالحجاب كبادرة للحفاظ على مكانة عائلاتهن الاجتماعية.

والحال، فإن انتشار الحجاب في سوريا كان نتيجة تفاعل العديد من العوامل التي شكّلت شرطا لهذا التحوّل، ولم ينتشر الحجاب لا بالدعوة ولا بالقسر والإجبار، فضلا عن أن الظرف السياسي الراهن غير مناسب لمثل هذه الدعوة، وبالتالي فإن الجدوى من ورائها معدومة للقائمين بها، كما أن عوائدها السلبية خطيرة، حين يعتبرها أنصار نظام الأسد معيارا لديمقراطية الأنظمة واستبدادها.

x.com/ghazidahman1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا الأسد الحجاب الدعوة سوريا الأسد حجاب دعوة مقالات مقالات مقالات اقتصاد صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة رياضة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذا التحو ل الحجاب فی فی سوریا

إقرأ أيضاً:

بفيديو مصور.. حافظ الأسد يتحدث لأول مرة منذ سقوط النظام

في فيديو "سيلفي" مفاجئ، حسم حافظ بشار الأسد نجل الرئيس السوري السابق بشار الأسد، الجدل، بشأن حقيقة ملكيته حسابات التواصل الاجتماعي على منصتي "إكس" و"تلغرام"، والتي نشر عليها قبل أيام تفاصيل الساعات الأخيرة لعائلته في سوريا.

وأكد حافظ أن الحسابات له فعلا وهو لا يملك أي حسابات أخرى على منصات أخرى.

وقال حافظ في فيديو مقتضب: "صار تساؤل حول الحسابين على "إكس" و"تيليغرام" وهل هم تابعين لي؟.. حبيت أوضح إنهم بالفعل لي، وليس لدي حساب غيرهم على أي منصة أخرى.. سلام".

وظهر حافظ وهو يتمشى في شارع بحي راق، تبين لاحقا إنه في العاصمة الروسية موسكو، بينما صور الفيديو بكاميرا الهاتف.

منشور حافظ الأخير

وكتب الحساب الذي حمل اسم حافظ بشار الأسد وكان موثقا بالعلامة الزرقاء أنه "لم يكن هناك أي خطة ولا حتى احتياطية لمغادرة دمشق ناهيك عن سوريا".

وأضاف: "على مدى 14 عاما الماضية مرت سوريا بظروف لم تكن أقل صعوبة وخطورة من التي مرت بها في نهاية نوفمبر وبداية ديسمبر الماضيين ومن أراد الهروب لهرب خلالها، وخاصة خلال السنوات الأولى عندما كانت دمشق شبه محاصرة وتقصف يوميا وكان الإرهابيون على أطرافها واحتمال وصولهم إلى قلب العاصمة قائما طوال تلك الفترة".

وتابع: "قبل بداية الأحداث الأخيرة سافرت من دمشق إلى موسكو يوم 20 نوفمبر على متن خطوط أجنحة الشام من أجل رسالة الدكتوراه في 29 نوفمبر، كانت أمي حينئذ في موسكو بعد عملية زرع نقي العظم التي أجرتها في نهاية الصيف وذلك نظرا لمتطلبات العزل المرتبطة بالعلاج".

وأردف: "كان من المقرر أن أبقى لفترة بعد الدكتوراه لاستكمال بعض الإجراءات المرتبطة بالشهادة، ولكن بسبب تدهور الأوضاع في سوريا عدت إلى دمشق على متن الخطوط الجوية السورية يوم الأحد الأول من ديسمبر، لأكون مع أبي وأخي كريم، بقيت أمي في موسكو لاستكمال علاجها وبقيت أختي زين معها".

الحساب استكمل السرد: "أما بخصوص أحداث يومي السبت 7 و8 ديسمبر ففي صباح السبت قدم أخي امتحانا لمادة الرياضيات في المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا في دمشق حيث كان يدرس وكان يُحضِّر نفسه للعودة للدوام في اليوم التالي، واختي كانت قد حجزت تذكرة للعودة إلى دمشق على متن الخطوط الجوية السورية في اليوم التالي أي الأحد".

كما أوضح: "بعد ظهر يوم السبت، انتشرت إشاعات بأننا هربنا خارج البلاد، واتصل بي عدد من الأشخاص للتأكد من وجودنا في دمشق، ونفيا لذلك، ذهبت إلى حديقة النيربين في حي المهاجرين والتقطت صورة لي نشرتها على، (لم يكن حسابا عاما، وهو الآن مغلق) على منصة "إنستغرام"، وبعدها بفترة قليلة تداولت الصورة بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي".

وبين حافظ: "حتى ذلك الحين بالرغم من أصوات الرمايات البعيدة، لم يكن هناك شيء خارج عن المألوف الذي اعتدناه منذ السنوات الأولى للحرب، واستمر الوضع على هذا الحال، إذ كان الجيش يحضر للدفاع على دمشق، ولم يكن تدهور الأمور حتى خبر انسحاب الجيش من حمص، الذي كان مفاجئا كما كان قبله انسحاب الجيش من حماة وحلب وريف إدلب".

وأشار إلى أنه: "مع ذلك، لم تكن هناك تحضيرات أو أي شيء يوحي بمغادرتنا، إلى أن وصل إلى بيتنا في حي المالكي مسؤول من الجانب الروسي بعد منتصف الليل، أي في صباح الأحد، وطلب انتقال الرئيس إلى اللاذقية".

وأردف: "بعد حين انطلقنا باتجاه مطار دمشق الدولي ووصلنا إليه حوالي الساعة الثالثة بعد منتصف الليل والتقينا بعمي ماهر هناك، حيث كان المطار خاليا من الموظفين بما في ذلك برج المراقبة، ومن ثم انتقلنا على طائرة عسكرية روسية إلى اللاذقية، حيث هبطنا في مطار حميميم قبل طلوع الفجر".

ولفت إلى أنه: "في ساعات النهار الأولى، أي الأحد، كان من المفترض أن نتحرك باتجاه الاستراحة الرئاسية في منطقة برج إسلام، والتي تبعد عن القاعدة بالطريق أكثر من 40 كيلومتراً، ولكن محاولات التواصل مع أي أحد من باءت بالفشل.

وأكد أنه في ذلك الوقت "كانت جميع الهواتف التي تم الاتصال بها مغلقة، وبدأت ترد المعلومات بانسحاب القوات من الجبهة مع الإرهابيين وسقوط آخر المواقع العسكرية، في نفس الوقت، بدأت الهجمات المتتالية بالطيران المسير تستهدف القاعدة، وتزامن ذلك مع إطلاق نار قريب وبعيد في محيطها، وهذه الحالة استمرت طوال فترة وجودنا هناك".

وأكمل المنشور: "بعد الظهر أطلعتنا قيادة القاعدة على خطورة الموقف في محيطها، وأبلغتنا بتعذر الخروج من القاعدة، نظرا لانتشار الإرهابيين والفوضى وانسحاب الوحدات المسؤولة عن حماية القاعدة، بالإضافة إلى انقطاع الاتصال مع كافة القيادات العسكرية، وأنه بعد التشاور مع موسكو، طلبت موسكو منهم تأمين انتقالنا إلى موسكو، حيث أقلعنا باتجاهها على متن طائرة عسكرية روسية، ووصلنا إليها في الليل، أي ليل الأحد 8 ديسمبر".

منصة إكس حذفت المنشور بعد أقل من ساعة من نشره وأغلقت الحساب دون تعليق رسمي.

مقالات مشابهة

  • نجل بشار الأسد يكشف تفاصيل الهروب إلى موسكو
  • بالقرب من «الكرملين».. «حافظ الأسد» يكشف موقعه
  • في فيديو مفاجئ.. إبن بشار الأسد يكشف لأول مرة تفاصيل فرار عائلته من سوريا
  • ابن بشار الأسد يقدم رواية جديدة لليلة الفرار من سوريا
  • أول ظهور لحافظ الأسد بعد هروبه من سوريا إلى دمشق .. فيديو
  • حافظ بشار الأسد ينشر فيديو من موسكو ويتبنى ما انتشر في العالم عن قصة “الهروب الكبير” من سوريا
  • حافظ الأسد يظهر بفيديو مفاجئ ويتبنى منشور ليلة الهروب
  • بفيديو مصور.. حافظ الأسد يتحدث لأول مرة منذ سقوط النظام
  • بفيديو مصور.. حافظ الأسد يتحدث حول منشوره الأخير