ماذا يجري على الحدود بين سوريا ولبنان؟ محاولة لضبط الأمن أم تصفية حسابات مع حزب الله وعهد بشار الأسد
تاريخ النشر: 14th, February 2025 GMT
في حديثه مع "يورونيوز"، نفى الشيخ نافذ علي عبد العلي، أحد وجهاء عشيرة آل جعفر الشيعية، أن تختزل الاشتباكات الأخيرة بقضية تهريب مخدرات، قائلًا إن الطرف الآخر يحاول الترويج لهذه السردية عبر وسائل الإعلام، لكن ما حدث ميدانيًا مختلف، مؤكدًا عدم وجود علاقة تربطهم بحزب الله.
خلال الأيام الماضية، شهدت الحدود اللبنانية السورية توتراً أمنياً ملحوظاً، حيث اندلعت اشتباكات دامية بين القوات التابعة للنظام السوري، والتي تتألف بشكل رئيسي من عناصر هيئة تحرير الشام من جهة، الجماعة السنية التي أطاحت بنظام بشار الأسد، والعشائر اللبنانية الشيعية التي تسكن منطقة الهرمل من جهة أخرى.
أسفرت المعارك عن سقوط قتلى وجرحى من الجانبين، وشهدت المنطقة عمليات خطف، فضلاً عن تبادل إطلاق النار باستخدام الأسلحة الثقيلة والمتوسطة. كما شارك الجيش اللبناني بالمعركة جزئيًا، حيث رد على مصادر النيران القادمة من الأراضي السورية.. فما القصة؟
بعد أيام من الاشتباكات، بعث الجيش اللبناني بتعزيزاته على الحدود مع سوريا، إثر ورود أنباء عن مكالمة هاتفية بين الرئيس اللبناني جوزاف عون والرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، المكنّى سابقا بأبو محمد الجولاني، لاحتواء الوضع المتأزم ومنع وقوع فتنة طائفية، وانتشرت الجيش اللبناني في النقاط التي وقعت فيها المعارك. إلا أن الأحداث الماضية تثير تساؤلات حول ما جرى، خاصة مع التضارب في السرديات وظهور مخاوف من تصاعد الصراع بين الطرفين اللذين تجمعهما خلفية طويلة من التوترات.
ما خطورة المسألة؟خصوصية منطقة الهرمل: تعدّ الهرمل الواقعة، شمال شرق لبنان، واحدة من المناطق التي يغلب عليها الطابع القبلي، حيث تقطنها مجموعة من العشائر المنتمية للطائفة الشيعية مثل زعيتر، جعفر، نون، شمص، وجمال وغيرها. وتواجه الهرمل تحديات في ترسيم الحدود الفاصلة بين الأراضي اللبنانية والسورية، إذ لا يزال الترسيم غير واضح المعالم. كما أن لهذه العشائر اللبنانية امتدادا إلى القرى السورية الحدودية، حيث تسكن هناك منذ مئات السنين.
وتتمتع الهرمل بنوع من الاستقلال الأمني والإداري، وهو ما يُعزى جزئيًا إلى تهميشها من قبل الدولة المركزية على مرّ الزمن. كما أنها، ونظرًا لموقعها، تُستغلّ من قبل تجار المخدرات.
تاريخ من الدماء بين جبهة النصرة والعشائر: قبل نحو 9 سنوات، شنت جبهة النصرة التي كان يتزعمها أبو محمد الجولاني المعروف حاليا باسم أحمد الشرع، مع تنظيم "داعش"، حملة شرسة على جرود لبنان خلال الحرب الأهلية السورية، سيطروا خلالها على جزء من القرى الحدودية. واشتعلت في تلك الفترة معارك لتحرير الأراضي من النصرة وداعش، عُرفت في لبنان باسم "فجر الجرود" شاركت فيها العشائر المسلحة وحزب الله إلى جانب الجيش اللبناني الذي كان يقوده آنذاك جوزاف عون وقد أسفرت تلك المعارك عن دحر جبهة النصرة وداعش، وساهمت في تعزيز الروابط ما بين الجيش وحزب الله والعشائر.
الوضع اختلف: يأتي توقيت الاشتباكات الحالية في ظرف شديد الحساسية بالنسبة للبلدين. فقد خرج لبنان للتو من حرب طاحنة مع إسرائيل ناهيك عن انشغاله بتحديات اقتصادية وسياسية أولها تشكيل الحكومة.
أما حزب الله، الذي شارك في الحرب الأهلية السورية، فقد قرر عقب الحرب الأخيرة، أن يعتكف عن ممارسة نشاطاته العسكرية ويسلم الملف الأمني للدولة اللبنانية التي يرى البعض أنها عاجزة عن السيطرة عليه، خاصة في ظل تواجد الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان.
وبالنسبة لسوريا، فقد تغيّر الحكم بعد أن أطاحت المعارضة المسلحة بقيادة أحمد الشرع بنظام بشار الأسد نهاية العام الماضي. ولا تزال البلاد تواجه صعوبات في الإمساك بزمام الأمور من الناحية الأمنية، لاسيما فيما يتعلق بحل الفصائل المسلحة وتشكيل جيش وطني جامع.
وتخشى العشائر أن تكون الاشتباكات الحالية، في ظل تراجع قوة حزب الله العسكرية، وانشغال الجيش بجنوب لبنان، محاولة للانتقام منها من قبل هيئة تحرير الشام، رغم إعلان الشرع عن حل جميع الفصائل المسلحة، واختلاف الراوية الرسمية السورية بشأن أصل الاشتباكات.
ما سردية الطرفين حيال الاشتباكات الحالية؟من جانبها، قالت قوات الأمن السورية إن المعارك على الحدود مع لبنان تأتي في سياق محاولتها لضبط الأمن في تلك المنطقة وأن عملياتها كانت تستهدف "مهربين وأفراد مطلوبين للدولتين وأشخاص تابعين لحزب الله"، ولم تكن مع العشائر اللبنانية.
منشور سانا بخصوص الاشتباكات على الحدود اللبنانيةفي المقابل، أصدرت العشائر بيانًا قالت فيه إن "قوات النظام السوري بادرت بإطلاق النار على بيوت المدنيين في القرى اللبنانية المتاخمة للحدود مع سوريا"، وهو ما استدعى ردًا ناريًا منها. وأكدت على عدم وجود علاقة تربطها بحزب الله، أو بتجّار المخدرات الذين يعدون حالات فردية لا يصح تعميمها.
Relatedسبقت هيئة تحرير الشام إلى دمشق وزعيمها يفوق الشرع طموحًا.. ما مصير الفصائل الجنوبية في سوريا؟وُلدت تحت الأنقاض ونجت بأعجوبة.. كيف تعيش الطفلة عفراء بعد عامين على زلزال سوريا الكارثي؟توحيد السلاح في سوريا: رغبة السلطة وتناقضات الواقعكيف بدأت الاشتباكات؟في حديثه مع "يورونيوز"، نفى الشيخ نافذ علي عبد العلي، أحد وجهاء عشيرة آل جعفر الشيعية، أن تُختزل الاشتباكات الأخيرة بقضية تهريب مخدرات، قائلًا إن الطرف الآخر يحاول الترويج لهذه السردية عبر وسائل الإعلام، لكن ما حدث ميدانيًا مختلف، مؤكدًا عدم وجود أية علاقة تربطهم بحزب الله.
وشرح عبد العلي أن العلاقة مع دمشق بدأت تتوتر حديثًا، وقد تضررت على إثرها بعض العائلات اللبنانية التي تسكن القرى السورية الحدودية.
ولفت عبد العلي لـ"يورونيوز" إلى أن عشيرته، على غرار عائلات شيعية أخرى كزعيتر ونون، كانت تسكن المناطق الحدودية بين لبنان وسوريا "منذ مئات السنين". وبعد اتفاقية "سايكس بيكو" التي قسمت منطقة الشرق الأوسط عام 1916، بقيت تلك العشائر مستقرة في القرى الحدودية السورية مثل جرماش ووادي الحوراني ومراح البدوي، وحافظت على علاقة طيبة مع الجانب السوري.
أما بعد سقوط نظام الأسد، قال عبد العلي إن عشيرة آل جعفر طلبت من أقربائها الشيعة الذين يسكنون القرى السورية الانسحاب باتجاه الحدود اللبنانية، خشية حدوث توترات مع النظام الجديد ووقوع فتنة طائفية قبيل إعادة تشكيل الدولة، وهو ما استجابت له العشائر، على حد تعبير الشيخ.
وبعد انسحاب العشائر إلى الجانب اللبناني، قال عبد العلي لـ"يورونيوز" إن النظام السوري الجديد "باشر بقصف القرى اللبنانية، بالمدافع والطائرات المسيرة، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من المدنيين، وهو ما دفع العشيرة للرد بإطلاق النار على قوات النظام.
وتابع الشيخ قائلا:"وصلنا إلى هذا الواقع ولم نكن نتمناه"، مؤكدًا على عدم وجود رغبة لدى العشائر اللبنانية بوقوع فتنة طائفية، نظرًا لحساسية المرحلة التي تمر بها سوريا.
وشدد عبد العلي على رغبة العشائر بالتوصل إلى حل يقضي بالعيش المشترك ويحافظ على حقوق العائلات اللبنانية التي تسكن القرى السورية الحدودية، لأنّ "شرعيتها تأتي من تواجدها التاريخي في تلك المنطقة".
في هذا السياق، قال محمد عواد، مستشار في العلاقات السياسية، وأحد الوسطاء الذين اطلعوا على الملف وتواصلوا مع الطرفين، إن القرى التي جرت فيها الاشتباكات كان يسكنها بعض المهرّبين، لكنهم "لا يمثلون سوى أنفسهم ولا يمكن تعميم الاتهام على جميع المواطنين".
وتابع لـ"يورونيوز" أنه بعد سقوط نظام الأسد "تعاملت بعض القوات السورية مع سائر العشائر على أنهم مطلوبون"، وذلك بعدما دخل لواء "علي بن أبي طالب"، إحدى الكتائب التابعة لهيئة تحرير الشام، قرية حاويك في ريف حمص."
وشرح الوسيط الذي تواصل مع النظام السوري، أن الكتيبة، و"بسبب عدم إلمامها بطبيعة المنطقة"، ظنت أن أهالي القرية على صلة بحزب الله، فأخطأت التقدير وجرت الاشتباكات، قبل أن يتراجع النظام ويسحبها من المنطقة.
بعد هدوء الوضع نسبيًا، يلفت عواد إلى ضرورة توصل السلطات من كلا الجانبين إلى حل عادل للعشائر اللبنانية التي تسكن الأراضي السورية منذ مئات السنين.
ويردف: "لا يمكن للدولة اللبنانية التعامل مع هذه القرى على أنها ملك لها، كما لا يمكن للجانب السوري التعامل مع هذه العائلات على أنها عدوّ له".
كما شدد الشيخ عبد العلي على ذات المطالب، قائلًا إنهم في انتظار أن يستتب الأمن في سوريا حتى يتمكنوا من التوصل إلى صيغة مع الدولة السورية يستطيعون من خلالها الحفاظ على نظام حياتهم السابق والعيش بشكل آمن.
قضية ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا من أولويات المرحلة الجديدةيُذكر أن رجل دمشق القوي أحمد الشرع ، وفي أول لقاء له مع رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي، أكد على موضوع ترسيم الحدود يعدّ أولوية لإدارته، واتفق مع ميقاتي على أن يتابع الملف لجنة مختصة، كما شدد على مسألة مكافحة التهريب، قائلاً: "هناك ضرورة لتعزيز الإجراءات المتبادلة والمشتركة على الحدود لحماية أمن البلدين وسيادتهما ومنع أي أعمال تضرّ بهما وبأمنهما واستقرارهما".أما بعد الأحداث الأخيرة، فيبدو أن الطرفين سيكونان أمام تحديات صعبة.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية هل تخلت واشنطن عن محاربة داعش؟ حديث عن نهاية وشيكة للوجود العسكري الأمريكي في سوريا الشرع يدعو أردوغان لزيارة سوريا في أقرب وقت ويقول "الدم السوري اختلط بالدم التركي في معارك التحرير" سوريا: إصلاحات اقتصادية جذرية.. خطة لتسريح ثلث العاملين بالقطاع العام وخصخصة شركات مملوكة للدولة تهريبسوريابشار الأسدأبو محمد الجولاني اشتباكاتلبنانالمصدر: euronews
كلمات دلالية: دونالد ترامب إسرائيل قطاع غزة الصحة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إيلون ماسك دونالد ترامب إسرائيل قطاع غزة الصحة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إيلون ماسك تهريب سوريا بشار الأسد أبو محمد الجولاني اشتباكات لبنان دونالد ترامب إسرائيل قطاع غزة الصحة إيلون ماسك الصراع الإسرائيلي الفلسطيني فلاديمير بوتين ضحايا قصف الضفة الغربية الاتحاد الأوروبي حريق العشائر اللبنانیة اللبنانیة التی الجیش اللبنانی القرى السوریة تحریر الشام یعرض الآنNext أحمد الشرع على الحدود عبد العلی بحزب الله التی تسکن عدم وجود فی سوریا وهو ما على أن
إقرأ أيضاً:
«حافظ بشار الأسد» ينشر تفاصيل جديدة حول «الليلة الأخيرة» في سوريا
نشرت حسابان يحملان اسم “حافظ الأسد ابن الرئيس السوري السابق بشار الأسد”، على منصتي “إكس” و”تيلغرام” منشور يتضمن الحديث حول “الليلة الأخيرة” في سوريا وسيطرة المسلحين على دمشق”.
وفي المنشور، أكد “حافظ الأسد”، أنه “لم يكن هناك أي خطة، ولا حتى احتياطية، لمغادرة دمشق، ناهيك عن سوريا”.
وقال: “على مدى الـ14 عاماً الماضية مرت سوريا بظروف لم تكن أقل صعوبةً وخطورةً من التي مرت بها في نهاية نوفمبر وبداية ديسمبر الماضيين”. وأضاف: “من أراد الهروب لهرب خلالها، وخاصةً خلال السنوات الأولى عندما كانت دمشق شبه محاصرة وتُقصف يومياً، وكان الإرهابيون على أطرافها، واحتمال وصولهم إلى قلب العاصمة قائماً طوال تلك الفترة”.
وأضاف حافظ أنه “سافر إلى موسكو في 20 نوفمبر الماضي من أجل “رسالة الدكتوراه” التي يُعدّها، مشيراً إلى أن والدته أسماء الأسد كانت حينها “في موسكو، بعد عملية جراحية أجرتها في نهاية الصيف، وذلك نظراً لمتطلبات العزل المرتبطة بالعلاج”، قبل أن يعود إلى دمشق في 1 ديسمبر ليكون مع والده وشقيقه كريم، بينما كانت شقيقته زين في موسكو أيضاً”.
وحول التطورات التي جرت يومي 7 و8 ديسمبر 2024 مع اقتراب فصائل المعارضة التي قادها الرئيس الحالي “أحمد الشرع” من دمشق، قال حافظ: “صباح السبت، قدم أخي امتحاناً لمادة الرياضيات في المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا في دمشق، حيث كان يدرس، وكان يحضر نفسه للعودة للدوام في اليوم التالي، وأختي كانت قد حجزت تذكرة للعودة إلى دمشق على متن الخطوط الجوية السورية في اليوم التالي، أي الأحد”.
وتابع: “بعد ظهر يوم السبت، انتشرت إشاعات بأننا هربنا خارج البلاد، واتصل بي عدد من الأشخاص للتأكد من وجودنا في دمشق، ونفياً لذلك، ذهبت إلى حديقة النيربين في حي المهاجرين، والتقطت صورةً لي نشرتها في حسابي الشخصي (لم يكن حساباً عاماً، وهو الآن مغلق) في منصة إنستغرام، وبعدها بفترة قليلة تداولت الصورة بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي”.
وأشار حافظ إلى أنه “بالرغم من أصوات الرمايات البعيدة، لم يكن هناك شيء خارج عن المألوف الذي اعتدناه منذ السنوات الأولى للحرب”.
وذكر أن “الوضع استمر على هذا الحال، إذ كان الجيش يحضر للدفاع على دمشق، ولم يكن هناك ما يوحي بتدهور الأمور حتى خبر انسحاب الجيش من حمص، الذي كان مفاجئا، كما كان قبله انسحاب الجيش من حماة وحلب وريف إدلب”.
وواصل حافظ الأسد: “مع ذلك، لم تكن هناك تحضيرات أو أي شيء يوحي بمغادرتنا، إلى أن وصل إلى بيتنا في حي المالكي مسؤول من الجانب الروسي بعد منتصف الليل، أي في صباح الأحد، وطلب انتقال الرئيس إلى اللاذقية لبضعة أيام، بسبب خطورة الوضع في دمشق، وإمكانية الإشراف على قيادة المعارك من هناك، باعتبارها كانت لم تزل مستمرة على جبهتي الساحل وسهل الغاب”.
وفيما يتعلق بما قيل حول مغادرة “الأسد” من دون إبلاغ أقاربه الذين كانوا موجودين في دمشق، لفت حافظ، إلى أنه هو “من قام بالاتصال بأبناء عمته أكثر من مرة حالما عرفنا بانتقالنا، وعلمنا من العاملين في منزلهم إنهم غادروه إلى وجهة غير معروفة”، وأضاف: “بعد ذلك انطلقنا باتجاه مطار دمشق الدولي، ووصلنا إليه حوالي الساعة الثالثة بعد منتصف الليل، والتقينا بعمي ماهر (الأسد) هناك، حيث كان المطار خالياً من الموظفين بما في ذلك برج المراقبة، ومن ثم انتقلنا على متن طائرة عسكرية روسية إلى اللاذقية، حيث هبطنا في مطار حميميم قبل طلوع الفجر”.