قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، إنه إذا كانت التغيرات المناخية نتيجة حتمية لسلوكيات لم تحترم البيئة ولا مكوناتها؛ وظاهرة غير طبيعية أسهمت دول العالم في صناعتها؛ فإن أفريقيا لم تسهم إلا بجزء ضئيل جدا من هذه السلوكيات، ومع هذا فقد تكون المنطقة الأكثر حساسية وتضررا بسببها.

 المحافظة على البيئة

وأضاف وكيل الأزهر، خلال كلمته في الملتقى البيئي العاشر لجامعة الأزهر «من أجل المناخ أفريقيا في القلب» تحت شعار «بيئتنا حياتنا»، أنه من الواجب ونحن نتباحث حول المحافظة على البيئة وإدارة مواردها أن نعترف بأن الإسلام قد سبق الحضارات الحديثة في العناية بالبيئة، والارتقاء بها، وحمايتها من الفساد والتلوث، وذلك بوضع تشريعات خاصة وضوابط محكمة تدور حول العمارة والتثمير، والتشجير والتخضير، والنظافة والتطهير، وغير ذلك من آليات تتجاوز حد المحافظة على البيئة إلى الإحسان إليها، واستثمار مواردها بما لا يضر بالتوازن الطبيعي.

وتابع «الضويني»، أن من يتأمل هذه التشريعات والأوامر والنواهي التي تعنى بالبيئة يرى أنها تنتظم في سياق لا يجعل العلاقة بين الإنسان والكون علاقة مسيطر بمسيطر عليه، أو علاقة مالك بمملوك، وإنما هي علاقة أمين بما استؤمن عليه، غير أننا نحتاج إلى أن نستحضر هدي السماء ليكون واقعا حياتيا وسلوكا حضاريا يحسن إلى الكون، ويحفظ لنا مواردنا ولأجيال المستقبل حظهم منها.

تغير المناخ من أكثر القضايا انتشارا وتهديدا في عصرنا

وأكد أن تغير المناخ من أكثر القضايا انتشارا وتهديدا في عصرنا، وأحد أسباب ظهورها هو طغيان اللذات، والحرص على الشهوات، وتحول الإنسان من كائن معمر- وهذا هو الأصل- إلى كائن مستهلك؛ فالواقع المعاصر يغذي المادة وحدها، ويحجب أو يؤخر على الأقل المكون الأصيل للإنسان، وهو الروح، وما يتعلق به من قيم حضارية، ومن ثم، فإن نظرة الإنسان المادي إلى الكون من حوله نظرة المستهلك المنتفع، وليست نظرة المؤتمن المحسن، فهو واقع في الإسراف والتبذير إرضاء لشهوته، وهو يرمي المخلفات أو يحرقها، أو يستخدم مواد تؤثر سلبا على البيئة طالما أدى هذا إلى مكسب كبير وسريع بغض النظر عن أي قيمة دينية أو حتى أخلاقية.

وشدد وكيل الأزهر على أن التخطيط للمستقبل ليس شعارا براقا، ولا رجما بالغيب، ولا تعلقا بالظن، وإنما هو علم له مناهجه وأسسه وأدواته، يستخدم الماضي المدروس، والحاضر الملموس لبناء مستقبل أفضل، ولا يجوز في عرف الإسلام الذي أمر بالعلم أن يتخلف المسلمون عن علوم المستقبل، وأن يعيشوا بمعزل عنها، وخاصة أنها تتطور يوما بعد يوم، وتخدمها عقول كبيرة، ومؤسسات ضخمة في أنحاء العالم.

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: وكيل الأزهر التغيرات المناخية الملتقى البيئي وکیل الأزهر على البیئة

إقرأ أيضاً:

من برجي بتروناس التوأم إلى برج القاهرة.. كيف عزز الأزهر علاقة مصر بماليزيا؟

يعد الأزهر الشريف، والذي تجاوز عمره الألف وثمانين عاما، أبرز القوى الناعمة لمصر، ويعرف الكثير من أبناء العالم الإسلامي مصر بالأزهر، وليس هذا من قبيل المبالغة، بل إن الواقع المشاهد يكشف أن الأزهر لم يقتصر على كونه قلعة علمية وثقافية تصدر للعالم الإسلامي المنهج الوسطي المستنير، وإنما سعى لتوطيد علاقاته بكل الدول الإسلامية لدعم وحدة الأمة وتلاحمها، واستقلال عالمنا الإسلامي باستقلال كل جزء فيه، وبعث روح التضامن بين كل أجزاء الجسد المسلم.

وكان الطلاب الوافدون للدراسة في الأزهر والمبتعثين الأزهريين، عاملين مهمين في توطيد علاقة الأزهر بدول العالم الإسلامي، ولذا، حرص الأزهر على فتح أبوابه لكل الراغبين في تلقي العلوم من مختلف دول العالم، وذلك من خلال تخصيص منح دراسية مدعومة بالكامل، وزيادتها بشكل دوري لاستيعاب كل القلوب المعلقة بمآذن الجامع الشريف، وعقول علمائه الذين سعوا لنشر الصورة الصحيحة عن الإسلام وتعليم علوم الدين والدنيا.

ويحظى الأزهر الشريف بمكانة رفيعة في القارة الأسيوية وبخاصة بين شعوب جنوب شرق القارة، والتي يأتي في مقدمتها إندونيسيا وماليزيا، ويحتفظ الأزهر بعلاقات تاريخية وثيقة بماليزيا، حيث حرص الماليزيون على إرسال أبنائهم للدراسة في الجامع الأزهر، وأنشئوا رواقا خاصا بهم سمي رواق جاوة أو الرواق الجاوي، والذي بدأ بعشرات الطلاب من ماليزيا وإندونيسيا والفلبين، حتى تجاوز أعداد الطلاب الماليزيين آلاف الطلاب والطالبات في الوقت الراهن.

وكان الأزهر داعما لاستقلال ماليزيا من وطأة الاحتلال الإنجليزي عام ١٩٥٧، وقد حمل خريجو الأزهر في ماليزيا، بعد الاستقلال، جنبا إلى جنب مع المبعوثين الأزهريين، مهمة نشر العلوم الشرعية، وقام عدد من خريجي الأزهر في ماليزيا بإنشاء المعاهد الدينية لتعليم المسلمين علوم الدين، كما حرصت ماليزيا على تنسيق الجهود والقضايا ذات الصبغة الشرعية مع الأزهر باعتباره المرجعية الإسلامية الأكبر، فبادر الشيخ محمود شلتوت، شيخ الأزهر الأسبق، بزيارة ماليزيا عام ١٩٦٢، وأعلن آنذاك ترحيب الأزهر بمبادرة "صندوق الحج" التي أطلقتها ماليزيا، وهي عبارة عن تأسيس صندوق استثماري خاص بالحج يضمن جمع أموال الماليزيين الراغبين في أداء فريضة الحج واستثمارها في مشروعات ربحية تتوافق مع الشريعة الإسلامية بهدف زيادة رأس مال الصندوق، وتنظيم الوفود بما يسمح للجميع بأداء الفريضة، وقد استحسن المبادرة الدكتور شلتوت وهو ما أكسبها ثقة كبيرة لدى الماليزيين.

كما قام علماء الأزهر وأساتذته وخريجيه بدور محوري في تأسيس أقسام وبرامج العلوم الإسلامية بجامعة مالايا في نهايات الستينيات من القرن الماضي، والجامعة الوطنية الماليزية في بدايات السبعينيات من القرن الماضي، وحرصت الجامعتان على إيفاد الكثير من طلابها وباحثيها إلى الأزهر للنهل من منابعه العلمية الأصيلة والعودة إلى ماليزيا محملين بالكثير من المعارف والعلوم ليصبحوا بعد ذلك قادة وروادًا للعلوم الإسلامية في ماليزيا.

ومنذ ذلك الحين تطورت العلاقات العلمية والثقافية والدعوية بين ماليزيا والأزهر، وعزز فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، العلاقة مع ماليزيا من خلال زيادة المنح الدراسية المخصصة لأبناء ماليزيا للدراسة في الأزهر لتصل أعداد المنح إلى ٣٨ منحة سنوية، وقد وجه فضيلته بمضاعفة هذا العدد استثناء للعام الحالي ٢٠٢٣ / ٢٠٢٤، حيث تجاوز أعداد خريجي الأزهر في ماليزيا بعد الاستقلال ما يزيد عن ١٠٠ ألف خريج، وهو ما يشير إلى متانة العلاقة بين الأزهر وماليزيا، وثقة الماليزيين في الأزهر، وتم توقيع بروتوكول تعاون بين الأزهر ووزارة التعليم الماليزية عام ١٩٩٩ لتنظيم توافد الطلاب الماليزيين إلى الأزهر، وتم تجديده عام ٢٠٢٢.

كيف عزز الأزهر علاقة مصر بماليزيا

وحرصا من الأزهر على تعزيز العلاقات مع ماليزيا، استضافت أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ منذ إنشائها عام 2018، عشرات الأئمة الماليزيين، لتدريبهم على كيفية التعامل مع القضايا الدينية المعاصرة، وصقل مهاراتهم في تفنيد أفكار الجماعات المتطرفة، ورفع وعيهم بقضايا التعايش والاندماج والأخوة الإنسانية، والتعامل مع الشبهات المثارة حول قضايا المرأة في الإسلام وقضايا الجهاد والحاكمية وغيرها.

وفي مجال التعاون المشترك بين الأزهر الشريف وماليزيا في مجالات التعليم والدعوة والبحث العلمي، فشهدت العديد من البروتوكولات والاتفاقات، ففي ديسمبر عام 2008 تم عقد بروتوكول تعاون بين الحكومة الماليزية وجامعة الأزهر، ينص على أن تنظم الجامعة برنامجًا دراسيًّا خاصًّا متكاملًا وشاملًا للعلوم الإسلامية والعربية للطلاب والخريجين الماليزيين، وفي عام 2011) تم عقد اتفاقية التعاون الأكاديمي والتعليم المشترك بين الأزهر وجامعة العلوم الإسلامية الماليزية (USIM) لتعزيز التعاون في مجالات البحث العلمي وتبادل الأساتذة والطلاب. شملت الاتفاقية تنظيم ورش العمل والمؤتمرات العلمية المشتركة، وفي عام 2013 تم عقد اتفاقية التعاون مع الحكومة الماليزية، تهدف إلى إرسال مزيد من الطلاب الماليزيين للدراسة في الأزهر، وتضمنت الاتفاقية أيضًا تنظيم برامج تدريبية للأئمة والدعاة الماليزيين في الأزهر.

وفي عام 2015 تم عقد مذكرة التفاهم مع جامعة ملايا وهي إحدى أقدم وأعرق الجامعات في ماليزيا، لتعزيز التعاون الأكاديمي والثقافي، تضمنت المذكرة تبادل الطلاب والأساتذة وتنظيم الأبحاث المشتركة، أما في عام 2017 فقد تم عقد اتفاقية التعاون في مجال الدعوة والتعليم الإسلامي مع جامعة السلطان إدريس التربوية لتعزيز التعاون في مجالات التعليم الإسلامي والدعوة. هدفت الاتفاقية إلى تطوير المناهج الدراسية وتبادل الخبرات بين الأساتذة والباحثين، بينما في عام 2020 فتم عقد اتفاقية التعاون الثقافي والعلمي مع وزارة الشؤون الدينية الماليزية، لتعزيز التعاون الثقافي والعلمي بين البلدين، شملت الاتفاقية برامج تدريبية للمعلمين والأئمة، بالإضافة إلى تنظيم المؤتمرات العلمية المشتركة.

وتكريما لجهود فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، في خدمة الإسلام وقضايا المسلمين والطلاب الوافدين، تُوج في عام 2020 بجائزة «الشخصية الإسلامية الأولى"، الجائزة التي تُمنح للشخصيات المرموقة دوليًّا التي تلعب دورًا بارزا في خدمة الإسلام والمسلمين، بحضور رئيس وزراء ماليزيا وأعضاء الحكومة، وذلك خلال الاحتفاء بذكرى الهجرة النبوية الشريفة، حيث قرر فضيلته التبرع بقيمة الجائزة المالية للطلاب الوافدين الماليزيين، لتلبية متطلباتهم ورعاية لهم.

ويستضيف الأزهر ما يزيد عن 6500 طالب وطالبة ماليزي يدرسون بمختلف المراحل التعليميَّة من رياض الأطفال حتى مرحلة الدراسات العليا، فضلا عن مجمع أزهري "دار القرآن" في ماليزيا يضم ٨ مبتعثين أزهريين يُدرِّسون العلوم الشرعية والعربية لآلاف الطلاب الماليزيين، بالإضافة إلى خمس مدارس معادلة بشهادات الأزهر وهم: (الشهادة الدينية العالية- معهد تحفيظ القرآن بسلطنة ترنجاتو- كلية إسماعيل فترا الإسلامية - معهد دار القرآن الكريم جاكيم- معهد تحفيظ القرآن الكريم والقراءات).

جدير بالذكر أن السيد أنور إبراهيم، رئيس الوزراء الماليزي، قدَّم دعوة رسمية لشيخ الأزهر لزيارة البلاد، في 23 أكتوبر عام 2023، مؤكدًا أن الشعب الماليزى ينتظر هذه الزيارة بشغف كبير لما يحمله من حب وود لفضيلته وشعور بالانتماء لهذه المؤسسة الإسلامية العريقة، مشيرًا إلى أن الأزهر هو المؤسسة الإسلامية الأكبر في العالم الإسلامي، وهو قِبلة طلاب ماليزيا لتعلم العلوم الشرعية واللغة العربية.

اقرأ أيضاًبحضور وكيل الأزهر.. «البحوث الإسلامية» يفتتح لجنة الفتوى الرئيسة بالمنوفية بعد تطويرها

وكيل قطاع المعاهد الأزهرية: أجواء هادئة واستقرار في لجان الثانوية ولا توجد شكاوى

الضويني يتفقد لجان امتحانات الثانوية الأزهرية في شبين الكوم.. ويؤكد: طلابنا أمانة في رقابنا

مقالات مشابهة

  • شيخ الأزهر يحاضر علماء ماليزيا وشبابها حول وسطية الإسلام بحضور رئيس الوزراء
  • رئيس الوزراء الماليزي يحاوِر شيخ الأزهر حول وسطيَّة الإسلام
  • شيخ الأزهر يحاضر علماء ماليزيا وشبابها حول وسطية الإسلام
  • بحضور رئيس وزراء ماليزيا.. شيخ الأزهر يحاضر علماء ماليزيا وشبابها حول وسطية الإسلام
  • شيخ الأزهر ورئيس وزراء ماليزيا يفتتحان مجلس علماء وشباب الباحثين الماليزيين
  • شيخ الأزهر ورئيس وزراء ماليزيا يفتتحان مجلس علماء ماليزيا MADANI
  • شيخ الأزهر ورئيس وزراء ماليزيا يفتتحان مجلس علماء ماليزيا «MADANI»
  • شيخ الأزهر يحاضر علماء ماليزيا عن وسطية الإسلام: الحوار مفتاح التعايش السلمي
  • بعد ذهاب الإمام الأكبر لماليزيا.. كيف عزز الأزهر علاقة مصر بها؟
  • من برجي بتروناس التوأم إلى برج القاهرة.. كيف عزز الأزهر علاقة مصر بماليزيا؟