أكد خبراء وباحثون متخصصون في شؤون التاريخ والآثار والتراث والثقافة أن التعامل مع الذكاء الاصطناعي في مجال حفظ التراث الشعبي يحتاج إلى إمكانات ومهارات مسبقة لتحقيق هذا الهدف الحيوي المهم،  داعين  إلى بناء منصات علمية حديثة وإعداد مؤتمرات متخصصة  وتنفيذ برامج تدريبية تصب مخرجاتها جميعاً في دعم المعايير الفنية والأخلاقية والمعرفية للتراث وفق أسس ثابتة وموثوقة ومتوازنة تسهم في النتيجة بتحقيق التقارب الإنساني وفق المشتركات المعرفية والثقافية العامة.


جاء ذلك خلال أولى فعاليات المقهى الثقافي المنعقد ضمن فعاليات أيام الشارقة التراثية في البيت الغربي والتي أقيمت بعنوان (توثيق التراث الثقافي في عصر الذكاء الاصطناعي) بمشاركة كل من الدكتور عبد العزيز المسلّم رئيس معهد الشارقة للتراث والدكتور ماجد بو شليبي الأمين العام للمنتدى الإسلامي في الشارقة والدكتورة موزة غباش مديرة رواق عوشة بن حسين الأدبي في دبي والدكتور أحمد بهي الدين أستاذ الأدب الشعبي المشارك في جامعة حلوان بمصر والدكتور راشد المزروعي الباحث في شؤون التاريخ والتراث الشعبي.
وأشار الدكتور عبد العزيز المسلم إلى "وجود العديد من التحديات التي تواجه التراث في التعامل مع الذكاء الاصطناعي أهمها ظهور باحثين يعتمدون عليه بشكل تام وتتفاقم المشكلة بظهور جيل لا يهتم بالبحث ولا بالجودة وإنما السرعة فقط. وأرى أن التعامل مع  الذكاء الاصطناعي يحتاج لمهارات تفوق مجرد الحصول على المعلومة"، داعيا  إلى تأسيس منصات وطنية مدعومة لكل العلوم ومنها التراث لبناء أسس المعرفة بصورة مثلى.
وكشف المسلّم أن معهد الشارقة للتراث يدرس، ضمن جدول أعماله للسنة القادمة، مشروع إقامة مؤتمر يجمع المتخصصين من علماء الانثربولوجيا والآثار والتراث والمتخصصين بالهوية الإنسانية لبحث إمكانية مدى تغذية الذكاء الاصطناعي بما يسهم في توثيق التراث الثقافي المحلي والعربي من خلال روافد ومنصات تضع النقاط على الحروف وتسهم في بناء المجتمع المعرفي على قواعد سليمة وأصول ثابتة لتسير بالتراث نحو وجهته الصحيحة.
من جهته، قال الدكتور ماجد بو شليبي "أصبح الذكاء الاصطناعي جزءاً من علوم الآلة. فكل متخصص بمجال علمي معين ومنه الآثار والتراث لا بد أن يهتم بالذكاء الاصطناعي لكن لا يوجد الآن من يجيد إيصال هذه المهارة لمن يحتاجها"، لافتا إلى أن الذكاء الاصطناعي مكمل للذكاء البشري وليس بديلاً عنه وطالب معهد الشارقة للتراث بعمل برنامج تدريبي للباحثين في مجال التراث يعزز تطبيق القيم الأخلاقية في استعمال الذكاء الاصطناعي لا سيما في التوثيق والبحث العلمي.
وقال الدكتور أحمد بهي الدين إن "النظرة المأخوذة على المشتغلين بالتراث أنهم، وبحكم خصوصية عملهم، لا علاقة لهم بالواقع. وعلينا تصحيح هذه النظرة ونحن مقبلون على المستقبل من خلال الذكاء الاصطناعي فهو سيسهم كثيراً في الحد من التفاعل الإنساني والإبداع البشري وعلينا، ونحن نستقبل هذا الاختراع المهم، أن نفكر بإنسانيتنا وهويتنا وأن نفكر كيف نستثمره في تقديم تراث حين رصين وأصيل للأجيال المقبلة".
وقالت الدكتورة موزة غباش إن المستقبل كله ذاهب إلى الذكاء الاصطناعي وهذه حقيقة يؤكدها الواقع لكن السؤال المهم هو: كيف يمكن أن يكون هذا الاختراع ضامناً للهويات الوطنية بدلاً من تهديدها؟. ودعت إلى إعداد مصطلح معرفي جديد هو (التسامح أو المصالحة الثقافية) مع الثقافات الأخرى باعتبار أن البشر وإن كانوا مختلفين في الثقافات والهويات لكنهم في النهاية مشتركون في الإنسانية.
وقال الدكتور راشد المزروعي "لا تزال هناك صعوبات في تطويع الذكاء الاصطناعي في الكثير من جوانب التراث الشعبي إذ لا يزال قاصراً عن فهم اللهجات المحلية ولا يستطيع تقريب الصورة التي تعكس معانيها بشكل جلي. كما أن معظم  المصادر التي يحيل عليها في البحوث لا وجود لها على أرض الواقع وأنه لا يزال أمام الجميع الكثير من المهارات اللازم تعلمها قبل أن يصبح الذكاء الاصطناعي جزءاً أساسياً من حياتنا بشكل عام، والتراث على وجه الخصوص".

أخبار ذات صلة "أوبن إي آي" تكشف عن خطتها لإطلاق "تشات جي بي تي 5" «الثقافة» و«اليونسكو» يستعرضان جهود الإمارات في مشروع «إحياء روح الموصل» المصدر: وام

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي التراث الإنساني الآثار الثقافة الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

النمو السريع في سوق الذكاء الاصطناعي يعقّد مهمة المستثمرين

يعقّد التقدّم المتسارع في مجال الذكاء الاصطناعي مهمة المستثمرين الذين يبحثون عن جانب جديد في نظام يشهد تطوّرا متواصلا.
يؤكد جاي داس، رئيس شركة الأسهم الخاصة "سافاير فانتشرز"، في مؤتمر أُقيم هذا الأسبوع في لاس فيغاس بالولايات المتحدة، أن الذكاء الاصطناعي "يُعدّ إحدى الفرص (الاستثمارية) التي لا نشهدها سوى مرة واحدة كل جيل".
ويوضح أنه، خلال السنوات الخمس الفائتة، تم استثمار مبالغ طائلة في ابتكار برامج ذكاء اصطناعي توليدي مثل "تشات جي بي تي"، وشراء الرقائق اللازمة لتصميمها.
تنتهي هذه المرحلة الأولى مع أعداد كبيرة من هذه النماذج القادرة على توليد محتوى حسب الطلب وباللغة اليومية، وغالبا ما تكون مجانية مع تكاليف ابتكار منخفضة.
وينبغي على رواد الأعمال ومحترفي تكنولوجيا المعلومات أن يتخيّلوا حاليا نظاما مبنيا على هذه الأسس، وهي التطبيقات وروبوتات الدردشة المتخصصة والبرامج المُساعِدَة.
تقول لورين كولودني، المشاركة في تأسيس شركة الأسهم الخاصة "أكرو كابيتال" إن "ثمة حاليا شركات ناشئة كثيرة" في سوق الذكاء الاصطناعي، مضيفة أنّ "الصعوبة تكمن في الاستشراف بشكل جيد".
وتضيف "أحد الأمور الأكثر تعقيدا عند الاستثمار مبكرا" في حياة شركة، "هو فهم من سينجح في الحصول على ميزة تنافسية في دورة الذكاء الاصطناعي هذه"، والتي تتغير معاييرها.
ويقول فين تشاو، رئيس قسم الأبحاث في شركة "ألفا إديسون" التي تدعم الشركات الناشئة "ما يهمّ هو جودة نموذج عملك، وليس التكنولوجيا التي تستخدمها".
وعلى المستثمرين بحسب توماش تونغوز، مؤسس شركة "ثيوري فنتشرز"، أن يكونوا على دراية بما هو أوسع من نطاق الشركة الناشئة.
ويقول هذا الموظف السابق في شركة "غوغل": "ندرس نظام القطاع المعني بأكمله، لا فقط النموذج الاقتصادي لهذه الشركة".
الحماية ضد المنافسة
بالنسبة إلى البعض، يشكل إبعاد المنافسين بصورة كافية تحديا عندما لا تكون المشهدية مستقرة بعد.
يقول جوش كونستين من شركة "سيغنال فاير" للخدمات الاستثمارية "لا يكفي أن تكون الأول، بل ينبغي أن تكون لديك البيانات الصحيحة والخبراء"، مضيفا "المهم حاليا هو البيانات".
ويشير إلى "إيفن آب"، وهي منصة دعم لمحامي المسؤولية المدنية، لتحسين إعداد طلبات التعويض الخاصة بعملائهم.
أنشأت الشركة، التي استثمرت فيها "سيغنال فاير"، قاعدة معلومات بشأن اتفاقيات ودية بين الضحايا وشركات التأمين، غالبا ما تكون سرية.
يقول جوش كونستين إنّ "ذلك يوفر صورة لكل محام، اعتمادا على الخصائص الطبية للملف واستنادا إلى البيانات التاريخية، عمّا يمكن للشخص المطالبة به".
ويتابع "لا تمتلك اوبن ايه آي ولا حتى أنثروبيك هذه البيانات"، مضيفا "مَن ينشئون قواعد بياناتهم الخاصة سيحققون أكبر قدر من النجاح".
بالإضافة إلى اللاعبين الصغار، لم تعد شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى تكتفي بتزويد رواد الأعمال والمطورين بالأدوات اللازمة للابتكار، ولكنها تريد راهنا تقديم منتجات متخصصة جاهزة للاستخدام.
في بداية فبراير الماضي، تسرّب عبر الانترنت عرض لبرنامج افتراضي جديد ابتكرته شركة "اوبن ايه آي".
يقول كونستين "إن ذلك يشبه إلى حدّ ما فيسبوك قبل عشر سنوات"، مضيفا "إذا اخترعت تطبيقا قريبا جدا من أعمالهم، فتكون قد خاطرت بأن يطلقوا شيئا مشابها ويسحقوك".
يرى جيمس كوريه، الشريك الإداري لشركة الأسهم الخاصة "ان اف اكس"، أنّ الحماية ضد المنافسة لا تتعلق بالبيانات.
ويقول "في 95% من الحالات، أستطيع توليدها بنفسي أو نسخها (...) من دون الحاجة إلى بياناتك".
ويقول فين تشاو "إذا لم تبتكروا شيئا يتمحور على الإنسان ويمكن أن يتناسب مع الروتين اليومي ليوم العمل، فلن ينجح الأمر".

أخبار ذات صلة الذكاء الاصطناعي يعزز الاستدامة ويسرع مكافحة التغير المناخي «تيك توك» يفرض قيودًا جديدة على وقت استخدام الأطفال المصدر: آ ف ب

مقالات مشابهة

  • الصدر يعلق على استخدام الذكاء الاصطناعي
  • لاس فيغاس تستضيف قمة Zoom Growth Summit لتعزيز التواصل الإنساني عبر منصتها المعتمدة على الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي يفك لغزاً علمياً استعصى على العلماء لعقد كامل
  • استشاري: الذكاء الاصطناعي يفرض تحديات على بعض الوظائف التقليدية
  • بين الابتكار والسيطرة.. هيمنة الذكاء الاصطناعي الصيني
  • رمضان في الإمارات.. عادات وتقاليد تجسد روح التلاحم والتراحم المجتمعي
  • أيام أقل لتدريب الموظفين الجدد بفضل الذكاء الاصطناعي
  • إيران.. إطلاق منصة وطنية لـ«الذكاء الاصطناعي»
  • النمو السريع في سوق الذكاء الاصطناعي يعقّد مهمة المستثمرين
  • الذكاء الاصطناعي والدخول إلى خصوصيات البشر