زاد توجه جيش الاحتلال الإسرائيلي لبقاء طويل الأمد في المناطق السورية التي تقدم إليها جيش الاحتلال بعد سقوط نظام الأسد، حجم الضغط على الإدارة السورية الجديدة، التي تعيش تحديات عديدة بعد تسلمها السلطة في سوريا.

وكانت إذاعة الجيش قد أكدت أن الاحتلال قد أقام بهدوء شديد منطقة أمنية داخل الأراضي السورية، مضيفة أن وجود الاحتلال في سوريا "لم يعد مؤقتا حيث يتم بناء 9 مواقع عسكرية بالمنطقة الأمنية، وتعمل هناك 3 ألوية مقارنة بكتيبة ونصف الكتيبة قبل 7 تشرين الأول /أكتوبر 2023"، مؤكدة أن "الجيش يخطط للبقاء بسوريا طيلة عام 2025".



تزامناً، أكدت صحيفة "جيروزاليم بوست" أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تدعم احتلال المنطقة العازلة في سوريا لسنوات قادمة.

ومنذ سقوط النظام، كثف جيش الاحتلال ضرباته الجوية، وتحركاته في المنطقة العازلة (منزوعة السلاح) في الجولان السوري المحتل، مستفيداً من انشغال الإدارة السورية الجديدة بفرض الأمن وبسط سيادتها على البلاد.


ولم تعلق الخارجية السورية على التقارير السابقة، وكذلك لم يتسن لـ"عربي21" الحصول على توضيحات من الحكومة السورية، بعد أن امتنعت أكثر من جهة رسمية عن الرد.

وسبق وأن أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع، استعداد بلاده لاستقبال قوات تابعة للأمم المتحدة في المنطقة العازلة المشتركة مع "إسرائيل"، معتبراً أن "غياب الميليشيات الإيرانية وحزب الله في المنطقة ينهي المبررات التي استخدمتها إسرائيل للتقدم فيها".

وأكد أن تقدم "إسرائيل" في المنطقة استند إلى حجج تتعلق بوجود ميليشيات إيرانية وحزب الله، وقال: "لكن بعد تحرير دمشق، لم يعد لهذه الحجج أي أساس".

دمشق أمام معضلة
وعن خيارات الحكومة السورية للتعامل مع خطط جيش الاحتلال، يقول مدير قسم تحليل السياسات في "مركز حرمون للدراسات المعاصرة" الأكاديمي سمير العبد الله، إن هذا الوضع يمثل واحداً من التحديات الاستراتيجية أمام الحكومة السورية الجديدة.

ويوضح لـ"عربي21" أن "دمشق تجد نفسها أمام معضلة التعامل مع التدخلات الإسرائيلية في ظل واقع إقليمي ودولي معقد، ورغم أن الخيارات المتاحة تبدو محدودة، إلا أن هناك عدة مسارات يمكن تبنيها، أهمها المسار السياسي والدبلوماسي الذي يتيح لها إمكانية اللجوء إلى المؤسسات الدولية، مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن، لتقديم شكاوى رسمية بشأن الانتهاكات الإسرائيلية".


وإذ اعتبر العبد الله أنه "رغم أن هذه الخطوة قد لا تؤدي إلى نتائج فورية"، قال: " لكنها تُشكل جزئية من استراتيجية أوسع تهدف إلى كسب شرعية دبلوماسية وتحقيق ضغط دولي على إسرائيل من خلال تفعيل القرارات الأممية المتعلقة بسوريا، والتي لم تجد طريقها للتنفيذ خلال السنوات الماضية".

ويرى الباحث أن الخيار الأكثر واقعية وأمانا هو توظيف القنوات الدبلوماسية والاستفادة من علاقات بعض الدول الإقليمية التي تحتفظ بعلاقات مع إسرائيل، مثل روسيا أو بعض الدول العربية، للعب دور الوسيط في نقل الرسائل وتخفيف حدة التوتر.

واعتبر أن اعتماد هذا النهج قد يمنح الحكومة السورية فرصة لإعادة التموضع دبلوماسيا وتحقيق مكاسب سياسية دون الانجرار إلى مواجهة عسكرية غير مضمونة العواقب، في ظل هذه المعادلة.

وختم العبد الله بقوله: "يبدو أن الاستراتيجية الأكثر حكمة تكمن في الجمع بين الضغط الدبلوماسي وتوظيف الوساطات الإقليمية، مع تجنب الدخول في صدامات مباشرة قد تؤدي إلى نتائج عكسية لا تصب في مصلحة الاستقرار السوري على المدى البعيد".

ومن الواضح، أن دمشق ليست مستعدة حالياً للدخول في مواجهة عسكرية جديدة، ويتفق مع ذلك الباحث في مركز "الحوار السوري" الأكاديمي أحمد القربي، ويقول لـ"عربي21": "كل المؤشرات تؤكد أن حكومة سوريا تتجنب استخدام الوسائل الخشنة للتعامل مع الوجود الإسرائيلي في سوريا".

وأضاف لـ"عربي21" أن "سوريا الدولة المدمرة ليست على استعداد للدخول في مواجهة قد تؤثر على الدولة والإدارة الجديدة".

خيار المقاومة؟
وبحسب القربي، فإن لجوء الحكومة السورية إلى الخيار الأمني أو خيار المقاومة كذلك يبدو مستبعداً، معتبراً أن "من غير الوارد توجه دمشق نحو تشكيل مجموعات مقاومة في المناطق المحتلة، لأن ذلك قد يجر سوريا أيضاً إلى مواجهة عسكرية".

بذلك، يبدو أن الأداة شبه الوحيدة المتاحة أمام دمشق هي "العمل السياسي"، وفق الباحث، الذي أضاف: "صرح الرئيس السوري بأن حجج الاحتلال للتمدد في سوريا غير مبررة، وبالتالي تمارس الإدارة أداة الضغط السياسي على الاحتلال".

وثمة خيارات أخرى أمام الحكومة السورية، وهي اللجوء للمحاكم الدولية، كما يؤكد القربي، مضيفاً، قد يتعين على دمشق العمل على رفع دعاوى أمام المحاكم الدولية، لدفع الاحتلال إلى الالتزام بالاتفاقيات الدولية "اتفاق فض الاشتباك".

وكان الاحتلال قد أعلن في كانون الأول/ديسمبر 2024، انسحابه من اتفاقية "فصل القوات" مع سوريا، بعد أن تقدمت قواته إلى منطقة جبل الشيخ والمنطقة العازلة بين البلدين، بعد سقوط نظام الأسد.

يذكر أن اتفاقية "فض الاشتباك" وقعت عام 1974، بعد حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973، وهدفت إلى الفصل بين القوات المتحاربة من الجانبين وفك الاشتباك بينهما.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الاحتلال سوريا الحكومة السورية سوريا الاحتلال الحكومة السورية احمد الشرع المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المنطقة العازلة الحکومة السوریة جیش الاحتلال فی المنطقة فی سوریا

إقرأ أيضاً:

الرئاسة السورية تعلق على استهداف الاحتلال محيط القصر الرئاسي.. وتضامن عربي

أدانت رئاسة الجمهورية العربية السورية، الجمعة، بـ"أشد العبارات" الغارة الإسرائيلية التي استهدفت محيط القصر الرئاسي في العاصمة دمشق، موضحة أن "سوريا لن تساوم على سيادتها أو أمنها".

وقالت الرئاسة السورية، في بيان، إنها "تدين بأشد العبارات القصف الذي تعرض له القصر الرئاسي يوم أمس على يد الاحتلال الإسرائيلي، والذي يشكل تصعيدا خطيرا ضد مؤسسات الدولة وسيادتها".

بيان صادر عن رئاسة الجمهورية العربية السورية #رئاسة_الجمهورية_العربية_السورية pic.twitter.com/C65zPqV5FF — رئاسة الجمهورية العربية السورية (@SyPresidency) May 2, 2025
وأضافت أن "هذا الهجوم المدان يعكس استمرار الحركات المتهورة التي تسعى لزعزعة استقرار البلاد وتفاقم الأزمات الأمنية، ويستهدف الأمن الوطني ووحدة الشعب السوري".

وطالبت الرئاسة السورية، المجتمع الدولي والدول العربية "بالوقوف إلى جانب سوريا في مواجهة هذه الاعتداءات العدوانية، التي تنتهك القوانين والمواثيق الدولية".


كما دعت الدول العربية إلى "توحيد مواقفها والتعبير عن دعمها الكامل لسوريا في مواجهة هذه الهجمات، بما يضمن الحفاظ على حقوق الشعوب العربية في التصدي للممارسات الإسرائيلية العدوانية".

وشدد البيان، على أن "هذه الاعتداءات التي تستهدف وحدة سوريا، سواء كانت محلية أو خارجية، لن تنجح في إضعاف إرادة الشعب السوري أو في إعاقة جهود الدولة لتحقيق الاستقرار والسلام في كافة المناطق".

ودعا البيان كذلك "جميع الأطراف إلى الالتزام بالحوار والتعاون في إطار وحدة الوطن، والتصدي لكل محاولات التشويش التي تهدف إلى إطالة أمد الأزمة".

كما أوضح أن "سوريا ماضية في مسار البناء والنهضة ولن تتوقف عجلة الإصلاح مهما كانت التحديات"، مشددا على أن دمشق "لن تساوم على سيادتها أو أمنها، وستواصل الدفاع عن حقوق شعبها بكل الوسائل المتاحة".

تنديد قطري
في السياق ذاته، أدانت دولة قطر بـ"أشد العبارات" عدوان جيش الاحتلال الإسرائيلي على محيط القصر الرئاسي دمشق، مشددة على دعمها لسيادة سوريا وسلامة أراضيها.

وقالت وزارة الخارجية القطرية، "تدين دولة قطر، بأشد العبارات، الغارة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت محيط القصر الرئاسي في دمشق"، موضحة أن الدوحة تعد ذلك "عدوانا سافرا على سيادة الجمهورية العربية السورية الشقيقة، وانتهاكا خطيرا للقانون الدولي".

#بيان | قطر تدين بأشد العبارات غارة جوية إسرائيلية استهدفت محيط القصر الرئاسي في دمشق#الخارجية_القطرية pic.twitter.com/peum3xA6Yp — الخارجية القطرية (@MofaQatar_AR) May 2, 2025
وجددت الخارجية القطرية، في بيان، "تحذير دولة قطر من أن اعتداءات الاحتلال المتكررة على سوريا ولبنان واستمرار حربه الوحشية على غزة، من شأنها تفجير دائرة العنف والفوضى في المنطقة".

كما دعت وزارة الخارجية القطرية المجتمع الدولي إلى الضغط على الاحتلال الإسرائيلي من أجل  "الامتثال لقرارات الشرعية الدولية"، مجددة دعم الدوحة "الكامل لسيادة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها، وتطلعات شعبها الشقيق في الأمن والاستقرار".

الاحتلال يوجه "رسالة"
وفي وقت سابق الجمعة، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارة جوية في محيط القصر الرئاسي المعروف بقصر الشعب في العاصمة السورية دمشق.

وقال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال بيان مشترك مع وزير حربه يسرائيل كاتس، إن "إسرائيل قامت الليلة بضربة قرب القصر الرئاسي في دمشق".

وأضاف البيان الإسرائيلي، أن "هذه رسالة واضحة للنظام السوري: لن نسمح بتمركز قوات جنوب دمشق، وأي تهديد للطائفة الدرزية غير مقبول".


من جهته، قال كاتس "عندما يستيقظ الجولاني (الشرع) في الصباح ويرى نتائج هجوم سلاح الجو الإسرائيلي، فإنه سيفهم جيداً أن إسرائيل عازمة على منع إلحاق الأذى بالدروز في سوريا".

يأتي ذلك بعد اشتباكات دامية شهدتها مناطق ذات غالبية درزية في ريف دمشق مثل جرمانا وأشرفية صحنايا على خلفية انتشار تسجيل صوتي مسيء للنبي محمد، ما أسفر عن سقوط عدد من القتلى والمصابين بجروح مختلفة. 

كما شهدت البلاد تدخلا إسرائيليا عبر سلسلة من الغارات الجوية على مشارف دمشق وبالقرب من القصر الرئاسي المعروف بقصر الشعب تحت مزاعم "حماية الدروز".

وانتهت الاشتباكات باتفاق مع أهالي مدينة جرمانا ودخول قوات الأمن السوري أشرفية صحنايا، فيما أصدرت مشيخة عقل الطائفة الدرزية ووجهاء من السويداء بيانا بعد اجتماع مع وفد من الحكومة نص على "رفض التقسيم أو الانسلاخ أو الانفصال" وتفعيل دور وزارة الداخلية والضابطة العدلية في المدينة الواقعة جنوبي البلاد.

مقالات مشابهة

  • نتنياهو يصف قصف المجمع الرئاسي بـ"الرسالة" للإدارة السورية.. "حماية للدروز"
  • نتنياهو يصف قصف المجمع الرئاسي بـالرسالة للإدارة السورية.. حماية للدروز
  • رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام: لبنان يتضامن مع سوريا في وجه الاعتداءات الإسرائيلية ولديه كل الحرص على وحدة الأراضي السورية، وما يهم لبنان هو إرساء الأمن والاستقرار في سوريا وضمان سلامة شعبها وتحقيق آماله وتطلعاته
  • الرئاسة السورية: الهجوم الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيدٌ خطير
  • الرئاسة السورية تعلق على استهداف الاحتلال محيط القصر الرئاسي.. وتضامن عربي
  • اتفاق بين الحكومة السورية ومشيخة العقل بجرمانا على دخول الأمن العام للمدينة
  • واشنطن بوست: (إسرائيل) تُخلي 70% من غزة .. وتحذيرات من احتلال طويل الأمد
  • حقيقة ما جرى في جرمانا والاتفاق مع الحكومة السورية
  • بعد توتر طائفي في صحنايا.. إسرائيل تقصف محيط دمشق وتحذر الحكومة السورية
  • النفط واللامركزية..مؤشرات على تعثر الاتفاقات بين الحكومة السورية وقسد