جهود سلطنة عمان نحو الاستدامة المالية والاقتصادية.. تحسين المؤشرات المالية وتعزيز التنويع الاقتصادي
تاريخ النشر: 14th, February 2025 GMT
خلال السنوات الماضية، شهدت سلطنة عمان جهودا متواصلة لتحسين المؤشرات المالية والاقتصادية ومبادرات عديدة ساهمت في رفع كفاءة الإدارة المالية وترشيد ورفع كفاءة الإنفاق العام، وقادت إلى تطورات إيجابية عديدة من أهمها تحسن التصنيف الائتماني وخفض الدين العام بشكل حاد وتعزيز قوة المركز المالي للدولة، وتواصل سلطنة عمان تقدمها نحو الوصول للاستدامة المالية والاقتصادية من خلال استمرار حسن استغلال فوائض النفط في دعم توجهاتها نحو التنويع الاقتصادي، وتعزيز أصولها السيادية ومستويات الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي العماني، وتبني استراتيجيات ناجحة في إدارة استثمارات جهاز الاستثمار العماني، إضافة للتقدم في تنفيذ مشروع السجل الوطني للأصول الحكومية.
وفي جانب دعم الاحتياطيات الأجنبية، ارتفع إجمالي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي العماني بنسبة 8.1 بالمائة خلال الفترة من يناير حتى نوفمبر 2024 مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2023، وزاد حجم الأصول الأجنبية والسبائك من 6.5 مليار ريال عماني لتتجاوز 7 مليارات ريال عماني. وتتوزع بين ما يعادل 236 مليون ريال عماني من السبائك، و2.8 مليار ريال عماني من إيداعات العملة الأجنبية، و3.5 مليار ريال عماني من استثمارات الأوراق المالية إضافة إلى 463 مليون ريال عماني قيمة الحساب الاحتياطي لسلطنة عمان لدى صندوق النقد الدولي، وقد سجل إجمالي موجودات البنك المركزي العماني 7.4 مليار ريال عماني في نهاية نوفمبر 2024. ويساهم الأداء الجيد للقطاع المصرفي العماني في استمرار تحسن مؤشرات الاستقرار المالي، حيث زاد حجم الأصول الأجنبية لدى البنوك المحلية من نحو 4.2 مليار ريال عماني في ديسمبر 2023 إلى 4.7 مليار ريال عماني في نوفمبر 2024، وتمثل 12.2 بالمائة من إجمالي الأصول لدى القطاع المصرفي، وتشير مؤشرات السلامة المصرفية إلى أن نسبة رأس المال والاحتياطيات للبنوك المحلية من إجمالي الودائع المصرفية بلغت 22.2 بالمائة بنهاية نوفمبر 2024، وتراجعت نسبة إجمالي القروض إلى الودائع لتسجل 102.1 بالمائة مقارنة مع 103.4 بالمائة في ديسمبر 2024، بينما زادت نسبة المخصصات والفوائد المحتجزة من إجمالي الائتمان بنسبة طفيفة لتصل إلى 6.1 بالمائة بنهاية نوفمبر 2024 مقارنة مع 5.8 بالمائة في ديسمبر 2023.
ويمثل حجم الاحتياطي السيادي وجودة مؤشرات القطاع المالي المحلي أهمية كبيرة في تقييمات المؤسسات الدولية لتحديد التصنيف الائتماني ورصد تطور جهود الاستدامة، وفي الوقت ذاته فقد كان التقدم الذي حققته سلطنة عمان في تعزيز أسس الاستدامة المالية والاقتصادية أوسع نطاقا، ففي إطار إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة للتمهيد لبدء تنفيذ رؤية عمان المستقبلية، شهدت سلطنة عمان تطورين مهمين من خلال توحيد أنظمة التقاعد في القطاعين العام والخاص وتوسعة مظلة الحماية الاجتماعية وإيجاد كيان استثماري قوي هو صندوق الحماية الاجتماعية، كما تم تأسيس جهاز الاستثمار العماني وتوحيد الاستثمارات الحكومية تحت مظلته، ومنذ تأسيسه حقق جهاز الاستثمار نموا ملموسا في حجم أصوله وعائداته من الاستثمار، وارتفعت الأصول في نهاية عام 2022 إلى نحو 18 مليار ريال عُماني نظرا لتحقيق عائد على الاستثمار بلغ 8.8 بالمائة، وواصل حجم أصول جهاز الاستثمار العماني النمو خلال عام 2023 ليصل إلى 19.240 مليار ريال عماني، مع ارتفاع العائد الاستثماري إلى نسبة 9.95 بالمائة، وقدم الجهاز مساهمة ملموسة في دعم جهود الاستدامة بتمويل الميزانية العامة بنحو 6 مليارات ريال عُماني خلال الفترة من 2016 إلى نهاية 2023، وذلك وفقا لأحدث التقارير السنوية التي يصدرها جهاز الاستثمار العماني وتتضمن أهم التطورات في استثماراته من خلال محفظة الأجيال، التي تنقسم إلى استثمارات في الأسواق العامة، وأخرى في الأسواق الخاصة وتتوزع على أكثر من خمسين دولة حول العالم، وكذلك محفظة التنمية الوطنية التي تضم أكثر من 160 شركة داخل سلطنة عُمان، وقد دشن جهاز الاستثمار محفظته الاستثمارية الثالثة من خلال صندوق عمان المستقبل الذي بدأ نشاطه العام الماضي ويبلغ رأسماله ملياري ريال عماني على مدى خمس سنوات، وكان تأسيس الصندوق انعكاسا لتوجهات حسن استغلال فوائض النفط في تعزيز التنويع واستدامة النمو الاقتصادي.
وضمن مبادرات وبرامج تحسين الأداء المالي، يتواصل تنفيذ برنامج السجل الوطني للأصول الحكومية «أصول» الذي يعد نظاما مركزيا متكاملا يعمل على حصر الأصول الحكومية ومركزية إدارتها، وإعداد إستراتيجية؛ لضمان رفع كفاءتها وتعظيم المنافع والعوائد الحكومية واستخدامها واستثمارها بالشكل الأمثل، مما يعزز تنويع مصادر العائدات العامة، ويجري العمل حاليا على استكمال المرحلة الثالثة من أعمال حصر الأصول، وبلغ عدد إجمالي الأصول التي تم تسجيلها 440 ألف أصل، وقد أشارت وزارة المالية إلى أنه سيتم خلال الفترة المقبلة تعميم المشروع على جميع الجهات الحكومية. وقد ظلت أسعار النفط عند مستويات جيدة لثلاثة أعوام على التوالي ومن المرجح أن تبقى عند مستويات مواتية خلال العام الجاري، فما زالت سلطنة عمان تتبنى سعرا تحوطيا للنفط في بناء تقديراتها للميزانية العامة توقيا لتقلبات النفط، وتؤكد التوجهات الحكومية من خلال ما تم إعلانه في بيان الميزانية العامة للعام المالي 2025 على استمرار الإدارة الحكيمة للمخاطر المالية والاستفادة من النتائج الإيجابية للأداء الاقتصادي والمالي، من خلال وضع استراتيجيات مالية واضحة تركز على تعزيز الاستدامة المالية ورفع كفاءة الإنفاق العام وتوسيع قاعدة الإيرادات غير النفطي، ورفع كفاءة الإدارة الضريبية، وتعزيز كفاءة أدوات السياسة النقدية، وغيرها من الإصلاحات التي تعزز استمرار قوة المركز المالي للدولة ودعم توجهات التنويع الاقتصادي والنمو الاقتصادي المستدام.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: جهاز الاستثمار العمانی المالیة والاقتصادیة ملیار ریال عمانی سلطنة عمان نوفمبر 2024 عمانی فی من خلال
إقرأ أيضاً:
الرقابة المالية: شراكة استراتيجية مع جميع الأطراف لتعزيز قدرات تنافسية الأسواق غير المصرفية
ألقى الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، الكلمة الرئيسية بفعاليات المؤتمر السنوي للجمعية المصرية لخبراء الاستثمار (CFA Society Egypt) للموسم الرابع عشر على التوالي، وقد تضمنت فعاليات المؤتمر التصفيات النهائية للمسابقة السنوية لتحدي البحوث في مصر، عرض تقرير تقييم مالي «تحليل أساسي» لتحديد القيمة العادلة لسهم إحدى الشركات المقيدة بالبورصة المصرية بمشاركة 8 جامعات مصرية حكومية وخاصة ودولية.
أعرب الدكتور فريد، عن سعادته لمشاركته التي جاءت للعام الحادي عشر على التوالي ضمن فعاليات المؤتمر السنوي للجمعية المصرية لخبراء الاستثمار، حيث بدأت مشاركته كمحكم ضمن اللجنة الرئيسية ثم كمتحدث رئيسي بصفته مسئولاً حكومياً، مؤكداً أن زكاة العلم نشره، فهو علم نافع وأجر دائم لصاحبه، كما نصح الشباب والطلاب باستمرارية التعلم لتحقيق تطلعاتهم حيث لا يزال المرء عالماً ما طلب العلم فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل.
أشار إلى الشراكة الاستراتيجية بين الهيئة وكافة الأطراف ذات الصلة لتعزيز قدرات المهنيين لاستدامة تنمية وتنافسية الأسواق المالية غير المصرفية، مؤكداً إمكانية التعاون مع الجمعية المصرية لخبراء الاستثمار (CFA Society Egypt)، لإطلاق تحدي ومسابقة جديدة للجامعات تخص تقارير الاستدامة، حيث أبدى استعداد الهيئة لمساعدة الجمعية في عمليات التقييم والمقارنة للتقارير المعدة بهذا الشأن من المتسابقين.
وفي سياق متصل أوضح الدكتور فريد أهمية قيام الشركات بدراسة كافة الأمور المرتبطة بالأبعاد البيئية والمناخية والاستدامة والتأثير الاجتماعي لها، مشدداً على أن التزام الشركات بتطبيق ممارسات الحوكمة والمعايير المتعلقة بالاستدامة وخاصة فيما يتعلق بتطوير القدرات على تطبيق وإعداد ونشر التقارير الخاصة بالإفصاح عن جهود الاستدامة والآثار المالية الناتجة عن الممارسات البيئية.
أكد أن ذلك لم يعد رفاهية ولكنه أصبح ضرورة لتعزيز سبل نمو الشركات وإتاحة فرص التمويل الدولية ووضعها على خريطة الاستثمارات العالمية، موجها الدعوة للجامعات والجمعيات المهنية المتخصصة لعمل مزيدا من المنافسات بين الشركات وصولا لأفضل الممارسات البيئية والالتزام بتقارير الإفصاح والحوكمة بشكل أكثر فاعلية، موضحاً أن تسريع وتيرة التحول والرقمي وتعزيز انخراط القطاع المالي غير المصرفي في أنشطة الاستدامة عناصر رئيسية لتعزيز دور القطاع في الاقتصاد القومي.
ذكر رئيس هيئة الرقابة المالية خلال كلمته، أن الهيئة وعدت بإطلاق قواعد تنظيم عمل برنامج المستشار المالي الآلي للاستثمار، (Advisor for Investment–Robo) لأول مرة في مصر، خلال مؤتمر جمعية CFA العام الماضي، وأوفت بذلك، موضحاً أنه نظام إلكتروني يصدر استشارات مالية لتكوين محفظة استثمارية للعميل وإدارتها وإعادة توازنها، من خلال استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وذلك فقاً للقرار رقم 57 لسنة 2024.
كما صرح بأنه يجري دراسة إتاحة استخدام آليات خوارزميات الذكاء الاصطناعي، قريباً في أنشطة التأمين وصناديق الاستثمار، حيث ستساعد تلك الآلية على مقارنة وثائق صناديق الاستثمار والبدائل الاستثمارية المختلفة لتلك القطاعات.
لفت الدكتور فريد إلى أنه دون التعرف على التطورات التكنولوجية لن نتقدم خطوة للأمام، فبناء القدرات باتت عملية يسيرة في ظل سهولة الوصول إلى المعلومات، مشدداً على أن الدراسة وسيلة وليست هدفاً في حد ذاتها.
أضاف أن هيئة الرقابة المالية تلقت طلبات للموافقة على إطلاق صناديق معادن جديدة بعد نجاح إطلاق أول 3 صناديق استثمار بالذهب خلال الفترة الماضية، مشيراً إلى أن المشوار مازال طويلاً في سبيل تطوير أسواق المال وزيادة الوعي بأهمية الاستثمار والادخار التراكمي، لخلق قيمة أكبر لهذه المدخرات وزيادة قاعدة المستفيدين منها.
وفي ختام كلمته، وجه رئيس هيئة الرقابة المالية، الشكر والتقدير لكافة المشاركين بالمسابقة، موضحاً أن كل المتأهلين للمرحلة النهائية بتحدي (CFA Society Egypt) يعدوا فائزين لأن رحلة التأهيل والتمكين طويلة وشاقة وتستحق التقدير والثناء.