تحدث الشيخ أحمد المشد، عضو المركز العالمي للفتوى الإلكترونية، عن موقف تاريخي شهدته حياة الصحابي الجليل سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه، عندما كان يقدم الدعم المالي لأحد أقاربه الفقراء، لكنه فوجئ بأن هذا الرجل أساء إليه وخاض في عرض السيدة عائشة رضي الله عنها، مما دفعه إلى قطع مساعدته عنه.

رسالة العفو والمغفرة في القرآن الكريم

وخلال لقائه في برنامج صباح البلد على قناة صدى البلد، أوضح المشد أن رد فعل سيدنا أبو بكر كان متوقعًا في ظل الإساءة التي تعرض لها، إلا أن الله سبحانه وتعالى أراد أن يوجه رسالة عظيمة للمؤمنين من خلال هذا الموقف، حيث قال في كتابه العزيز: «وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ» (سورة النور: 22).

وأشار المشد إلى أن هذه الآية دعوة صريحة إلى التسامح والمغفرة، حيث يعكس العفو نقاء القلب وصفاء النفس، ويجعل الإنسان أقرب إلى الله عز وجل.

العفو مفتاح لنيل المغفرة والرحمة

وأضاف المشد، أن الإنسان عندما يدرك أن عفو الله عنه مرتبط بقدرته على مسامحة الآخرين، يصبح التسامح أكثر سهولة، مؤكدًا أن العفو عن الناس يفتح أبواب الرحمة والمغفرة، وهو من الصفات التي ينبغي لكل مسلم التحلي بها.

كما شدد على أن التسامح لا يعني الضعف، بل هو قوة داخلية تُظهر نبل الأخلاق، وتعكس قدرة الإنسان على تجاوز الإساءة، طلبًا لرضا الله ورحمته.

التسامح من أسس التقوى والإيمان

وفي ختام حديثه، أكد المشد على أهمية الاقتداء بموقف سيدنا أبو بكر الصديق والتعلم منه، موضحًا أن العفو ليس مجرد تصحيح للعلاقات الاجتماعية، بل هو من أسس التقوى التي تقرب الإنسان إلى الله، وتساهم في نشر المحبة والسلام في المجتمع.

وأضاف: "ألا تحبون أن يغفر الله لكم؟"، في إشارة إلى أن التسامح قيمة سامية يجب أن تتجذر في حياة المسلمين، ليكونوا قدوة في الإحسان والعفو كما أمر الله سبحانه وتعالى.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: صدى البلد القرآن الكريم القيم الإسلامية أحمد المشد المزيد

إقرأ أيضاً:

عياد: التشدد في الدين نوع من التطرف.. و«المنصات الإلكترونية» جزء من فوضى الفتاوى

أكد الدكتور نظير محمد عيَّاد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن موضوع هذا اللقاء يعد ضرورة حياتية وفريضة دينية، فنحن نتحدث عن موضوع خطير ودقيق.

وأوضح، خلال كلمته في ندوة بعنوان «التطرف وأثره على المجتمع»، بجامعة العريش، أن التطرف بمعناه السهل البسيط هو مجاوزة الحد إما أقصى اليمين أو اليسار، فالتشدد في الدين نوع من التطرف، وكذلك الانفلات من الدين والخروج على الثوابت والمقدسات نوع آخر من التطرف لأنه يرتبط بالوعي، وقضية الوعي قضية محورية في أي أمة من الأمم، فإذا أردنا أن نتحدث عن أمة متقدمة فعلينا أن ننظر إلى عنصر الوعي فيها.

وأضاف: أن الشريعة الإلهية بمعناها العام جاءت بأمر محدد وهو الدين، الذي يراد به ومن خلاله سعادة الإنسان في الأولى، وفلاحه وفوزه برضوان الله تعالى في الآخرة، فقد عرف العلماء الدين بأنه وضع إلهي وضعه الله عز وجل على لسان الأنبياء والمرسلين بهدف تحقيق الصلاح للناس في الأولى أي الدنيا، والفلاح لهم في الآخرة، فالله تعالى أرسل الأنبياء للإنسان لهدف نبيل وغاية سامية تتمثل في تحقيق السعادة له في الدنيا والفلاح والفوز برضوان الله تعالى في الآخرة، مشيرًا إلى أنه لا يمكن أن يصادم ما جاء عن الله عز وجل الفطرةَ أو الطبيعةَ الإنسانية، أو يخرج عن قانون العقل أو يعارض مقتضى الفكر السليم، أو الذوق الرفيع.

وبيَّن المفتي أن الله تبارك وتعالى خلق الناس وهو أعلم بهم، ومن ثم عندما أرسل الأنبياء بالدين وضع فيه ما يتعلق بعلاقة الإنسان بربه، وما يتعلق بعلاقة الإنسان بنفسه، وما يتعلق بعلاقة الإنسان ببني جنسه، وما يتعلق بعلاقة الإنسان بباقي عناصر الكون، لذا لا غرابة أن تجد في الدين آليةً للتعامل مع الإنسان والحيوان والجماد، وما يحقق به الإنسان الرؤية الصحيحة الدقيقة للكون التي تقوده إلى صلاحه في الأولى وفلاحه في الآخرة.

وأشار إلى أنه إذا ما تم الخروج عن هذا فليس مرده إلى الدين، وإنما مرده إما إلى المنتسبين إلى الدين، أو القارئين أو المفسرين أو المتأوِّلين لنصوص الدين، فلا يوجد دينٌ صحيحٌ جاء من عند الله تبارك وتعالى يتناقض مع الطبيعة الإنسانية، وأن الخطأ قد ينشأ من القراءة الانتقائية الناقصة لنصوص الدين، والتي تكون بعيدة عن قواعد العلم والفهم، كما يقرر الفيلسوف والفقيه ابن رشد رحمه الله أن الفهم الخاطئ لنصوص الدين له أسبابه وهي: الهوى، المرض النفسي، القراءة الانتقائية، سوء الفهم.

أوضح مفتي الجمهورية، أن أهم الأسباب التي تؤدي إلى التطرف بنوعيه هو النقص في التعامل مع الدين، فالأول يتعامل مع مسائل الدين الفرعية من خلال أحادية الرأي وأحادية المذهب وأحادية الفكرة، والثاني يتعامل مع الدين على أنه يمثل القيد والعائق عن الحرية، فنحن أمام طرفي نقيض أحدهما يعمل على سرد النصوص الدينية في دائرة مغلقة تؤدي إلى الغلو والتشدد واتهام الدين بما ليس فيه، والآخر ينسلخ جملة وتفصيلًا من الثوابت الدينية والأعراف البشرية والقواعد العلمية، بحثًا عن الهوى واللذة تحت مصطلح الحرية، تلك المصطلح الفضفاض النسبي حيث يتفاوت باختلاف النظار، فهذا التطرف ليس له علاقة له بالدين وإنما علاقته بالمتعاملين مع الدين، وأن السبب الثاني يتمثل في القراءة الانتقائية الناقصة لنصوص الدين، فالنصّ الديني لا يمكن تناوله إلا استنادًا إلى مجموعة من الضوابط العلمية والقواعد الأصولية التي تعين على فهم تلك النصوص.

وأشار إلى أن السبب الثالث يتمثل في نقل العلم من غير مظانه، فالدين علم وليس مسألة ثانوية، والإنسان يجب أن ينظر فيمن ينقل عنه هذا العلم، فنقل العلم عن غير مظانه يؤدي إما إلى التساهل المفرط أو التشدد المفرط، والسبب الرابع: اتباع الهوى الشخصي أو الانطلاق من خلفية ثقافية معينة، فالتعاملُ مع النص الديني يجب أن يكون وفق التجرد والموضوعية بعيدًا عن الأهواء والخلفيات.

واختتم المفتي، حديثه بالحديث عن خطر الوسائل التكنولوجية الحديثة والمنصات الإلكترونية والتي أوجدت فوضى الفتاوى، وكذلك فوضى الشذوذ الأخلاقي والفكري، خصوصًا وأنها كما تحمل الخير تحمل كذلك الشر، ومن ثم ينبغي أن نكون على حذر في التعامل معها والنقل عنها أو الترويج لها لأنه من الممكن أن يؤدي ذلك إلى التطرف سواء الديني أو اللاديني.

من جهته أعرب الدكتور حسن عبد المنعم الدمرداش، رئيس جامعة العريش، عن تقديره لفضيلة مفتي الجمهورية على جهوده العلمية والوطنية، والتعاون الفعال بين دار الإفتاء ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي في توعية الشباب في الجامعات المصرية، وتعزيز القيم الدينية الوسطية السمحة، مؤكدًا على أهمية البناء الديني والعقلي والفكري من أجل بناء جيل واعٍ متحضر متسامح محبٍّ ومخلصٍ لوطنه.

اقرأ أيضاًمفتي الجمهورية: نواجه تحديات فكرية وثقافية تسعى لهدم القيم وتفكيك الأسرة

مفتي الجمهورية: الزكاة ركيزة أساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية «فيديو»

عيد الفطر 2025.. «المفتي» يكشف سبب اختلاف رؤية الهلال بين الدول

مقالات مشابهة

  • عميد كلية بيت لحم: ما يحدث في غزة إبادة.. وصمت العالم خيانة للإنسانية
  • عطلة الصحافة في الجمعة العظيمة وعيد الفصح المجيد
  • قصة شاب يعفو عن قاتل والده بعد 18 عامًا من الانتظار في السجن.. فيديو
  • مجمع البحوث الإسلامية: لا تقل هذه الكلم .. تطردك من رحمة الله
  • عياد: التشدد في الدين نوع من التطرف.. و«المنصات الإلكترونية» جزء من فوضى الفتاوى
  • قرقاش: صراعنا مع الإخوان هو بين التطرف والتسامح.. تفاعل على الاتهامات
  • حكم القصاص في الإسلام وجزاء العفو.. دار الإفتاء توضح
  • أذكار الصباح اليوم الأحد 13 أبريل 2025.. اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي
  • نقيب الإعلاميين لصُنّاع الدراما: أبدعوا وقدموا ما يُرسّخ القيم والأخلاق وبناء الإنسان
  • “ثمار عظيمة لا تُوصف”.. الكنائس تستعد للدخول في الأسبوع المقدس