ألقى فضيلة الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام، وافتتحها بتوصية المسلمين بتقوى الله، فقد تكفَّل الله سبحانه لأهل التقوى بالنجاة مما يحذرون، والرزقِ من حيث لا يحتسبون.
وقال فضيلته: “أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، ومن دعاهم إلى خير كان له من الأجر مِثل أجور مَن تَبِعه من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا، ورُب كلمة طيبة تكون سببًا في نفع الأمة، فتترك أثرًا إلى يوم القيامة، وربما كان الأثر بعمل يسير، من ابتسامة صادقة، أو طلاقة وجه وبشاشة، أو دلالة على هدى، فلا تحقرن من المعروف شيئًا”.

وكان -صلى الله عليه وسلم- يحث أصحابه على أن يجعلوا لأنفسهم آثارًا طيبة، حتى آخر فرصة من الحياة، قال صلى الله عليه وسلم: “إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ، وَفِي يَدِه ‌فَسِيلَةٌ، فَلْيَغْرِسْهَا”، فلذا قال جابِرٌ رضي الله عنه: “لم يكُنْ أحد من أصحابِ النبي صلى الله عليه وسلم ‌ذا‌ مَقْدِرَة ‌إلّا وَقَفَ”.
وأضاف: “ومن الآثار التي تبقى لصاحبها بعد موته عِلمٌ علَّمَه ونشرَه، وولدٌ صالحٌ ترَكَه، أو مُصحفٌ ورَّثَه، أو مسجِدٌ شيده، أو وقفٌ للأرامل والأيتام بناه، أو ماءٌ أجراه، أو صدَقة جارية أخرجَها من مالِه، في صِحَّتِه وحياتِه”.
وبين فضيلته أن من الآثار التي تبقى لأصحابها بعد مماتهم الذكر الحسن، والسمعة الطيبة، وهي عمر المرء بعد مماته، فبعد أن طُويت أيامه بقيت آثاره، وحفظت مآثره، فهي نعمة يرزقها الله من يشاء من عباده، ويُجرِيها على ألسنة خلقه، والناس شهداء الله في أرضه.
وأكد الشيخ ماهر المعيقلي أن الذكر الحسن يبقى لِمَنْ عمَّ نفعُه، وانتشر عطاؤه، فأصحاب الذكر الجميل سيرتهم تتخطى الآفاق، وتفتح لهم قلوب الخلق، وتنشرح الصدور في التعامل معهم، وتطمئن النفوس لهم، ويرفع عند الناس مقامهم، فهذا نبينا صلى الله عليه وسلم سبقته سيرته الحسنة إلى قلوب الناس قبل بعثته، فهو الصادق الأمين، في الجاهلية والإسلام، والنجاشي ملك الحبشة انتشر في الناس عدله، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه يوم الهجرة الأولى: “إِنَّ بِأَرْضِ الْحَبَشَة ‌مَلِكًا ‌لَا ‌يُظْلَمُ أحد عِنْدَهُ”، فالخير في أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة، ممن تواصل برهم، وترادف إحسانهم، وبقي أثرهم، من ملك عادل، يحفظ حقوق رعيته، ويحوطهم برعايته، ويقاوم الفساد، ويحمي البلاد، أو عالِم ينفع الناس بعلمه، وسمته وأخلاقه، أو غني كريم معطاء، يُحسِن للمساكين والفقراء، وآخرين يشيدون المساجد، ويعمرون المدارس والمعاهد.. وكل هؤلاء الصالحون وغيرهم، وإن غيب الموت أجسادهم، فقد حفظ الله أعمالهم وآثارهم، وأبقى ذكرهم الجميل، واتصل الدعاء لهم جيلاً بعد جيل.
وبين إمام وخطيب المسجد الحرام أن من الحرمان العظيم والخسران المبين أن يرزق الإنسان عمرًا مديدًا، ومالاً ممدودًا، وبنين شهودًا، ثم يموت بلا أثر يذكر، أو عمل طيب عليه يشكر، فمن لم يجعل لنفسه أثرًا قبل مماته دفن ولا شيء يذكره، غير أنه كان ثم مات، ناهيكم بمن يفرح الناسُ بغيابهم، ويهنئ بعضهم بعضًا بفقدهم، ولربما بقيت آثارهم السيئة فيأتي من يُحْيِيها، فيكون عليه وزرها ووزر من عمل بها. فأول من بدَّلَ دينَ إبراهيمَ عليه السلام، وأتى إلى جزيرة العرب بالأصنام، رآه النبي صلى الله عليه وسلم يَجُرُّ أمعاءَه في النارِ، كما جرَّ الناس إلى الشِّركِ بالعزيز القهار، وليس من نفس تُقتَل ظلمًا إلا كان على ابن آدم الأول كِفْل من دمها؛ لأنه أول من سَنَّ القتل، وكذا من ابتدع بدعة في الدين ودعا إليها، ثم مات دون أن يتوب منها، ويحذر الناس من فعلها؛ بقيت أثرًا سيئًا يرافقه بعد موته، ويحمل وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم بعثه؛ فلذا حذّر النبي ﷺ من السيئات الجارية التي تُكتَبُ على صاحبها وهو محبوس في قبره.
واختتم الشيخ ماهر المعيقلي خطبته مبينًا أن من أسباب لسان الصدق في الآخرين، وبقاء أثر الثناء على العبد في العالمين، العمل بالقرآن الكريم؛ ففي القرآن العز والشرف، والفخر وارتفاع الذكر. كما أن قضاء حوائج الخلق سبب عظيم لجلب ثناء الصدق، والتربية الصالحة للأبناء، سبيل لبقاء الأثر والثناء.
* وفي المسجد النبوي الشريف تحدّث الشيخ الدكتور خالد بن سليمان المهنا في خطبة الجمعة عن فضل الاستغفار، واقترانه برحمة الله لعباده وغفران الذنب وقبول التوبة، مبينًا أن الاستغفار من أعظم الحسنات، وأكبر الطاعات، التي ينال بها العباد أفضل الثواب، ويدفع عنهم بها سوء العذاب.
وأوضح الشيخ الدكتور خالد المهنا أن الله تعالى لما خلق آدم أبا البشر – عليه السلام -، وخلق منه زوجه، فطرهما على معرفته سبحانه ربًا خالقًا، وإلهًا أحدًا، مستحقًا لكمال المحبة والتعظيم مع غاية الذلّ، غير أنه سبحانه خلقهما وذريتهما مكلّفين مبتلين بالأمر والنهي، والشرّ والخير، إذ خلق سبحانه وتعالى النفوس، فأودع فيها الإرادة والحركة، والنيّة والهمّ، والحبّ والبغض، والتغيّر والتأثر، ولقد علِم سبحانه وهو الخلاّق العليم أن نفوس عباده وإن كانت مفطورة على حبّ الخير واستحسانه إلا أنها لا تنفك عن إرادة الشر إذا ضلّت عن سواء السبيل، وأن لها إقبالاً على الطاعة، وإدبارًا عن المعصية، ورغبة في الحسنة، وقصدًا إلى السيئة، ولكن رحمة الله تغلب غضبه سبحانه وتعالى.
وبين إمام وخطيب المسجد النبوي أن لرحمة الله الغالبة الواسعة آثارًا عظيمة على جميع خلقه في العالم السفلي والعلوي، وفي الدنيا وفي الآخرة، منها غفرانه تعالى ذنوب من شاء من عباده الموحدين المسلمين، فإنه جل وعلا واسع المغفرة، من أجل ذلك سمّى نفسه الغفور، والغفّار والغافر، وغفرانه جلّ جلاله الذنوب يكون بسترها عن أن يفضح بها أهلها في الدنيا والآخرة، مع محوها والتجاوز عنها، وعفوه عن العقوبة عليها، ما لم تبلغ مبلغ الكفر أو الشرك الأكبر، فإنه الذنب الذي لا يغفر.
وذكر أن الاستغفار هو أصل أسباب المغفرة وأساسها، وأعظم موجباتها، من أجل ذلك أمر الله به خير خلقه لتأتمر به أمته، وجعله تاليًا لأمره بالعلم بتوحيده، فكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كثير الاستغفار جدًا، وكان يُعدُّ له في المجلس الواحد مئة مرة قبل أن يقوم بقوله: “رب اغفر لي وتب عليّ إنك أنت التواب الغفور”. وأخبر – صلى الله عليه وسلم – عن نفسه بأنه يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة.
وأضاف بأن لشرف الاستغفار وفضله ألهم الله ملائكته المكرمين أن يستغفروا لعباده المؤمنين، وقال عليه الصلاة والسلام: “والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه، يقولون: اللهم ارحمه، اللهم اغفر له، اللهم تب عليه، ما لم يؤذ فيه، ما لم يحدث”.
كما أنه لفضل الاستغفار أرشد الله أن تختم به الليالي والأعمار، وقد كان الاستغفار آخر جملة تحرك بها لسانه الطاهر عليه الصلاة والسلام أن قال وهو يعالج سكرات الموت: “اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى”.
وأوضح الشيخ الدكتور خالد المهنا أن لفضل الاستغفار وعظم افتقار العبد إليه أرشد إمام المتقين أمته بأن تفتتح به يومها وتختمه، فقال عليه الصلاة والسلام: “سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت”. مشيرًا إلى ما يتضمنه هذا الدعاء النبوي المبارك من موجبات قبول الاستغفار، من التوسّل العظيم لله بتوحيده في ربوبيته وألوهيته، والخضوع له بصفة العبودية، والإقرار لله بنعمته، واعتراف العبد بذنبه، وافتقاره إلى ربه في غفرانه؛ إذ لا يملك الغفران إلا هو سبحانه، وذلك من خصائص الربوبية التي ليست لأحد سوى الله.
وأكد فضيلته أن ارتكاب الذنوب ظلم للنفس، وذلك أن النفوس مفطورة على حبّ الخالق وتعظيمه، فإذا ارتكب العبد الذنب فقد ظلمها بمخالفة من فطرت على حبّه وتعظيمه، وعرضها لعذاب الدنيا والآخرة، فالدعاء المشتمل على الاعتراف بالذنب مع الثناء على الربّ والتوسل إليه بصفاته هو دعاء العارفين بعظيم قدره وثوابه، الدال على معرفة المستغفر بعيوب نفسه، وندمه على خطيئته، وانكسار قلبه، وذهاب العجب عنه، وهو الدعاء المرجو إجابته، الواجد قائله برد الغفران. مبينًا أن الاستغفار هو ترجمان ما في القلب من ندم على الذنب، وتقصير في حق الرب.
وتابع مذكرًا بأن من تأمل صفتَي المغفرة والرحمة لله جلّ جلاله وجدهما مقترنتين في آيات كثيرة من كتاب الله تعالى، وتربو على سبعين آية، إذ تجيء صفة الرحمة فيها تالية صفة المغفرة. وسرُّ ذلك -والله أعلم- أن رحمة الله تعالى بعبده أقرب ما تكون إليه حين يستغفره؛ فالاستغفار موجب الرحمة، فتحلُّ على المستغفرين رحمة الله التي لا حد لها من سِترِ الذنب والتجاوز عنه، ومنع العذاب الذي يوجبه الذنب، وتبديل السيئة حسنة، والهداية لنور الطاعة وحبها وإلفها، وكُره المعصية والنفرة منها.
وحثّ فضيلته على فعل الأسباب من الأعمال الصالحة التي توجب مغفرة الله جلّ وعلا، مبينًا أن النبي – صلى الله عليه وسلم – سأل ربّه موجبات رحمته وعزائم مغفرته، وهي أعمال البر والطاعة وأفعال الخير التي تتأكد بها مغفرة الذنوب وتتعزم، وتدلّ على صحة توبة العبد وصدق إنابته.
واختتم فضيلته خطبة الجمعة موصيًا العباد إلى الإكثار من الصلاة والسلام على النبي المصطفى – صلى الله عليه وسلم – ليغفر لهم الذنوب، ويكفيهم الهموم، داعيًا الله جلّ وعلا أن يحفظ بلادنا وقيادتها وولاة أمرنا من شرّ الأشرار، ومكر الماكرين الحاقدين الفجّار، وأن ينصر إخواننا في فلسطين على الصهاينة الغاصبين، ويُبدل فزعهم أمنًا، ويكشف كربهم، ويرفع عنهم الغمّة، وأن يحفظ المسجد الأقصى من عدوان المعتدين المتربصين، وأن يحفظ جميع بلاد المسلمين.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية صلى الله علیه وسلم الصلاة والسلام الشیخ الدکتور التی ت

إقرأ أيضاً:

هل يجوز صيام النصف من شعبان اليوم الجمعة فقط؟

هل يجوز صيام النصف من شعبان اليوم الجمعة فقط أم يشترط صيام يوم قبله أو بعده؟ سؤال يردده أولئك الذين فاتهم يوم الثالث عشر والرابع عشر من شعبان (أول يومين من الأيام البيض الثلاثة)، فيما يسعون لاغتنام ما تبقى منها وهو يوم الخامس عشر من شعبان، يتساءلون عن هل يجوز صيام النصف من شعبان اليوم الجمعة فقط دون يوم قبله أو بعده؟، خاصة وأن يوم النصف من شعبان 2025 يوافق اليوم الجمعة، وقد انقضى يومان من الأيام البيض، ولم يتبق منها سوى اليوم وهو الأخير، حيث لا ينبغي الصيام في النصف الثاني من شهر شعبان، في حين أن هناك من لم يصموا أمس ولا أول أمس، ويسعون لاغتنام اليوم فقط فيطرح حالهم سؤال عن هل يجوز صيام النصف من شعبان اليوم الجمعة فقط أم يشترط صيام يوم قبله أو بعده؟.

هل فاتتك ليلة النصف من شعبان بأذان الفجر؟.. لديك فرصةليلة النصف من شعبان.. النبي أوصى باغتنامها بهذا الدعاءلماذا سميت ليلة النصف من شعبان عيد الملائكة؟أفضل 100 دعاء في ليلة النصف من شعبان تجمع لك الأرزاق.. صحة ومال وبنينهل يجوز صيام النصف من شعبان اليوم الجمعة فقط

قالت دار الإفتاء المصرية، إن صيام يوم النصف من شعبان فقط جائز شرعًا في جميع أوقات العام، لأنه لا يندرج ضمن الأيام المنهي عن صومها كالعيدين مثلًا، كما يجوز صومه فقط أو صيام الأيام البيض - يومي الثالث عشر والرابع عشر من شهر شعبان - هذا الشهر المبارك الذي يمهد الطريق إلى شهر رمضان الكريم.

وأوضحت “الإفتاء” في إجابتها عن سؤال: ( هل يجوز صيام النصف من شعبان اليوم الجمعة فقط أم يشترط صوم يوم قبله أو بعده؟)، أنّ صيام يوم 15 من شعبان فقط تطوّعًا دون صوم التطوع قبلها وبعده جائزٌ شرعًا، والقول إنه يشترط أن يكون صام تطوعًا قبله غير صحيح، ومن ثم فإنه يجوز صيام يوم النصف من شعبان فقط تطوعا دون التقيد بصوم باقي أيام الشهر أو حتى الأيام البيض.

وأضافت أن صيام يوم 15 من شعبان فقط جائز شرعاً لأنه من الأيام البيض الثلاثة التي ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصومها وهي أيام 13 و14 و15 من كل شهر هجري، مشيرة إلى أن صيام الأيام البيض سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يصوم 3 أيام من كل شهر هجري؛ وهي: 13،14،15 من كل شهر هجري.

واستشهدت بما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام» متفق عليه. بما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام» متفق عليه.

فضل صيام يوم النصف من شعبان

خصَّ الله عز وجل عبادة الصيام من بين العبادات بفضائل وخصائص عديدة، منها:

أولًا: أن الصوم لله عز وجل وهو يجزي به، كما ثبت في البخاري (1894)، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي».

ثانيًا: إن للصائم فرحتين يفرحهما، كما ثبت في البخاري ( 1904 ) ، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ».

ثالثًا: إن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، كما ثبت في البخاري (1894) ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله عز وجل يوم القيامة من ريح المسك».

رابعاً: إن الله أعد لأهل الصيام بابا في الجنة لا يدخل منه سواهم، كما ثبت في البخاري (1896)، ومسلم (1152) من حديث سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الجَنَّة بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يدْخُلُ مِنْهُ الصَّائمونَ يومَ القِيامةِ، لاَ يدخلُ مِنْه أَحدٌ غَيرهُم، يقالُ: أَينَ الصَّائمُونَ؟ فَيقومونَ لاَ يدخلُ مِنهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فإِذا دَخَلوا أُغلِقَ فَلَم يدخلْ مِنْهُ أَحَدٌ».

خامسًا: إن من صام يومًا واحدًا في سبيل الله أبعد الله وجهه عن النار سبعين عامًا، كما ثبت في البخاري (2840)؛ ومسلم (1153) من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِنْ عبدٍ يصومُ يوْمًا في سبِيلِ اللَّهِ إلاَّ بَاعَدَ اللَّه بِذلكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سبْعِين خريفًا».

سادسًا: إن الصوم جُنة «أي وقاية» من النار، ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الصيام جُنة»، وروى أحمد (4/22) ، والنسائي (2231) من حديث عثمان بن أبي العاص قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «الصيام جُنة من النار، كجُنة أحدكم من القتال».

سابعًا: إن الصوم يكفر الخطايا، كما جاء في حديث حذيفة عند البخاري (525)، ومسلم (144) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».

ثامنًا: إن الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة، كما روى الإمام أحمد (6589) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ : أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ».

فضل صيام النصف من شعبان

ورد فضل صيام النصف من شعبان بحديث علي بن أبي طالب كرم الله وجهه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا يَوْمَهَا؛ فَإِنَّ اللهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ؟ أَلَا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ؟ أَلَا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ؟ أَلَا كَذَا، أَلَا كَذَا..؟ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ» رواه ابن ماجه.

كما جاء حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، عن فضل النصف من شعبان فقالت: فَقَدْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَخَرَجْتُ أَطْلُبُهُ فَإِذَا هُوَ بِالْبَقِيعِ رَافِعٌ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ، أَكُنْتِ تَخَافِينَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ!»، فقُلْتُ: وَمَا بِي ذَلِكَ، وَلَكِنِّي ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَتَيْتَ بَعْضَ نِسَائِكَ، فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَغْفِرُ لأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعَرِ غَنَمِ كَلْبٍ -وهو اسم قبيلة-» رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد واللفظ لابن ماجة.

مقالات مشابهة

  • تبقى لصاحبها بعد موته.. خطيب المسجد الحرام: احرص على 10 أعمال بحياتك
  • خطيب المسجد النبوي: الاستغفار هو أكبر الطاعات وأصل أسباب المغفرة
  • خطيب المسجد الحرام: سيرة أصحاب الذكر الجميل تتخطى الآفاق وتفتح لهم القلوب
  • الشيخ ياسر السيد مدين يكتب: جاه سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم (1)
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
  • هل يجوز صيام النصف من شعبان اليوم الجمعة فقط؟
  • إمام مسجد عمرو بن العاص: شعبان شهر ترضية رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا السبب
  • أنا بحبك.. هل يجوز للشاب قولها لخطيبته؟.. دار الإفتاء تجيب
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم