منذ بداية فبراير/شباط الجاري لم يمرّ يوم من دون توثيق أوامر إبعاد من سلطات الاحتلال بحق مقدسيين، وسُجّل معظمها عن المسجد الأقصى المبارك.

في حين أعلن وزير الداخلية الإسرائيلي موشيه أربيل نيته إبعاد 3 مقدسيين عن مدينة القدس بموجب قانون "طرد عائلات المخربين" الذي صادق عليه الكنيست الإسرائيلي في السابع من نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2024 المنصرم.

ولن تقلّ مدة الإبعاد خارج المدينة، وفق القانون المذكور، عن 10 أعوام ولن تزيد على 20 عاما، وهو الأمر الذي سيؤدي في نهاية المطاف إلى فقدان المقدسيين المستهدفين بهذا الإجراء حق إقامتهم في القدس، وفق قوانين الاحتلال.

وفي حال أُبعد مقدسيون خارج البلاد، فيجب أن يدخلوا المدينة مرة كل 3 أعوام من أجل الحفاظ على إقامتهم وهو ما لن يكون متاحا، وفي حال أُبعدوا إلى الضفة الغربية أو قطاع غزّة فستعتبر سلطات الاحتلال أن "مركز حياتهم" يقع خارج المدينة ولا يحق لهم التمتع بحق الإقامة.

وبالتالي فإن هؤلاء المقدسيين وُضعوا أمام خيارات أحلاها مرّ، بعد ادّعاء وزير الداخلية أنهم "أعربوا عن دعمهم وتأييدهم للعمل الإرهابي، أو نشروا مديحا أو تشجيعا لهذا العمل أو المنظمة الإرهابية".

أصدر وزير داخلية الاحتلال الإسرائيلي "موشيه أربيل" يوم أمس الأربعاء، قرار إبعاد عن مدينة القدس بحق 3 أسرى محررين من المدينة، هم: زينة بربر، ومحمد أبو الهوى، وتسنيم عودة.

يذكر أن بربر وعودة تحررتا ضمن المرحلة الأولى من صفقة "طوفان الحرية" بين المقاومة في غزة والاحتلال الإسرائيلي.… pic.twitter.com/6so07aOIXO

— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) February 13, 2025

إعلان من المبعدون؟

المقدسيون الثلاثة الذين استهدفوا مؤخرا بعقوبة الإبعاد عن القدس ضمن هذا القانون هم:

زينة بربر: ابنة الأسير المقدسي المحرر مجد بربر الذي قضى 20 عاما في سجون الاحتلال وتحرر في ربيع عام 2021، بعد اتهامه بالعضوية في خلية عسكرية تابعة للجبهة الشعبية.

اتهمت بربر بكتابة منشورات وطنية اعتبرها الاحتلال "تماهيا مع الإرهاب"، وتحررت ضمن الدفعة الأولى من المرحلة الأولى في صفقة "طوفان الأحرار" بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل.

محمد أبو الهوى: شقيق الشهيد آدم أبو الهوى الذي نفّذ عملية طعن أسفرت عن إصابة شرطي بجروح خطيرة بعد سلب سلاحه، وذلك في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2023، وما زال جثمانه محتجزا في ثلاجات الاحتلال حتى يومنا هذا.

ويتّهم الاحتلال الأسير محمد بالتماهي مع "الإرهاب" بعد نشره منشورات عن المقاومة الفلسطينية.

تسنيم عودة: ابنة الشهيد المقدسي بركات عودة الذي نفّذ عملية دهس عام 2022 قرب مدينة أريحا شرقي القدس، وأسفرت عن إصابة 5 من جنود الاحتلال.

وما زالت هذه الشابة تقبع خلف قضبان سجون الاحتلال وهي الأسيرة المقدسية الوحيدة التي تنتظر التحرر، واعتقلت عام 2024 بزعم نشر مواد مؤيدة للمقاومة على منصات التواصل، من بينها صورة ليحيى السنوار وبعض قادة المقاومة.

وبالتالي يرى وزير الداخلية أن هؤلاء الثلاثة ينطبق عليهم قانون "طرد عائلات منفذي العمليات"، وبدأت أولى خطوات تطبيقه باقتحام منزل المحررة زينة بربر في حي رأس العامود ببلدة سلوان، وتسليمها القرار الذي يتضمن استدعاءها لجلسة استماع ويمهلها 30 يوما للاعتراض عليه، وعادة لا جدوى من الاعتراض.

جريمة حرب

الأكاديمي والخبير في القانون الدولي منير نسيبة تحدث عن نظرة القانون الدولي لإجراء الإبعاد القسري عن الوطن أو البيت قائلا إن "نقل السكان قسريا أو نفيهم عن وطنهم يعتبر جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية إذا كان على نطاق ممنهج وواسع".

إعلان

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن ذلك ينتج عنه مسؤولية جنائية للفرد فيكون بموجبه مسؤولا جنائيا ويمكن محاكمته في المحاكم الدولية مثل المحكمة الجنائية الدولية.

ووفقا للأكاديمي نسيبة، فإن إسرائيل طوّرت الكثير من المعايير لإلغاء حق الإقامة للمقدسيين، فكانت تُسحب البطاقة الزرقاء (بطاقة الهوية الإسرائيلية) من المقدسيين الذين يسافرون ويقيمون مدة 7 أعوام خارج البلاد، وقلصت لاحقا إلى 3 أعوام.

ومنذ عام 1994، أدخل الاحتلال معيار "مركز الحياة" الذي اعتبر بموجبه أن جميع من يسكن خارج مدينة القدس من المقدسيين "لا يستحق التمتع بوضعية المقيم" وفق الخبير المقدسي.

أما المعيار الأخطر فجاء عام 2006، وبات حق الإقامة في القدس يُلغى بادعاء "خرق الولاء" لإسرائيل، والآن يعتبر القانون الجديد الذي يُبعد المقدسيون بموجبه عن القدس وقد يفقدون حق الإقامة فيها بسببه، توسيعا للإطار بدعوى أن لهم أقارب نفذوا عمليات، ويشكل ذلك خطرا إضافيا وفقا للحقوقي المقدسي.

بدوره، وصف رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أمجد أبو عصب القانون الجديد بالعنصري والفضفاض وغير الواضح، مضيفا أنه يهدف لردع المقدسيين وتخويفهم وجعلهم عبرة لكافة أبناء الشعب الفلسطيني.

ويرى أبو عصب في حديثه للجزيرة نت أن هذا الإبعاد الذي يدّعي الاحتلال أنه مؤقت سيتحول إلى دائم، كما حدث مع كثير من المقدسيين بينهم وزير القدس السابق المبعد عن المدينة خالد أبو عرفة، ونواب المجلس التشريعي، بالإضافة للمحامي صلاح الحموري الذي نُفي إلى فرنسا بادعاء خرق الولاء لإسرائيل، والأسير المقدسي الذي تحرر في الصفقة مؤخرا عبد دويّات الموجود حاليا في غزة.

نددت حركة حـ.ـماس، في بيان، بإبعاد سلطات الاحتلال 3 أسرى محررين عند مدينة القدس، وهم: زينة بربر ومحمد أبو الهوى وتسنيم عودة.
وقالت الحركة إن قرار ترحيلهم "قرار همجي جائر، يندرج ضمن سياسة حكومة الاحتلال المتطرفة التي تسعى لإفراغ المدينة المقدسة من أهلها، واستكمال مخطط التهويد… pic.twitter.com/cCPs8J79N2

— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) February 13, 2025

إعلان تنديد واسع

ونددت أوساط سياسية وحقوقية فلسطينية وعامية بقرار إبعاد الأسيرات الثلاث. فقد وصفت حركة "حماس" القرار بأنه "همجي جائر" يندرج ضمن "سياسة حكومة الاحتلال المتطرفة التي تسعى لإفراغ المدينة المقدسة من أهلها".

وأضافت أن القرار يأتي "استكمالا لمخطط التهويد والتوسع الاستيطاني" محذرة من "استمرار نهج الاحتلال في استهداف المقدسيين، وما يمارسه بحقهم من ملاحقة وقمع وإبعاد وهدم للمنازل، بالتوازي مع عدوانه الهمجي على مختلف محافظات الضفة الغربية".

ومن جهتها عبرت مؤسسة العهد الدولية، المهتمة بشؤون الأسرى الفلسطينيين، عن قلقها واستنكار "لسياسة العقاب الجماعي التي يمارسها الاحتلال من خلال تطبيق قانون الترحيل ضد أقارب الأسرى والشهداء".

وقالت إن إبعاد الأسرى الثلاثة "خطوة خطيرة تعكس النهج القمعي الذي يستهدف عائلات الأسرى والشهداء الفلسطينيين لإرغامهم على التهجير القسري".

منذ مطلع فبراير/شباط الجاري سرعت سلطات الاحتلال وتيرة إصدار أوامر الإبعاد عن المسجد الأقصى (الجزيرة-أرشيف) نزعة انتقامية

ويضاف لفرض عقوبة الإبعاد عن القدس بحق 3 مقدسيين، حملة غير مسبوقة في إبعاد المقدسيين والأسرى المحررين في الصفقة الأخيرة عن المسجد الأقصى، وقال المحامي المختص في قضايا القدس خالد زبارقة إنه تم "توثيق قيود غير مسبوقة بحق المحررين للحد من حركتهم أو تأثيرهم أو إظهار فرحتهم وذويهم بالإفراج عنهم".

وأضاف المحامي زبارقة أنه لا يجد وصفا لعقوبة الإبعاد عن الأقصى سوى أنها قرارات تعسفية لا تمت للقانون بصلة، ولا يوجد لها أي هدف سوى تطبيق النزعة الانتقامية الموجودة الآن عند السلطات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، خاصة الأسرى المحررين.

أما الحقوقي نسيبة فقال إن الإبعاد عن الأقصى يعتبر انتهاكا للحق في العبادة والوصول للأماكن الدينية وفقا للقانون الدولي، كما يحد من حرية المواطنين في التنقل داخل وطنهم دون قيود.

إعلان

وأضاف "كلما وجد الاحتلال أنه يريد المس بالوضع القائم بالمسجد الأقصى وتنفيذ مخططات تهويدية يبعد الشباب أكثر عنه".

رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أبو عصب أشار إلى أن الإبعاد عن الأقصى "سياسة قديمة متجددة يمارسها الاحتلال بهدف تهويد المكان وتفريغه من رواده والمصلين والصحفيين".

ومنذ مطلع العام الجاري استدعت سلطات الاحتلال -وفقا لأبو عصب- مجموعة كبيرة من الأسرى المحررين الجدد والقدامى وسلمتهم قرارات إبعاد لمدة أسبوع، جُددت تلقائيا لفترات تتراوح بين 3 و6 أشهر.

ووصف هذه الإبعادات بالاحترازية التي تُحرر قبيل حلول شهر رمضان بحق من اعتقلوا على قضايا تخص المسجد الأقصى، سواء بالدفاع عنه أو حتى بخدمته من خلال التنظيف أو المساهمة في مساعدة المصلين ضمن لجان النظام.

وأكد أبو عصب أن هذه العقوبة ليست سوى حلقة في دائرة الإجراءات الظالمة التي مورست بحق من تحرروا مؤخرا في صفقة التبادل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات سلطات الاحتلال المسجد الأقصى مدینة القدس الإبعاد عن حق الإقامة أبو الهوى إبعاد عن عن القدس أبو عصب

إقرأ أيضاً:

سرايا القدس تكشف عن اسم أحد الأسرى المفرج عنهم غدًا ضمن اتفاق غزة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

اعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي اليوم الجمعة انها ستفرج غدا عن الأسير ألكسندر توربانوف في إطار الدفعة السادسة من المرحلة الأولى لصفقة التبادل.

وفي الأسبوع الماضي، صرّح المتحدث باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، بأنه تم تأجيل الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، الذين كان من المقرر إطلاق سراحهم يوم السبت، إلى أجل غير مسمى، وذلك حتى يلتزم الاحتلال بتعهداته ويعوض استحقاقات الأسابيع الماضية بأثر رجعي.

وأكد التزام المقاومة ببنود الاتفاق طالما التزم به الاحتلال.

وفي بيان صادر يوم الإثنين الماضي، أوضح أن "الاحتلال الإسرائيلي منع إدخال المساعدات الإغاثية بجميع أشكالها، رغم الاتفاق المسبق على ذلك، في حين نفّذت المقاومة جميع التزاماتها".

مقالات مشابهة

  • حماس: حضور صورة القدس والأقصى في تسليم الأسرى رسالة للاحتلال
  • المقاومة الفلسطينية تسلم 3 أسرى صهاينة ضمن الدفعة السادسة من صفقة تبادل الأسرى
  • الشيخ فائق شحادة حسن الأنصاري.. سادن الأقصى الذي أتقن حمل السلاح
  • 40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
  • سرايا القدس تكشف عن اسم أحد الأسرى المفرج عنهم غدًا ضمن اتفاق غزة
  • أفرج عنه ضمن صفقة طوفان الأقصي.. الإحتلال يستدعي قيادي في حماس للتحقيق معه
  • فيديوغراف.. كيف أدت سياسات الاحتلال لتهجير المقدسيين؟
  • الاحتلال يبعد 3 أسرى محررين عن مدينة القدس
  • بالفيديو.. كيف يرى الأسرى المحررون المبعدون غزة؟