عربي21:
2025-05-03@03:27:31 GMT

دروس الثورة السورية

تاريخ النشر: 14th, February 2025 GMT

لعلي ممن يعتبرون أن تحرير سوريا قد تم بمعية الله، حيث تم بشكل لا يمكن تصوره أو توقعه بالطريقة التي تم بها. وكل ثورة تواجه ثورتين كأمر طبيعي وقد ذقنا مرارتهما في مصر بعد ثورة يناير، وهما أولا: الثورة المضادة يديرها من قامت عليهم الثورة ومؤيدوهم وأصحاب المصالح المتضررة وكل الدولة العميقة وبقايا النظام القديم، وهذا الأمر لا بد من مواجهته بالعقل والحكمة والوعي والحسم السريع في نفس الوقت.

ثانيا، ثورة التوقعات، وتلك هي الأخطر لأن أصحابها هم المحرومون، من الشعب الذي حُرم من حقوقه لسنوات طويلة فيجد في الثورة فرصة لحريته وطلباته واحتياجاته الكثيرة المتعددة فيبدو كأنه خرج من نعين السلطة السابقة إلى جحيم الإدارة الجديدة، وهذا يحتاج بجانب الحكمة والصبر سعيا كبيرا لمحاولة إشباع احتياجات الناس الأساسية دون الرضوخ لتنفيذ ما لا يمكن تنفيذه ولا الإمكانات تسمح به.

والدروس التي يمكن أن يتعلمها الإخوان المسلمون وكل الطيف الوطني المصري من تطورات الصراع في "تحرير سيناريو الصراع السوري"، في إشارة إلى الثورة السورية والمواجهات ضد نظام الأسد منذ 2011، تعتمد على قراءة الأحداث ونتائجها المعقدة، والتي تشمل تدخلات إقليمية ودولية وعوامل داخلية. وهنا نناقش معا بعض الدروس المهمة:

الدروس التي يمكن أن يتعلمها الإخوان المسلمون وكل الطيف الوطني المصري من تطورات الصراع في "تحرير سيناريو الصراع السوري"، في إشارة إلى الثورة السورية والمواجهات ضد نظام الأسد منذ 2011، تعتمد على قراءة الأحداث ونتائجها المعقدة، والتي تشمل تدخلات إقليمية ودولية وعوامل داخلية
1- خطر التشرذم وغياب الوحدة الثورية

- أحد أسباب فشل المعارضة السورية في تحقيق أهدافها كان الانقسام الحاد بين الفصائل الإسلامية والعلمانية، المدعومة من دول مختلفة).

- الدرس: الوحدة التنظيمية والاستراتيجية بين القوى المعارضة ضرورية لمواجهة نظام قوي مدعوم إقليميا ودوليا، بغير ذلك ستمر سنون والجميع يناوش الجميع بعيدا عن المستهدف.

2- التدخل الخارجي سلاح ذو حدين

- اعتماد بعض فصائل المعارضة على دعم خارجي (تركيا، الخليج، الغرب) خلق تبعية وأضعف شرعيتها الشعبية، خاصة مع تناقض أجندات الداعمين.

- وهذا يمهد بل يؤكد أن التحالفات الخارجية يجب أن تُدار بحذر لضمان عدم فقدان الاستقلالية أو تحويل الصراع إلى وكالة لمصالح أجنبية. فالقضية مصرية خالصة لن تحقق هدفها لو تلونت بغير حقيقتها

3- خطورة العسكرة المفرطة دون استراتيجية سياسية

- تحول الثورة السورية من حركة احتجاجية سلمية إلى صراع مسلح بفعل عنف النظام وأطراف أجنبية أدى إلى تدمير البنية الاجتماعية، وتصاعد التطرف، وتشويه صورة الثورة دوليا.

- ورغم أن هذا لا يناسب الحالة المصرية رغم العنف الذي مورس ضد الثوار في الشوارع والمساجد والسجون، وهنا تظهر عبقرية الشعار في وقتها "سلميتنا أقوى من الرصاص"، لكن لا بد من العلم بأن الجمع بين المقاومة الخشنة والدبلوماسية السياسية ضروري، مع الحفاظ على الخطاب المعتدل لجذب التعاطف الدولي.

4- القمع الأمني قد يضعف الثورة لكنه لا يقتل روحها

- نظام الأسد استخدم القوة المفرطة (مثل مجازر حماة وحمص وحلب)، لكن ذلك لم يُنهِ الثورة، بل زاد من شراسة المقاومة.

- وهذا رغم تكراره بغباء في بعض المواقف بشكل أقل في مصر اعتمادا لفكرة الردع الذي يخيف الناسـ، لكنه زاد أهل الثورة إصرارا على التغيير لذا فالصمود التنظيمي والقدرة على إعادة البناء رغم القمع هي مفتاح الاستمرارية، مع تجنب التكرار في السياسات والتكتيكات الفاشلة المجربة من قبل.

5- أهمية الحاضنة الشعبية والخدمات الاجتماعية

- في المناطق التي سيطرت عليها المعارضة، مثل إدلب، كانت الفصائل الأكثر نجاحا هي تلك التي وفرت خدمات أساسية (مستشفيات، مدارس) للحاضنة الشعبية، بل وقد مكنها هذا من تصدير خبراتها للدولة الأم فيما بعد.

-وهذا يؤكد على نهج الإخوان في بناء شرعيتهم عبر الخدمات اليومية والتي يمكن بها كسب التأييد الشعبي أكثر من الخطاب الأيديولوجي المجرد.

6- التحديات الأيدولوجية والهوية

- ظهور جماعات متطرفة (مثل داعش) شوّه صورة الثورة السورية، وأعطى النظام ذريعة لقمع المعارضة تحت مسمى "مكافحة الإرهاب". والكل يعلم من أنشأ هذه التنظيمات المتطرفة التي لم تقتل عدوا بل كل قتلاها من "المسلمين المرتدين" وجعلها مسمار جحا في كل مكان أراد لأصحابها والنظم الفاشية الوصول إليه أو البقاء فيه.

- وهنا مع كل الحذر يجب الفصل الواضح بين الخطاب الإسلامي المعتدل والمتطرف، مع تعزيز الهوية الوطنية الجامعة لتجنب الاستقطاب الطائفي.

7- الدور الإعلامي وحرب السرديات

- نجاح نظام الأسد في تصوير المعارضة كـ"إرهابيين" عبر الإعلام الدولي مما أضعف موقف الثوار لفترات طويلة، وحتى الآن المغرضين لا يذكرون أحمد الشرع إلا "أبو محمد الجولاني" إمعانا في تشويه الصورة الذهنية.

- وهنا لا بد أن ندرك أهمية الإعلام وضرورة استثمار الموارد البشرية والمادية في الإعلام الدولي والمحلي لنقل الرواية الحقيقية للصراع، وكسب التعاطف المحلى والعالمي.

8- الواقعية السياسية مقابل المثالية الثورية

- لعل هذا اتضح أكثر بعد وحدة الفصائل وممارسة دور سياسي بامتياز خاصة في إدلب ومن ثم بعد التحرير الكامل لسوريا. ولعل الحوار مع الاستعداد للحسم العسكري تكون له الأولوية في إنهاء مشكلة قسد المدعومة أمريكيا وصهيونيا في شمال شرق سوريا.

- وهنا لا بد أن ندرك لكل مقام مقال ولكل حال مآل، فالمرونة في التفاوض وقراءة موازين القوى قد تحقق مكاسب جزئية بدلا من خسارة كل شيء.

9- التكيف مع التحولات الجيوسياسية

- التدخل العسكري الروسي المباشر عام 2015 غيّر مسار الحرب لصالح النظام، مع الدعم الإيراني المباشر وقتها مما يُظهر أهمية قراءة الخارطة الجيوسياسية وتأثير القوى العظمى.

- لهذا لا يمكن فصل الصراع الداخلي عن الصراعات الإقليمية والدولية؛ مع ضرورة تطوير استراتيجيات تتكيف مع هذه الديناميكيات في الإقليم والعالم.

10- دور المجتمع الدولي بين الوهم والواقع

- الاعتماد على وعود المجتمع الدولي (مثل قرار تدخل أمريكا في  عهد أوباما بعد مذبحة الغوطة واستعمال الكيماوي، ثم التخلي ببساطة عن ذلك لمصالح أخرى)، فقد تبين أنه وهمي، حيث لم تتحرك القوى الكبرى لوقف مجازر النظام.

- وهنا نعيد التأكيد على أنه لا يمكن الاعتماد على الضمير الدولي؛ بل القوة الذاتية والحلول المحلية هي الضمانة الوحيدة.

الخلاصة:

تجربة الصراع السوري تُظهر أن النجاح في مواجهة الأنظمة الاستبدادية يتطلب توازنا دقيقا بين:

- الوحدة الداخلية والمرونة السياسية.

- المقاومة المسلحة والدبلوماسية.

- بناء الشرعية الشعبية عبر الخدمات لا الأيديولوجيا.

- تجنب الاستقطاب الطائفي أو التطرف.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا ثورة مصر الدروس سلمية التغيير سوريا مصر ثورة اخوان سلمية مقالات مقالات مقالات اقتصاد صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الثورة السوریة نظام الأسد لا یمکن

إقرأ أيضاً:

الهند وباكستان.. هجوم كشمير يعيد شبح الحرب النووية إلى واجهة الصراع

في تصعيد خطير يُنذر بانفجار وشيك على الحدود بين الهند وباكستان، منح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الجيش الهندي حرية التحرك للرد على الهجوم الذي وقع مؤخرًا في إقليم كشمير المتنازع عليه، وأسفر عن مقتل 26 مدنيًا، وجاءت تصريحات مودي لتؤكد أن بلاده تعتزم توجيه ضربة ساحقة لما وصفه بـالإرهاب، دون أن يُوضح طبيعة أو نطاق هذا الرد المحتمل.

وقالت قناة القاهرة الإخبارية، في تقرير لها بعنوان «تصاعد التوتر بين الهند وباكستان يثير مخاوف من حرب نووية»: أثارت تصريحات مودي مخاوف متزايدة من احتمال تنفيذ ضربات تتجاوز الحدود الباكستانية، خصوصًا في ظل إصرار نيودلهي على تحميل إسلام آباد مسؤولية دعم الجماعات المسلحة في كشمير، وهو اتهام تنفيه باكستان بشكل قاطع. ويُعيد هذا التوتر إلى الواجهة النزاع المزمن بين الجارتين النوويتين، الذي تعود جذوره إلى مرحلة ما بعد الاستقلال عام 1947".

وتابع التقرير: ردّت باكستان بتحذير شديد على لسان وزير دفاعها خواجه محمد آصف، الذي أكد أن التوغل العسكري الهندي بات "وشيكًا"، وأن القوات الباكستانية في "حالة تأهب قصوى". كما شدد على أن بلاده لن تستخدم سلاحها النووي إلا في حال تعرّضها لتهديد وجودي مباشر.

وخلال الأيام الخمسة الماضية، شهد خط السيطرة في كشمير الذي يُعد الحدود الفعلية بين البلدين، تبادلاً لإطلاق النار بأسلحة خفيفة، ما يعكس هشاشة الوضع الأمني في المنطقة. ويمثل إقليم كشمير نقطة اشتعال مزمنة بين الدولتين، اللتين خاضتا ثلاث حروب من قبل بسبب هذا الإقليم.

وقد لجأ الطرفان إلى اتخاذ إجراءات دبلوماسية واقتصادية انتقامية بعد الهجوم، أبرزها تعليق الاتصالات الثنائية وخفض مستوى التمثيل الدبلوماسي، في تطور قد يدفع بالقارة الآسيوية إلى شفير مواجهة مفتوحة، تتجاوز حدود التهديدات الكلامية نحو نزاع قد يحمل طابعًا نوويًا غير مسبوق.

اقرأ أيضاًأمين عام للأمم المتحدة يشدد على ضرورة تجنب المواجهة بين الهند وباكستان

خطى مصر للتهدئة بين الهند وباكستان

حدث ليلا.. تبادل إطلاق نار بين الهند وباكستان في إقليم كشمير

مقالات مشابهة

  • موقع أمريكي ..أمريكا لم تتعلم من دروس المواجهة مع اليمنيين
  • أميركا تصنف تحالف عصابات في هايتي جماعة إرهابية
  • البرلمان العربي: ندين الغارة التي شنها كيان الاحتلال الإسرائيلي على محيط القصر الرئاسي في دمشق والتي تأتي امتدادًا للتعديات السافرة التي يقوم بها ضد سيادة وأمن وسلامة الأراضي السورية، ونطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالتصدي لهذه الانتهاكات المتكررة
  • شيماء سيف ورانيا منصور ضيفتا العرض الخاص لـ“ريستارت” لتامر حسني وهنا الزاهد
  • هكذا اشتبكت شاشات سينما بوليوود مع نظيرتها الباكستانية فنيا
  • الوزير الشيباني: نحن نؤمن أن الطريق إلى الاستقرار يمر عبر الحوار، والتشارك الفعلي بين جميع مكونات الشعب السوري بعيداً عن الإملاءات، وتحت سقف السيادة السورية الكاملة، لأن لا أحد أحرص على سوريا من أبنائها، ولا يمكن لأي قوة خارجية أن تبني دولة قوية دون إرادة
  • المالية السورية: المحادثات مع صندوق النقد تمثل لحظة تاريخية لعودة دمشق للمجتمع المالي الدولي
  • الجامعة الافتراضية السورية: بدء التسجيل لطلاب برامج الحقوق والإعلام ‏والدبلوم والماجستير المنقطعين بسبب الثورة
  • الهند وباكستان.. هجوم كشمير يعيد شبح الحرب النووية إلى واجهة الصراع
  • الصراع على سوريا… مجدداً