لماذا تسعى طاجيكستان لإقامة حزام أمني حدودي مع أفغانستان؟
تاريخ النشر: 14th, February 2025 GMT
كابل- بعد عودة حركة طالبان للسلطة في أفغانستان قبل 3 سنوات، اتخذت طاجيكستان خطوات لتعزيز أمنها الحدودي، من بينها بناء حزام أمني ونقاط مراقبة على امتداد الحدود المشتركة التي تبلغ 1374 كيلومترا، منها ما يقارب 1184 كيلومترا نهرية و190 كيلومترا برية.
تعد طاجيكستان ثالث دولة بعد باكستان وإيران تنشئ حزاما أمنيًّا على حدودها مع أفغانستان، حيث نشرت نحو 2000 جندي على الحدود مع الجارة الأفغانية عقب الانسحاب الأميركي، وأقامت أكثر من 60 نقطة مراقبة، إلى جانب وجود القاعدة العسكرية الروسية 201 التي تسهم في مراقبة الوضع الأمني في أفغانستان ودعم أمن الحدود، التي تحتوي 7 نقاط عبور رسمية بين البلدين.
ويعود تاريخ فكرة الحزام الأمني إلى عام 1998 عندما طرحها الرئيس الطاجيكي إمام علي رحمان أمام الأمم المتحدة، ومع بدء التدخل الأميركي في أفغانستان، تراجعت الفكرة، لكنها عادت مجددا إلى الواجهة منذ عام 2019، أي حتى قبل انسحاب القوات الأميركية وحلف شمال الأطلسي من أفغانستان.
وفي هذا السياق، يؤكد نائب رئيس الوزراء الأفغاني الملا عبد السلام حنفي، في حديثه للجزيرة نت، أن بلاده "تسعى إلى إقامة علاقات قوية مع دول الجوار، لكنها لن تقف مكتوفة الأيدي إذا ما تعرضت لأي تهديد".
وفق موقع وزارة الخارجية الطاجيكية، فإن الحدود بين أفغانستان وطاجيكستان رُسمت 4 مرات، أولها عام 1946 حين وافقت أفغانستان والاتحاد السوفياتي السابق على ترسيم الحدود بين البلدين، ثم رسمت الحدود مرة أخرى عام 1993، بعد انسحاب الاتحاد السوفياتي من أفغانستان.
إعلانوفي عام 2005، حددت الحكومة الأفغانية والطاجيكية نقاط العبور الحدودية، ثم جددت كابل ودوشنبه عام 2013 الاتفاق السابق لتحديد نقاط العبور، ووافقت على 7 نقاط عبور رسمية بين البلدين.
ويأتي تأكيد طاجيكستان على بناء الحزام الأمني في سياق موقفها من حركة طالبان، حيث سبق أن استضافت البلاد معارضين للحركة ومسؤولين في الحكومة الأفغانية السابقة، كما أعربت عن قلقها من وجود معسكرات تدريب للمسلحين قرب حدودها، وهو ما دفع الرئيس رحمان إلى إثارة المسألة رسميا في اجتماع رؤساء دول منظمة معاهدة الأمن الجماعي عام 2022.
لكن الباحث السياسي نجيب الكوزي يرى، في حديثه مع الجزيرة نت، أن "تنفيذ حزام أمني يمتد لآلاف الكيلومترات يتطلب تكاليف ضخمة وقوة عسكرية كبيرة، وهو ما قد لا يكون في متناول طاجيكستان، لا سيما أن المناطق الحدودية وعرة وجبلية، مما قد يحدّ من فعالية تنفيذ الخطة".
أهداف أمنيةتقول مصادر مقربة من الحكومة الطاجيكية -فضلت عدم ذكر اسمها- إن طاجيكستان تسعى من خلال هذه المبادرة إلى تحقيق عدة أهداف، أبرزها:
منع امتداد الاضطرابات الأمنية والتطرف إلى آسيا الوسطى. تعزيز التعاون الأمني بين دول الجوار في مراقبة الحدود. إنشاء ممر اقتصادي آمن للتبادل التجاري، وهو ما قد يلقى دعمًا من الصين. مكافحة تهريب المخدرات، الذي يمثل تحديا إقليميا كبيرا. تعزيز التعاون الأمني بين الدول المجاورة لأفغانستان، خاصة في إطار منظمة شنغهاي للتعاون ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي.لكن تنفيذ هذه الخطة يتطلب توافقا إقليميا واسعا، وهو أمر قد ترفضه طالبان، نظرا لعلاقاتها مع كل من روسيا والصين، حيث ستكون هناك تداعيات أمنية وسياسية للحزام الذي تسعى طاجيكستان لبنائه على الحدود مع أفغانستان.
ويرى الباحث في الشؤون الإستراتيجية جمال كريمي، في حديثه للجزيرة نت، أن "تحقيق هذه الفكرة قد يؤدي إلى توترات جيوسياسية جديدة بين القوى الكبرى، حيث يتعارض الحزام الأمني مع مصالح بعض الدول، ما قد يزيد من تعقيد الوضع الأمني والإنساني في أفغانستان".
يربط بعض الخبراء الأمنيين في طاجيكستان بناء الحزام الأمني بتفجيرات واغتيالات شهدتها شمال أفغانستان، وخاصة ولايتي قندوز وتخار المجاورتين لطاجيكستان، وتبني "تنظيم الدولة الإسلامية" المسؤولية عن بعضها، مثل تفجير بنك محلي واغتيال مواطن صيني في الولايات الشمالية.
إعلانلكن السفير الأفغاني السابق لدى إسلام آباد، نجيب الله عليخيل، يرى، في حديثه مع الجزيرة نت، أن "تشكيل الحزام الأمني لن يكون كافيا لقطع شبكات تجنيد الجماعات المسلحة في آسيا الوسطى، بل إن هذه الشبكات أصبحت أكثر انتشارا وقدرة على تنفيذ عمليات معقدة، "الحل يكمن في التنسيق الأمني والتعاون الرسمي مع أفغانستان، وليس في بناء حواجز حدودية" حسب قوله.
ويظل الحزام الأمني الذي تسعى طاجيكستان إلى إنشائه محل جدل، بين من يراه ضرورة أمنية لحماية حدودها، ومن يعتبره مشروعًا مكلفًا وغير قابل للتنفيذ على أرض الواقع، وبينما تتصاعد التوترات في المنطقة، يبقى السؤال الأهم "هل يمكن لهذا الحزام أن يعزز الأمن؟ أم أنه سيزيد من تعقيد المشهد الجيوسياسي في آسيا الوسطى؟".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الحزام الأمنی فی أفغانستان مع أفغانستان فی حدیثه
إقرأ أيضاً:
الأمركة من أفغانستان إلى حرب اليمن!!
قامت أمريكا بإدخال حاملة طائرات ثانية باتجاه البحر الأحمر، فيما اعتبرته حاجية تعزيزية لحاملة الطائرات الموجودة «ترومان»..
هذا التفعيل يحتمل تعددية في الاحتمالات أو القراءات عندما يطرح أن هذا التصرف يجسد من جديد الفشل الأمريكي فهذا صحيح ولا غبار عليه..
رأيي الذي أصّر عليه هو أن أولوية «ترامب» هي الأموال إلى جانب أي أهداف أو أولويات..
ولهذا فإنه حتى لو كان هذا التفعيل يرتبط بفشل أمريكي جديد في حربها وعدوانها على اليمن فإن الأموال هي ما يستحضره ترامب إلى جانب ذلك..
هذه الحرب بالواجهة الأمريكية هي استمرار لذات الحرب التي كانت واجهتها سعودية إماراتية، وبالتالي فالنظامان السعودي والإماراتي لم يعودا يريدان المواجهة فقررا دفع أمريكا وإسرائيل ومقابل أي ثمن طلبه ويطلبه «ترامب»، وبالتالي فالمجيئ بحاملة طائرات ثانية يعني مضاعفة المال والتمويل سعودياً وإماراتياً..
العدوان على اليمن منذ 2015م، هو عدوان أمريكي إسرائيلي وهذا التغيير في الواجهة مجرد تكتيك لتجنيب السعودية والإمارات رد الفعل اليمني، وبناء على وعد أو تعهد ترامب بأنه سيقضي على ما يسميها المليشيات الحوثية، وهذه باتت من بداهات تفكير النظامين في المنطقة وتفكير أمريكا وإسرائيل معاً..
حتى إسرائيل كانت شريكاً فاعلاً في العدوان وأمريكا ظلت أكبر من مجرد شريك أو مشارك، وبالتالي فالذي تغيّر في حاجية ترامب للمال هو زيادة ومضاعفة المال والتمويل من هذه النظم الصهيوأمريكية بمسماها العربي..
ولهذا فنحن بداهة قد نسّلم بأن النظامين السعودي والإماراتي لا حضور لهما في الواجهة – كما يزعمان – ولكنه يستحيل شن حرب وعدوان أمريكي إسرائيلي بدون تمويل مضاعف و«مدبّل» منهما..
النظامان اللذان كانا حاجية لأمريكا وإسرائيل ليكونا واجهة حرب وعدوان على اليمن وتحت مسمى «تحالف عربي»، أوصلت التطورات لحاجية النظامين لواجهة أمريكية إسرائيلية لجديد وتجديد الحرب والعدوان كتغيير في الشكل لا يغير البتة في جوهر وأهداف هذا العدوان..
هذا التغيير استثمره ترامب تلقائياً بأعلى ثمن من أذياله وعملائه ولم يترك لهما غير القبول وبالثمن الذي يرضي ترامب..
أن يؤتى بحاملة طائرات ثانية فالأثمان كبيرة ومضاعفة وبغض النظر عن الجدوائية وما يمكن تحقيقه فعلاً من نجاحات، كما يزعم «ترامب»، ولهذا فإنه علينا أن لا ننحصر أو نحاصر أنفسنا في بعد معين أو أكثر لهذه الحرب العدوانية ربطاً بأهداف معنوية أو إعلامية..
مسألة الفشل الأمريكي باتت مسلمة ولا تنكر أمريكياً وإسرائيلياً، لكنه حتى في ظل هذا الفشل القائم يعنينا الوعي والتنبه إلى صفقة التمويل الأكبر لهذه الحرب التي تسير لأن تكون الأفشل بعون الله..
هذا الوعي وهذا التنبه يكفي أنه يؤكد واحدية العدوان بأهدافه الأمريكية الإسرائيلية فوق كل ما يمارس في الشكليات وتغيير الواجهات..
هذا الوعي يجعلنا في حالة تجهيز وجاهزية للرد في أي وقت نريد وفي أي مكان نريد وبحسب ما تفرضه أي احتمالات وأي تطورات..
نظاما السعودية والإمارات اللذان كان رأس حربة للعدوان الأمريكي الإسرائيلي لا زالا رأس حربة في جديد وتجديد العدوان من خلال الأموال والتمويل الأكبر فوق أي تكتيكات في الشكليات والواجهات وبغض النظر عن احتمالات مشاركة في الظاهر بما لا يخفى..
إذا النظام السعودي ظل «يتبختر» خلال قرابة العقد من عدوانه بأنه من يحمي الملاحة البحرية في باب المندب والبحر الأحمر – وذلك ثابت وموثق – فماذا يعني أن يسير في صفقة أكبر تمويل حرب تشن على اليمن بواجهة أمريكية إسرائيلية؟..
ألم تثبت هذه التحولات الشكلية والواجهة أن ما سمي بـ «التحالف العربي» لم يكن في حقيقته وواقعه ووقائع تفعيله غير تحالف «أمريكي صهيوني»؟..
لقد أصبحت الأمركة والصهينة هما الدين الممارس لما تسمى «جامعة عربية»، وماذا عن جهاد أفغانستان الأمريكي الصهيوني وباسم الإسلام، وبما أثبته الزمن وأكدته التحولات أشبه بالشكليات والواجهات المتحولة اليوم في اليمن؟!!