لبنان ٢٤:
2025-02-14@23:38:03 GMT

عودة الحريري.. مَنْ الخاسر الاكبر؟

تاريخ النشر: 14th, February 2025 GMT

يحيي تيار "المشتقبل" الذكرى العشرين لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، في ظلِّ التحوُّلات الجذرية التي يشهدها لبنان والمنطقة، وتأخد زيارة الرئيس سعد الحريري إلى بيروت لإحياء هذه الذكرى بُعداً سياسياً استثنائياً، لا سيما أنها تأتي بعد غيابٍ طويل. تُعتبر هذه الزيارة محطةً مفصليّة تُعلن عن عودة مُزمَعة لـ"تيار المستقبل" إلى الواجهة السياسية، مع ما يرافق ذلك من تداعيات على المشهدين الانتخابي والطائفي، وتوازنات القوى التقليدية التي قد تُعيد تشكيل خريطة التحالفات المقبلة.



من الواضح أنَّ عودة الحريري ستعيد إحياء دور "التيار الأزرق" كقوةٍ سنية معتدلة، ما يُغلِق الباب أمام محاولات استغلال الفراغ الذي خلَّفه غيابه. فقد أثبتت السنوات الماضية فشلَ أيّ طرفٍ في ملء هذا الفراغ بشكل كامل وحاسم، حيث باءت محاولات خلق قيادةٍ بديلة بالفشل الذريع.
وبعودة الحريري، الذي يُعتبر الوريث السياسي والرمز الأبرز للسنّة، سيعود الثقل الطائفي إلى توازناته التقليدية، ما يُضعف فرص القوى التي حاولت استقطاب أصوات السنّة خلال غيابه، مثل "القوات اللبنانية"، التي راهنت على توسيع نفوذها عبر استمالة ناخبين من خارج قاعدتها المسيحية.

على الصعيد الانتخابي، ستكون عودة "تيار المستقبل" دَعماً واضحاً للقوى التقليدية، لا سيّما في ظلِّ المهرجانٍ الحاشد في ساحة الشهداء والذي يُتوقَّع أن يشارك فيه الاف الاشخاص، كرسالةٍ رمزية تُعيد تأكيد الشعبية الواسعة للتيار. كما أنَّ إشارات الحريري إلى ضرورة المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة – وإنْ تَجنَّب الإعلان عن ترشُّحه الشخصي – تُشير إلى نيّة التيار خوض المعركة، وهذا ما يعزز حضور "المستقبل" في الدوائر السنية ويُقلص فرص "قوى التغيير" التي نجحت سابقاً في كسب مقاعد نيابية خلال غياب التيار.

في المقابل، ستكون "القوات اللبنانية" الخاسر الأكبر في هذه المعادلة، إذ أنَّ عودة الساحة السنية إلى احتضان زعيمها التقليدي ستُفشل استراتيجيتها الرامية إلى تعزيز نفوذها عبر استقطاب أصواتٍ سنية. كما أنَّ تحالفات الحريري المُحتملة مع قوى سياسية مثل الحزب التقدمي الاشتراكي قد تُعيد تشكيل التحالفات السياسية ما يُضعف موقع "القوات" كقطبٍ مسيحي. أما "قوى التغيير"، التي استفادت من غياب "المستقبل" في الانتخابات السابقة، فستواجه تحدياً وجودياً مع عودة التيار الذي سيستعيد جزءاً كبيراً من قاعدته الشعبية، خصوصاً مع التركيز على خطاب الاعتدال ورفض التطرف، الذي يلقى صدىً واسعاً لدى السنّة المُحبطين من التجاذبات الطائفية .

لا تقتصر تأثيرات عودة الحريري على الداخل اللبناني فحسب، بل تمتد إلى المحيط الإقليمي، حيث تُشير التحولات الأخيرة – مثل سقوط نظام بشار الأسد – إلى توافقٍ مع رؤية "تيار المستقبل" التاريخية المناهضة للنفوذ السوري والإيراني. كما أنَّ الدعم ، خاصة من الإمارات العربية المتحدة، يُعطي الشرعية الإقليمية لهذه العودة، في وقتٍ ترفع فيه السعودية – بشكلٍ غير مباشر – الفيتو عن الساحة اللبنانية، ما يفتح الباب أمام تفعيل دور التيار من دون عوائق.

زيارة الحريري ليست مجرد إحياء لذكرى استشهاد والده، بل هي إعلانٌ صريحٌ عن مرحلةٍ سياسية جديدة تهدف إلى إعادة تموضع "تيار المستقبل" كفاعلٍ قوي في الحياة السياسية، مع ما يحمله ذلك من إحياءٍ للتوازنات الطائفية وتقويضٍ لفرص القوى الصاعدة التي استفادت من غيابه. وفي حين تُشكّل هذه العودة بارقة أملٍ لمنظّري الاعتدال، إلا أنها تُذكّر أيضاً بأنَّ اللعبة السياسية في لبنان لا تزال تُدار من خلال الزعامات التقليدية وقدرتها على التأقلم مع المتغيرات.
  المصدر: خاص لبنان24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: تیار المستقبل عودة الحریری

إقرأ أيضاً:

هذا ما أعلنه سعد الحريري في الذكرى الـ20 لاغتيال والده

بيروت- أعلن رئيس حكومة لبنان الأسبق ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري أن التيار الذي يترأسه سيشارك في الاستحقاقات المقبلة في البلاد، وذلك خلال احتشاد شعبي في ساحة الشهداء في بيروت، اليوم الجمعة، إحياء للذكرى الـ20 لاغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في 14 فبراير/شباط 2005.

ورفعت حشود تيار المستقبل شعار "بالعشرين على ساحتنا راجعين"، وهو ما يعد مؤشرا على العودة إلى العمل السياسي بعد انقطاع دام 3 سنوات منذ الانتخابات النيابية لعام 2022، التي تزامنت مع مغادرة الحريري لبنان واستقراره في دولة الإمارات.

وكان عدد من مسؤولي التيار، وفي مقدمتهم أمينه العام أحمد الحريري، قد أطلقوا مواقف أكدت أن كلمة سعد الحريري ستكون بمثابة "نقطة انطلاق مرحلة جديدة تشهد عودة التيار إلى مكانه الطبيعي في المعادلة الوطنية، والمشاركة الفعالة في انتخابات 2026".

تيار المستقبل أعلن أن إحياء ذكرى اغتيال رفيق الحريري سيستمر على مدار العام (رويترز) خطاب سياسي

من جهتها، أكدت النائب السابقة بهية الحريري أن إحياء الذكرى لن يقتصر على تاريخ 14 شباط/ فبراير فحسب، بل سيمتد على مدار العام، مشيرة إلى أن تعليق الرئيس الحريري للعمل السياسي لا يعني التراجع عن الاهتمام بالشأن العام.

هذا وتلقى جمهور تيار المستقبل موقف الحريري بإيجابية في الشارع لا سيما في بيروت وطرابلس وصيدا والبقاع، حيث يعتبره "رمزا للاعتدال بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة"، مما أكسبه مكانة بارزة لدى تياره رغم غيابه عن الساحة السياسية.

ويصف الكاتب والمحلل السياسي يوسف دياب، للجزيرة نت، خطاب سعد الحريري بأنه سياسي بامتياز بعد انقطاعه عن الحديث في الشأن العام منذ إعلانه تعليق العمل السياسي، وقراره عدم خوض الانتخابات النيابية أو المشاركة في الحياة السياسية.

إعلان

ويرى أن الحريري وجه رسائل عديدة إلى الداخل اللبناني، إذ عبر عن ارتياحه لانتخاب رئيسي الجمهورية جوزيف عون والحكومة نواف سلام، كما أعلن دعمه المطلق لهما. وأضاف أن الحريري أكد انخراط تيار المستقبل في الاستحقاقات السياسية والوطنية المقبلة، مشيرا إلى احتمال العودة إلى خوض الانتخابات النيابية والبلدية هذه السنة والعام المقبل.

ورغم ذلك، أوضح دياب أن الحريري لم يعلن صراحة عن ترشحه، معتبرا أن هذا القرار يعود إلى التيار وتحضيراته للاستحقاقات القادمة. ونقل عن الحريري اكتفاءه بالتأكيد على أن "كل شيء بوقته حلو"، مشيرا إلى أنه سيتحدث عن هذه المسألة في الوقت المناسب.

مراقبون يرون أن سعد الحريري أطلق مرحلة جديدة في مسيرة تيار المستقبل (رويترز) رسالة مباشرة

ووفقا للمحلل دياب، تطرق الخطاب أيضا إلى التطورات الأخيرة مثل الحرب الإسرائيلية وسقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، حيث شدد الحريري -بوضوح- على أن "النظام الذي قتل رفيق الحريري قد انهار"، داعيا إلى الاستفادة من المتغيرات الإقليمية لصالح لبنان.

وبرأيه، "وجه الحريري رسالة مباشرة إلى الجمهور الشيعي في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية حثهم فيها على الانخراط في مشروع الدولة ليكونوا جسر تواصل بين لبنان والدول العربية والمجتمع الدولي، بدلا من أن يكونوا تابعين لمحاور أخرى".

أما أبرز ما في الخطاب، يضيف، فهو تأكيد الحريري على أن "السلاح الشرعي الوحيد في لبنان هو سلاح الجيش والقوى الأمنية، وهو ما يتماشى مع أدبيات تيار المستقبل ومشروع رفيق الحريري الوطني الذي يرتكز على سيادة الدولة اللبنانية".

ويختم بأن سعد الحريري أطلق مرحلة جديدة في مسيرة تيار المستقبل، مؤكدا انخراطه في مشروع الدولة ودعمه لعهد الرئيس عون وحرصه على نجاحه، باعتباره تيارا سياسيا يتمتع بقاعدة شعبية واسعة.

إعلان قراءة دقيقة

من جانبه، يرى المحلل السياسي جورج علم -في حديثه للجزيرة نت- أن قراءة سعد الحريري للأحداث المستجدة على المستويين الإقليمي والمحلي كانت دقيقة، وأعلن من خلالها موقفه بعودة تيار المستقبل إلى الساحة السياسية في توقيت متزامن مع حدثين هامين هما:

الأول: يتمثل في وقف إطلاق النار في الجنوب، الذي لا يزال يتأرجح بين التطبيق الكامل والتنفيذ الانتقائي. ورغم ذلك هناك جهود حثيثة لعدم العودة إلى القتال رغم الثغرات والصعوبات التي تعترض تطبيقه. الثاني: يتعلق بتوافق الأفكار التي طرحها الحريري في خطابه مع ما ورد في خطاب القَسم لرئيس الجمهورية العماد جوزيف عون خلال إعادة انتخابه في مجلس النواب، بالإضافة إلى تصريحات رئيس الحكومة نواف سلام.

من جهة أخرى، يعتبر علم أن إعلان الحريري عن عودة تيار المستقبل إلى العمل السياسي يتناغم مع نهج جديد بدأ يشهده لبنان منذ انتخاب رئيس الجمهورية من خارج الطبقة السياسية، واختيار رئيس حكومة غير منتمي لهذه الطبقة إلى جانب تشكيل حكومة تضم شخصيات قد تكون قريبة من المكونات السياسية لكنها لا تحمل انتماءات حزبية ضيقة.

ووفقا له، فإن إعلان الحريري في هذا الوقت عن عودة التيار السياسية يتطلب دفعا سياسيا كبيرا لتفعيله بشكل جدي، وقد يعمل الحريري على إعادة تفعيل خلايا التيار استعدادا للانتخابات البلدية في مايو/أيار المقبل، وأيضا تحضيرا للانتخابات النيابية بهدف العودة إلى المشاركة في العمل المؤسسي داخل الدولة اللبنانية.

وتحدث علم عن تركيز الحريري على تطبيق اتفاق الطائف، وهو الموضوع الذي يعتبره المحلل السياسي جوهريا في خطاب الحريري ومساره السياسي. ويعتقد أن تمسكه به "يشير إلى رسائل ربما موجهة إلى راعي هذا الاتفاق وهي السعودية، رغم الغيوم التي قد تظلل هذه العلاقة في الوقت الراهن".

مقالات مشابهة

  • الحريري يُعلن عودة “المستقبل” إلى العمل السياسي
  • سعد الحريري يعلن عودته للعمل السياسي في لبنان
  • هذا ما أعلنه سعد الحريري في الذكرى الـ20 لاغتيال والده
  • لبنان .. سعد الحريري يعلن عودة تيار المستقبل للعمل السياسي
  • أنا باقٍ معكم.. الحريري يعلن عودة المستقبل للعمل السياسي
  • قصة خطاب سعد.. هل اقترب تسونامي الحريري مجدداً؟
  • حكاية عودة تلفزيون المستقبل.. هل سيبقى البث؟
  • احتراماً لذكرى الحريري
  • السعدي: منتوجات الصناعة التقليدية ستكون في موعد التظاهرات الكروية العالمية التي ستحتضنها بلادنا