هل تكللت زيارة وفد عُمان إلى صنعاء بالنجاح؟.. تقرير
تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT
ظهرت مخاوف من فشل وساطة تقودها عُمان عقب مغادرة وفدها الذي زار صنعاء للقاء قيادات الحوثي وعودته إلى مسقط دون الحديث عن مخرجات تلك الزيارة، تبعتها تهديدات حوثية بالتصعيد العسكري.
وتبذل سلطنة عمان جهوداً لتذليل الخلافات، خصوصاً بين الحوثيين والسعودية، بعد توقف مفاوضات سابقة بين الجانبين؛ بسبب شروط طرحها الحوثي وصفها المجتمع الدولي بـ"التعجيزية" ورفضتها الرياض والحكومة الشرعية اليمنية.
ويأتي التحرك العُماني متزامناً مع تحركات أممية وأمريكية مماثلة، في ظل حديثٍ عن تفاهمات إقليمية ودولية غير معلنة تسعى للتوصل إلى اتفاق مبدئي يتعلق بالملفات الإنسانية، فهل يتفق الطرفان على استئناف المفاوضات والاتفاق على ملفات محددة، أم أن تعنت الحوثيين سيدفع للتصعيد العسكري؟
مغادرة دون تفاصيل
لثلاثة أيامٍ عقد وفد عُماني زار صنعاء (17 أغسطس 2023) عدة لقاءات واجتماعات مع قيادات من جماعة الحوثي المسلحة المدعومة من إيران، قبل أن يغادرها لاحقاً (20 أغسطس)، في إطار تحركات مسقط لاستئناف المفاوضات لإنهاء الحرب اليمنية المستمرة منذ العام 2015.
ولم تتضح حتى اللحظة طبيعة النقاشات، وما تم الاتفاق عليه بين الوفد العماني وقيادات الجماعة، التي تصر على عدة نقاط، أبرزها صرف الرواتب من إيرادات النفط والغاز، وإنهاء القيود بشكل تام على الموانئ والمطارات، فضلاً عن إعادة الإعمار.
لكن عضو فريق المفاوضات في الجماعة المتمردة عبد الملك العجري قال: إنه "يجري الترتيب لجولة مفاوضات قادمة نسعى أن تكون حاسمة في وضع حد لمعاناة الشعب اليمني، لا سيما الاستحقاقات الإنسانية؛ لأن استمرارها هو استمرار للحرب بشكل آخر".
ولم يتطرق العجري في منشور له على صفحته في منصة "إكس" (تويتر سابقاً) إلى تفاصيل بشأن الترتيبات أو موعد هذه المفاوضات، كما لم يصدر تعليق فوري من الحكومة اليمنية بشأن ذلك.
في حين نقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية عن مصدر سياسي مقرب من مليشيا "الحوثي" قوله بأن "المفاوضات تكللت بالتوصل إلى توافق بشأن عدد من القضايا الخلافية التي كانت تقف عائقاً أمام التوصل إلى اتفاق لوقف شامل لإطلاق النار في اليمن، وبدء تسوية سياسية".
وأوضح أن الوفد العُماني توصل إلى اتفاق مبدئي مع المليشيا في الملف الإنساني، مضيفاً: "الجماعة تشترط منحه (الملف الإنساني) أولوية، في ما يتعلق بدفع رواتب الموظفين الحكوميين وتشكيل لجان بإشراف الأمم المتحدة لصرفها، وفتح مطار صنعاء الدولي، وزيادة الرحلات الجوية عبره، ورفع القيود عن ميناء الحديدة، والتوافق على فتح الطرقات المغلقة في عددٍ من المحافظات".
واستدرك بالقول: "ثمة قضايا لا تزال خلافية، بالذات في ما يتعلق بالآلية الخاصة بتنفيذ الاتفاق، وأن الوسيط العُماني سينقل مقترحات الجماعة بشأنها إلى السعودية".
تهديد متزامن
وبدت المخاوف من فشل المفاوضات بعد تهديدات أطلقها الحوثيون خلال زيارة الوفد العُماني، حيث هدد رئيس ما يسمى بـ"المجلس السياسي" في حكومة الحوثيين مهدي المَشّاط بالتصعيد، وقال بأن "صبر الشعب اليمني قارب على النفاد"، معقباً أن "من حق الشعب أن يدافع عن نفسه إذا أغلق العدو أبواب السلام".
وأضاف في تصريحات نقلتها وسائل تابعة للحوثي أنه "لم يعد من المقبول استمرار الحصار والعدوان في اليمن"، معتبراً أنه "بات على دول العدوان (التحالف العربي) أن تثبت جديتها في السلام من خلال تقديم الخطوات العملية في تنفيذ مطالب الشعب اليمني المتمثلة بالملف الإنساني كأولوية إنسانية ومحقة".
وتابع: "الوقت ليس مفتوحاً أمام العدو لمواصلة التهرّب من الاستحقاقات الإنسانية"، مضيفاً أن "المراوغة ستعود عليه بنتائج لا يرغبها".
وسبق وصول الوفد العُماني تهديدات مكثفة من قيادات الحوثيين، كان أبرزها على لسان زعيم الجماعة المتمردة في اليمن عبد الملك الحوثي (13 أغسطس)، بتهديده باستهداف "مدينة نيوم"، أهم المشاريع السعودية العملاقة التي وجهت كل إمكاناتها للمضي قدماً نحو تدشينها ضمن رؤية 2030.
تعنت حوثي
يعتقد الصحفي اليمني عبد الله المنيفي أن عُمان "لم تنجح بمساعيها في التوصل لاتفاق استئناف المفاوضات وإنهاء الحرب بين الحوثي والحكومة اليمنية".
ورغم تنازلات الحكومة اليمنية و"مرونتها الزائدة التي باتت محل انتقاد"، وفق المنيفي في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، فإن ذلك لم يمنح العُمانيين القدرة على إقناع الحوثي بتقديم تنازلات لإضفاء السلام في اليمن.
ويرجع المنيفي سبب ذلك إلى "استمرار تعنت الحوثي ورفع سقف مطالبه وعدم إبدائه أي مرونة، لا سيما فيما يتعلق بالملفات الإنسانية التي حولها إلى أوراق ابتزاز، وفي مقدمتها فك حصار تعز، وإطلاق المختطفين والأسرى".
ويرى أن ما يسرب عن اتفاق مرتقب "لا يعدو كونه اتفاقاً للعودة لمناقشة هذه المواضيع".
ويؤكد أن أي نجاح للوساطة العمانية "مرهون بتجاوب جماعة الحوثي، وبالنظر إلى طبيعتها وتكوينها العنصري الطائفي فإن جنوحها للسلم بمفاوضات وحوارات سياسية في حكم المستحيل، وهي تريد أن تجني كل المكاسب دون تقديم أي تنازلات".
وأضاف: "المؤكد أن جماعة نشأت على أساس العنف، ومرتكزها هو الحرب، فإن السلام لن يتحقق إلا بكسرها عسكرياً، لا سيما في ظل تصاعد السخط الشعبي الكبير على سلوكها تجاه كل فئات وشرائح الشعب اليمني، حتى وصل إلى حلفائها الذين ساندوها في انقلابها، وكانوا أذرعها الناعمة منذ حروب صعدة".
كما يؤكد أن أي مفاوضات ووساطات وجهود تبذل لحل الأزمة اليمنية "سيكون مصيرها الفشل إذا لم يسندها ضغط دولي حقيقي".
تسريبات وتحركات دولية
ومع غياب التفاصيل، نشر الصحفي اليمني أنيس منصور تسريبات عن أبرز ما قد يتضمنه الاتفاق، والمتمثل في "توسيع نطاق الرحلات من وإلى مطار صنعاء، والسماح لشركات الطيران الدولية بالوصول، إضافة إلى صرف مرتبات الموظفين في مناطق سيطرة الحوثي من إيرادات النفط الذي تتولاه الحكومة اليمنية، والاتفاق على طريقة إيداع وصرف الإيرادات المتفق عليها لدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية والمتقاعدين المدنيين".
ويتضمن توقف استهداف الحوثي لناقلات النفط والغاز التي تقوم بالتصدير من موانئ شبوة وحضرموت، وإطلاق سراح المختطفين والأسرى (الكل مقابل الكل)، وفتح الطرقات الرئيسية المقطوعة منذ بداية الحرب اليمنية، وتوحيد العملة اليمنية والبنك المركزي اليمني، ودخول السفن المحملة بالمشتقات النفطية إلى موانئ الحديدة بانتظام.
ووفق الصحفي اليمني، يتضمن أيضاً "وقف جميع العمليات العسكرية الهجومية البرية والجوية والبحرية داخل اليمن وخارجه، وتشكيل لجان مشتركة عسكرية واقتصادية واجتماعية".
ولعل التحرك العُماني جاء غداة إحاطة المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، التي حذر خلالها من استمرار القتال على عدد من الجبهات اليمنية، بعدما زار العاصمة العمانية مسقط (15 أغسطس 2023)، والتقى بشكل منفصل مسؤولين عُمانيين وقيادات من الحوثي.
وقبل تلك الزيارة كان غروندبرغ زار السعودية والإمارات (14 أغسطس)؛ لبحث إطلاق عملية سياسية شاملة بوساطة الأمم المتحدة، مع ضمان استمرار الجهود لتخفيف الأزمة الاقتصادية ومعاناة اليمنيين".
وبالتزامن مع ذلك قام المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ بزيارة إلى منطقة الخليج، بدأها بالإمارات ثم السعودية واختتمها بزيارة مسقط التي وصلها في يوم مغادرة الوفد العُماني إلى صنعاء.
وبدت الجهود المبذولة إقليمياً ودولياً لإحلال السلام في اليمن خلال الأشهر الماضية متوقفة، حيث كان من المتوقع أن يحقق التقارب الإيراني السعودي نجاحاً حاسماً بإنهاء الحرب نهائياً.
وكان وفدان عُماني وسعودي زارا صنعاء، وهي الزيارة الأولى بالنسبة إلى السعوديين منذ بدء الحرب، والتقيا بقيادات جماعة الحوثي، في 9 أبريل الماضي، تتويجاً لجهود الوساطة العمانية والجهود الدولية المكثفة التي بذلتها الولايات المتحدة والأمم المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي لإحلال السلام في اليمن، غير أنهما لم يلتقيا لاحقاً كما كان مخططاً.
المصدر: مأرب برس
كلمات دلالية: الوفد الع مانی الشعب الیمنی فی الیمن ع مانی
إقرأ أيضاً:
اليمن.. «الحوثي» يهجر أهالي 5 قرى في الحديدة
أحمد شعبان (عدن، القاهرة)
أخبار ذات صلة 48 وفاة و8 آلاف إصابة بـ«الكوليرا» في تعز اليمنية اليمن.. الفيضانات تفاقم معاناة المدنيين وتضاعف الأزماتأفادت السلطة المحلية في مدينة الحديدة بأن جماعة «الحوثي» كثفت في الآونة الأخيرة من عمليات فرض الإخلاء التعسفي للقرى بغية حفر الأنفاق والخنادق، لا سيما في مديرية الدريهمي إلى الجنوب من المدينة الساحلية الواقعة في غرب اليمن.
وجاء في بيان للسلطة المحلية بالحديدة أن «الحوثيين» أجبروا 350 أسرة من سكان 5 قرى في مديرية الجراحي على إخلاء منازلها، وذلك تحت تهديد السلاح، لإفساح المجال أمام أعمال حفر الأنفاق وبناء التحصينات التي بدأت الجماعة القيام بها خلال الأيام الأخيرة.
ووفقاً للبيان فإن سكان تلك القرى أصبحوا يعيشون في العراء بعد أن هُجّروا بالقوة من منازلهم، كما مُنعوا من الوصول إلى مزارعهم التي تمثل مصدر الدخل الرئيس بالنسبة لهم.
وأدانت السلطة المحلية عمليات التهجير القسري التي تمارسها جماعة الحوثي منذ نهاية شهر أكتوبر الماضي، وذلك «ضمن مسلسل انتهاكاتها اليومية الجسيمة لحقوق الإنسان».
وكانت مصادر محلية في منطقة المنظر الساحلية بمديرية الحوك قد تحدثت قبل بضعة أيام من الآن عن إنذارات إخلاء وجهتها جماعة «الحوثي» لسكان المنطقة تأمرهم فيها بإخلاء مساكنهم خلال 5 أيام فقط.
كما أفاد مكتب حقوق الإنسان في محافظة الحديدة بأن الجماعة عمدت إلى تهجير سكان قرى في مديرية باجل، وحولت ميناء «الخوبة السمكي» بمديرية اللُحية إلى منطقة عسكرية مغلقة ومنعت الصيادين من ممارسة نشاطهم المعتاد في الميناء ومحيطه.
وفي الأثناء شدد محللون سياسيون يمنيون على ضرورة تحرك المجتمع الدولي بفاعلية أكثر لدعم الحكومة الشرعية في تنفيذ الاستراتيجية الجديدة لردع جماعة «الحوثي» ووقف استهدافها الملاحةَ الدولية وتهديدها أمنَ واستقرار المنطقة والعالم.
وتتضمن الاستراتيجية الجديدة رفعَ مستوى التنسيق مع التحالف الدولي لحماية الملاحة، وحشد الدعم للتضييق على «الحوثي» عسكرياً واقتصادياً، وتحرير محافظة الحديدة، واستعادة السواحل اليمنية على البحر الأحمر.
وشدد المحلل السياسي اليمني، عادل الأحمدي، على ضرورة العمل المستمر وحشد الطاقات وإطلاق الاستراتيجيات لاستعادة اليمن من «الحوثيين» ومواجهة انقلابهم على الشرعية.
وأشار الأحمدي، في تصريح لـ«الاتحاد»، إلى أن هذه الجهود التي تبذلها الحكومة اليمنية محورية في ظل الظروف والمعطيات المحلية والإقليمية، لكنها تظل بحاجة إلى دعم دولي وإقليمي بغية استعادة الدولة وإنهاء تعسف الجماعة التي تمارس شتى صنوف التجويع والإذلال والحرب ضد الشعب اليمني في مناطق سيطرتها، وصولاً إلى إكمال مهمتها متمثلةً في إقلاق الإقليم والعالَم.
واعتبر الأحمدي أن الاستراتيجية اليمنية الجديدة، التي أعلنت الحكومة اليمنية عن وضعها لردع «الحوثي» وتحقيق السلام الإقليمي، خطوة مهمة تعطي بصيص أمل لليمنيين، مشيراً إلى أن مفتاح الحلول للأزمات التي يعيشها اليمن هو استكمال تحرير البلاد بكل الوسائل من جماعة «الحوثي»، ومطالباً بضرورة تحرك دولي فاعل، وباتخاذ خطوات تُصحح الأخطاء الإستراتيجية التي وقع فيها المجتمع الدولي سابقاً.
ومن جهته، شدد المحلل السياسي اليمني، محمود الطاهر، على وجوب طرد «الحوثي» من السواحل اليمنية وخاصة من محافظة وميناء الحديدة، وذلك بمساعدة قوات دولية وبالتعاون مع الحكومة الشرعية.
وقال الطاهر لـ«الاتحاد» إن المخاطر التي تتسبب فيها جماعة «الحوثي» جرّاء استهدافها للملاحة الدولية، تهدد بشل قطاع الصيد وحرمان أكثر من 300 ألف صياد يمني من أرزاقهم، فضلاً عن تهديد السفن العابرة، وما يترتب على ذلك من ارتفاع في أسعار الشحن عالمياً.
وشدد الطاهر على ضرورة قيام تعاون دولي لمواجهة هذه الجماعة، ولمساعدة الحكومة اليمنية في تنفيذ استراتيجيتها الجديدة.
وطالب الطاهر المجتمعَ الدولي باتخاذ مواقف حازمة لردع «الحوثي»، ومساعدة الحكومة الشرعية في استعادة الدولة وبسط نفوذها على سائر أرجاء اليمن.