فرصة أمام الصين لإحياء مبادرة حبوب البحر الأسود
تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT
كتبت المحللة في "المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية" جاسينتا كيست أنه تم تخصيص آلاف الأطنان من الحبوب المخزنة في ميناء أوديسا الأوكراني، لبعض أكثر الناس معاناة من الجوع حول العالم.. ولكن في 17 يوليو (تموز)، ألغى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مشاركة روسيا في مبادرة حبوب البحر الأسود، وهي اتفاقية توسطت فيها الأمم المتحدة وتركيا وقد وعدت بالمرور الآمن للحبوب عبر البحر الأسود إلى الأسواق العالمية.
يجب أن نأمل بإبرام اتفاق للسماح بتدفق الحبوب من أجل فقراء العالم
قد يكون لروسيا مصلحة حربية في منع أوكرانيا من إنتاج الحبوب، لكن من المرجح أن تدفع شريكتها، الصين، باتجاه اتفاقية حبوب جديدة.. تتصادم تصرفات روسيا مع ممارسات الصين الطويلة المدى المتمثلة في التودد لدول الجنوب العالمي، وستتردد بكين بالوقوف إلى جانب روسيا في تدمير أمنها الغذائي، إن الطريقة التي تتوسط بها الصين في مثل اتفاقية كهذه ستكشف عن حدود العلاقة بين روسيا والصين.
الحبوب الأوكرانيةعلى الرغم من الحرب، لا تزال أوكرانيا واحدة من أكبر موردي القمح حول العالم، بحلول يوليو، أمنت 80 في المئة من قمح برنامج الغذاء العالمي، وتقدر الأمم المتحدة أن 64 في المئة من الحبوب التي صدرتها أوكرانيا بموجب مبادرة الحبوب ذهبت إلى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
ويتوقع صندوق النقد الدولي زيادة بنسبة 10 إلى 15 في المئة في أسعار الحبوب العالمية بعد إلغاء المبادرة، بينما ارتفعت العقود الآجلة للقمح والذرة بنسبة 9 و8 في المئة على التوالي.. من دون اتفاق، سيعاني أفقر سكان العالم من الجوع، ما يزيد من مخاطر الصراع والحرمان الاقتصادي والهجرة بسبب الكوارث.
أين مصلحة الصين؟ثمة حافز واضح لدى الصين من أجل إشراك نفسها في إصلاح المبادرة، إذ يمكن للوقوف إلى جانب تصرفات روسيا أن يدمر إستراتيجيتها الدبلوماسية التي استمرت لعقود طويلة من أجل تعزيز العلاقات الثنائية مع البلدان النامية، فقد زادت انخراطها وقيادتها للجنوب العالمي من خلال منتديات مثل بريكس والاتحاد الإفريقي، ووعدت بالبنية التحتية والمساعدة والأمن بواسطة مبادرة الحزام والطريق والبنك الآسيوي للبنية التحتية، والاستثمار ومنظمة شنغهاي للتعاون.
Getting the grain out of Ukraine is China’s chance to step in | @jacintakeast | https://t.co/CzmcPEREDW pic.twitter.com/i0ys9JPLNK
— ASPI (@ASPI_org) August 21, 2023لقد قدمت بكين نفسها على أنها داعم خيّر لحقوق الجنوب العالمي في التنمية والازدهار والسلام والأمن الغذائي، ووفق كيست، كانت هذه الجهود جزءاً لا يتجزأ من الرسائل الصينية لسنوات.
كما تم تكريس الأمن الغذائي باعتباره ركيزة من ركائز مجموعة بريكس من خلال إستراتيجية بريكس لسنة 2022، بشأن التعاون في مجال الأمن الغذائي ومنتدى بريكس بشأن الزراعة والتنمية الريفية.
الصين أكدت أهمية المبادرةستبحث الصين أيضاً عن أي فرصة لزيادة نفوذها وصوتها داخل الأمم المتحدة وهي وسيط في مبادرة الحبوب، حيث ركزت وسائل الإعلام الحكومية الصينية على عمل الصين في "إرساء السلام" في أوكرانيا، من خلال الأمم المتحدة والدبلوماسية الثنائية، ومن خلال تقديم تقارير محايدة عن بيان الأمم المتحدة الذي يدين تفكك الاتفاق.
وأضافت الكاتبة أنه في 22 يوليو (تموز)، قال نائب الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة غينغ شوانغ، خلال إحاطة في مجلس الأمن، إن الصين تريد قراراً بشأن المبادرة مشيراً إلى أنها كانت ذات أهمية كبيرة لضمان إمدادات الغذاء العالمية.. يبين هذا أن الصين ترى أن تعزيز الأمن الغذائي مهم لمصالحها الدولية.
العلاقة مع موسكويبدو أن الصين شريك متردد لروسيا ويتأرجح بين الدعم الضمني للغزو والرسائل الدبلوماسية التي تقدمها كصانع سلام، مع الإشارة إلى مدى فظاعة "توسع الناتو شرقاً".. كما أن دعمها المشتبه به لحرب روسيا يزيد من تأجيج التوترات مع الولايات المتحدة، ولكن الأهم من ذلك بالنسبة إلى الصين، إنه يضر بسمعتها واقتصادها.. إذ قالت دول أوروبية عدة كانت في السابق من المؤيدين الأقوياء لمبادرة الحزام والطريق، إنها لن تحضر المنتدى المتعلق بها في وقت لاحق من هذه السنة، لأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيكون هناك.
تريد الصين وتحتاج إلى أصدقاء، وتجعل روسيا ذلك أصعب مما يجب أن يكون.. وبالإضافة إلى ذلك، تدرك الصين أن التحالف الغربي والحل الروسي المقترح للمأزق لن يؤمنا الإمدادات الغذائية بشكل كافٍ لجنوب الكرة الأرضية.
مشكلة أمام الروس والناتوتعهدت موسكو في قمتها الروسية - الإفريقية المتواضعة الحضور بتقديم الحبوب المجانية لست دول إفريقية، وهذا يغفل قضية أن قدرة البلدان الفقيرة على شراء الحبوب بأسعار معقولة يتم تحديدها من خلال العرض وليس من خلال هوية المشترين والبائعين.. وهو يتجاهل أنه من غير المرجح للاتفاقات القصيرة الأجل والتي تفتقر للوعود بالتجديد أن تهدئ الأسواق.. ومع عرض الاتفاق على ست دول فقط، قام بوتين بتسييس قرار الأمن الغذائي بطريقة من غير المرجح أن تكسبه أصدقاء بين الاقتصادات التي فاتتها.
من ناحية أخرى، تابعت الكاتبة، يفضل حلف الناتو وأوكرانيا حلاً دبلوماسياً للمشكلة وقد اقترحا حلولاً لوجستية لتصدير الحبوب الأوكرانية غرباً عبر البر أو جنوباً عبر دلتا نهر الدانوب، وعلى الرغم من أن هذا سيعالج قضية إمدادات الحبوب، ستحد أقساط التأمين وتكاليف نقل البضائع براً من المناطق الواقعة تحت القصف الروسي من تأثير هذه الحلول على الأسعار، خصوصاً أن المفوضية الأوروبية قالت في أواخر يوليو (تموز) إنها لا تملك موازنة لدعم الشحنات.
لمراقبة قمة بريكسأعلن وزير الخارجية الصيني وانغ يي في اجتماع وزاري لمجموعة بريكس حول الأمن القومي في 25 يوليو (تموز) عن "أربعة مقترحات" لتعزيز التعاون بين دول الجنوب العالمي، ومن المحتمل أن تكون هناك زيادة طفيفة في الاجتماعات الثنائية مع البلدان المتضررة في إفريقيا والشرق الأوسط، وكذلك مع تركيا للحصول على معلومات استخباراتية حول، وربما تشكيل، موقف تلك الدولة من المبادرة.
وتدعو الكاتبة المحللين إلى مراقبة جهود دبلوماسية صينية محتملة لإقناع روسيا بالتوقيع مرة أخرى على المبادرة، أو التفاوض على البدائل.. إذ يتم حصاد الحبوب في أوكرانيا شهري أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول)، وثمة حاجة ملحة إلى اتفاق لتصدير الحبوب هذه السنة، وستكون قمة بريكس في جنوب إفريقيا التي تبدأ، الثلاثاء، فرصة مثالية للصين من أجل الضغط على روسيا، وربما حتى للإعلان عن اتفاق.. وستكشف تفاصيله عن مدى قوة الصين في علاقتها بروسيا وصحة جهازها للشؤون الخارجية،
وختمت كيست: "مهما حدث، يجب أن نأمل من أجل فقراء العالم أن يتم إبرام اتفاق للسماح بتدفق الحبوب".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الأمم المتحدة الأمن الغذائی فی المئة من خلال من أجل
إقرأ أيضاً:
هل فتح ترامب الباب أمام الصين لتجنب الحرب التجارية؟
أمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في يوم تنصيبه، بإجراء تحقيق في التجارة بين الولايات المتحدة والصين، قبل أن يكرر أمس الثلاثاء التهديد بفرض تعريفات جمركية بنسبة 10% تتعلق بمخدر الفنتانيل الأفيوني القاتل، في إجراء بدا معتدلا، خاصة أن الصينيين كانوا مستعدين لسماع أخبار سيئة كرسوم جمركية فورية 60% على الصادرات، حسبما ذكرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.
وعلى الرغم من ذلك، كان تلويح ترامب كافيًا للضغط على أسهم وعملة الصين؛ فقد انخفض مؤشر "سي إس آي 300" في البر الرئيسي بنسبة 1% وتراجع مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ بنسبة 1.6% يوم الأربعاء، بينما تراجع اليوان 0.25%.
يلقي ترامب باللوم على كندا والمكسيك في تدفق المخدرات، وقال قبل توليه الرئاسة إن الرسوم التي سيفرضها ستظل سارية حتى تتوقف هذه التدفقات.
خطوات أهدأمع ذلك، كانت خطوات ترامب الأولى بشأن الصين أقل حدة من التعريفات الجمركية بنسبة 25% التي أعلن عنها على حلفاء الولايات المتحدة لا سيما المكسيك وكندا، كما ألمح إلى صفقة أوسع محتملة تربط التعريفات الجمركية بملكية "تيك توك"، منصة الفيديو القصيرة التي تسيطر عليها الصين والتي يريد مسؤولو الأمن في الولايات المتحدة إغلاقها.
إعلانوعلى الرغم من ميل ترامب إلى التصريحات الغريبة والتغييرات السريعة، فإن هذه المقدمة الأكثر مرونة من المتوقع أنها قد أعادت الأمل في بكين بإمكانية إجراء مفاوضات لتجنب حرب تجارية ثانية، ويظل السؤال الآن هو أي نوع من الصفقات سيكون مقبولاً لكلا الجانبين؟ تقول الصحيفة.
ترامب كان تعهد بفرض تعريفات جمركية بنسبة 60% على الصين عند توليه منصبه (غيتي) اتفاق ممكنونقلت فايننشال تايمز عن أستاذ في معهد الدراسات الدولية بجامعة فودان في شنغهاي، تشاو مينغهاو قوله: "ثمة احتمال أن يتمكن الجانبان من التوصل إلى اتفاق.. يمكنك أن تشعر بوجود تفاؤل حذر.. لكننا سنحتاج إلى معرفة ما إذا كان ثمة تطابق جيد بين ما يمكن أن يقدمه ترامب وبكين لبعضهما بعضا".
وأجرى ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ مكالمة هاتفية في عطلة نهاية الأسبوع قبل التنصيب، وهي الأولى لهما منذ 4 سنوات، والتي وصفها الرئيس الأميركي بأنها "جيدة جدا" وتناولت "التجارة ومخدر الفنتانيل وتيك توك والعديد من الموضوعات الأخرى".
وأرسل الرئيس شي أكبر مسؤول صيني على الإطلاق لحضور حفل تنصيب أميركي، وهو هان تشنغ نائب الرئيس، الذي التقى أيضًا قادة الأعمال الأميركيين بما في ذلك إيلون ماسك، المقرب من ترامب.
وخلال حملته، تعهد ترامب بفرض تعريفات جمركية بنسبة 60% على الصين عند توليه منصبه، ثم هدد لاحقًا بفرض 10% إضافية في اليوم الأول لإجبار بكين على اتخاذ إجراءات صارمة ضد تدفقات الأدوية الأولية للفنتانيل.
وبدلاً من ذلك، أصدر يوم الاثنين مذكرة يوجه فيها المسؤولين للتحقيق في العجز التجاري الأميركي و"التوصية بالتدابير المناسبة، مثل التعريفات التكميلية العالمية أو السياسات الأخرى، لمعالجة مثل هذا العجز".
دراسةوطلب من الممثل التجاري الأميركي دراسة امتثال بكين لاتفاق "المرحلة الأولى" المتفق عليه خلال ولايته الأولى كرئيس، والنظر في التعريفات الجمركية الإضافية "خاصة فيما يتعلق بسلاسل التوريد الصناعية والتحايل من خلال دول ثالثة"، وهي خطوة ذات آثار أبعد مدى على الصين.
إعلانويعتقد خبراء اقتصاديون أن جزءًا من تجارة الصين مع الولايات المتحدة تم تحويله عبر دول ثالثة لتجنب التعريفات الجمركية منذ الحرب التجارية لإدارة ترامب الأولى، ومن المقرر أن يقدم المسؤولون الأميركيون نتائجهم في أول أبريل/نيسان المقبل.
على الرغم من أن ترامب وقّع على أمر يسمح لتيك توك بالعمل لمدة 75 يومًا، وهو تحول عن ولايته الأولى، التي سعى فيها إلى حظره من الولايات المتحدة، فإنه قال، كذلك، إن بكين ستحتاج إلى السماح لكيان أميركي بالاستحواذ على نصف الشركة أو مواجهة تعريفات جمركية تصل إلى 100%.
وجاء ربط التعريفات الجمركية بملكية "تيك توك" بعد تصريحات أدلى بها ماسك يوم الاثنين، شكى فيها من أنه بينما سُمح للأول بالعمل في الولايات المتحدة، تم حظر موقع التواصل الاجتماعي الخاص به "إكس" في الصين.
وقال مصدر مطلع في الصين إن بكين قد توافق على بيع شركة بايت دانس، مالكة تيك توك، كجزء من صفقة أوسع من شأنها أن تغطي مجموعة من القضايا بما في ذلك التجارة، لكن المصدر أشار إلى أن أي مناقشات من هذا القبيل كانت في مرحلة مبكرة.
وفي الأيام الأخيرة، بدا المسؤولون الصينيون، الذين عارضوا لفترة طويلة البيع الإجباري، أكثر مرونة في هذا الصدد.