هل تحول معبر القائم إلى ورقة ضغط سياسية؟
تاريخ النشر: 14th, February 2025 GMT
14 فبراير، 2025
بغداد/المسلة:
تشهد الحدود العراقية السورية توتراً مستمراً يعكس تعقيدات المشهد السياسي والأمني في المنطقة، حيث لا يزال معبر البوكمال الحدودي مغلقاً من الجانب العراقي رغم استعداد الجانب السوري لاستئناف العمل به.
ويؤدي هذا الإغلاق إلى تداعيات اقتصادية وإنسانية واضحة، إذ تتكدس الشاحنات المحملة بالبضائع في انتظار العبور، ويواجه المسافرون صعوبة في التنقل بين البلدين، في وقت تزداد الحاجة إلى تسهيل التجارة والنقل البري.
وتواجه السلطات العراقية انتقادات لعدم تقديمها أي توضيح رسمي حول استمرار إغلاق المعبر، الأمر الذي يثير تساؤلات حول طبيعة العوامل التي تمنع إعادة تشغيله. ويرى مراقبون أن الأسباب الأمنية تظل المبرر الرئيسي لهذا التريث، حيث يشكل استقرار المناطق الحدودية هاجساً دائماً للحكومة العراقية، خصوصاً بعد تجارب مريرة مع الجماعات المسلحة التي استغلت هذه المناطق في الماضي لتعزيز نفوذها وتهديد الأمن الداخلي.
وقال حسن الشيخ زيني، رئيس مجلس الأعمال العراقي السوري، إن “العراق لا يحاول تسويف افتتاح المعبر، لكن الأسباب الأمنية هي التي تدفعه إلى التريث في ذلك إلى حين تقديم الجانب السوري ضمانات بعدم حصول مشاكل في عملية استيراد وتصدير البضائع”. ويعكس هذا التصريح مخاوف بغداد من احتمال استغلال المعبر في عمليات تهريب أو تسلل عناصر غير مرغوب فيها، لا سيما في ظل استمرار التوترات في الداخل السوري وتعدد الجهات الفاعلة على الأرض هناك.
واعتبرت أوساط اقتصادية أن استمرار الإغلاق يلقي بظلاله الثقيلة على العلاقات التجارية بين العراق وسوريا، حيث يعتمد الطرفان على هذا المعبر لتبادل المنتجات، سواء المواد الغذائية مثل التمور التي تصدرها بغداد إلى دمشق، أو المنتجات النفطية القادمة من العراق. كما يؤثر الإغلاق على قطاع النقل البري، فضلاً عن تأثيره على حركة السياحة الدينية، التي تشكل أحد أهم الروابط بين البلدين، حيث يتوافد الزوار إلى المزارات الدينية في بغداد ودمشق.
وذكر سائقو الشاحنات في الجانب السوري أنهم يواجهون مخاطر كبيرة بسبب طول مدة الشحن، إذ قد يؤدي سوء الأحوال الجوية إلى إتلاف البضائع وتأخير وصولها إلى الأسواق. ويؤكد هؤلاء أن استمرار الإغلاق لفترة طويلة دون مبررات واضحة يزيد من خسائرهم المالية ويؤثر على دورة الاقتصاد المحلي في المناطق الحدودية التي تعتمد على التجارة البينية.
واستعادت الحكومة العراقية السيطرة على مدينة القائم في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، وافتتحت المعبر رسمياً في سبتمبر/أيلول 2019، إلا أن تشغيله ظل متقطعاً حتى مارس/آذار 2022 حين أُعلن عن افتتاحه بعد استكمال الترتيبات الأمنية واللوجستية. لكن رغم ذلك، لم ينجح المعبر في أن يكون ممراً تجارياً مستقراً، بل استمر الإغلاق بشكل متكرر، مما يجعل مستقبله غير واضح في ظل استمرار العوامل الأمنية والسياسية المؤثرة على القرار العراقي.
ويرى محللون أن إغلاق المعبر يعكس أكثر من مجرد قضية أمنية، بل يكشف عن تعقيدات المشهد الإقليمي، حيث تتداخل مصالح عدة أطراف في ملف الحدود العراقية السورية. ويعتقد البعض أن إعادة فتحه تتطلب توافقات سياسية تتجاوز المستويين العراقي والسوري، لتشمل القوى الإقليمية والدولية التي تمتلك نفوذاً في المنطقة. ومع غياب رؤية واضحة حول مستقبل المعبر، تبقى المصالح الاقتصادية معلقة بانتظار حلول قد لا تأتي قريباً.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
عبور أول شاحنة تجارية قادمة من سبتة بعد 5 سنوات من الإغلاق
زنقة 20. تطوان
عبرت شاحنة محملة بمنتجات قطاع السيارات الحدود بين سبتة والفنيدق يوم الثلاثاء، مسجلة بذلك أول رحلة تجارية رسمية بين الجانبين.
وتعود ملكية الشاحنة لشركة Vivera، حيث انطلقت من سبتة وتمكنت من اجتياز التفتيش الأولي والإجراءات الرقابية في الجانب المغربي، وفقًا لما نقلته وسائل إعلام محلية.
وأكدت مندوبية الحكومة في سبتة نجاح العملية، مشيرة إلى أنها أُنجزت بعد استكمال جميع الوثائق المطلوبة، مما يشكل خطوة مهمة نحو تطبيع العلاقات التجارية.
وخضعت الشاحنة لمراجعة دقيقة استغرقت قرابة أربع ساعات ونصف عند أول نقطة تفتيش مغربية، قبل أن تُستكمل إجراءات دفع الرسوم الجمركية والتحقق من البضائع، وهي عملية كانت لا تزال جارية عند إعداد هذا التقرير.
ويمثل هذا العبور الناجح تتويجًا للمحاولة الثالثة لإرساء المسار التجاري الجديد، وذلك بعد تعثر محاولتين سابقتين في 8 و16 يناير بسبب عدم تجاوز المتطلبات الرقابية على الحدود.
ولا يقتصر هذا النجاح على كونه انطلاقة لحركة التبادل التجاري، بل يشكل أيضًا نموذجًا مرجعيًا للإجراءات التنظيمية المستقبلية للقوافل التجارية القادمة.
وشددت مندوبة الحكومة على أن العراقيل السابقة كانت ذات طابع تقني وإجرائي محض، وليست نتيجة لأي عوائق سياسية أو بيروقراطية.
باب سبتةسبتة