بيت الشاوي.. مشهد تراثي بارز في بغداد
تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT
في جانب الكرخ من العاصمة بغداد يقع قصر الشاوي بمدينة الكريمات، الذي بدأ بناءه عام 1917 واكتمل ذلك الصرح التراثي عام 1920.
إذ تعد المباني التراثية التي بنيت قبالة دجلة من المشاهد التي لها خصوصية في البناء والزخرفة، اعتمد فيها البناء والمهندس المعماري على فهمه لطبيعة الحياة البغدادية وصولا الى العمل بالعناصر التراثية، ومنها الشناشيل التي تزين واجهاتها، وجعل الطابوق بذاته في تعدديته وتماثله نسيجاً جميلاً متناغماً في جدران البيوت.
بيت الشاوي الذي يقع على ضفاف دجلة يعتبر من اهم المشاهد التراثية التي بقيت تصارع الزمن حتى الان.
وبدأ بناء هذا الصرح التراثي عام 1917 وانتهى عام 1920، وفي تلك الفترة كل بيت يبنى على ضفاف دجلة يسمى قصرا، بحسب مدير بيت الشاوي حيدر كاظم شحيت.
ويعود البناء للوزير عبد المجيد الشاوي أحد وزراء الحكومة العراقية، وعاشت فيه عائلة الشاوي حتى عام 1980 ليصبح أحد المشاهد التراثية العائدة لدائرة الاثار والتراث، ونال الاهمية الكبرى بالحفاظ عليه وترميمه وجعله تحفة فنية أثرية وايقونة للتراث البغدادي.
وللقصر رموز معمارية وهندسة بغدادية تتناغم مع عادات وتقاليد الحياة البغدادية قدم فيه البناء والمهندس المعماري مشاهد فنية رائعة في فن الزخرفة والتي تزين أجزائه.
اذ يتقدمه باب خشبي مزين بمطرقة كبيرة على شكل وجه حيوان، ومدخله يفضي الى فناء وسطي تحيطه الغرف وعلى جانبي الباحة الوسطية فناءان تزين جدرانهما نقوش وزخرفة نباتية واجريّة، ومبنية من الجص والطين ميزتها عزل الصوت والحفاظ على درجة حرارة المبنى في الصيف والشتاء.
وتحيط الفناء اعمدة من خشب الصاج وبارتفاع يصل الى ثلاثة أمتار ويحتوي على اربع غرف في الطابق الارضي، والطابق الثاني مفتوح من الأعلى ومحاط بغرف مسقوفة بسقوف خشبية مزخرفة بجمالية وحرفية عالية بالإضافة الى أن واجهات الغرف التي تطل على الفناء مزججة بزجاج ملون بالأحمر والأخضر والأزرق لتحول أشعة الشمس الداخلة الى الغرف الى لون الزجاج، وهذا لم يكن مألوفا في تلك الفترة.
وتتجاوز مساحته ال2000 م2، إذ يتألف من طابقين وله مدخلان أحدهما يطل على الشارع العام والاخر على نهر دجلة وقد ابدع المعماري العراقي في تصميم شانشيل المبنى بين المتدرجة والركنية وانفرد الدار بطلعة خشبية ارضية في واجهته الجانبية، وقد قام البناء بكتابة تاريخ البناء «1339هـ ، وعلى يسار المدخل الرئيسي أربع نوافذ يغطي كل منها شباك خشبي مؤلف من بابين ومزجج، يرتفع عن الأرض بحدود متر وضعت عليه قضبان حديدية حديثا لأغراض امنية ويعلو كل نافذة عقد زينت بزخارف نباتية.
ويفضي المدخل الرئيسي الى مجاز منكسر الى جهة اليسار ويؤدي الى ساحة وسطية أبعادها 60 م تتوسطها "نافورة" مضلعة الشكل تتكون من ثمانية اضلاع، واتخذ البناء مبدأ التناظر في كثير من وحداته البنائية مثلا يوجد فيه طرمتان متناظرتان تماما، ويحتوي الطابق العلوي على رواق يتقدم الوحدات البنائية ويضم ست غرف مختلفة الاحجام مع غرفة معلقة "كفشكان" وأجريت على المبنى صيانة عام 2019 من قبل الهيئة العامة للأثار والتراث.
وينال بيت الشاوي الاهتمام الكبير من اساتذة التاريخ والتراث البغدادي والطلبة اذ تقدم عنه رسائل الماجستير، وشهد اقامة ورشة عمل تعريفية بأهمية المباني التراثية وحمايتها من الاندثار منها ورشة (توثيق وتقييم المباني التراثية) لموظفي دائرة التراث متخذين منه نموذجا تراثيا قائما.
المصدر: السومرية العراقية
إقرأ أيضاً:
العرياني.. شغف الحرف التراثية
لكبيرة التونسي (أبوظبي)
شغفه بالحرف اليدوية جعله يتعلم ويتقن العديد منها، ويعمل على نقلها لأقرانه عبر الورش التعليمية التي يقدمها في المدارس وفي بيت والديه، دأب على المشاركة في بعض المعارض والفعاليات كمتحدث وملهم في مجال حرف الأجداد والحرص على استدامتها، واستعراض قصته الملهمة مع الزراعة وكيف طور حديقة بيته ليحقق الاكتفاء الذاتي من بعض الخضراوات.
مزرعة صغيرة
الطفل الإماراتي مصلح سعيد العرياني (9 أعوام)، موهوب في تطويع الأرض وحرثها، ويمتلك اليوم مزرعة صغيرة تنتج الكثير من الخضراوات والورقيات وتحقق الاكتفاء الذاتي لأسرته الصغيرة، يتوق إلى تعلم الحرف التراثية الإماراتية للحفاظ عليها وصونها للأجيال، كما يحرص على زيارة المهرجانات التراثية لمجالسة الحرفيين والتدرب على أيديهم لاكتساب مهارات جديدة في ممارسة هذه الحرف التقليدية، ومعرفة أسرارها والصور المجتمعية التي رافقتها.
نموذج وقدوة
ومصلح العرياني عضو «مبادرة إعلاميي المستقبل» التابع لمؤسسة التنمية الأسرية، يعشق كل ما هو تراثي، انغمس في الزراعة وممارسة الحرف اليدوية، مما جعله يتعلم ويتقن العديد من الحرف وينقلها لأقرانه عبر الورش التعليمية التي يقدمها في المدارس وبعض المعارض، فهو يميل إلى صناعة الفخار والسدو وسف الخوص وغيرها من الحرف، ويشكل نموذجاً جيداً وقدوة لأقرانه في مدرسته ومحيطه، حيث يقضي وقتاً طويلاً في الزراعة وتعلّم الحرف ويشارك بقصصه الملهمة في المجتمع، مما يجعله نموذجاً يحتذي به أقرانه.
صقل الموهبة
على الرغم من صغر سنه فإنه استطاع أن يقنع الجميع بمواهبه وبقدراته وشغفه بالزراعة والحرف، ليخصص له والداه مساحة صغيرة بفناء البيت الخارجي، لينغمس في عالم الزراعة، وشجعاه على صقل موهبته بالتوجيه والتأطير وتوفير كل ما يحتاجه من أدوات، سواء في مجال الزراعة أو الحرف اليدوية، وبات يشارك في مختلف الفعاليات ويستعرض مواهبه في هذه المجالات كمتحدث، مع حرصه على التوازن بين الدراسة وممارسة مهاراته المتعددة.
فرصة ثمينة
وقال العرياني إن زيارته للمهرجانات فرصة كبيرة وثمينة لتعلم الحرف التراثية ومعرفة أسرارها وأهم العادات والتقاليد والصور المجتمعية التي ترافقها، مؤكداً أن العديد من الحرفيين يشعرون بسعادة كبيرة وهم يرون طفلاً في مقتبل العمر يسعى لتعلم حرف الأجداد، مشيراً إلى أن ممارسة الأنشطة المتنوعة أسهمت في تنمية مهاراته الفكرية والحسية والنفسية والجسدية والسلوكية وحتى الصحية، موضحاً أن انغماسه في الزراعة وممارسة الحرف اليدوية أكسبته المهارات والثقة في النفس، وصقل شخصيته، وجعلته أكثر نضجاً وإيجابية.
شغف الموروث
أورد مصلح العرياني أنه يعشق الحرف اليدوية خاصة الفخار، ويحب مجالسة كبار المواطنين للحديث عن أسرار هذه المهنة، وكيف أبدعوا فيها وطوعوا الطبيعة لابتكار أدوات ساعدتهم على الحياة، كما يشارك زملاءه في المحافظة على الموروث والاعتناء به ونقله للأجيال، مشيراً إلى أن شغفه بالموروث يزيد يوماً بعد يوم، لا سيما عندما يحضر المهرجانات ويقدم قصته الملهمة أمام الجمهور في مختلف الفعاليات، ساعياً لتعلم المزيد وامتلاك مهارات إضافية لاستعراض تجربته الفريدة.