الثورة نت:
2025-02-13@23:55:21 GMT

عن غزة وتداعيات الأحداث

تاريخ النشر: 14th, February 2025 GMT

عن غزة وتداعيات الأحداث

 

كتبت إلى حد التكرار الممل عن فكرة الشرق الجديد، ويبدو أن الملامح العامة التي كنت أبين منها ما استطعت، وكان يظن الكثير أنها ضرب من الخيال – قد بدأت تكشف عن نفسها، وقد ذهب البعض إلى القول إنه تنظير لا أساس له من الصحة في الواقع، ولعل القارئ اليوم يستطيع العودة إلى مقالاتي السابقة والمتوفرة على الشبكة العنكبوتية ليكتشف أبعادها من خلال حركة الواقع السياسي اليوم .

لقد تحدثنا عن سيناريوهات الشرق الجديد فيها، وتحدثنا أن التدمير المتوحش لقطاع غزة وقلنا إن الهدف منه تهجير السكان منها لهدف قديم وهو قناة بن غوريون، فكانت تصلني الكثير من التفاعلات التي ترى أن هذا الأمر خيال، وتنظير بعيد المنال، وأنني أجانف الحقيقة، اليوم الواقع يكشف الغلالة التي كانت تحجب الرؤية، بعد أن أعلن ترامب عن طبيعة المعركة في قطاع غزة، ورغبته في تهجير السكان إلى سيناء والضفة الغربية، وقد قال الصهاينة في تصريحات متواترة باستحالة عودة السكان إلى قطاع غزة، والرئيس الأمريكي يعلنها بكل وضوح في مضمون قوله وتصريحاته، باستحالة عودة السكان بل وقال إنه سوف يشتري غزة .

الفكرة أصبحت واضحة اليوم، والتفاعلات العربية لن تكون ذات جدوى، وحركة الممانعة ولاءات الرفض القديمة لم تعد ذات قيمة اليوم بعد حدوث الشروخ والتباعد في المواقف من القضية الفلسطينية، وبعد أن ساهم العرب في التقليل من فاعلية محور المقاومة، واتخاذه عدوا بديلا عن العدو الحقيقي للأمة .

لم يكن استهداف قائد المقاومة الإسلامية الشهيد حسن نصر الله – رحمه الله – الذي كان يشكل قوة وازنة وقادرة على الصد والممانعة إلا بداية لسيناريو الشرق الجديد، فقد كان الشهيد يدير معركة عن علم ومعرفة، وكان يتعامل مع القضايا بحكمة لم تتوفر لسواه، ولذلك كان الشهيد حسن نصر الله يشكل قوة في شخصه تفوق القوة الصلبة التي يملكها حزبه، لقد امتلك الشهيد طاقة جبارة وظفها بحكمة لخدمة القضية، فكانت تلك القوة سدا منيعا أمام المشروع الذي بدأ بداية القرن، وتعثر تحقيقه في معادلة حرب تموز 2006م، ثم اتخذ مسارا جديدا تمثل بحركة الفوضى التي أفضت إلى تدمير النظام العام  والطبيعي في ثورات ما يسمى بالربيع العربي، وتعثر زمنا بعد أن أدرك الشهيد حسن نصر الله أن سقوط سوريا يعني سقوط لبنان والأردن ومصر، وقالها بوضوح كامل في الكثير من خطاباته، ولم تسقط سوريا فقد كانت عصية، وقد عرف العدو الصهيوني أن دخول سوريا لن يتحقق إلا باستشهاد نصر الله، وقد حدث ذلك بالفعل، ففي انتفاضات الربيع العربي سقط النظام في سوريا ولم يصمد، وهرب الأسد، ولكنه عاد بفضل مجاهدي حزب الله، بعد أن وصل الدواعش إلى ريف دمشق وأحاطوا بالعاصمة إحاطة السوار بالمعصم، وظل الأسد أياما في البقاع تحت حماية مجاهدي حزب الله حتى عاد إلى العاصمة دمشق معززا براية الانتصار، لقد كان لنصر الله الدور الكبير والفاعل في استمرار النظام السوري حتى تمكن الدواعش من دخول دمشق بالسيناريو الذي لم يخطر ببال أحد، وبتلك الصورة التي لم يتوقعها أحد، وبسهولة مطلقة وغير مسبوقة .

وزير خارجية قطر الأسبق قالها بصريح العبارة، إن دول الخليج رصدت أكثر من مئتي مليار دولار كموازنة لسقوط النظام السوري الذي كان يشكل سدا منيعا أمام مشاريع التطبيع واستهداف الأمة .

فما الذي حدث بعد سقوط نظام الأسد ؟

توسعت إسرائيل في هضبة الجولان حتى أصبحت على مشارف دمشق وتسيطر ناريا على العاصمة السورية، تدمير القدرات العسكرية التراكمية للجيش السوري، تفكيك الجيش وتسريحه وتدمير معامل التصنيع واستهداف المعسكرات، نشاط غير مسبوق للموساد في سوريا والقيام باغتيال العلماء وأرباب الفكر والرأي، تنمية العداوات الطائفية، وتسليم مهمة إعادة التأهيل لدولة عضو في حلف الناتو وهي تركيا التي تولت –  بموجب اتفاق مع حكومة الشرع – المهام  الأمنية والعسكرية في سوريا بما يخفف من وطأة مفردة الاحتلال، إذ أن ما تم كان احتلالا واضحا لسوريا من قبل حلف الناتو ممثلا في تركيا التي من المستحيل أن تحيد عن سياسة الحلف قيد أنملة .

موضوع لبنان بعد إضعاف حزب الله أصبح من القضايا المفروغ منها، وتتجه الأنظار اليوم إلى الأردن ومصر، وكل التفاعلات اليوم تدور حول الأردن ومصر، ويبدو لي أن الأردن الذي انساق مع التوجهات الصهيونية بشأن حزب الله وغزة سوف تصله النتائج الموجعة التي تقول له بكل وضوح لقد تماهيت مع المقدمات التي لم تكن تدرك وبالها عليك، ويبدو أن الاشتغال على الأردن لن يأخذ وقتا طويلا بسبب هشاشة الوضع الاقتصادي الذي يعتمد بشكل كبير على الدعم الأجنبي والأمريكي، بالذات في رفد الموازنة العامة للدولة، أما مصر التي تلوح بالقوة اليوم – وهي تملكها بالفعل – فقد تم استدراجها إلى مزالق كانت هي في غنى عنها ولم تدرك مكر اليهود من ورائها، وربما قادتها إليها الحاجة، وفي ظني أن مصر لو أخذت تصريحات مستشارة الأمن القومي الأمريكي في زمن الربيع كوند ليزا رايس، التي تقول فيها إن مصر عصية على مشروعهم بسبب الهوية الوطنية الصامدة، كإشارة تبني عليها استراتيجية سياسية وثقافية وعسكرية، لكانت اليوم أفضل منها بالأمس، لكنها أصبحت اليوم بين فكي أسد، قد يعمل تحت الضغط على تمرير مشروعه من خلالها ولن تستطيع صده، ويبدو الرئيس الأمريكي واثقا من نفسه حين قال سوف تقبل مصر فكرة توطين سكان قطاع غزة في سيناء .

مشكلة العرب في غياب المعرفة وفي تعطيل العقول، والتفكير الآني المرحلي الذي يحفظ التوازن المؤقت دون استشراف النتائج من خلال المقدمات وآثارها المستقبلية على الأمة وعلى مصالح الأمة .

إسرائيل – وفق كل المؤشرات – ماضية في تنفيذ مشروعها وكل الظواهر التي نراها أو نسمع عنها لن تكون سوى تكتيك مرحلي لن يكون له من أثر في قابل الأيام، وهذه هي الحقيقة الصادمة التي سوف تكشف غباء الساسة العرب في المستقبل القريب .

 

 

 

 

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

بعد وفاة والدها.. ما العمل مع إبنتي التي لم تتقبل قدرها؟

سيدتي، بعد التحية والسلام أحييك في رحاب هذا الصرح الذي أعتز بكينونته كوني من أشدّ الأوفياء لهذا المنبر. ولا يفوتني ان اشكرك لأنك وبصدر رحب إستقبلتي إنشغالي وإحتويت ألمي الكبير.

سيدتي أنا إنسانة نالت من الدنيا ما لا يمكن توقعه من حسرة وألم. كيف لا وقد عبثت بي الأأقدار وأنا في زهرة العمر، فحرمت حنان الأم وأنا في سن صغير. كما أنني تحملت قساوة زوجة الأب وانا أمنّي نفسي بغد أفضل. لأجد نفسي أتزوج بإنسان عوضني نوعا ما ما إفتقدته إلا أنه غادر عالمنا غلى دار البقاء وترك في كنفي بنتا هي اليوم كل وأغلى ما املك.

مشكلتي وفحوى ألمي وشجني، فلذة كبدي التي لا تتذكر بالمرة ملامح والدها إلا أنها اليوم تحيا عدم تقبلها لغيابه عنا. وبات وكأنني بها تعاتبني أنني تركته يرحل عنا.

أنا وإبنتي والحمد لله نحيا حياة مادية مستقرة، ولا ينقصنا شيء في بيتنا وقد عاهدت نفسي ان لا أرتبط ومهما كان بأي رجل بإمكانه أن يكون مسيطرا على حريتي أنا وإبنتي.

أقف اليوم سيدتي موقف الحائرة التي لا تقوى على إيجاد حل لأسئلة إبنتي التي لا تنتهي. وكل ما يشغل بالها اليوم هو: لماذا لا يوجد في حياتها من يحنو عليها ويخبرها بأن لا تخاف نوائب الدهر و همومه؟. لماذا لا نملك من يمكننا به أن نتباهى ونتفاخر بكونه رجلا في حياتنا.
لست أدري سيدتي، لكنني متوجسة من مغبة أن تبحث إبنتي عن دفء الأحضان فتكون فريسة سهلة لمن لا يخاف الله. إبنتي في سن حرج سيدتي، ومن الضروري أن تحسّ بالأمان وأظنّ نفسي وبعظيم التضحيات التي قمت بها من اجلها لم أفلح في راب صدع كبير في حياتها.

ممتنة أنا سيدتي لكل كلمة طيبة ستوجهينها لي من خلال ردك، وأتمنى أن أجد حلا لما أنا فيه. فتوجسي مما لا يحمد عقباه كبير جدا، كما انني لست مستعدة أن أرى إبنتي في عذاب وحسرة بسبب عدم تقبلها لقدرها.
أم جنى من الشرق الجزائري.

الرد:

أختاه، هوني عليك وكان الله في عونك فما تمرين به لهو من عظيم التحديات التي لا يمكن لمن فقد في حياته الكثير أن يمنحه للغير.

أدرك سيدتي من خلال من إستشفيته من كلامك عظم الألم الذي عشته وأنت في سن صغير. حيث أنك تقلبت في عديد الهموم ولم تسلمي من بطش من لا يخافون الله، إلا أنك والحمد لله لم تفقدي الأمل ولازلت متمسكة بعطاء الله الذي عوضك بعد الصبر الجميل بزوج طيب زرع في قلبك السكينة.

ولأن المؤمن مصاب، ولأنك آية في الصبر. فقد تسلحت بالحلم حيال ما أصابك بعد وفاة الزوج ولم تمتعضي وكنت السند لك ولإبنتك التي بت ترين أنها سلواك الوحيد.

ولأنها تمر بفترة المراهقة التي تتطلب وجود الأب والأم معا، لم يعد بمقدورك سيدتي التحمل وبات لزام عليك أن تتقاسمي الحمل مع من شأنه أن يعزز الثقة لدى إبنتك ولا يجعلها تحس بالحرمان من السند.

ليس أمامك سيدتي سوى تجسيد لغة الحوار مع إبنتك بضرورة أن تتقبل المصاب وتحمد الله أنها تملك أما مثلك تحبها وتسهر على راحتها. فالله لا يمتحن إلا القلوب الصابرة المصطبرة ويفيس مدى تمسك العبد به وإحسانه الظن به عز وجل.

من جهة أخرى، أطلبي من والدك إن كان لا يزال على قيد الحياة أن تكون له لمسة وحضور في حياة إبنتك التي تحس بجدران بيتها باردة لا مكان فيها لرجل يحميها. فالخوف المتجذر في قلبها لا يعني فقط خوفها الحالي وإنما توجسها من مستقبل تجهل خباياه. ويمكنك ايضا طلب المعونة من إخوتك أو من تثقين بهم من أعمام إبنتك أو أخوات زوجك المرحوم.
بصداقتك مع إبنتك ستكونين سيدتي قد قطعت أكبر الأشواط، وسيمكنك بناء شهصية إبنتك على أسس قوية، وليكن أول الدعائم التي يجب عليك أن ترتكزي عليها هو الدين، فمن صفات المؤمن السوي تقبل القضاء والقدر خيره وشره، وما أصابكما من غياب للزوج و الاب في حياتك أنت وإبنتك لهو رسالة من الله لا يعلم سرها إلا هو سبحانه وتعالى.
كان الله في عونك سيدتي وسدل خطاك وخطى إبنتك إلأى ما فيه خير لكما.
ردت: س.بوزيدي.

مقالات مشابهة

  • المملكة تشارك في اليوم العالمي للإذاعة الذي يصادف 13 فبراير من كل عام
  • أتاسي: هذا التفاعل الشعبي الذي يعكس نبض الشارع وتطلعات المواطنين شكل قاعدة صلبة استندت إليها اللجنة التحضيرية في تحديد الأفكار المركزية والمحاور الرئيسية التي يناقشها المؤتمر
  • الدغيم لـ سانا: عندما تنضج عملية التواصل وإعداد الأوراق الأولية للتنفيذ لا شك ستتم الدعوة لمؤتمر الحوار الوطني، الذي سيلاقي فيه السوريون والسوريات الأرضية التي سينطلقون منها في بناء مستقبل بلدهم لأول مرة منذ عام 1950
  • تكريم الفائزين ببطولة الشهيد نصر الله المدرسية:الأعماس وبوسان إلى نهائي دوري أبطال الحدأ بذمار
  • “قافية الوفاء”.. ديوان شعري في حضرة الشهيد حسن نصر الله
  • بعد وفاة والدها.. ما العمل مع إبنتي التي لم تتقبل قدرها؟
  • الشيباني: سنرى سوريا بعد سنة استطاعت أن تعبر عن نفسها لكل العالم، وبعد خمس سنوات سنكون هنا لنتحدث عن الإنجازات التي تحققت
  • الشيباني: على الآخرين دعم سوريا الجديدة وإقناع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بإزالة العقوبات التي فُرضت بسبب النظام البائد
  • السيد وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني في حوار مع الإعلامي في جريدة القبس الكويتية عمار تقي ضمن القمة العالمية للحكومات المقامة في دبي: في سوريا تخلصنا من التحدي الأكبر الذي كان يصادر كرامة وحرية الشعب السوري وهو النظام السابق