لوحات نورة الهاشمي.. تتغنّى بالموروث
تاريخ النشر: 14th, February 2025 GMT
خولة علي (أبوظبي)
تستلهم الفنانة التشكيلية نورة الهاشمي أعمالها من الموروث البيئي المحلي، وتفاصيل الحياة اليومية، وتتفاعل لوحاتها مع البيئة المحيطة، وتستعرض جمال الصحراء، بسحرها وصفائها. تغوص في أعماق الحياة التقليدية التي تميز المجتمع الإماراتي، وتظهر التراث بشكل يتماشى مع متطلبات الفن المعاصر. ومن خلال هذا التمازج في أعمالها، تسهم في تعزيز الموروث وترسيخ الهوية الإماراتية في نفوس الأجيال.
روح التراث
تركز الفنانة نورة الهاشمي على عناصر التراث الشعبي، من فنون الصيد والفروسية إلى الحياة اليومية التي عاشها الأجداد. فكل لوحة تحمل في طياتها جزءاً من الحكايات القديمة، حيث تجمع بين الألوان الترابية والعناصر التراثية، لتشكل مشاهد تلقي بظلالها على الذاكرة الإماراتية، وتبقي على روح التراث حية ومتجددة. وحتى تتنوع تقنياتها في تنفيذ لوحاتها، تستخدم الألوان الزيتية والمائية بطريقة مبتكرة، إضافة إلى الأكريليك، مما يضفي على لوحاتها بعداً بصرياً غنياً يعكس تنوع رؤيتها الفنية.
مهارات الهاشمي المتنوعة في الفنون تجعلها تتنقل بسلاسة بين مختلف الوسائط الفنية، من الرسم إلى النحت، لتظهر تنوعاً غنياً في أسلوبها. فكل عمل لها هو بمثابة رحلة بين التقنيات، يظهر شغفها بالفن ورؤيتها الخاصة التي تثير الإعجاب في كل معرض تشارك فيه.
بيئة ثرية
الفن بالنسبة للهاشمي ليس مجرد تعبير عن الأفكار، بل رحلة تجسد الواقع، وتلامس الذاكرة، وتؤكد أن كل إمارة من إمارات الدولة تحمل في طياتها تفاصيل غنية وثقافة أصيلة يلتقطها الفنان ليقدم لوحاته بأسلوب مميز. ففي إمارة أبوظبي يستلهم الفنان إبداعه من مكونات صحرائها الواسعة، حيث تلتقي الرمال مع السماء في مشهد بديع، وتستدعي صورة الظبي الذي يقطع الأفق في رحلته الصامتة عبر الصحراء. من هنا تنطلق الهاشمي لتمزج بين القنص والصيد والفروسية، وتستحضر في لوحاتها جمال تلك الفنون التراثية، بأسلوب كلاسيكي واقعي يعكس أصالة المكان ويجسد تفاصيله بدقة.
مصدر للإلهام
وترى الهاشمي، أن مدينة دبي، تعد مثالاً للتوازن بين الحداثة والماضي، فهي تنبض بالحياة والتطور، حيث تجد في أبنيتها العصرية والقديمة مصدراً مهماً للإلهام، ليستوحي الفنان من تمازج الأنماط المعمارية في المدينة لوحات تجريدية تعكس الروح التجارية الحديثة، وفي الوقت نفسه تحفظ ذاكرة المكان التراثية.
أما في الشارقة، فيسكن الفن الإسلامي والروحانيات في كل زاوية، وتجد الخط العربي مرجعاً لا غنى عنه، لافتة إلى أن هذا التنوع الثقافي بين إمارات الدولة يفتح أمام الفنانين آفاقاً واسعة للإبداع، ويمنحهم فرصة لتقديم فن يعكس تناغم الماضي والحاضر.
اكتساب الخبرات
عن مكانة وأهمية الفن محلياً، تشير الهاشمي إلى أن الفنون في الإمارات تحظى باهتمام كبير، لما لها من أهمية في إثراء المشهد الثقافي وتعزيز الهوية الوطنية، وترى أن تعدد المعارض الفنية التي تحتضنها الإمارات، مثل آرت دبي وبينالي الشارقة ومعرض الصيد والفروسية في أبوظبي، تجمع كبار الفنانين من مختلف أنحاء العالم، مما يعزز مكانة الدولة كمركز فني عالمي، لافتة إلى أن هذه المعارض لا تقتصر على عرض الأعمال الفنية فقط، بل تسهم أيضاً في نشر الوعي الثقافي والفني بين الجمهور، وتشجع الأجيال الجديدة على اكتشاف عالم الفنون، من خلال اكتساب الخبرات من فنانين محليين وعالميين.
انفتاح ثقافي
تتحدث الفنانة التشكيلية نورة الهاشمي عن أهمية انتشار المراكز والمعاهد الفنية التي تقدم برامج تعليمية وورش عمل للفنانين الناشئين، مما يتيح لهم تطوير مهاراتهم وتوسيع آفاقهم. وتقول: هذه المراكز منصات لتبادل الأفكار والخبرات بين الفنانين المحليين والدوليين، مما يعزز التنوع الفني والثقافي في المجتمع الإماراتي. وهذا الاهتمام المتزايد، يؤدي إلى تعزيز دور الفنون في تنمية المجتمع، مما يسهم في الحفاظ على التراث الإماراتي ويشجع على الانفتاح على ثقافات العالم.
بصمة خاصة
شاركت نورة الهاشمي في عدة معارض فنية على المستويين المحلي والدولي، وعكست من خلال أعمالها ثراء التراث الإماراتي وجمالياته الفريدة، واستطاعت أن تجذب الأنظار وتترك بصمة خاصة في تلك المعارض، مقدمة لوحات تروي أصالة التراث وأمجاد الماضي وتفرد الهوية الإماراتية لتصل إلى الجمهور بمختلف ثقافاته.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: اللوحات الفنية الفن التشكيلي الفنون التشكيلية الإمارات الموروث الإماراتي الموروث التراث التراث الإماراتي التراث الشعبي
إقرأ أيضاً:
فيلم «الحلم».. ألوان وظلال من تجربة عبد الرحمن زينل
فاطمة عطفة (أبوظبي)
أخبار ذات صلةجرى أول أمس عرض فيلم «الحلم»، بالتعاون مع وزارة الثقافة في مركز أبوظبي الإبداعي والمعرفي. والفيلم يروي لمحات من حياة وتجربة الفنان عبد الرحمن زينل، وهو العرض الخامس من سلسلة أفلام وثائقية تحت عنوان «الحلم» من إنتاج «ميديا مانيا» ومديرها التنفيذي رولان ضو وإخراج إيليان المعركش.
والحلم يبدأ صغيراً مثل برعم الورد، ثم يتفتح ويكبر حتى يصبح سيرة الإنسان وتجربته الإبداعية في الحياة. والفنان زينل يروي وقائع من حياته الإبداعية مع الخط الفني والتشكيل منذ المرحلة الابتدائية، والخط الكوفي هو الذي كان يستهوي الفنان في البداية، ثم أخذ التشكيل بالألوان جُل اهتمامه وشكل مسيرة إبداعه.
في اللقطة الأولى من الفيلم، يبدو الفنان جالساً وخلفه ينبوع ماء يتدفق وحوله لقطات من الطبيعة. وخلال معظم وقت العرض، يتحدث الفنان زينل بصوته الهادئ، وهو جالس أمام درج مرسمه الصاعد، وكأن ذلك السلم بلونه الأزرق رمز واقعي لمسيرة الفنان، حيث يشير إلى أنه يحب اللون الأزرق في فنه وحياته بدءاً من زرقة السماء حتى زرقة البحر وتلون أمواجه. عشرات من لوحات الفنان كانت تشكّل خلفية فنية جميلة لقصة الحياة. ثم تطورت تجربته بعد ذهابه إلى القاهرة لدراسة الفنون التشكيلية، خاصة الديكور. ثم تابع الدراسة في المملكة المتحدة.
اختار الفنان لوحة (الأمل) ليخصها بحديثه، فالأمل هو الحافز الكبير في إبداع كل إنسان. ويذكر أنه عمل ضمن مجموعة من خمسة فنانين، وتُعد تلك الفترة من المراحل المهمة في حياته الفنية. رسم الوجوه في لوحاته، إضافة إلى مشاهد من الطبيعة، يبدو لافتاً في أعماله، خاصة حين نراه يتنقل بين لوحات مرسمه، فيتناول بعضها متأملاً، أو يمسك بمجلد يضم مجموعة من لوحاته ويقلّب أوراقه، وكأنه يستعيد ذكرى الأيام والليالي التي رسمها فيها.
الفنان عبد الرحمن زينل لم يتمكن من حضور العرض بسبب وعكة صحية، ولم يتيسر للجمهور اللقاء المباشر به والحوار معه.