متزامنا مع الفالنتين.. احذر الوقوع في فخ الحب الرقمي
تاريخ النشر: 13th, February 2025 GMT
مع اقتراب عيد الحب، تتزايد المشاعر الرومانسية، لكن هناك جانب مظلم تجلبه المناسبات المهمة دائما وهو عمليات الاحتيال، ففي عصر المواعدة الرقمية التي أصبحت وسيلة شائعة للتعرف على شركاء رومانسيين محتملين، زادت عمليات الاحتيال الرومانسية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، حيث كشفت دراسة حديثة أن 61% من الأشخاص يعتقدون بإمكانية تطوير مشاعر تجاه تكنولوجيا مثل روبوت دردشة مدعوم بالذكاء الاصطناعي.
كشف تقرير جديد من شركة مكافي McAfee، عن ارتفاع خطير في عمليات الاحتيال الرومانسي المدعومة بالذكاء الاصطناعي، بما في ذلك تطبيقات المواعدة المزيفة والتكنولوجيا العميقة deepfake، والذي يقع ضحيته العشاق الذين لا يستطيعون التمييز بين الحب الحقيقي والخداع الرقمي.
أظهر استطلاع للرأي أن 38% من المشاركين يشعرون بأن البدء في علاقة مع روبوت دردشة AI يزيد من قابلية الوقوع في فخ الاحتيال، كما أشار براتيم موكيرجي، المدير الأول للهندسة في “مكافي”، إلى أن 84% من الهنود يعتبرون أن عمليات الاحتيال عبر الإنترنت أثرت على قدرتهم على الثقة في الحصول على شركاء محتملين.
بينما أفاد حوالي 51% من المشاركين بأنهم أو أشخاص يعرفونهم تعرضوا لعمليات احتيال من روبوتات دردشة تتنكر كأشخاص حقيقيين على وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المواعدة، مما يجعل الوعي واليقظة بشأن عمليات الاحتيال المتطورة على الإنترنت ضرورة ملحة.
بينما تزداد شعبية تطبيقات المواعدة، يفضل الكثيرون منصات الوسائط الاجتماعية مثل إنستجرام وواتساب، ومع تزايد هذه الاتجاهات، ينشئ المحتالون أعدادا متزايدة من الملفات الشخصية المزيفة، تأتي إنستجرام في المقدمة (85%)، تليها واتساب (55%)، تيليجرام (50%)، وسناب شات (46%).
أما بالنسبة لتطبيقات المواعدة، فإن تيندر (61%) هو الأكثر شعبية، يليه فيسبوك دايتينج (36%)، وبامبل (33%)، وماتش (23%)، ومع زيادة الأشخاص الذين يبحثون عن الحب الحقيقي عبر الإنترنت، يزداد خطر الوقوع في عمليات الاحتيال، حيث يستخدم المحتالون ملفات تعريف مزيفة وخدع مدفوعة بالذكاء الاصطناعي لاستهداف المستخدمين المطمئنين.
تظهر عمليات الاحتيالات الأخيرة، التي تتضمن انتحال شخصيات المشاهير بشكل متزايد، حيث أبلغ 42% من المشاركين أنهم تعرضوا لمحاولات احتيال من قبل شخصيات عامة، وللأسف، قد تؤدي عواقب هذه الاحتيالات إلى خسائر مالية وفقدان المعلومات الشخصية.
قد تكون عواقب الوقوع في مثل هذه الخدع شديدة الخطورة، من بين أولئك الذين وقعوا في الفخ أو الذين يعرفون شخصا مزيفا، تعرض حوالي 47% من المشاركين لخسارة مالية، و48% فقدوا معلومات شخصية مما أدى إلى احتمال سرقة الهوية، و56% عانوا من ضغوط عاطفية.
وأفاد العديد من المشاركين عن عمليات احتيال تتضمن فرصا مزيفة للقاء أو التعاون مع المشاهير، وعروضا رومانسية، وهدايا باهظة الثمن، وبطاقات VIP.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي عيد الحب الاحتيال المزيد بالذکاء الاصطناعی عملیات الاحتیال من المشارکین الوقوع فی
إقرأ أيضاً:
حرف الراء بين الحب والكراهية
أعادني الكاتب سلطان ثاني في مراجعته التي نُشِرتْ في هذه الجريدة قبل عدة أيام لرواية «الحرب» لمحمد اليحيائي بعنوان «الراء المفقودة في الحرب» إلى تاريخ من الكتابات العربية عن هذا الحرف الهجائي بشكل عام، وعمّا يسببه وجوده في منتصف كلمة «حرب» أو فقدانه منها بشكل خاص.
بادئ ذي بدء سأقول إنه يثير تساؤلي دائما احتفاء الكُتّاب والأدباء بحرف معيّن من حروف الهجاء دون سواه، سواء في عناوين مؤلفاتهم أو حتى في مضامينها، وأتساءل: لماذا هذا الحرف بالذات؟ ما الذي فعله لهم أو بهم لينال هذه الحظوة؟ ثم أليست الكتابة لا تكتمل إلا بالحروف الثمانية والعشرين جميعها؟! نجد هذا مثلًا في ديوان «آية جيم» للشاعر المصري حسن طلب، الذي خصصه كاملًا للاحتفاء بحرف الجيم بعد تأنيثه: «الجيم تاج الأبجدية / وهي جوهرة الهجاء/ جُمانة اللهجات/ أو مرجانة الحاجات». ونجد هذا أيضًا في رواية «لغز القاف» للروائي البرازيلي ألبرتو موسى (ترجمة: وائل حسن) التي يستعرض فيها عوالم الأدب الجاهلي والأساطير العربية. هذه الرواية يقسّمها المؤلف إلى ثمانية وعشرين فصلا، عنوان كل منها على حرف من حروف الأبجدية العربية، ومع ذلك اختار أن يضع في العنوان حرف القاف، لماذا؟ يجيب أن القارئ سيكتشف بنفسه حقيقة لغز هذا الحرف عند الانتهاء من قراءة الرواية. أما الشاعر العُماني محمد عبد الكريم الشحي فهو لا يكتفي بحرف واحد في ديوانه «مقامات لام وضمة ميم»، وإنما يحتفي بحرفَيْ اللام والميم معًا. ورغم هذه الأمثلة على الاحتفاء بحروف مختلفة من اللغة العربية إلا أنه يبقى لحرف الراء حكاية أخرى.
كثيرة هي الأعمال الأدبية التي تضع حرف الراء في عناوينها، أذكر منها على سبيل المثال «ثلاثية راء» للقاص اليمني سمير عبدالفتاح التي يجمع فيها ثلاث مجموعات قصصية تبدأ كلها بهذا الحرف، هي «رنين المطر»، و«رجل القش»، و«راء البحر». وللراء لدى هذا الكاتب مكانة كبيرة لا يزاحمها أي حرف آخر، فهو يحضر في كثير من عناوين أعماله، ومنها عمله الأدبي «روايات لا تطير» الذي يبدأ به العنوان وينتهي كما نرى، ويصنفه سمير عبدالفتاح على الغلاف «مصغّرات» (أي روايات صغيرة)، ومن ضمنها مصغّرة عنوانها «رواية راء». وهناك أيضًا رواية «حرف الراء» للكاتبة المصرية عُلا صادق، وقصة «البنت التي أحبت حرف الراء» للشاعر والكاتب العراقي قاسم سعودي. وهذان العملان الأخيران سأرجع إليهما بعد قليل.
وبالعودة إلى مقال سلطان ثاني، فإنه يحدثنا عن حرف راء في رواية محمد اليحيائي، سقط فأصبحت الحرب حُبًّا، وهو يحيلنا بذلك على كرسي خشبي في تلك الرواية أراد البطل أن يحفر على أرضيته بسكين عبارة «الحرب خدعة»، لكن السكين أسقطت الراء، فجاءت العبارة هكذا: «الحب خدعة»! وهي في رأيي طريقة مبتكرة من المؤلف لقول عبارة الحب التي تتحول إلى حرب، إذا ما قارنّاها بالطريقة التقليدية في روايات أو قصص أو مقالات أخرى، والتي أصبحت أقرب إلى كليشيهات. على سبيل المثال كتب البابا تواضروس الثاني مقالًا أقرب إلى موعظة بعنوان «حرف الراء اللعين» يُمكن أن نلخّص فكرته بهذه العبارة: ((وهكذا اخترق حرف الراء تلك الكلمات الجميلة «حب» فقسمها وطرحها أرضًا، وتحولت إلى «حرب»)). وهذه شبيهة بعبارة وردت في قصة الفتيان «البنت التي تحبّ حرف الراء» لقاسم سعودي - التي وعدتُ بالرجوع إليها - حيث تبكي كلمة «حُبّ» حزينة، وتشتكي لصديقاتها: ((إني كنتُ سعيدة حتى هاجمني حرف الراء وتوسّطني. صرت كلمة «حرب»)).
أما رواية «حرف الراء» لعُلا صادق فنجد كليشيه راء الحب والحرب على لسان أكثر من شخصية فيها. يقول فارس: «فلم ندرك نحن في الصغر مقدار الفرق الذي قد يُحدِثه حرف الراء بتدخُّله في كلمة طاهرة، صافية، دافئة، وجميلة مثل كلمة حب»، وفي الرواية نفسها تخاطب فيروزة سينا بالقول: «أتمنى لكِ حبًّا لا ينزعه منكِ حرف الراء بتدخُّله السخيف»، ويبدو أن أمنية فيروزة لم تتحقق، فها هي سينا نفسها تقفل أحداث الرواية بدمدمتها المصدومة: «سُحقًا للحروب، سُحقًا للفراق، سُحقًا لحرف الراء الذي شوَّه كل ما يُحيطني من حبّ»!
هذه الكراهية المقيتة لحرف الراء نجدها في التراث العربي في سيرة إمام المعتزلة واصل بن عطاء، الذي كان يلثغ بهذا الحرف، ولذلك يحرص دائما أن يخلو كلامه منه، وله خطبة شهيرة تخلو -رغم طولها من حرف الراء، وقد وظفتها الروائية المصرية منصورة عز الدين في روايتها «بساتين البصرة». يقول ابن عطاء في هذه الخطبة: «الحمد لله القديم بلا غاية، الباقي بلا نهاية، الذي علا في دنوّه، ودنا في عُلوّه، فلا يحويه زمان، ولا يُحيط به مكان، ولا يؤوده حفظ ما خَلَق، ولم يخلقه على مثالٍ سبق، بل أنشأه ابتداعًا، وعدّله اصطناعًا، ...... إلى آخر الخطبة».
كان حرف الراء مكروهًا إذن من واصل بن عطاء، ومن البابا تواضروس، ومن شخصيات رواية «حرف الراء»، وربما من بطل رواية «الحرب». لكنّه لم يكن كذلك في قصة قاسم سعودي التي تخبرنا بأنه محبوب منذ العنوان: («البنت التي أحبّت حرف الراء»). والبنت المقصودة هنا «بدور» التي أحبته وآوتْه في حقيبتها، بعد أن سرد لها حكاية مغادرته قرية الكلمات ومنازل الحروف، احتجاجًا على أن «الكلمات تنظر إليه بازدراء، والحروف كذلك». غير أنه في نهاية القصة يفاجأ أنه ليست بدور فقط التي تحبه، وإنما كل الحروف الأبجدية التي جاءت تبحث عنه بعد أن افتقدتْه، فيعانقها سعيدًا لأنها «لم تتخلَّ عنه رغم كل شيء». وهكذا نحن أيضًا، لا يمكن أن نتخلى عن حرف الراء، مهما قيل عن إفساده الحب الصافي وتحويله إلى حرب ضروس. فلا تصحّ كتابة بدونه، ولا يستقيم لسان في غيابه، مع احترامي الشديد لمحاولات واصل ابن عطاء.
سليمان المعمري• كاتب وروائي عماني