وكيل الأزهر: الإسلام سبق الحضارات الحديثة في العناية بالبيئة وحمايتها من الفساد والتلوث
تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT
قال فضيلة أ.د محمد الضويني، وكيل الأزهر، إن قراءة متأنية لموضوع ومحاور الملتقى البيئي العاشر لجامعة الأزهر" من أجل المناخ أفريقيا في القلب"، تحت شعار"بيئتنا حياتنا" (إفريقيا في القلب من أجل المناخ)، لتأخذنا مباشرة إلى التحديات الخانقة التي تواجه العالم المعاصر سواء أكانت اقتصادية، أو سياسية، أو اجتماعية، والتي أصابت العالم كله ولم تتوقف عند مكان بعينه، فما تكاد تسمع بأزمة في ناحية من نواحي الأرض إلا وتظهر آثارها في نواح أخرى.
وأضاف وكيل الأزهر خلال كلمته في الملتقى البيئي العاشر بجامعة الأزهر، أنه إذا كانت التغيرات المناخية نتيجة حتمية لسلوكيات لم تحترم البيئة ولا مكوناتها، وظاهرة غير طبيعية أسهمت دول العالم في صناعتها، فإن أفريقيا لم تسهم إلا بجزء ضئيل جدا من هذه السلوكيات، ومع هذا فقد تكون المنطقة الأكثر حساسية وتضررا بسببها.
وأضاف فضيلته أنه من الواجب ونحن نتباحث حول المحافظة على البيئة وإدارة مواردها أن نعترف أن الإسلام قد سبق الحضارات الحديثة في العناية بالبيئة، والارتقاء بها، وحمايتها من الفساد والتلوث، وذلك بوضع تشريعات خاصة وضوابط محكمة تدور حول العمارة والتثمير، والتشجير والتخضير، والنظافة والتطهير، وغير ذلك من آليات تتجاوز حد المحافظة على البيئة إلى الإحسان إليها، واستثمار مواردها بما لا يضر بالتوازن الطبيعي.
وتابع وكيل الأزهر أن من يتأمل هذه التشريعات والأوامر والنواهي التي تعنى بالبيئة يرى أنها تنتظم في سياق لا يجعل العلاقة بين الإنسان والكون علاقة مسيطر بمسيطر عليه، أو علاقة مالك بمملوك، وإنما هي علاقة أمين بما استؤمن عليه، غير أننا نحتاج إلى أن نستحضر هدي السماء ليكون واقعا حياتيا وسلوكا حضاريا يحسن إلى الكون، ويحفظ لنا مواردنا ولأجيال المستقبل حظهم منها.
وأكد الدكتور الضويني أن تغير المناخ من أكثر القضايا انتشارا وتهديدا في عصرنا، وأحد أسباب ظهورها هو طغيان اللذات، والحرص على الشهوات، وتحول الإنسان من كائن معمر- وهذا هو الأصل- إلى كائن مستهلك، فالواقع المعاصر يغذي المادة وحدها، ويحجب أو يؤخر على الأقل المكون الأصيل للإنسان، وهو الروح، وما يتعلق به من قيم حضارية، ومن ثم، فإن نظرة الإنسان المادي إلى الكون من حوله نظرة المستهلك المنتفع، وليست نظرة المؤتمن المحسن، فهو واقع في الإسراف والتبذير إرضاء لشهوته، وهو يرمي المخلفات أو يحرقها، أو يستخدم مواد تؤثر سلبا على البيئة طالما أدى هذا إلى مكسب كبير وسريع بغض النظر عن أي قيمة دينية أو حتى أخلاقية.
وأوضح وكيل الأزهر أن بداية الخير أن يصح الوعي في نفوس الناس، ومن تتمة الخير أن تتناقل البشرية تجاربها وخبراتها، وأن تعلي من قيمة أصحاب الأفكار الإبداعية، والأعمال الريادية، والمشروعات المستقبلية، الذين يعملون من أجل تحسين الوضع البيئي، وابتكار حلول صديقة للبيئة، وتأملوا كيف وجه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمة إلى التخطيط للمستقبل، وبين حق الأجيال المتعاقبة في الموارد، وذلك حين أراد سعد بن أبي وقاص أن يتصدق بماله، فظل يفاوضه حتى قال له: «إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس».
وشدد وكيل الأزهر على أن التخطيط للمستقبل ليس شعارا براقا، ولا رجما بالغيب، ولا تعلقا بالظن، وإنما هو علم له مناهجه وأسسه وأدواته، يستخدم الماضي المدروس، والحاضر الملموس لبناء مستقبل أفضل، ولا يجوز في عرف الإسلام الذي أمر بالعلم أن يتخلف المسلمون عن علوم المستقبل، وأن يعيشوا بمعزل عنها، وخاصة أنها تتطور يوما بعد يوم، وتخدمها عقول كبيرة، ومؤسسات ضخمة في أنحاء العالم.
وبيّن فضيلته أنه ليس من التدين أن نعيش الحياة حاضرا ومستقبلا بلا خطة ولا منهج ولا نظام، بل إن من التدين أن نخطط لحياتنا، فالمتدين مأمور بأن يأخذ من يومه لغده، ومن دنياه لآخرته، بل إن الجنة ونعيمها مشروع مستقبلي يجب على المؤمنين أن يخططوا له، موضحا أن تناقل الخبرات والتجارب بين سكان هذا الكوكب ضرورة تفرضها التحديات التي لا تعترف بحدود ولا حواجز، وإن أحد أدلة وعي الأمم وتحضر الشعوب هو مدى استفادتها من هذا الفيض المعلوماتي والتراكم المعرفي المتاح.
واختتم وكيل الأزهر كلمته في الملتقى أنه إذا كانت أفريقيا أكثر تضررا بسبب التغيرات المناخية، التي لم تكن العامل الأكبر في إيجادها، فإنها قادرة بإرادتها وجهود شعوبها وبتطبيق مبدأ المسؤلية المشتركة، أن تلتف حول هدف واحد طموح، يعمل على خفض الانبعاثات ولو بنسبة قليلة، من خلال برامج تتولى تنفيذها الحكومات والمؤسسات، على أن تشتمل على مؤشرات واضحة لمتابعة التكيف في مجالات الحياة، وأثق أن أفريقيا قادرة على أن تثبت أنها قارة غنية بالموارد والأفكار معا.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: وكيل الأزهر وکیل الأزهر
إقرأ أيضاً:
مجموعة دول غرب أفريقيا "الإيكواس" تمنح مهلة أخيرة للدول الثلاث التي شب انقلابيوها عن الطوق
ستة أشهر، ثم يتبين مصير العلاقة بين مجموعة دول غرب أفريقيا وبين ثلاثة أعضاء قرروا الخروج وتشكيل إطار إقليمي جديد، ليست الجغرافيا وحدها هي الرابطُ الأهم بين دوله، بل الانقلابات العسكرية والتحول الاستراتيجي في العلاقة بفرنسا والدول الغربية، وبناء شراكة جديدة مع روسيا. فهل نحن بصدد تفكك منظمة الإيكواس؟
اعلانقال رئيس مفوضية الإيكواس عمر عليو توراي في الجلسة الختامية لقمة رؤساء الدول الإقليمية، يوم الأحد، في العاصمة النيجيرية أبوجا إنه "إن الهيئة قررت تحديد الفترة الممتدة ما بين 29 كانون الثاني/يناير 2025 و 29 تموز/ يوليو 2025 كفترة انتقالية، مع إبقاء أبواب الإيكواس مفتوحة أمام الدول الثلاث خلال هذه الفترة".
وأمهلت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا كلا من: النيجرومالي وبوركينافاسو، ستة أشهر من أجل إعادة النظر في قرارها بالانسحاب من المنظمة.
جاء ذلك بعد حوالي عام، من خطوة هي الأولى من نوعها منذ ما يقارب الـ 50 عامًا من وجود المجموعة التي تضم 15 دولة، حين أعلنت المجالس العسكرية في النيجر ومالي وبوركينا فاسو، في كانون الثاني/ يناير الماضي، أنها قررت مغادرة مجموعة إيكواس، متهمة إياها بفرض عقوبات "غير إنسانية وغير مسؤولة" تتعلق بالانقلاب، والفشل في مساعدتهم على حل أزماتهم الأمنية الداخلية.
وزير الخارجية النيجيري يوسف توغار و الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي وعمر توراي رئيس مفوضية الإيكواس قبل بدء اجتماع الإيكواس 15 كانون الأول ديسمبر 2024Olamikan Gbemiga/APوكان رئيس مفوضية المجموعة غرب الإفريقية عمر توراي قد قال إنه "على الرغم من أن المغادرة الوشيكة لبوركينا فاسو ومالي والنيجر من المجموعة أمر محبط"، فإن الإيكواس ترحب بـ"جهود الوساطة الجارية".
وأشاد توراي بالجهود التي يبذلها مبعوثو الكتلة لحل الأزمة. وقال "تؤكد هذه الجهود على التزامكم الجماعي بالحفاظ على السلام والوحدة في منطقتنا".
الدول الثلاث التي يحكمها انقلابيون، ترفض جهود الإيكواس، وبدأ المسؤولون الجدد فيها يفكرون في كيفية إصدار وثائق السفر بشكل منفصل عن الإيكواس وتشكيل تحالف خاص بهذه الدول المرتبطة بحدود جغرافية بينية، وبعلاقات متوترة مع فرنسا، وبتفاهمات جديدة مع روسيا. ومن المتوقع إنهاء علاقتها بمنظمة الإيكواس، في كانون الثاني/ يناير المقبل.
رئيس غينيا بيساو عمر سيسوكو إمبالو يقف لالتقاط صورة قبل بدء اجتماع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا نيجيريا 15 كانون الأول ديسمبر 2024Olamikan Gbemiga/APقال بولا تينوبو رئيس نيجيريا ورئيس الإيكواس، إن التحديات التي يواجهها العالم وفي المنطقة تختبر قدرتها على العمل معًا. وقال "لا ينبغي لنا أن نغفل عن مسؤوليتنا الأساسية، وهي حماية مواطنينا وخلق بيئة مواتية حيث يمكن تطبيق الازدهار".
الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فايي يلتقط صورة قبل بدء اجتماع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا نيجيريا 15 كانون الأول ديسمبر 2024Olamikan Gbemiga/APما لك وما عليك.. ماذا عن الامتيازات؟إن التنقل بدون تأشيرة إلى الدول الأعضاء يعتبر من الفوائد الرئيسية لكون الدولة عضوًا في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا. وليس من الواضح كيف يمكن أن يتغير ذلك بعد مغادرة الدول الثلاث للكتلة.
وسئل رئيس مفوضية المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا عن مثل هذا الموضوع في تموز/ يوليو، فقال: "عندما تخرج من اتفاقية ... إذا كانت تتعلق بالتجارة الحرة وحرية تنقل الأشخاص، فإن خطر فقدان هذه التنازلات يظل قائمًا".
الرئيس الليبيري جوزيف بواكاي يلتقط صورة قبل بدء اجتماع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في أبوجا بنيجيريا 15 كانون الأول ديسمبر 2024Olamikan Gbemiga/APقالت الدول الثلاث "المارقة"، في بيان مشترك يوم السبت إنه في حين سيظل الوصول إلى أراضيها بدون تأشيرة لمواطني غرب إفريقيا الآخرين، فإنها "تحتفظ بالحق ... في رفض دخول أي مواطن من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا يقع ضمن فئة المهاجرين غير المقبولين".
ويقول باباكار ندياي، من معهد تمبكتو لدراسات السلام ومقره السنغال: إن هذا التقسيم يمثل التحدي الأكبر الذي تواجهه المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا منذ إنشائها، باعتبارها أعلى سلطة سياسية في المنطقة، منذ تأسيسها عام 1975.
Relatedارتفاع قياسي في أعداد الأطفال المصابين بالصدمة النفسية في بوركينا فاسومع زيادة حدة التوتر.. مالي والنيجر وبوركينا فاسو تنسحب من "إيكواس"مهرجان مسرحي.. بسمة في بحر من دموع النازحين في بوركينا فاسو.. البلد الذي مزقته الصراعات والانقلاباتلمحة أقرب إلى الموضوعيةويقول مجاهد دورماز، المحلل البارز في شركة الاستشارات العالمية للمخاطر فيريسك مابلكروفت (Verisk Maplecroft)، إن فرص عودة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا إلى سابق عهدها ستكون ضئيلة غالبا، لأن الكتلة تريد العودة السريعة إلى الديمقراطية، وهو أمر لم تلتزم به المجالس العسكرية في الدول الثلاث المتمردة.
وأضاف دورماز أن السماح للمجالس العسكرية بالبقاء في السلطة "قد يعرض المزيد من التفتت الإقليمي للخطر"، في حين أن الاعتراف بها كسلطات شرعية من شأنه أن يمثل "انحرافًا خطيرًا عن المبادئ التأسيسية للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا".
وقال إن الكتلة الإقليمية فشلت كذلك في إدارة الموقف بأفضل طريقة ممكنة، مضيفا: "أن ردود الفعل غير المتسقة أعطت للكتلة تجاه الانقلابات في المنطقة انطباعًا يوحي بأن موقفها متأثر أكثر بالطموحات السياسية للدول الأعضاء، أكثر من مبادئها التأسيسية لتعزيز الحكم الديمقراطي".
المصادر الإضافية • أ ب
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية في خطوة رائدة.. المغرب ينتج أول اختبار لفيروس جدري القردة في أفريقيا تسمم غامض يصيب الأطفال في جنوب أفريقيا ويؤجج مشاعر الكراهية ضد الأجانب هل تستفيد أفريقيا من رئاسة ترامب؟ توقعات حذرة.. وأمل ضئيل غينيا بيساوبوركينافاسو -انقلابالمجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (إيكواس)الاتحاد الأفريقيانقلابنيجيريااعلاناخترنا لك يعرض الآن Next بعد أيام من رحيل الأسد.. الاتحاد الأوروبي يبحث تطبيع العلاقات مع هيئة تحرير الشام وإسقاط العقوبات يعرض الآن Next أوكرانيا: مقتل وإصابة 30 جنديًا من قوات كوريا الشمالية الداعمة لروسيا في معارك كورسك يعرض الآن Next مقتل الفلسطيني خالد نبهان.. الجد الذي أبكى العالم أثناء وداع حفيدته "روح الروح" يعرض الآن Next لليوم الثالث: نتنياهو يمثل أمام المحكمة في قضية الفساد يعرض الآن Next هجرة الأطباء السوريين وعودتهم إلى وطنهم بعد انهيار الأسد: أزمة تهدد المستشفيات الألمانية اعلانالاكثر قراءة بشار الأسد: لم أغادر الوطن وبقيت في دمشق حتى 8 ديسمبر الكرملين: لا قرارات نهائية بشأن مستقبل القواعد الروسية في سوريا حتى الآن زلزال بقوة 4.9 درجة يهز الجزائر لصوص بالعشرات بينهم رجال ونساء وأطفال.. جرائم نهب وحرق للبيوت داخل مجمع سكني قرب دمشق مارس الجنس مع 400 من زوجات كبار الشخصيات أمام الكاميرا.. فضيحة مسؤول كيني يعتقد أنه مصاب بمرض الإيدز اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومسوريابشار الأسدهيئة تحرير الشام إسرائيلروسياإيراندمشقسرقةداعشقطاع غزةعيد الميلادضحاياالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024