نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرًا يسلط الضوء على كيفية نجاح شركة "ديب سيك" الصينية الناشئة في بناء أحد أقوى أنظمة الذكاء الاصطناعي في العالم باستخدام عدد أقل بكثير من الرقائق الحاسوبية مقارنة بالشركات الكبرى.

وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن شركات الذكاء الاصطناعي عادة ما تقوم بتدريب روبوتات الدردشة الآلية الخاصة بها باستخدام أجهزة كمبيوتر عملاقة مزودة بـ16,000 شريحة متخصصة أو أكثر، لكن شركة "ديب سيك" قالت إنها تحتاج إلى حوالي 2,000 شريحة فقط.



وأوضح مهندسو الشركة بالتفصيل في ورقة بحثية؛ فقد استخدمت الشركة الناشئة العديد من الحيل التكنولوجية لتقليل تكلفة بناء نظامها؛ حيث احتاج مهندسوها إلى حوالي 6 ملايين دولار فقط من قوة الحوسبة الخام، أي ما يعادل عُشر ما أنفقته شركة ميتا في بناء أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي.


كيف يتم بناء تقنيات الذكاء الاصطناعي؟
وأوضحت الصحيفة أن تقنيات الذكاء الاصطناعي الرائدة تعتمد على ما يسمى بالشبكات العصبية، وهي أنظمة رياضية تتعلم مهاراتها من خلال تحليل كميات هائلة من البيانات.

وتقضي أقوى الأنظمة شهورًا في تحليل جميع النصوص الإنجليزية على الإنترنت، بالإضافة إلى العديد من الصور والأصوات والوسائط المتعددة الأخرى، مما يتطلب كميات هائلة من القدرة الحاسوبية.

 وقد أدرك باحثو الذكاء الاصطناعي منذ حوالي 15 سنة أن رقائق الكمبيوتر المتخصصة التي تسمى وحدات معالجة الرسومات تعد وسيلة فعالة للقيام بهذا النوع من تحليل البيانات، وقد صممت شركات مثل شركة إنفيديا هذه الرقائق لعرض رسومات ألعاب الفيديو على الكمبيوتر في الأصل، ولكن وحدات معالجة الرسومات كانت لديها القدرة أيضًا على تشغيل العمليات الحسابية التي تدعم الشبكات العصبية.

ومع قيام الشركات بتعبئة المزيد من وحدات معالجة الرسومات في مراكز بيانات الحواسيب الخاصة بها، أصبح بإمكان أنظمة الذكاء الاصطناعي تحليل المزيد من البيانات.

ولكن أفضل وحدات معالجة الرسومات تكلف حوالي 40,000 دولار، وتحتاج إلى كميات هائلة من الكهرباء.

كيف تمكنت "ديب سيك" من خفض التكاليف؟
أشارت الصحيفة إلى أن أبرز ما فعلته الشركة هو اعتمادها على طريقة تسمى "خليط الخبراء".

وقد كانت الشركات سابقًا تنشئ شبكة عصبية واحدة تتعلم جميع الأنماط في جميع البيانات الموجودة على الإنترنت، وكان ذلك مكلفا لأنه يتطلب كميات هائلة من البيانات للتنقل بين رقاقات وحدة معالجة الرسومات.

ومن خلال طريقة "خليط الخبراء"، حاول الباحثون حل هذه المشكلة عن طريق تقسيم النظام إلى العديد من الشبكات العصبية، وهكذا يكون هناك 100 من هذه الأنظمة "الخبيرة" الأصغر حجمًا، ويمكن لكل منها التركيز على مجاله الخاص.

لقد عانت العديد من الشركات لتنفيذ هذه الطريقة، لكن شركة "ديب سيك" تمكنت من القيام بذلك بشكل جيد؛ حيث قامت بإقران تلك الأنظمة "الخبيرة" الأصغر حجمًا مع نظام "عام".

فقد كانت الأنظمة الخبيرة لا تزال بحاجة إلى تبادل بعض المعلومات مع بعضها البعض، وكان بإمكان النظام "العام" المساعدة في تنسيق هذه التفاعلات بينها.

وأضافت الصحيفة أن هذا ليس الشيء الوحيد الذي قامت به "ديب سيك"؛ حيث أتقنت أيضًا خدعة بسيطة تتضمن الكسور العشرية التي يمكن لأي شخص يتذكر درس الرياضيات في المدرسة الابتدائية أن يفهمها.


واستخدمت الشركة طريقة تبسيط الأرقام التي يستخدمها دارسو الرياضيات عند التعامل مع الأرقام التي لا تنتهي مثل رمز باي، والذي يُشار إليه أيضًا بـ π، وهو عدد لا ينتهي أبدًا: 3.14159265358979…
يمكن استخدام باي لإجراء عمليات حسابية مفيدة، ولكن عند إجراء هذه الحسابات، يمكنك اختصار باي إلى بضعة أعداد عشرية فقط: 3.14.

وقد قامت "ديب سيك" بشيء مماثل - ولكن على نطاق أوسع بكثير - في تدريب تقنية الذكاء الاصطناعي الخاصة بها.

وبيّنت الصحيفة أن العمليات الحسابية التي تسمح للشبكة العصبية بتحديد الأنماط في النص هي في الحقيقة مجرد عمليات ضرب، الكثير والكثير من عمليات الضرب.

وعادة ما تقوم الرقائق بضرب الأرقام التي تتناسب مع 16 بت من الذاكرة، لكن "ديب سيك" ضغطت كل رقم في 8 بتات فقط من الذاكرة، أي أنها اقتطعت عدة كسور عشرية من كل رقم.

وهذا يعني أن كل عملية حسابية كانت أقل دقة، لكن ذلك لم يكن مهمًا لأن العمليات الحسابية كانت دقيقة بما فيه الكفاية لإنتاج شبكة عصبية قوية جدًا.

وتابعت الصحيفة بأن الشركة أضافت خدعة أخرى؛ حيث اتخذ مهندسوها مسارًا مختلفًا عند ضرب الأرقام معًا بعد ضغطها، فعند تحديد إجابة كل مسألة ضرب، كانوا يقومون بتمديد الإجابة عبر 32 بت من الذاكرة، أي أنهم احتفظوا بالعديد من الكسور العشرية، مما جعل الإجابة أكثر دقة.

لقد أظهر مهندسو "ديب سيك" في ورقتهم البحثية أنهم كانوا بارعين جدًا في كتابة التعليمات البرمجية الحاسوبية المعقدة للغاية التي تخبر وحدات معالجة الرسومات بما يجب القيام به، وكانوا على مقدرة من جعل هذه الرقائق المزيدة أكثر كفاءة.

ورغم أن قليلًا من الناس يملكون هذا النوع من المهارة، لكن مختبرات الذكاء الاصطناعي الجادة لديها المهندسين الموهوبين اللازمين لمضاهاة ما قامت به "ديب سيك"، وربما يستخدم بعضهم الحيل نفسها بالفعل.


لكن من الواضح أن الكثيرين فوجئوا بعمل "ديب سيك"، وهذا لأن ما قامت به الشركة الناشئة ليس بالأمر السهل؛ فالتجارب اللازمة للتوصل إلى إنجاز كهذا تكلف ملايين الدولارات - إن لم يكن المليارات - من الطاقة الكهربائية.

وقد أشار العديد من النقاد إلى أن مبلغ الـ 6 ملايين دولار الذي أنفقته الشركة لم يغط سوى تدريب النسخة النهائية من النظام، وقال مهندسو "ديب سيك" في ورقتهم البحثية إنهم أنفقوا أموالاً إضافية على الأبحاث والتجارب قبل إجراء التدريب النهائي، ولكن الأمر نفسه ينطبق على أي مشروع متطور للذكاء الاصطناعي.

وختمت الصحيفة بأن شركة "ديب سيك" خاطرت مخاطرة أتت بثمارها، ومع مشاركة الشركة الصينية الناشئة لأساليبها مع باحثين آخرين في مجال الذكاء الاصطناعي، فإن حيلها التكنولوجية ستقلل تكلفة بناء الذكاء الاصطناعي بشكل كبير.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا الصينية الذكاء الاصطناعي خفض التكاليف الصين الذكاء الاصطناعي ديبسيك خفض التكاليف المزيد في تكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا سياسة سياسة تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الذکاء الاصطناعی کمیات هائلة من العدید من دیب سیک

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي يلدغ سم الأفاعي بعلاج مبتكر!

في كل عام، تتسبب لدغات الأفاعي السامة في وفاة أكثر من 100,000 شخص وإصابة 300,000 آخرين بإعاقات خطيرة مثل البتر والشلل.



لدغات الأفاعي تحصد الأرواح وتسبب الإعاقات

غالبًا ما يكون الضحايا من المزارعين والرعاة والأطفال في المناطق الريفية بأفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا وأمريكا اللاتينية، حيث تمثل لدغات الأفاعي أزمة صحية واقتصادية تهدد سبل العيش.

 




مضادات السم التقليدية حلول قديمة لا تلبي الحاجة




ومع ذلك، فإن العلاجات المتاحة لم تتغير منذ أكثر من قرن، حيث تعتمد مضادات السموم التقليدية على استخلاص الأجسام المضادة من دماء الحيوانات المحصنة، وهي عملية معقدة ومكلفة وتحتاج إلى التبريد وكوادر طبية مدربة، مما يجعلها بعيدة المنال عن الكثيرين ممن هم في أمسّ الحاجة إليها.  

في تطور علمي ثوري، نجح فريق بحثي بقيادة العالمة سوزانا فاسكيز توريس من مختبر تصميم البروتينات بجامعة واشنطن، في ابتكار بروتينات صناعية قادرة على تحييد سم الأفاعي القاتل، وذلك باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. 

 



نتائج واعدة: بروتينات ذكية تحمي من جرعات قاتلة من السم




نشرت نتائج البحث في مجلة Nature، حيث أظهرت التجارب المختبرية أن هذه البروتينات المصممة حديثًا تستطيع حماية الحيوانات من جرعات مميتة من السم، بفعالية تفوق مضادات السموم التقليدية.  

اعتمد الباحثون على نماذج تعلم عميق متقدمة لمحاكاة ملايين البنى البروتينية المحتملة، مما اختصر سنوات من العمل المخبري إلى بضعة أسابيع فقط. أظهرت النتائج أن البروتينات المصممة ارتبطت بقوة بالسموم العصبية القاتلة (3FTx) وقامت بتحييد تأثيرها السام، كما أثبتت الاختبارات المختبرية استقرارها العالي وكفاءتها الكبيرة. في التجارب التي أجريت على الفئران، حققت هذه البروتينات نسبة نجاة تتراوح بين 80% إلى 100% بعد التعرض لجرعات قاتلة من السم، مما يعزز الأمل في إمكانية استخدامها كبديل فعال لمضادات السموم التقليدية.


أقرأ أيضاً.. الذكاء الاصطناعي يختصر 500 مليون عام ليبتكر بروتيناً متوهجاً لم تعرفه الطبيعة من قبل

 

 



والأهم من ذلك، أن هذه البروتينات صغيرة الحجم، مقاومة للحرارة، وسهلة التصنيع، مما يعني أنها لا تحتاج إلى التبريد، وهو عامل أساسي في تسهيل نقلها وتوزيعها في المناطق النائية.  




أخبار ذات صلة عندما تتحدث الأرض.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بالزلازل؟ هل يجعلنا الذكاء الاصطناعي أقل ذكاءً؟

بارقة أمل للمناطق النائية

 




يمثل هذا الابتكار بارقة أمل للضحايا الأكثر تضررًا من لدغات الأفاعي، حيث يمكن إنتاج هذه البروتينات بتكلفة منخفضة مقارنة بمضادات السموم التقليدية، مما يسهل توفيرها في المجتمعات الفقيرة والمناطق التي تعاني من نقص الخدمات الطبية. علاوة على ذلك، فإن سهولة تخزينها تعني إمكانية استخدامها في الحالات الطارئة دون الحاجة إلى بنية تحتية طبية متطورة.  


اقرأ أيضاً.. دراسة صادمة.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي الشعور بالألم؟



آفاق جديدة للذكاء الاصطناعي في الطب



لا يقتصر هذا الإنجاز على مكافحة لدغات الأفاعي فحسب، بل يفتح آفاقًا جديدة في مجال الطب المصمم بالذكاء الاصطناعي، إذ يمكن أن تُستخدم هذه التقنية لتطوير علاجات دقيقة للأمراض المستعصية مثل العدوى الفيروسية وأمراض المناعة الذاتية.


من خلال استبدال طرق تطوير الأدوية التقليدية بالتصميم القائم على الذكاء الاصطناعي، يسعى الباحثون إلى جعل العلاجات أكثر دقة وأقل تكلفة وأكثر قدرة على الوصول إلى المحتاجين حول العالم.  

 

 




 متى يصبح العلاج متاحًا للبشر؟

 


يواصل فريق البحث، بالتعاون مع باحثين من جامعات ومؤسسات علمية مختلفة، العمل على إعداد هذه البروتينات للاختبارات السريرية والإنتاج على نطاق واسع.


 

 

 

وإذا نجح هذا المشروع الطموح، فقد يشكل نقطة تحول في عالم الطب، ليس فقط في إنقاذ الأرواح، ولكن أيضًا في تحسين حياة الملايين من الأشخاص الذين يعانون من آثار لدغات الأفاعي القاتلة حول العالم.

 

إسلام العبادي (أبوظبي)

 

مقالات مشابهة

  • كيف تمكنت ديبسيك من بناء الذكاء الاصطناعي الخاص بها بأموال أقل؟
  • الذكاء الاصطناعي يلدغ سم الأفاعي بعلاج مبتكر!
  • كشريك صيني في الذكاء الاصطناعي.. آبل ترفض ديب سيك وتختار هذه الشركة
  • سيف بن زايد ووزير داخلية رواندا يبحثان أهمية الذكاء الاصطناعي
  • الوكالة الدولية تطلق مرصداً لقياس تأثير الذكاء الاصطناعي على الطاقة
  • صندوق النقد الدولي يحذر من الذكاء الاصطناعي: سيُحدث تسونامي بسوق العمل
  • شنقريحة:التحديات الأمنية التي تواجه عالمنا تتطلب تعزيز التعاون متعدد الأطراف
  • ريمون خوري: الذكاء الاصطناعي محرك رئيسي لاستراتيجيات المستقبل بالمنطقة
  • نائب الرئيس الأمريكي: إدارة ترامب ستضمن بناء أقوى أنظمة الذكاء الاصطناعي في بلادنا