هل الحور العين فـي الجنة تختص بالرجال فقط، أم للرجال والنساء؟

آيات الكتاب العزيز تذكر الحور العين نعيما من نعيم الآخرة، والذي يفهم منه هو ظاهر ما ورد فـي كتاب الله عز وجل، من أن الحور كما قال سبحانه وتعالى فـي موضع: « حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ» هذا وصف لمؤنث قال:«كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ»، كل هذه الأوصاف إنما هي لوصف تأنيث، قال فـي سورة الرحمن: « لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ»، هذا الوصف أنه لم يطمث هؤلاء الحور قبل أهل الجنة إنس ولا جان، كيف يمكن أن يصدق على غير ما يتبادر إلى الذهن من ظاهر معنى الحور الحسان المذكورات فـي كتاب الله عز وجل، كيف يحتمل أن يكون المقصود الرجال؟!.

إذن هذا هو المعنى ولا حاجة إلى صرفه عن غير ما يحتمله أبدا، فلأن آيات الكتاب العزيز يوضح بعضها بعضا ولا يصح اجتزاء بعض الآيات القرآنية والوقوف عندها ثم الرد إلى بعض التفسير، صحيح أن كلمة الحور تصدق من حيث

الجمع، هذا الوصف يصدق أيضا على الرجال، لكنه أيضا من حيث الاستعمال اللغوي لم يستعمله العرب لوصف الرجال، يصفون به النساء، إذا أريد أيضا أن ندخل حتى فـي الاحتجاج اللغوي، ومع ذلك ففـيما ورد فـي كتاب الله عز وجل غنية وكفاية. كيف يفسرون لنا ما تقدم من آيات، هن مقصورات حصرا لمن أكرمهم الله تبارك وتعالى بهذا النعيم فـي الآخرة، إلا أن هذه المسألة ينبغي أن تكون واضحة.

وقد أعد الله تعالى للمؤمنات التقيات الصالحات من النعيم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، أعد لهن الرضوان والنعيم المقيم، أعد لهن من الأجر والثواب وما فـيه من استمتاع لهن ما يفوق الوصف، لكن هل يلزم من ذلك أن ينص على كل نوع من أنواع النعيم فـي كتاب الله عز وجل، لا يلزم من ذلك، فـي عموم خطاب الله تبارك وتعالى لعباده فـي كتابه الكريم يراعى فـيه المألوف فـي ذوقهم وأسماعهم مما تقبله نفوسهم، فلا يلزم أيضا كأن هناك تطابقا يجب أن يكون هناك تطابق بين ما أعد للرجال وما أعد للنساء كما أنه لا يمكن أن ينفى ذلك، إلا أن أذواق المخاطبين وأسماعهم لم تعتد على ذلك، فقد لا يحدث ذلك أثرا فـيهم مقيما بأنواعه من الجنات والأنهار والسرور والزخارف والشراب والطعام والرضوان والمغفرة وغيرها مما ورد فـي كتاب الله عز وجل أو فـي سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ليست المسألة أيضا فـيما يتعلق بأذواقنا نحن، «ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير»، فلو ورد ذلك فـي كتاب الله عز وجل لقبله الرجال والنساء، لكنه لم يرد، مراعاة لأحوال المخاطبين، ومراعاة لما تقبله أذواقهم وما ألفته أسماعهم وما احتملته أيضا اللغة التي نزل بها القرآن الكريم.

فـيمكن أن نقول فـي السؤال نعم هل هو من المألوف الموجود فـي الآداب التي كانت باللغة العربية من منظوم ومنثور ومن سجع كلامهم لن نجد ذلك ما يتعلق بمتعة المرأة فـيما يتعلق بهذا الجانب.

هذا لا ينفـي أن لها حاجة فطرية وأن ذلك أيضا من المتع ومما تحتاج إليه المرأة، ولكن أعرض القرآن الكريم عن ذكره وللحكم المتقدمة وهذا استطراد حتى نخرج أيضا من دائرة يقع فـيها كثير من الناس يجعلون من اللازم أن تكون هناك صور متماثلة من النعيم، لا فالجنة درجات وفـيها أنواع من النعيم وما ذكر فـي كتاب الله عز وجل أو ما ثبت صحيحا فـي سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنما هو لتقريب هذا النعيم، تشويق هذه النفوس لدفعها إلى أن تسعى إلى أن تحوز هذا النعيم الموصوف والله تعالى أعلم.

- هل هناك تفاسير للقرآن الكريم تناولت تفسيره من زاوية كونية طبيعية مستندة إلى واقع خبرات الإنسان فـي التعامل مع الأحداث الفصلية والموسمية وغيرها ؟

القرآن الكريم ليس كتاب علوم مادية أو ما نعرفه نحن اليوم بعلوم طبيعية، فـيه إشارات فـي آيات لإقامة الحجة على صدقه وأنه الحق من عند الله تبارك وتعالى، وأنه ليس من محمد صلى الله عليه وآله وسلم لكنه لا ينظر إليه على أنه كتاب فـي العلوم الطبيعية أو فـي الظواهر الكونية، ليس كذلك أبداً، هو كتاب هداية وكتاب حق يحتاج إليه الإنسان ليسلك الصراط المستقيم، هذا كان من عمل المتأخرين أكثر من المفسرين، فبعضهم التفت إلى هذا الجانب بحسب ما بلغه من علم وينبغي أن ننتبه لهذا أيضا، فإن ما وصلهم من علوم ومعارف استعملوه أحيانا فـي تفسيرهم لكتاب الله عز وجل لكن لا ينبغي أيضا أن يحمل ذلك أنه على سبيل القطع والجزم، إذ كان ذلك مبلغ هؤلاء من العلم، وكذا ينظر أيضا إلى ما تقدم، يعني لا يأتي أحد ويقول إن المفسر الفلاني كالإمام القرطبي قال على سبيل المثال بكذا والعلم ينفـي، فذلك كلام المفسر يأخذ منه الحق ويرد منه ما سواه، وهكذا سائر أقوال المفسرين، إذ حينما فسروا كان ذلك مبلغ العلم لم يكن مبلغ علمهم هم فقط بل كان مبلغ علم الإنسانية وهكذا تنمو الإنسانية وترقى فـي العلوم والمعارف، فمن المفسرين من يستفـيد من ذلك وقد تحدثنا مرارا فـيما يتعلق بالضوابط والأحكام المتصلة بهذا الجانب، لكن إن كان يريد إرشادا فبعض كتب المفسرين من المتأخرين تعرضت لشيء من هذا الجانب.

هناك جانب آخر، قلّ ما تعرض له المفسرون، وكان ينبغي أن يلوه عنايتهم، وأذكر أن السيد رشيد رضا ذكر هذا أيضا ما يتعلق بسير الحياة، النواميس التي تحكم حياة المجتمعات والحضارات، كيف تبدأ، وما هي أسباب بقائها، وكيف يمكن أن تنهار، وما هي عوامل هذا الانهيار، هذه الجوانب المتعلقة بحياة الناس، بحيث يستخلص من القرآن الكريم هذه الدروس والعظات المتعلقة بأسباب القوة والعزة والنصر وتحقيق الأمن والأمان والرفاه للناس، وبناء علاقاتهم على وشائج وحسن التدين والعبادة لله تبارك وتعالى.

ثم النظر إلى ما يصونون به ما حققوه وكيف يحفظونه، وما هي العوامل الإيمانية والخلقية، وما هي المعتبرات التي ينتفعون منها فـي حركتهم، مما ورد فـيما أوحي إليهم، أو إلى أنبيائهم ورسلهم، ليكون عبرة لهم من سير الأمم الماضية، وما الذي فرطت فـيه، ما الذي وقعوا فـيه، كيف يمكن لهم أن يجتنبوا أسباب الضعف والانهيار والاندثار، ما الذي يحتاج إليه الإنسان الفرد والمجتمع والأمة حتى تحقق ما تصب إليه، ما هي النظم الحاكمة لعلاقاتهم، ما هي الأسس التي يبنون عليها حكمهم وحكوماتهم؟ هذه القضايا هي التي نقول أهمل فـيها إلى حد كبير المفسرون مع أنها موضوع جوهري فـي القرآن الكريم، وكم أتمنى من العلماء الراسخين فـي العلم أن يضطلعوا بمثل هذا العمل، لا شك حاول بعض المفسرين فـي سياقات مختلفة كما حاول بعض العلماء أيضا فـي غير تفسير كتاب الله عز وجل أن يتعرضوا لهذا الموضوع، لكنهم لم يولوه العناية كما أولوا على سبيل المثال آيات الأحكام، كما أيضا أولوا قصص القرآن الكريم، كما انتبهوا إلى المعاني الظاهرة أو البيانة اللغوي فـي القرآن الكريم.

هذه الجوانب المتعلقة بالإنسان محل خطاب هذا الكتاب العزيز، والحياة التي تراد له، والمجتمع الذي يكون فـيه أو الأرض، الأمة، الوطن، هذه القضايا هي التي قد توجد، حتى نكون أيضا منصفـين توجد بعض النتف هنا وهناك، لكن أن يكون النظر إلى القرآن الكريم مبنيا على هذا الأساس هو الذي نحتاج إليه، نسأل الله عز وجل أن يهيئ من يضطلع بهذه الأمانة والمسؤولية من ذوي العلم الراسخ العميق لتنتفع الإنسانية كلها.

- هل يصح دفن الميت فـي الأرض الموقوفة لعشيرة أو قبيلة معينة لا ينتسب إليها هو؟

أما إن كانت موقوفة وثبت ذلك أنها لأهل قبيلة ما أو لأسرة ما فهذا وقف خاص حينئذ ويقتصر فـيه على شرط الواقف، ولذلك يراعى هذا الشرط، ومن لم يثبت أنه من يصدق عليهم وصف الموقوف عليهم، فلينظر فـي أن يكون مدفنه فـي عموم مقابر المسلمين، ولهذا أيضا نبهت الطائفة من علماء المسلمين إلى أنه فـيما يتعلق بالمقابر لا ينبغي حصرها فـي فئة مخصوصة، نعم أن يكون لنفسه ولخاصة أسرته على سبيل المثال فـي أرض يملكها هو، وهذا شرط أيضا، أن يكون أصل الوقف فـي أرض مملوكة ملكا خاصا، لا أن تكون من عموم الأراضي الفضاء أو الفلوات التي ليس فـيها ملك خاص، وإنما قلنا شرط الواقف، لأن الواقف كان يملك تلك القطعة من الأرض ملكا خاصا فوقفها على من أراد، ومع ذلك -فإنه كما تقدم- فإن طائفة من الفقهاء لا تستحسن أن تكون المقابر وقفا على قبائل أو على أفراد مخصوصين، وإنما تكون لعموم أهل القبلة لعموم أهل الإسلام والله تعالى أعلم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: القرآن الکریم تبارک وتعالى فـیما یتعلق هذا الجانب ما ورد فـی على سبیل ما یتعلق أیضا من یمکن أن أن یکون أن تکون إلى أن وما هی

إقرأ أيضاً:

ما حكم الاحتفال بالفلانتين؟.. أمين الفتوى يجيب

 أكد الشيخ عبد الرحمن محمد، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن التعبير عن مشاعر الحب والمودة لا ينبغي أن يقتصر على يوم واحد فقط، بل يجب أن يكون أسلوب حياة يشمل كل الأيام، بدءًا من البيت مع الزوجة والأولاد، ثم مع الأهل والأصدقاء وكل من حولنا.  

وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حوار مع الإعلامية زينب سعد الدين، ببرنامج "فتاوى الناس"، المذاع على فضائية الناس، اليوم الأربعاء أن البعض يخصصون يومًا مثل 14 فبراير بحجة الانشغال في الحياة اليومية، لكن الأولى أن تكون حياة الإنسان كلها قائمة على الحب والمودة. 

ليلة النصف من شعبان.. الإفتاء: تبدأ من مغرب غدا فاغتنموا نفحاتهادار الإفتاء: يجوز صيام شهر شعبان كاملا في هذه الحالةحكم تعمد التأخر في دخول المسجد حتى سماع الإقامة.. الإفتاء تجيبهل يجب قراءة الفاتحة بعد الإمام في الصلاة الجهرية.. الإفتاء توضح

وأشار إلى أن الحب ليس مجرد كلمات، بل يجب أن يتحوّل إلى أفعال، مستشهدًا بفعل النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته وأصحابه، حيث كان نموذجًا في التعبير عن المشاعر بأرقى الأساليب.  

وأضاف أن حسن الخلق هو الوسيلة للوصول إلى هذه الدرجة من الحب والمودة، مستدلًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "خياركم خياركم لأهله، وأنا خياركم لأهلي"، مما يدل على أن البداية يجب أن تكون من داخل الأسرة، حيث تنعكس أجواء السكينة والمحبة على المجتمع بأكمله.  

وأكد أن الكلمة الطيبة لها تأثير عظيم، مشيرًا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "الكلمة الطيبة صدقة"، موضحًا أن بعض الأشخاص قد لا يحتاجون إلى أفعال بقدر ما يحتاجون إلى كلمة جميلة تُشعرهم بالاهتمام والتقدير، سواء كانت للزوجة، للأبناء، للأخوة، أو حتى للوالدين بالدعاء والبر.  

ودعا إلى نشر الطاقة الإيجابية والمشاعر الطيبة في حياتهم، مستلهمين ذلك من حب الله وقدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعدم البخل في التعبير عن الحب والمودة، لأن هذه المشاعر هي التي تجعل عجلة الحياة تستمر بسلاسة وسعادة.


 



 

مقالات مشابهة

  • تذاع لأول مرة في رمضان.. أسرة الشيخ مصطفى إسماعيل تهدي إذاعة القرآن الكريم 18 تلاوة نادرة
  • تذاع في رمضان.. أسرة الشيخ مصطفي إسماعيل تهدي إذاعة القرآن الكريم 18 تلاوة نادرة
  • أسرة الشيخ مصطفى إسماعيل تهدي إذاعة القرآن الكريم 18 تلاوة تذاع لأول مرة في رمضان
  • المفتي ونائبه يتسلّمان تقرير منجزات فرع” الإفتاء” بجازان
  • هل تحويل القبلة حدث في ليلة النصف من شعبان؟.. الشيخ مصطفى ثابت يجيب
  • هل الأرزاق والآجال تُكتب في ليلة النصف من شعبان؟.. الشيخ مصطفى ثابت يجيب «فيديو»
  • ما حكم الاحتفال بالفلانتين؟.. أمين الفتوى يجيب
  • زينب غادرت منزل ذويها ولم تَعُد لغاية تاريخه.. هل من يعلم عنها شيئاً؟
  • عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى: التسامح والعفو فضيلة أخلاقية وعلاج نفسي