فيلم "باربي" يشعل نار الانقسام في دول الخليج !
تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT
يثير قرار بعض دول الخليج عرض فيلم "باربي"في السينما جدلًا واسعًا في مجتمعاتها المحافظة، بين منتقدين تحدثوا عن مساس بقيمهم الدينية والاجتماعية ومرحّبين مبتهجين وسط طفرة في اللون الزهريّ تجتاح الأزياء والأكسسوارات من وحي عالم هذه الدمى.
وحاليا يُعرض الفيلم في السعودية والإمارات والبحرين التي سبق أن منعت عرض أفلام تتخللها مشاهد تشير إلى مجتمع الميم-عين، بينما منع الفيلم في الكويت.
ففي إحدى دور السينما في مرسى دبي، تلتقط نساء وفتيات ارتدينَ اللون الزهريّ وبعضهنّ حملنَ علب بوشار زهريّ اللون حلو المذاق، صورًا داخل مجسّم كبير يتوسط بهو السينما للترويج للفيلم ويُشبه العلبة التي توضع فيها الدمية على رفوف المتاجر.
وكانت مجموعة شابات إماراتيّات متحمّسات للغاية لمشاهدة الفيلم. وقالت إحداهنّ وتُدعى وديمة العامري (18 عامًا)، "لم نكن نتخيّل أن يُعرض مثل هذا الفيلم في دول الخليج". أما السيدة منيرة (30 عامًا) التي لم تكشف عن اسم عائلتها، فتقول إن بناتها اللواتي وصفتهنّ بأنهنّ "ثلاث باربيات" وقد ارتدينَ فساتين زهريّة، يرغبنَ في مشاهدة الفيلم. لكن يبدو أنها لم تكن مدركة أن الفيلم مخصص في الإمارات للذين تتجاوز أعمارهم الـ15 عامًا فقط.
وأضافت الأمّ السعودية "إذا كان الفيلم يتضمّن مبادئ أو مفاهيم مختلفة عن تلك التي نؤمن بها، لا ينبغي عرضه في السعودية أو في دول الخليج، لكننا أتينا لنعطيه فرصة".
في بلادها السعودية التي تشهد منذ تولي الأمير محمد بن سلمان عام 2017 ولاية العهد، انفتاحًا اجتماعيًا شمل إعادة فتح دور السينما بعد إغلاق استمرّ عقودًا، يتمّ الترويج للفيلم بكثافة. فقد انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي فيديوهات بعنوان "باربي السعودية"، تُظهر توزيع أزهار على نساء ارتدينَ عباءات تقليدية زهريّة خلال أول عرض للفيلم في الرياض.
عرض الأزياء خلال في أسبوع الموضة في دبي أكتوبر 2009 والذي خلد الذكرى الخمسين "لباربي"
وتناقل مستخدمون لشبكات التواصل صورةً معدّلة تُظهر الأمير محمد بن سلمان والرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد يرتديان بشتًا زهريًا، في منشور ساخر. وعلى الرغم من سياسة الانفتاح التي ينتهجها الزعيمان، لا تزال النساء في بلديهما يواجهنَ قيودًا كثيرة.
في دبي أيضًا، انتشرت عدوى باربي في كلّ مكان، وصولًا إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لتحويل صور أهمّ معالم الإمارة إلى ما يشبه عالم باربي في منشورات تشاركها كثرٌ على شبكات التواصل. كما جرى تداول فيديو مركّب يُظهر دمية عملاقة ثلاثية الأبعاد تخرج من علبتها إلى جانب برج خليفة، أطول مبنى في العالم. وفي البلدين، طرح العديد من المطاعم أطباقًا ومشروبات مستوحاة من عالم باربي. كما خصّصت بعض متاجر الألبسة والأحذية والأكسسوارات زوايا خاصة بمنتجات باربي. لكن كل هذه الطفرة لم تمنع الانتقادات.
في دبي، قالت السعودية حنان العمودي التي لا ترغب في مشاهدة الفيلم، "نؤيّد الحريّة والانفتاح لكن بالنسبة لباربي سمعتُ أنه يهزّ الذكوريّة"، مضيفةً أن الانفتاح في المنطقة يجب أن يحصل "بعقلانية". وأضافت المرأة المنقّبة "المرأة أصبحت تعتمد أكثر على نفسها، وهذا أمر لا نختلف عليه، لكن أن يصبح الرجل مثل المرأة لناحية التبرّج واللباس وأمور أخرى، فهذا أمر لا يعجبني".
يرى الخليجيون الرافضون للفيلم أنه "يمس بقيمهم الدينية والاجتماعية"
ويتناول فيلم "باربي" استقلالية المرأة وعملها في مجالات تُعتبر حكرًا على الرجال. في عالم مثاليّ تحكمه الباربيات، لا يشغل الرجال مناصب مهمّة ويبدون تابعين لنساء متمكّنات يتمتّعنَ بجمال نموذجيّ. لكن سرعان ما يروق لكين المُغرم بباربي، مبدأ النظام الأبوي الذي اكتشفه في عالم البشر، ويقرّر تطبيقه في عالم الدمى، فيفشل.
رغم أن الكثير من نقّاد الفنّ والسينما أعجبهم الفيلم، إلا أن بعضهم أعربوا عن خيبة أملهم. ورأت الصحافية الكويتية شيخة البهاويد أن باربي "من أكثر الأفلام فشلًا، إذا ما كان أفشلها، في طرح الفكرة النسوية"، مشيرةً إلى أنه "يطرح نسويةً بيضاء واستعمارية وسطحية".
وأوضحت أن "النسوية لا تقوم أبدًا على استبدال نظام أبوي بنظام أمومي، إنما أن تصل البشرية إلى نظام مبنيّ على المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص". في بلادها حيث مُنع عرض الفيلم بحجّة أنه "يخدش الآداب العامة"، شاهدت الصحافية الفيلم عبر مواقع إلكترونية غير مرخّصة.
وقالت البهاويد "مهما حاولت باربي أن تضع صبغة تمكين المرأة، ستبقى بحدّ ذاتها نموذجًا مخالفًا للفكر النسوي لأنّها صورة نمطية ولديها معايير جمال محددة، واللون الزهريّ الذي يرمز لها، يقسّم الأدوار الجندرية".
في البحرين، اعتبر الداعية الإسلامي حسن الحسيني على حسابه على إنستغرام الذي له مليون متابع، أن الفيلم يدعو إلى "الثورة ضد فكرة الزواج والأمومة"، ويُظهر الرجال "بلا رجولة" أو "مثل الوحوش". وانتقد الداعية مشاركة ممثلة متحوّلة جنسيًا في الفيلم، داعيًا المسؤولين في البحرين إلى وقف عرضه.
ومؤخرا حظّرت دول الخليج فيلم "الرجل العنكبوت" الذي تضمّن مشهدًا يُظهر راية تدعم المتحوّلين جنسيًا. كما منعت الكويت عرض فيلم "توك تو مي"، الذي شرك فيه ممثل متحول جنسيًا، فيما عُرض في السعودية والإمارات.
ع.ع / (أ ف ب)
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: فيلم باربي هوليوود سينما دول الخليج المجتمعات العربية الاسلام فيلم باربي هوليوود سينما دول الخليج المجتمعات العربية الاسلام دول الخلیج
إقرأ أيضاً:
لغز طلاسم مسلسل المداح يشعل الجدل.. وخبراء يحذرون من تداعياتها
أثار مسلسل (المداح) الذي يُعرض حالياً خلال الموسم الرمضاني جدلاً واسعاً في مصر، نظراً لتناوله موضوعات مرتبطة بالجن والعالم السفلي، واستخدام الطلاسم السحرية في سياق أحداثه.
وعلى الرغم من أن المسلسل تمكن من جذب انتباه الجمهور منذ حلقاته الأولى، إلا أن الانتقادات والتحذيرات ظهرت بشكل سريع، حيث تزايدت المخاوف من تأثيره على المشاهدين، لا سيما فئتي الشباب والأطفال.
تحذيرات دينية وثقافية
بين أبرز الأصوات المنتقدة للمسلسل، جاءت تصريحات الدكتورة هبة عوف، أستاذة التفسير في جامعة الأزهر، التي حذّرت من خطورة استخدام الطلاسم السحرية في الأعمال الدرامية.
وذكرت أن هذه المشاهد قد تُترك أثراً سلبياً في نفوس المتابعين، وخاصّة الأطفال الذين قد يسعون لتقليد ما يشاهدونه على الشاشة دون تقدير لخطورته.
وأوضحت عوف أن الفن يحمل رسالة ثقافية واجتماعية، ومن الضروري أن يلتزم القائمون عليه بالقيم التي ينقلها.
كما أشارت إلى أن بعض الأعمال يمكن أن تؤثر في العقل الباطن للمتلقي بطريقة غير ملحوظة.
المخاوف من التقليد والممارسات الخاطئة
من جانبه، أكد الناقد الفني أحمد سعد الدين أن المشكلة الأساسية تكمن في إمكانية استعانة المسلسل بطلاسم مستوحاة من مصادر حيوية، مما قد يدفع البعض لمحاولة تقليدها.
وأفاد سعد الدين قائلاً: (إذا كانت هذه الطلاسم مستمدة من كتب السحر الحقيقية، فلربما تُستخدم بشكل غير واعٍ من قِبل بعض المشاهدين، مما يشكل خطراً حقيقياً).
وأشار إلى استخدام عناصر الغموض والإثارة يعد أمراً مشروعاً في الدراما، لكن يجب التعامل معه بحذر، خاصة عندما يتعلق الأمر بموضوعات قد تدفع بعض الأفراد لتجربة ما يواجهونه على الشاشة.
كما شدد الناقد على أهمية دور الرقابة في مراجعة مثل هذه المشاهد، مشيراً إلى أن الرقابة قد لا تمتلك دائماً الخبرة الكافية للتفريق بين الطلاسم الدرامية الحقيقية والمزيفة.
تفاعل الجمهور على وسائل التواصل الاجتماعي
على منصات التواصل الاجتماعي، شهدت الآراء انقساماً بين مؤيد ومعارض.
فبينما امتدح بعض المشاهدين المستوى الفني للمسلسل وأداء أبطاله، أبدى آخرون قلقهم من تأثير المشاهد المتعلقة بالسحر على فئات معينة من الجمهور.
من بين التعليقات التي انتشرت على مواقع التواصل، كان أحدها: (المسلسل ممتع، لكني قلق من أن يقلد الأطفال الطلاسم دون فهم لما تعنيه) بينما قال آخر: (الموضوع مبالغ فيه، فالمسلسل مجرد دراما خيالية ولا ينبغي تحميله أكثر مما يحتمل)
المداح بين النجاح والانتقادات
على الرغم من الجدل، حقق المسلسل نجاحاً ملحوظاً، حيث يحظى بمتابعة واسعة داخل مصر وخارجها. ويعزى ذلك إلى طبيعة موضوعه الغامضة التي تجذب شريحة كبيرة من الجمهور المتعطش لمثل هذه الأعمال.
واضاف سعد الدين أن الجمهور العربي يميل دائماً إلى القصص التي تتناول المجهول، وهذا يفسر الشعبية الواسعة لمسلسلات وأفلام الرعب والإثارة لكنه شدد على أهمية تحقيق التوازن بين الترفيه والمسؤولية الاجتماعية.
يبقى مسلسل (المداح) واحداً من أكثر الأعمال إثارة للجدل في الموسم الرمضاني الحالي، حيث تستمر مناقشات حول تأثيره بين الترفيه والتأثير السلبي.
وفيما يواصل الجمهور الاستمتاع بمشاهدته، تزداد الدعوات للاهتمام بالقيم الثقافية والمجتمعية في الأعمال الدرامية، لضمان أن يبقى الفن رسالة نبيلة لا تثير المخاوف أو تحفز على ممارسات قد تكون خطيرة.