سلطنة عمان تطلق برنامج تعاون رقمي لتحسين خدمات التقييس وتعزيز التحول الرقمي بالتعاون مع السعودية
تاريخ النشر: 13th, February 2025 GMT
«عمان»: وقعت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار خلال مشاركتها في مؤتمر ليب 2025 بالمملكة العربية السعودية، برنامج تعاون ثلاثي بين الوزارة وشركة ثقة لخدمات الأعمال وشركة ترحيل البيانات والخدمات الإلكترونية ش.م.م، (رحال) البرنامج المشترك لتحسين وتطوير الخدمات الرقمية للمديرية العامة للمواصفات والمقاييس الذي يُعد خطوة مهمة نحو تعزيز التحول الرقمي في سلطنة عُمان، وتقديم خدمات عالية الجودة تلبي تطلعات المستفيدين، وتدعم تنافسية الاقتصاد العُماني، وبناء مستقبل رقمي متطور، يعزز من مكانة سلطنة عُمان كمركز إقليمي للابتكار والتميز في تقديم الخدمات الرقمية.
أهمية المنصة الموحدة «حزم»
وقال عماد بن خميس الشكيلي مدير عام المديرية العامة للمواصفات والمقاييس بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار: تعتبر منصة «حزم» منصة رقمية متكاملة تهدف إلى توحيد خدمات التقييس والمواصفات والمقاييس وضبط الجودة تحت مظلة واحدة، مما يسهل للمستفيدين من القطاعين العام والخاص الحصول على الخدمات بسرعة وكفاءة. وتأتي هذه المنصة كجزء من استراتيجية الوزارة لتحقيق التحول الرقمي ومواكبة التطورات التكنولوجية العالمية، بما يعزز من جودة الخدمات ويقلل من الوقت والجهد المبذول في إنجاز المعاملات.
أهداف البرنامج المشترك
وأضاف الشكيلي: بدأت المديرية العامة للمواصفات والمقاييس في مرحلة سابقة بإعداد دراسة استشارية لبيئة الأعمال ورسم خارطة الطريق للتحول الرقمي التي تهدف إلى المساهمة في الوصول إلى 10% نسبة مساهمة الاقتصاد الرقمي من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2040 وزيادة حصة الاقتصاد الرقمي من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 50% كل 5 سنوات. وقد تم الانتهاء من هذه الدراسة متضمنة 4 مراحل انتهت خلالها من رصد 47 خدمة رقمية. وسوف يعمل هذا البرنامج في المرحلة القادمة على رصد متطلبات التطوير والتحسين ليلبي احتياجات السوق المحلي والفئات المستفيدة حيث تتيح حاليا منصة «حزم» للتجار المستوردين الحصول إلكترونيا على شهادة المطابقة العمانية وبطاقات كفاءة الطاقة للمنتجات، وشهادة الإرسالية (للشحنة) بالتكامل مع الأنظمة ذات العلاقة فتضمن للمستهلك ضمان توفير منتجات آمنة وسليمة.
وأكد ان توقيع هذا البرنامج المشترك يهدف إلى تطوير وتحسين الخدمات الرقمية المقدمة عبر منصة «حزم»، وذلك من خلال عدة محاور رئيسية منها تحسين تجربة المستخدم حيث يسعى البرنامج إلى توفير واجهة مستخدم سهلة ومبسطة، تمكن المستفيدين من إنجاز معاملاتهم بسلاسة ودون تعقيدات، مما يعزز من رضاهم عن الخدمات المقدمة كذلك تطوير البنية الأساسية الرقمية ليشمل تحديث البنية الأساسية التكنولوجية للمنصة، بما يضمن استقرارها وأمانها، وتمكينها من استيعاب الزيادات المستقبلية في عدد المستخدمين، وكذلك تعزيز التكامل بين الأنظمة حيث سيسهل البرنامج تحقيق التكامل بين منصة «حزم» والأنظمة الأخرى التابعة للوزارة والجهات الحكومية ذات الصلة، مما يسهل تبادل البيانات والمعلومات ويقلل من التكرار في الإجراءات.
كما يشمل البرنامج إطلاق خدمات رقمية جديدة ومبتكرة تلبي احتياجات المستفيدين، مثل خدمات التقييس الذكية، والتحليل الآلي للبيانات، والتقارير التفاعلية.
وعن تأثير البرنامج على القطاعين العام والخاص يقول الشكيلي: يُتوقع أن يكون لهذا البرنامج تأثير إيجابي كبير على القطاعين العام والخاص، حيث سيتمكن المستفيدون من الحصول على خدمات التقييس والمواصفات والمقاييس بسرعة ودقة عالية، مما يدعم تنافسية الأعمال ويقلل من التكاليف التشغيلية. كما أن تحسين الخدمات الرقمية سيسهم في جذب المزيد من الاستثمارات، وتعزيز ثقة المستثمرين في البيئة التجارية والصناعية في السلطنة.
وتعد مذكرة التفاهم بين سلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية في مجالات التقييس، والبرنامج المشترك الناتج عنها، خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون الثنائي ودفع عجلة التكامل الاقتصادي بين البلدين. من خلال هذا التعاون، يتم تعزيز الثقة المتبادلة، وتسهيل التبادل التجاري، وبناء شراكة استراتيجية تدعم مصالح البلدين وتسهم في تحقيق التنمية المستدامة. وفي ظل التحديات الإقليمية والعالمية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الخدمات الرقمیة
إقرأ أيضاً:
الابتكار الصامت لتحول رقمي مستدام
د. سعيد الدرمكي
يرتبط التحول الرقمي عادةً بالتغييرات الجذرية والابتكارات الثورية، لكن هناك قوة هادئة تمارس دورًا رئيسيًا في هذا التحول، وهي الابتكار الصامت، ويتمثل هذا المفهوم في التحسينات التدريجية التي تتم في العمليات والمنتجات والخدمات دون إحداث اضطرابات تشغيلية أو إثارة مقاومة داخلية؛ إذ يُتيح هذا النهج للمؤسسات دمج التقنيات الحديثة بطريقة سلسة؛ مما يسهم في تحقيق تحول رقمي أكثر استدامة وفعالية.
الابتكار الصامت ليس مجرد فكرة نظرية؛ بل هو أسلوب تتبعه كبرى الشركات العالمية. طورت شركة "أمازون" تقنيات الذكاء الاصطناعي لإدارة المخزون دون إحداث تغييرات ملحوظة في تجربة العملاء، بينما تقوم شركة "جوجل" بتحديث خوارزمياتها تدريجيًا لتعزيز تجربة المستخدم دون تغيير جذري في عمليات البحث. كما أن شركات السيارات مثل تسلا ومرسيدس تقدم أنظمة القيادة الذاتية على مراحل؛ مما يتيح للعملاء التكيف مع التكنولوجيا الجديدة دون الشعور بصدمة التغيير.
وفي هذا السياق، نشير إلى أن وزارة الداخلية في عُمان أطلقت تطبيق "انتخب" بهدف تسهيل عملية التصويت الإلكتروني في انتخابات مجلس الشورى والمجالس البلدية. ويتيح التطبيق للناخبين؛ سواء داخل سلطنة عمان أو خارجها، الإدلاء بأصواتهم إلكترونيًا؛ مما يعكس تطبيقًا عمليًا لمفهوم الابتكار الصامت في التحول الرقمي الحكومي.
التحول الرقمي القائم على الابتكار الصامت يُعزِّز تجربة العملاء بشكل تدريجي، كما حدث مع تطبيق "توكَّلنا" في السعودية، الذي بدأ كأداة لمتابعة حالات كورونا، ثم تطور ليشمل خدمات حكومية متعددة دون تغييرات مفاجئة في بنيته الأساسية. في القطاع المصرفي، اعتمد بنك الإمارات دبي الوطني على روبوتات الدردشة الذكية لتحسين خدمة العملاء دون الحاجة إلى إعادة هيكلة أنظمة الدعم الفني.
وتُعد تحليلات البيانات أحد الجوانب التي تستفيد من الابتكار الصامت؛ حيث تبنت شركة عُمانتل الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات المستخدمين وتحسين الخدمات بناءً على احتياجاتهم الحقيقية دون تغيير جذري في بنيتها الأساسية. عالميًا، تستخدم ستاربكس البيانات لتقديم عروض مخصصة للعملاء، مما يزيد ولاءهم دون التأثير على تجربة التسوق التقليدية.
ويتم دعم الابتكار الصامت من خلال مجموعة من التقنيات مثل الحوسبة السحابية، التي تمكن المؤسسات من نقل عملياتها إلى السحابة تدريجيًا دون تعطيل الأعمال. كما أن الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي يتيحان اتخاذ قرارات أكثر ذكاءً دون استبدال العنصر البشري بالكامل، بينما يسمح إنترنت الأشياء بربط الأجهزة الذكية وجمع البيانات دون تغييرات جوهرية في البنية الأساسية.
وفي قطاع المدن الذكية، تعتمد العديد من الحكومات على الابتكار الصامت لتحسين البنية الأساسية الرقمية. ونفذت سنغافورة وبرشلونة أنظمة إدارة مرور وتحليل بيانات الطاقة بشكل تدريجي، مما أدى إلى تحسين جودة الحياة دون التأثير على المواطنين. وفي دبي، تم إدخال الروبوتات الذكية في الخدمات الحكومية بطريقة غير محسوسة، مما عزز كفاءة العمليات دون تعطيل الأنظمة التقليدية.
وتتبنى المؤسسات استراتيجيات تدعم الابتكار الصامت، مثل التدرج في التغيير والتدريب المستمر، كما في مبادرة "مليون مبرمج عربي" التي أطلقتها حكومة دبي لتطوير مهارات البرمجة تدريجيًا، وبرنامج AWS re/Start من أمازون لتأهيل الأفراد في الحوسبة السحابية دون التأثير على أنظمة التوظيف التقليدية.
ويساعد الابتكار الصامت المؤسسات على تحسين الإنتاجية وزيادة الكفاءة دون تغييرات مفاجئة قد تعطل سير العمل، كما أنه يقلل من تكاليف التحول الرقمي مقارنة بالمشاريع الكبرى التي تتطلب استثمارات ضخمة. في العالم العربي، يعد مشروع "أبشر" في السعودية مثالًا ناجحًا على التحول الرقمي التدريجي؛ حيث تمت رقمنة الخدمات الحكومية دون تغيير جذري في النظام الإداري. كما أن تونس طورت منصة إيفاكس لتسجيل التطعيمات ضد كورونا، ثم توسعتها تدريجيًا إلى بوابة صحية رقمية متكاملة دون إعادة تصميم جذري للبنية الأساسية.
ولتحقيق أقصى استفادة من الابتكار الصامت، يجب على المؤسسات تحليل عملياتها الداخلية وتحديد فرص التحسين التدريجي، مع اختيار الحلول التقنية المناسبة وإدخالها على مراحل. يساعد هذا النهج على تقليل مقاومة التغيير، كما أن مراقبة تأثير التحديثات وإجراء التعديلات عند الحاجة يضمن تحقيق أقصى استفادة من التحول الرقمي دون اضطرابات تشغيلية.
وفي النهاية.. الابتكار الصامت ليس مجرد استراتيجية؛ بل ركيزة أساسية لضمان تحول رقمي ناجح ومستدام. من خلال تطبيق هذا النهج، تصبح المؤسسات أكثر قدرة على المنافسة وأكثر مرونة في مواجهة التطورات التقنية؛ مما يضمن استمرارها في بيئة أعمال متغيرة دون إحداث صدمات تشغيلية أو تعطيل لعملياتها اليومية.