في اليوم العالمي للإذاعة.. راديو المجتمع: صوت تنمية المجتمعات المحلية في السودان
تاريخ النشر: 13th, February 2025 GMT
منتدى الإعلام السوداني: غرفة التحرير المشتركة
المصدر : مركز الألق للخدمات الصحفية
تقرير: أمينة النور
تعتبر الإذاعة المجتمعية أو ما يعرف بـ”راديو المجتمع” نوعاً فريداً من الخدمات الإعلامية التي تهدف إلى تنمية المجتمعات المحلية من خلال نشر المعلومات والمعرفة وتقديم رسائل تسهم في نشر الوعي وتعديل السلوك عبر خطة برامجية هادفة.
تأتي أهمية راديو المجتمع من الدور الذي يمكن أن يلعبه في تنمية المجتمعات المحلية في مختلف المجالات، كالصحة والتعليم والتمكين الاقتصادي ومحاربة الفقر. نشأة راديو المجتمع في كسلا
حول بدايات خدمة راديو المجتمع في بعض الولايات، تحدث مدير إذاعة كسلا الأستاذ حيدر عثمان، قائلاً:
“في مايو من العام 2002، عُقدت ورشة في وزارة الثقافة والإعلام بحضور وزير الإعلام والمنسق القومي، تم خلالها توقيع اتفاقية بين منظمة اليونيسيف وحكومة السودان لإنشاء راديو المجتمع. وشملت الخدمة في ذلك الوقت ولايات النيل الأزرق وشمال كردفان وشمال دارفور وجنوب دارفور. ودخلت الخدمة إلى ولاية كسلا بعد توقيع الاتفاقية، وبدأت البث الفعلي في 17 أبريل 2003 بمساحة زمنية قدرها ربع ساعة يومياً، يتم خلالها تناول الموضوعات بلغات محلية متعددة”.
توسعت فكرة راديو المجتمع بعد إجراء مسح للتقييم مع مبادرة المجتمعات الصديقة للأطفال، حيث شمل المسح المجتمعات الأقل حظاً من التنمية بهدف تحريكها نحو التنمية المستدامة. وأوضح حيدر أن المسح الأول استمر من مايو إلى يوليو 2003، واستهدف 1153 قرية في ولاية كسلا، وأسفرت النتائج عن وجود 1400 قرية تحتاج إلى التنمية.
بعد ذلك، تم وضع خطة برامجية تهدف إلى تنمية 30 مجتمعاً من محليات الولاية، وزيادة عدد اللغات المستخدمة في البث لتشمل جميع المكونات القبلية الموجودة.
مؤشرات ونتائج إيجابية
أشار حيدر عثمان إلى أن نتائج البرامج التي استهدفت المجموعات المختلفة لتغيير بعض العادات والتقاليد المرتبطة بالإرث الثقافي أظهرت مؤشرات إيجابية في تعديل السلوك.
وقد بلغت نسبة تعديل السلوك في ولاية كسلا أعلى من الولايات الأخرى، وتمت إضافة لغات المكونات الأخرى، كالرشايدة والنوبيين، إلى جانب اللغة العامية.
ووفقاً لذلك، تمت زيادة نسبة الزمن المخصص للبرامج إلى ساعة ثم إلى ساعتين. ومن أهم المؤشرات في مجال تعديل السلوك، التأثير الإيجابي في قضايا المجتمعات المحلية.
أوضح حيدر أن راديو المجتمع قائم على شراكات مجتمعية في قطاعات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والقطاع الاقتصادي. ومن خلال هذه الشراكات، يتم تدريب المجتمعات المحلية عن طريق لجان تخطيط للمشاريع في القطاعات المذكورة، وبالتالي أصبحت الولاية قادرة على تحريك المجتمع المحلي نحو التنمية المستدامة.
وأضاف أنه في عام 2024، تم الاحتفال باليوم العالمي للراديو داخل استديوهات إذاعة كسلا نظراً لظروف الحرب. ويجري وضع خطة للاحتفال القادم بعمل برمجة بث مشترك بين الإذاعات التي تقدم خدمة راديو المجتمع في عدد من الولايات.
يعتبر راديو المجتمع في إذاعة كسلا أداة فعالة في كثير من قضايا المجتمعات الموجودة في المنطقة، خاصة في عملية فض النزاعات والتصالحات بين القبائل، وذلك باستقطاب النظارات والإدارات الأهلية باستضافتهم في البرامج على مستوى ولايات الشرق الثلاثة.
الإنتاج المشترك وتحديات المجتمعات المحليةوفي إطار الإنتاج المشترك، تحدث الكاتب الدرامي الأستاذ شاذلي عبد القادر، قائلاً: “”عقدت هيئة اليونسكو عدداً من الورش في مكاتبها بالخرطوم وإذاعات ولايات الشرق، وبعضها مع قادة تلك المجتمعات، لمعرفة المشكلات الحقيقية لتلك المناطق من خلال الواقع المعاش. وأجريت دراسات وبتحليل النتائج تم التوصل إلى المشكلات وجذورها التاريخية، وتم تكوين لجان متعددة عملت على الترتيب والتنسيق وتوصلت إلى خطة عمل وفق أولويات للحلول بعد تحديد الشكل والمضمون”.
وأضاف شاذلي أن من المشكلات الأساسية التي تواجه المجتمعات المحلية، عدم وجود الأوراق الثبوتية، كشهادات الميلاد والبطاقات الشخصية والرقم الوطني وجوازات السفر. ويكمن السبب الحقيقي لعدم حيازة هذه الأوراق لعادة اجتماعية بين عدد من تلك المجموعات، وهي عدم ذكر اسم الأم عند كتابة البيانات الشخصية، باعتبار أن هذا غير لائق اجتماعياً. وقد أدى عدم استخراج الأوراق الثبوتية إلى الحرمان من التعليم والسفر والتعاملات المالية والرسمية والاستفادة من القروض والتمويل.
وهناك مشكلات تتعلق بالبيئة، مثال القطع الجائر للأشجار لاستخدامها كوقود، مما أسهم في التلوث البيئي إضافة إلى التأثير على الغطاء النباتي. ويعتبر التعدين العشوائي مهدداً لمناطق الرعي، وذلك لاستخدام المواد الكيميائية كالزئبق، وهو مسبب للأمراض والمخاطر الصحية.
إضافة إلى عمالة الأطفال التي تجعلهم عرضة للانحرافات السلوكية، كمثال تعاطي المخدرات والخمور. ومن الأشياء التي تسهم في عملية التلوث البيئي عدم وجود المراحيض، مما يتسبب في الأمراض المعدية. ويشكل شلل الأطفال تهديداً أكثر خطورة لعدم الاهتمام بالتطعيم.
ويعتبر العنف الناتج من الصراعات القبلية وانتشار الأسلحة في مجتمعات قبائل الشرق من المخاطر الاجتماعية الكبيرة، إضافة إلى عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات والأدوية والسلع منتهية الصلاحية والاتجار بالبشر وما يترتب عليه من مخاطر دولية وإقليمية.
المرأة، العادات والتقاليد: تحديات تواجهها جهود التنميةعمل راديو المجتمع في ولايات الشرق على محاربة العادات الضارة عبر الرسائل والسلاسل الدرامية. وأشار شاذلي إلى أن مشكلات المرأة في معظم ولايات الشرق ترتبط بنظرة تلك المجتمعات في إطار العادات والتقاليد، فتحرم من حقها في التعليم والعمل، إضافة إلى العادات الضارة كالشلوخ والختان الفرعوني وزواج الطفلات وما له من أضرار صحية كالناسور، إضافة إلى المشكلات النفسية وإقصاء لحقوق المرأة وحرمانها من المشاركة السياسية بالرغم من إتاحة فرص التعليم لبعضهن.
المعالجة والنتائج:أوضح شاذلي عبد القادر أنه بعد أن طُرحت المشكلات، وُضعت مقترحات للمعالجة على ثلاثة أشكال:
عبر حوارات وندوات يتم فيها طرح المشكلة بوجود مختصين، ومن ثم التوصل إلى الأضرار الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
عبر رسائل قصيرة تعمل على لفت انتباه الجهات المختصة.
القالب الدرامي وهو عبارة عن دراما العقدة البسيطة والحوار البسيط، ويتم تحويل الحوارات الدرامية إلى اللغات المحلية، ويكون الطرح والمعالجة في نفس المادة الدرامية.
من خلال المتابعة للرسائل كانت النتائج إيجابية في مجال تعليم البنات، والاستفادة من مراكز التدريب المهني ومراكز التنمية الاجتماعية، والتحاق بعضهن بالمساقات العلمية والتجارية.
وأوضح شاذلي أنه تم إنتاج مئة وعشرين رسالة درامية في مختلف الموضوعات، وفي يوم الاحتفال باليوم العالمي للراديو عملت اليونسكو على جمع وطباعة نصوص الرسائل الدرامية في كتاب وُزِّع أثناء الاحتفال، وتمت دعوة المسؤولين في راديو المجتمع وعدد من الإذاعات، وأُشير إلى الأثر الإيجابي للرسائل في تعديل السلوك تجاه القضايا الاجتماعية في مجالات التعليم والصحة والبيئة.
تجارب راديو المجتمع في كسلا وكادقلي:عن تجربة راديو المجتمع في ولاية كسلا وإذاعة كادقلي، تحدث الدكتور طارق البحر مدير إدارة الدراما بالإذاعة السودانية، قائلاً: “لتجارب راديو المجتمع في ولاية كسلا وكادقلي الريادة في هذا المجال، وتمت الاستفادة بصورة كبيرة من الدراما في توصيل المعلومات الصحية والاقتصادية والتربوية والاجتماعية وكل ما يخص مجتمعات تلك المناطق”.
وأضاف: “بحكم علاقتي الوثيقة في هذا المجال لا أتحدث عن النتائج على أرض الواقع، فهذا اختصاص جهات أخرى كوزارة الصحة والتربية والتعليم ووزارة الشؤون الاجتماعية بعمل دراسات ليتم التوصل إلى نتائج لمعرفة فوائد الرسائل الدرامية”.
وأشار إلى أنه يتحدث عن التفاعل السمعي من خلال تلك الرسائل والحماس الخاص بكل منطقة من ولاية كسلا والحرص على تسجيل كل ما هو مفيد من الإذاعة من خلال إعداد من المستنيرين في مناطق كسلا المختلفة، ويتم الحديث إلى أهلهم عن الموضوعات في المجالات الصحية أو التربوية وكل ما يمكن أن ينهض بالمجتمع، وهذا دلالة على أن هذا الراديو لعب دوراً كبيراً في ترقية هذه المجتمعات، وفي الوحدة الوطنية والتماسك القبلي في شرق السودان.
وفي إذاعة كسلا تم تخصيص جزء كبير لإدارة راديو المجتمع وهذا ما حدث في إذاعة كادقلي، مما يوضح أهمية راديو المجتمع في تلك المجتمعات.
وأضاف د. طارق: “من خلال نقاش مع بعض العاملين في راديو المجتمع أتيحت لي فرصة عمل ورشة في كسلا قبل خمسة أعوام للتعرف على التأثير الذي أحدثه راديو المجتمع في مجتمعاتهم، وكانت الإجابات مدهشة، تحدثوا عن ارتفاع نسبة التعليم بذهاب الأبناء للمدارس وعن المرأة والدور الإيجابي الذي لعبته في هذه المجتمعات وعن الصحة والتطعيم، وقد شملت الإجابات كل المعلومات عن كل ما هو موجود في المنطقة، وهذا دلالة على الدور الإيجابي لراديو المجتمع”.
وأشار إلى أن راديو المجتمع لعب دوراً كبيراً في مجتمعات بعض الدول، وعلى سبيل المثال الهند ونيجيريا.
وهذا دلالة على أن راديو المجتمع يمكن أن ينهض بالمجتمعات كما حدث في ولاية كسلا، فقد أصبحت برمجة راديو المجتمع جزءاً من الخارطة البرامجية، وقد لعب الراديو دوراً كبيراً في عمل بعض التصالحات بين بعض القبائل فيما يخص موضوع العنصرية وخطاب الكراهية.
ومن التطورات العلمية التي صاحبت تجربة راديو المجتمع، هنالك بعض الدراسات ورسائل الماجستير.
وأشار إلى أن كل المجتمعات التي بها خدمة الراديو كان لها دور إيجابي في بث رسائل في مجال تخصصه، فنجد الطبيب والزراعي وشيخ الحلة.
واختتم حديثه مشددا على ان: “راديو المجتمع أصبح ضرورة حتمية للعمل على رتق النسيج الاجتماعي ومحاربة العنصرية وخطاب الكراهية وكل ما خلفته الحرب من مشكلات اجتماعية”.
SilenceKills #الصمت_يقتل #NoTimeToWasteForSudan #الوضع_في_السودان_لايحتمل_التأجيل #StandWithSudan #ساندوا_السودان #SudanMediaForum
الوسومالسودان اليوم العالمي للإذاعة راديو المجتمع شاذلي عبد القادر كسلا منتدى الإعلام السودانيالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: السودان اليوم العالمي للإذاعة راديو المجتمع كسلا منتدى الإعلام السوداني المجتمعات المحلیة فی ولایة کسلا تعدیل السلوک ولایات الشرق إضافة إلى من خلال إلى أن
إقرأ أيضاً:
المملكة تشارك في اليوم العالمي للإذاعة الذي يصادف 13 فبراير من كل عام
تشارك المملكة – ممثلة في هيئة الإذاعة والتلفزيون – منظومة دول العالم في الاحتفاء باليوم العالمي للإذاعة؛ الذي يصادف الـ13 فبراير من كل عام تحت شعار “الإذاعة وتغير المناخ”؛ لزيادة الوعي الثقافي بالدور الكبير الذي تؤديه الإذاعة في الحياة اليومية، وإدراك الدور الفعال الذي يقدمه جميع العاملين في كل المحطات الإذاعية؛ لإيصال المعلومات بحرّية تامة إلى جميع أفراد المجتمع، وبناء جسور من التفاهم والحوار المتبادل بينهم.
وحدّدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم المعروفة “اليونسكو” هذا اليوم, تخليدًا لانطلاق أول بثّ إذاعي لهذه المنظمة منذ عام 1946م؛ مما يرسخ من وجود هذه الوسيلة المسموعة؛ حيث يستهدف إبراز الدور الكبير الذي تقدمه الإذاعة في التنوع الإنساني، بصفتها أكثر الوسائل الإعلامية انتشارًا، والاهتمام بالمحتوى الإذاعي المرتكز على الجودة العالية، واحترام المعايير المهنية للعمل الإذاعي من أجل بناء مستقبل أفضل، والاهتمام بكل المستمعين، وتشجيعهم على المشاركة المجتمعية، إضافةً لتقديم منتج إذاعي هادف، وضمان التنافسية واستمرار المحطات الإذاعية وقدرتها على جذب قاعدة كبيرة من الجمهور والاحتفاظ بهم.
ويرسخ هذا اليوم, مكانة الإذاعة ضمن المنظومة الإعلامية، والتعريف بالتطور الذي تشهده هذه الوسيلة العريقة، على مستوى تبادل المعلومات، ونقلها بسهولة من خلال موجات الراديو، والمناقشات البنّاءة حول القضايا المهمة على الساحة الدولية، ومواكبة الأحداث والتطورات والتغييرات وتقديم محتوى يتناسب مع هذه المتغيرات، إذ تعدّ الإذاعة من أكثر الوسائل الإعلامية العالمية استخدامًا, وتستطيع الوصول إلى كل المجتمعات ورسم معالم حياتهم المتنوعة.
وشهدت المملكة تأسيس الإذاعة السعودية 1949م، عندما أصدر الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن –رحمه الله- مرسومًا ملكيًا, ليبدأ الإرسال الفعلي للإذاعة من مدينة جدة، في موسم حج العام ذاته، واقتصرت في البداية على بثّ الأخبار الرسمية والدينية، وبعض الإنتاج الأدبي من الشعر والمقالات، ولا يتجاوز الإرسال أكثر من ثلاث ساعات يوميًا.
اقرأ أيضاًالمملكةموانئ”: الحاويات الصادرة تسجل ارتفاعًا بنسبة 53.17% والحاويات الواردة بنسبة 39.63% خلال يناير الماضي
ولدى المملكة عددٌ من الإذاعات تحت مظلة هيئة الإذاعة والتلفزيون، هي: إذاعة جدة، وإذاعة الرياض، وراديو السعودية “الناطق باللغة الإنجليزية”، وإذاعة القرآن الكريم، ونداء الإسلام، وإذاعة الإخبارية، وإذاعة خزاما ونظرًا لمكانة المملكة الإسلامية ودورها الفاعل على الساحة، فقد أنشئت شبكة الإذاعات الدولية السعودية، عام 1969م، وتُبَث بأكثر من عشر لغات حية مثل: الفرنسية والتركية والإندونيسية والفارسية والهندية والأوردو.
وفي هذا الصدد تحدث الرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون محمد بن فهد الحارثي؛ عن مجهودات الهيئة في الاهتمام بتطوير الإذاعة بصفتها وسيلة إعلامية لها حضورها الكبير في وسائل الإعلام التي لا تزال الوسيلة الإعلامية الأوسع انتشارًا؛ بسبب قدرتها على الوصول إلى نطاقٍ جماهيري واسع مشيرًا إلى أن الإذاعة السعودية تقدم مجموعة متنوعة من البرامج؛ مما يدفعها نحو التطوير والتغيير.
ولفت النظر إلى أن إذاعة الإخبارية هي أول إذاعة إخبارية في المملكة، مبينًا أن هناك دورات برامجية جديدة لمختلف الإذاعات السعودية التي تلامس إستراتيجية تطوير الإذاعات المنبثقة عن الإستراتيجية الشاملة لتطوير محتوى هيئة الإذاعة والتلفزيون.
وأكّد أن مسيرة الإذاعات في المملكة جاءت مواكبة لحركة التطور المجتمعي، وأدّت الإذاعة دورًا مهما في نقل المعرفة للمواطن السعودي، وجعلته مواكبًا للأحداث، المحلية والعالمية.