تقرير: أمريكا تواجه التهديد الأوراسي الجديد
تاريخ النشر: 13th, February 2025 GMT
تناول هال براندز، باحث في السياسة الخارجية الأمريكية، كيفية تطور المشهد الجيوسياسي منذ نهاية الحرب الباردة، متحدياً الاعتقاد السائد بأن الهيمنة الأمريكية ستستمر إلى أجل غير مسمى.
أدت الأزمة المالية في عام 2008 إلى تآكل الثقة في القيادة الاقتصادية الأمريكية
وقال الكاتب، في مقاله بموقع "معهد أمريكان إنتربرايز” البحثي الأمريكي،: "في حين وعدت حقبة ما بعد الحرب الباردة في البداية بالاستقرار والزعامة الأمريكية العالمية، فإن سوء التقدير الاستراتيجي والتطورات غير المتوقعة أدت إلى عودة التنافس بين القوى العظمى، وخاصة روسيا والصين".
افتراضات أعقبت الحرب الباردة وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، أصبحت الولايات المتحدة القوة العظمى الوحيدة في العالم، مسيطرة على الاقتصاد العالمي والإنفاق العسكري إلى حد غير مسبوق، حيث شكلت مع حلفائها نحو 70% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و75% من الإنفاق العسكري.
ومع غياب أي منافسين جادين، ظنت واشنطن أنها قادرة على تشكيل النظام الدولي وفقاً لرؤيتها. وأوضح الكاتب أن الولايات المتحدة عززت تفوقها من خلال الحفاظ على تحالفاتها، وتوسيع حلف الناتو إلى أوروبا الشرقية، بهدف إنشاء حاجز دائم أمام أي قوى انتقامية، لا سيما روسيا. دور القوة العسكرية والعولمة
وأشار الكاتب إلى أن التفوق العسكري الأمريكي لم يكن مجرد أداة ردع، بل استُخدم بنشاط لتشكيل النظام العالمي. فقد أظهرت الولايات المتحدة قوتها عندما قادت استجابة حاسمة ضد غزو صدام حسين للكويت عام 1990، وعندما نشرت حاملات طائرات لردع الصين عن ترهيب تايوان في التسعينيات.
إلى جانب ذلك، تبنت واشنطن التكامل الاقتصادي كوسيلة لتعزيز الاستقرار، فساعدت في دمج الصين وروسيا في الاقتصاد العالمي، معتقدة أن التنمية الاقتصادية ستقود إلى التحرير السياسي وتحويل هذه القوى إلى شركاء مسؤولين في النظام الدولي.
History’s Revenge: America Faces the New Eurasian Threat https://t.co/2TOvBnh7Dk
— Tarık Oğuzlu (@TarikOguzlu) February 12, 2025ومن خلال دمج هذه الدول في منظمة التجارة العالمية وغيرها من الهياكل الاقتصادية الدولية، كان صناع السياسات الأمريكيون يأملون في خلق بيئة يصبح فيها هؤلاء الخصوم السابقون "أصحاب مصلحة مسؤولين" في النظام العالمي.
الحسابات الاستراتيجية الخاطئة وفي حين تبدو هذه الاستراتيجية منطقية، يقول الكاتب إنها احتوت في نهاية المطاف على عيوب حرجة، ولم يؤد النمو الاقتصادي السريع للصين وروسيا إلى التحرير السياسي المتوقع. وبدلاً من ذلك، استفادت هذه البلدان من قوتها الاقتصادية المكتشفة حديثاً لدعم الأنظمة الاستبدادية وتعزيز قدراتها العسكرية.في روسيا، سهّل التعافي الاقتصادي في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين عودة القومية والتوسع العسكري. وتضاعف الناتج المحلي الإجمالي لروسيا بين عامي 1998 و 2014، مما سمح لإنفاقها العسكري بالتضاعف أربع مرات.
وكان صعود الصين أكثر دراماتيكية. شهدت الصين طفرة اقتصادية غير مسبوقة، من خلال استغلال الأسواق العالمية والتقدم التكنولوجي، حيث زاد ناتجها المحلي الإجمالي اثني عشر ضعفاً بين عامي 1990 و2016.
وشهدت ميزانيتها العسكرية زيادة بمقدار عشرة أضعاف خلال الفترة ذاتها، مما أدى إلى تمويل تطوير الأسلحة المتقدمة، بما في ذلك الطائرات دون طيار والغواصات وأنظمة الصواريخ، والتي تم بناء العديد منها باستخدام التكنولوجيا المكتسبة، بشكل قانوني أو غير قانوني، من العالم الديمقراطي. تصور الهيمنة الأمريكية كتهديد وعلى الرغم من أن الصين وموسكو كانتا تريان أن هيمنة الولايات المتحدة لم تكن قوة استقرار، بل كانت تعدياً استراتيجياً، اعتبرت روسيا توسع حلف شمال الأطلسي في أوروبا الشرقية تحدياً مباشراً لمجال نفوذها، ورداً على توسعات الناتو في عام 1997، قامت موسكو بضم شبه جزيرة القرم في 2014.
وبالمثل، نظرت الصين إلى الوجود العسكري الأمريكي في المحيط الهادئ، خاصة التزاماتها الدفاعية تجاه تايوان، باعتباره عقبة أمام طموحاتها الإقليمية. ووصف زعماء بكين فترة ما بعد الحرب الباردة بأنها "فترة حرب متواصلة"، ورأوا في التدخلات الأمريكية دليلاً على استراتيجية عدوانية مصممة لاحتواء صعود الصين. التحديات الداخلية لأمريكا
في حين واجهت الولايات المتحدة تحديات خارجية متزايدة، واجهت أيضاً صعوبات داخلية قوضت قدرتها على الحفاظ على الزعامة العالمية.
وأدت هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001 الإرهابية إلى تحول تركيز أمريكا نحو الشرق الأوسط، ودخولها في حروب مطولة في أفغانستان والعراق، ما أنهك مواردها المالية والعسكرية.
وفي الوقت نفسه، أدت الأزمة المالية في عام 2008 إلى تآكل الثقة في القيادة الاقتصادية الأمريكية، وأدت إلى تخفيضات حادة في الإنفاق الدفاعي.
After two long wars, "America was feeling that old temptation of retrenchment," @HalBrands writes.
"The handcuffs on history were being loosened just as fierce Eurasian forces were stirring, again."https://t.co/lqJOJa17cG
ونتيجة لهذا، وجدت الولايات المتحدة نفسها منهكة وأعربت كل من إدارتي أوباما وترامب عن رغبتهما في تقليص البصمة العالمية لأمريكا، مع التأكيد على "بناء الأمة في الداخل" بدلاً من الخارج. وقد شجع هذا التراجع روسيا والصين على تأكيد أنفسهما بشكل أكثر عدوانية.
عودة المنافسة بين القوى العظمى
وخلص الكاتب إلى أن حقبة ما بعد الحرب الباردة، التي كان يُعتقد أنها ستؤدي إلى نظام عالمي مستقر وليبرالي، قد أفسحت المجال لموجة جديدة من التنافس الجيوسياسي، بفعل صعود الصين وعودة روسيا.
ورغم أن السياسات الأمريكية ساهمت في خلق بيئة من السلام والازدهار، فإنها أيضاً مكّنت خصومها من تحدي النظام الذي سعت إلى ترسيخه. ورأى الكاتب أن على الولايات المتحدة الاعتراف بعودة صراع القوى العظمى وإعادة تقييم استراتيجياتها، إذ لم يعد التكامل الاقتصادي وحده كافياً لتحييد الطموحات الجيوسياسية.
وبدلاً من ذلك، يقول الكاتب، يتعين عليها إيجاد سبل جديدة لموازنة القوى الاستبدادية الناشئة مع الحفاظ على زعامتها العالمية. فالتاريخ لم ينتهِ، بل عاد بقوة، والتحدي أمام أمريكا هو التكيف مع هذا الواقع، قبل أن يُعاد تشكيل النظام العالمي على نحو يهدد مصالحها.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل القمة العالمية للحكومات غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الحرب الأوكرانية عودة ترامب الولایات المتحدة الحرب الباردة
إقرأ أيضاً:
تقرير حقوقي: الإعدام السري مصير معظم المختفين قسرا في سوريا
وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان استخدام نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد لعقوبة الإعدام كأداة قمع سياسي منذ اندلاع الحراك الشعبي عام 2011، مشيرة إلى أن الغالبية العظمى من المفقودين والمختفين قسريا في السجون كان مصيرها الموت تحت التعذيب أو الإعدام السري.
وقالت الشبكة، في تقرير أصدرته اليوم الخميس، ووصل الجزيرة نت نسخة منها، إنه بدلا من أن تقتصر عقوبة الإعدام على الجرائم الجنائية، وظّفها النظام لترهيب المجتمع، وتعزيز قبضته الأمنية، والتخلص من معارضيه دون محاكمات عادلة.
وأشار تقرير الشبكة السورية إلى "العلاقة الوثيقة" بين الإخفاء القسري وتنفيذ الإعدامات، حيث بلغ عدد المعتقلين والمختفين قسريا لدى النظام 136 ألفا و614 شخصا حتى أغسطس/آب 2024، من بينهم 112 ألفا و414 شخصا لا يزال مصيرهم مجهولا، وأضاف التقرير "تشير الأدلة إلى أن الغالبية العظمى منهم قد تم تصفيتهم في السجون، سواء عبر التعذيب أو الإعدام السري، دون أي إجراءات قانونية".
وأكد التقرير أن آلاف المعتقلين الذين أُحيلوا إلى محاكم الميدان العسكرية لم يُكشف عن مصيرهم لعائلاتهم، ولم تُسلّم جثامينهم بعد تنفيذ الإعدام. وقال "هذه الممارسة ترقى إلى جريمة الإخفاء القسري، المصنفة كجريمة ضد الإنسانية وفقا للقانون الدولي".
إعلانوعلى الرغم من إلغاء محكمة الميدان العسكرية بالمرسوم رقم 32 لعام 2023، لم يؤدِّ ذلك إلى وقف الإعدامات، حيث استمر نظام الأسد باستخدام المحاكم العسكرية الأخرى لإصدار الأحكام الجائرة بحق المعارضين السياسيين، بحسب المصدر.
وفي تقريرها، أوضحت الشبكة السورية أن النظام اعتمد على 3 جهات قضائية لإصدار وتنفيذ حكم الإعدام بحق المعارضين، وهي محكمة الميدان العسكرية، ومحكمة الإرهاب، ومحاكم الجنايات العسكرية والعادية.
وتم تنفيذ عمليات الإعدام والإخفاء القسري بقرارات مركزية صادرة عن أعلى المستويات الأمنية والعسكرية والقضائية، وبحسب تقرير الشبكة، فإن الجهات المتورطة في الإعدامات هي رئيس الجمهورية، ونائب رئيس الجمهورية للشؤون الأمنية، ومجلس الأمن الوطني ووزارة الدفاع، والأجهزة الأمنية، والقضاء الاستثنائي.
وكشف التقرير عن حجم إعدامات القاصرين داخل السجون السورية في عهد الأسد، حيث سجل 3700 حالة اختفاء قسري لأطفال، و190 حالة وفاة تحت التعذيب، و50 طفلا تم إعدامهم على الأقل داخل محاكم الميدان العسكرية بين 2018 و2024.
وبناء على ما سبق، طالبت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بتحرك دولي لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم من خلال فرض عقوبات على الأفراد المتورطين، وإلزام الدول الداعمة لنظام الأسد مثل روسيا وإيران بتسليم المطلوبين للقضاء الدولي، ودعم العدالة الانتقالية في سوريا لضمان كشف الحقيقة ومنع تكرار الجرائم.
وفي توصيات قدمتها للحكومة السورية الجديدة، طالبت الشبكة باتخاذ سلسلة إجراءات، تتضمن التحقيق والمحاسبة، والتعاون مع المؤسسات الدولية، وإصلاح النظام القضائي والقانوني، والشفافية وحرية الوصول إلى المعلومات.
وأكد التقرير أن "العدالة الانتقالية ليست خيارا، بل ضرورة، وأن استمرار إفلات المسؤولين عن هذه الجرائم من العقاب يهدد الأمن والسلم الأهلي".
إعلان