دراسة جديدة حول الفوالق البحريّة... ماذا كشفت عن إمكانيّة حدوث زلازل وتسونامي في لبنان؟
تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT
قال الخبير الجيولوجيّ طوني نمر "دراسة جديدة حول الفوالق البحرية في شرق المتوسط نشرتها المجلة العلمية الدولية Pure and Applied Geophysics بعنوان "دراسة الفوالق الجيولوجية قبالة شواطئ لبنان: نظرة على الجيولوجيا الزلزالية في شرق البحر المتوسط".
وأضاف نمر عبر حسابه على موقع "اكس": "استخدمنا خلال الدراسة بيانات زلزالية ثلاثية الأبعاد (3D seismic data) عالية الجودة، موجودة لدى هيئة ادارة قطاع البترول اللبنانية، وذلك ضمن اتفاق شراكة بين الجامعة الأميركية في بيروت ووزارة الطاقة والمياه اللبنانية".
وقال: "نظهر في الدراسة خريطة مفصّلة لمعالم قاع المنطقة البحرية اللبنانية ونبيّن بالمقاطع السيزمية (seismic sections) أماكن وجود الفوالق البحرية الأساسية، كما نحقّق في حركة ونشاط هذه الفوالق لتحديد وفهم التركيبات الجيولوجية المسببة للزلازل والتسونامي، ونقارن النتائج بالدراسات السابقة".
ولفت نمر إلى أنّ "خريطة الأعماق تبيّن أن معالم قاع البحر موزعة على طول الهامش القارّي (continental margin)، كما على طول سلسلة اللاذقية البحرية الممتدة تحت المياه بين لبنان وقبرص".
وأوضح أنّ "الفوالق على طول الهامش القارّي هي فوالق محدودة النطاق، لا ترتبط بشكل تواصلي، ولا تشكّل بنية جيولوجية واحدة قادرة على التسبب بتسونامي من مكان قريب من البر اللبناني. لكن بعض تلك الفوالق هي نشطة وقد تسببت عبر التاريخ بارتفاع مستوى بعض المناطق الساحلية اللبنانية نسبة لمستوى البحر".
وقال نمر: "من ناحية أخرى، إن فوالق سلسلة اللاذقية البحرية هي أكثر وضوحاً في المقاطع السيزمية، وتصل إلى قاع مياه البحر، وتترابط بشكل تواصلي لتشكّل بنية جيولوجية بارزة تمتد لمئات الكيلومترات تحت المياه".
وأشار إلى أنّ "البيانات الزلزالية المستخدمة في الدراسة لا تظهر وجود ما يسمى بـ "فالق جبل لبنان" الذي تم اقتراحه في دراسات سابقة كبنية جيولوجية رئيسية قبالة الساحل اللبناني، وبالتالي فإن وجود هذا الفالق ليس مؤكداً وهو على الأرجح فالق نظري أكثر ممّا هو واقعي".
وتابع نمر: "بالمقابل، تبيّن الدراسة أن سلسلة اللاذقية البحرية، بخاصيتها البارزة في قاع البحر، هي أكثر التركيبات الجيولوجية نشاطاً قبالة الساحل اللبناني، ويرجّح أن تكون مصدر زلزال 9 تموز 551 ميلادي بقوة 7.2 درجات والذي تبعه تسونامي على طول الشواطئ اللبنانية".
1/8 دراسة جديدة حول الفوالق البحرية في شرق المتوسط نشرتها المجلة العلمية الدولية Pure and Applied Geophysics بعنوان "دراسة الفوالق الجيولوجية قبالة شواطئ لبنان: نظرة على الجيولوجيا الزلزالية في شرق البحر المتوسط"، تجدونها على هذا الرابط https://t.co/Fdqk10wJHc pic.twitter.com/mp21T5jLO3
— Tony S. Nemer, PhD (@tony_nemer) August 22, 2023المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
محمد عفيفي: طه حسين خير ممثل لفكرة الانتماء إلى عالم البحر المتوسط
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
نظم معهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدولة العربية، في مقره بمنطقة جاردن سيتي بالقاهرة، ندوة فكرية تحت عنوان "حوار حول الفكرة المتوسطية في المشرق العربي"، تحدث فيها الدكتور محمد عفيفي أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة، والدكتور محمد كمال مدير معهد البحوث والدراسات العربيّة، وأستاذ العلوم السياسيّة في جامعة القاهرة وأدارتها الدكتورة أماني فؤاد أستاذة النقد الأدبي في معهد البحوث والدراسات العربية وأكاديمية الفنون .
وخلال الندوة تحدث عفيفي عن مفهوم الفكرة المتوسطية التي تعني الانتماء إلى عالم البحر المتوسط، موضحًا أنها تقوم على رابطة فكرية في الأساس، بالإضافة إلى أبعاد سياسية واقتصادية، ومرتكزات من التاريخ المشترك بين شعوب هذه المنطقة.
واستعرض عفيفي جذور النزعة المتوسطية في المشرق العربي، موضحا ما كان يعنيه البحر المتوسط في أذهان المفكرين في القرن التاسع عشر، مركّزًا على فترة الثلاثينيات من القرن العشرين، التي شهدت ذروة صعود الفكرة المتوسطية كحركة فكرية في مصر ولبنان، وتداعياتها على الفكر السياسي في تلك الفترة.
كما أشار إلى دور القوى السياسية في مصر تجاه عودة الفكرة المتوسطية في التسعينيات، والتي تم تبنيها في سياق العلاقات بين الحكومات الفرنسية والمصرية لمواجهة "مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تم طرحه في العام 2004 ولاقى غضبا كبيرا من حكومات الدول العربية.
وأشار إلى أن هذا المفهوم شهد تحولًا كبيرًا حينما أصبح أيديولوجيا عقب الحرب العالمية الأولى، في فترة شهد فيها العالم دمارًا واسعًا واستنزافًا كبيرًا. ومن هنا، بدأت المتوسطية كحركة فكرية وأدبية، حيث انطلقت من فرنسا عبر مجلة "كراسات الجامعة" التي ركزت على الانتماء إلى عالم البحر المتوسط وتأثيره في الأدب والفكر حيث امتدت تأثيرات هذه الحركة إلى إسبانيا، ثم إلى تونس والجزائر، وعلى المستوى المصري كان طه حسين خير ممثل لهذه الفكرة في كتابه "مستقبل الثقافة في مصر".
وأضاف الدكتور عفيفي أن النزعة المتوسطية في إيطاليا نمت مع صعود الفاشية الايطالية التي أتت بموسوليني الذي كان يطلق على البحر المتوسط لفظ "بحرنا"، مستعيدًا تعبيرًا لاتينيًا قديمًا في إطار محاولاته إحياء مجد الإمبراطورية الرومانية وكان يطمح لجعل البحر المتوسط بحيرة رومانية .
وقال إنه في المقابل، شهدت مصر وبلاد المشرق، مثل لبنان وسوريا، صعودًا للأيديولوجيات والقوميات، مع انتشار الفكر الشيوعي وتأسيس جماعة الإخوان المسلمين. كما ظهرت في لبنان مجلة "فينيقية"، أغلب كتاباتها باللغة الفرنسية، وتناولت الانتماء إلى الماضي الفينيقي وعالم البحر المتوسط، مع رفضها لفكرة القومية العربية، حيث اتسمت نصوصها بجرأة واضحة.
ورغم أن النزعة المتوسطية نمت وتأججت على حساب القومية العربية لفترة، إلا أن الأخيرة استعادت مكانتها مع أحداث ثورة 1936 في فلسطين، التي شهدت تصاعدًا حادًا للصراع الأيديولوجي في المنطقة.
في السياق، أشار الدكتور محمد كمال إلى أن طه حسين عدَّل فكره تجاه المتوسطية بعد توليه عمادة معهد الدراسات والبحوث العربية عام 1961، وهي فترة تولى خلالها هذا المنصب لفترة قصيرة جدًا. وأوضح أن تراجع طه حسين عن تبني الفكرة المتوسطية جاء في سياق التحولات السياسية التي أعقبت نجاح ثورة 23 يوليو 1952.
فقد تبنى قادة الثورة فكر القومية العربية، ما أدى إلى تراجع الأفكار المتوسطية وغيرها من الأيديولوجيات الأخرى. وفي ظل هذا المناخ السياسي، اضطر طه حسين إلى تعديل موقفه من المتوسطية بشكل تكتيكي وسياسي يتناسب مع المرحلة.
وعلى الرغم من هذه التعديلات، ظل هذا الجيل من الرواد، مثل نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم، أوفياء لقوميتهم المصرية، محافظين على هويتهم الفكرية والثقافية حتى وفاتهم.
ومن جانبها، قالت الدكتورة أماني فؤاد بأنه قد تنامى ُبعدًا جديدًا إلى فهمنا بمساهمة الحضارة اليونانية الرومانية في تشكيل الحضارة الأوروبية. فبينما أشار مفكرون كطه حسين وسلامة موسى إلى أن هذه الحضارات القديمة كانت مصدرًا للإلهام للأدب والفلسفة الأوروبيين،و ترى الدكتورة فؤاد أن هذه الحضارات قدمت أيضًا أسسًا مهمة لحقوق الإنسان، وحرية التعبير، وتقدير التنوع الثقافي.
وطرحت الدكتورة فؤاد سؤالًا: كيف يمكن تحويل هذه الأفكار النخبوية إلى سلوكيات وثقافة عامة؟ إن الانتقال من الفكر إلى السلوك يتطلب جهدًا مشتركًا من المثقفين، وصناع القرار، ووسائل الإعلام. يجب أن يتم ترجمة هذه الأفكار إلى برامج تعليمية، ومبادرات مجتمعية، وقوانين تحمي الحريات الأساسية.
تتجاوز أهمية هذه الأفكار حدود الجغرافيا الزمنية والمكانية. فالتأكيد على حقوق الإنسان، وحرية التعبير، والتسامح، هي قيم عالمية تسعى البشرية جمعاء لتحقيقها. إن فهم جذور هذه القيم في الحضارات القديمة يمكن أن يعزز من تقديرنا لها، ويشجعنا على العمل من أجل نشرها في جميع أنحاء العالم. فالحوار بين الحضارات، وتبادل المعارف، هو السبيل الأمثل لبناء عالم أكثر عدالة وسلامًا.
حضر اللقاء عدد من المثقفين والكتاب من بينهم؛ الناقد محمد عبدالباسط عيد،والشاعر أحمد الجعفري، والناقد سيد ضيف الله، والدكتور محمد الطناحي أستاذ التاريخ في معهد البحوث والدراسات العربية، والكاتبة نهال القويسني.