عربي21:
2025-03-15@21:30:17 GMT

لماذا تغيرت نظرة العالم للشرع ولم تتغير مع الإخوان؟!

تاريخ النشر: 13th, February 2025 GMT

كنت قد كتبت مجمل هذا المقال منذ ما يقرب من أسبوعين، ولكن جاء خبر الحكم على الشيخ راشد الغنوشي بالمؤبد في تونس؛ في حكم جائر لا يمت بصلة لأي دائرة من دوائر العقل أو القانون، ولعل من حسن الأقدار أن تأخر، حتى أقرأ مقال أخي العزيز الأستاذ جمال سلطان، والذي جاء بعنوان: (لماذا رحبت السعودية بأحمد الشرع ولم ترحب بمحمد مرسي؟) والمنشور على موقع "عربي21".



وبيني والأستاذ جمال سلطان (أبو بلال)، الصديق العزيز، صلة قديمة، وتواصل دائم، وكنت ضيفا دائما على موقع (المصريون) الذي كان يديره والأستاذ محمود سلطان، وكانت مقالاتي النقدية للإخوان من أكثر مشاركاتي، ومقالي ليس ردا عليه تحديدا، ولا على مقاله، بل هو نقاش معه، ومع أصحاب هذا الرأي بوجه عام، كي نثري النقاش والحوار، حول هذه المقارنة للصالح العام، وليس لمجرد المواقف، وإن كنت أردت في مقالي تناول المقارنة عامة بقبول دوائر كثيرة بالشرع وتغيره، وعدم قبولها بالإخوان.

خطأ المقارنة

والحقيقة أن المقارنة بين التجربتين، لن تكون حقيقية، أو معبرة عن بحث جاد، إذا حكمنا بهذه السرعة، لعدة أسباب تجعل المقارنة غير دقيقة، فالمقارنة غالبا تكون بين نظيرين، أو بين متقاربين، وهناك مساحات توافق بين توجه الشرع والإخوان، ومساحات تباين كبرى أيضا، لا تجعل المقارنة دقيقة أو صحيحة.

أولا ـ من حيث الظروف والبيئة، فالإخوان جاءوا للحكم، أو دخلوه من باب ثورة سلمية، كان الإخوان أحد الشركاء فيها، وسبقوا إلى ذلك بنضال سياسي دستوري طويل، كانوا شركاء أصلاء فيه مع قوى المعارضة في مصر، بينما الشرع وإخوانه جاءوا عن طريق ثورة مسلحة، منذ اليوم الأول شرعن العالم كله تسليحها، بينما لو قام أحد الإخوان بعد الانقلاب بالدفاع عن نفسه، بالإمساك بشماعة ملابس وليس سلاحا ناريا أو أبيضا، فإن أول من يصمه بالإرهاب والتطرف هم شركاء الأمس في الثورة ذاتها.
ثانيا: من حيث التكوين والتوجه، فالإخوان جماعة كبرى، تكونت وتأسست على العمل الدعوي العام، والسياسة جزء منه، سواء اتفقنا على دورهم وأدائهم، أم اختلفنا، ولهم أدبيات نستطيع أن نحاكم الإخوان إليها، لكننا لا نملك نفس القدر عن الشرع وفريقه، لأن الحديث يدور عن الشرع، بمعزل الآن عن الثورة السورية، فلو كان الحديث عن الثورة كلها، فالأمر سهل، فلدينا شركاء وفصائل، لا نجد لهم وجودا في المشهد حاليا.

إن خطوات الثورة المضادة مع مصر، لن تكون بنفس الطريقة مع سوريا، ولا نتمنى لهم مصيرا كمصيرنا ولا كمصير أي ثورة أخرى أخفقت، لكن اليقظة والحذر مطلوبة، ومطلوب كذلك عدم التسرع بالحكم بالنجاح أو الإخفاق لتجربة سوريا الوليدة، فكم قاسينا كإسلاميين من دعم توجهات لعلة إسلاميتها، ثم كانت تجربة تخصم من رصيدنا، لا نتمنى لسوريا ذلك، لكن علينا أن نكون حذرين، فلا تأييد على بياض، ولا دعم بلا ضمانات، وبلا مراقبة وتسديد للخطى.ثالثا ـ من حيث التأثير والتاثر، فالإخوان جماعة كبرى، ولها فروع عدة، وهو ما يجعل قرارها في كثير من الأمور مرهونا بمراعاة فروعها، وأحيانا يؤثر على قرارها، وربما يفيد أو يضر بها، ومن ذلك نموذج: مجرد تغريدة كتبها إخوان مصر بتعزية الرئيس الإيراني عند وفاته، كان أكثر المهاجمين والمعترضين: إخوان سوريا، وهو ما جعل إخوان مصر تحجم في مواقف مشابهة، قد تحمل مصلحة سياسية لهم، لكن هذا الارتباط، بما له من ثقل يمثل عائقا، وهو ما لا نجده في الشرع وفريقه.

يقبلون انفراد الشرع ويرفضونه من الإخوان!!

لكن العجيب في الأمر، أن الأستاذ جمال سلطان، وكل من يقارن لصالح تفوق الشرع على الإخوان، يقعون في أمور خطيرة، تهدم توجههم دون أن يدروا، فلو أن الإخوان أداروا مرحلة الثورة بما قام به الشرع، لكان أول من هاجمهم الأستاذ جمال، وهو ما بنى كثيرا من نقده عليه، بأنهم استأثروا بالثورة، رغم أنهم نالوا ذلك بانتخابات، شهد لهم بها القاصي والداني، فماذا فعل الشرع؟

لقد جاء بالسلاح، ولم يقبل بكل شركاء الثورة، سوى شركائه هو فقط، وطلب من كل الكيانات الثورية أن تلقاه بصفتها أفرادا لا كيانات، والمنصب الوحيد الذي نالته الثورة من بشار بمباركة الجميع، لم يعترف به حتى الآن، وهو منصب المفتي، فماذا لو أن الإخوان فعلوا ربع ما فعل الشرع، ماذا سيكون موقف الناقدين للإخوان، إذا رفضوا منهم الظفر بمقاعد بالانتخاب، فماذا لو فعلوا نفس الفعل هل كانوا سينالون التأييد الذي ناله الشرع من الأستاذ جمال، ومن مؤيدي توجه الشرع؟!

ثم إنه تولى إدارة المرحلة رئيسا لسوريا، دون مشاركة بقية الفصائل الثورية، بل فقط الفصائل المسلحة، وأنه سيتولى المنصب لأجل غير مسمى، والحقيقة أن المقارنة الوحيدة المهمة هنا، هو مقارنة النخبة والشعب السوري بالنخبة والشعب المصري، فقد قبل السوريون بما يفعله الشرع، ولم يقبل المصريون لا نخبة ولا عامة، بأن يفعل الإخوان أو غيرهم ذلك، بل قبلوه فقط مجبرين من المجلس العسكري، ويبدو أن سيكولوجية شعوبنا تقبل ذلك ممن يملك القوة الصلبة، لا الناعمة فقط، وهو موقف يستدعي تأملا طويلا، ليس مع الإخوان فقط، بل مع أي قوى أو فصيل يتعامل مع الحكم والشعب.

النقطة الأخرى الجديرة بالتأمل، أن الذين يقولون بتغير خطاب الشرع، فهو في الحقيقة، سيجد أن خطاب الشرع تغير، لكنه تغير ليذهب إلى مساحة الخطاب الإخواني، فالمتابع لمجريات خطاب وتوجه الشرع ورفقائه، سيجد أنهم ذهبوا لخط الإخوان، وليس العكس، وهذه مسألة لو دقق فيها أي باحث لاستقرأ الأمر بوضوح، وهو توجه محمود، لا نرفضه، لكن على أن يكون الميزان الذي ينصب له ولغيره واحدا، وليس مختلفا كما في حالات المقارنة التي لا تنصف في بعض حالاتها.

قبول أم ترقب؟

والسؤال الأهم هنا: هل ما تقوم به السعودية والإمارات ودول أخرى، لا يروق لها نجاح أي ثورة في بلادننا العربية، سواء مسلحة أم شعبية، هل هو تسليم منهم بالثورة؟ الحقيقة من يتصور ذلك فهو واهم، أو ينظر لموقف مؤقت، لا يمكن أن ترسم بناء عليه السياسات. فهل ستقبل أنظمة قائمة على حكم الفرد والعائلة، وطوال تاريخها كارهة للربيع العربي، ستقبل بنجاح إحدى هذه الثورات؟

لا شك أن هناك مجريات سياسية، غيرت من موقف السعودية، وقد كانت رافضة في أول أمر انتصار الثورة السورية وانتهاء حكم بشار، ورد الأمر لإنهاء النفوذ الإيراني في المنطقة وحده، ليس كلاما دقيقا، فإن السعودية نفسها قامت بالتقارب مع إيران بوساطة صينية، وافتتحت سفارة لها في دمشق وقت حكم بشار، وهو منذ بضعة أشهر، وساهمت في عودة بشار لجامعة الدول العربية، ولم يصر على موقفه الرافض لبشار والداعم للثورة سوى دولة قطر.

إن خطوات الثورة المضادة مع مصر، لن تكون بنفس الطريقة مع سوريا، ولا نتمنى لهم مصيرا كمصيرنا ولا كمصير أي ثورة أخرى أخفقت، لكن اليقظة والحذر مطلوبة، ومطلوب كذلك عدم التسرع بالحكم بالنجاح أو الإخفاق لتجربة سوريا الوليدة، فكم قاسينا كإسلاميين من دعم توجهات لعلة إسلاميتها، ثم كانت تجربة تخصم من رصيدنا، لا نتمنى لسوريا ذلك، لكن علينا أن نكون حذرين، فلا تأييد على بياض، ولا دعم بلا ضمانات، وبلا مراقبة وتسديد للخطى.

[email protected]

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه السعودية الرأي سوريا سوريا السعودية علاقات رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة صحافة سياسة رياضة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأستاذ جمال لا نتمنى وهو ما

إقرأ أيضاً:

ما هو الإعلان الدستوري الذي جرى إقراره في سوريا وماذا منح للشرع؟

أنجز الرئيس السوري أحمد الشرع استحقاقا جديدا تعهد به عقب توليه مهام منصبه مطلع العام الجاري، وذلك عبر المصادقة على إعلان دستوري من شأنه أن يسد الفراغ الدستورية ونظم المرحلة الانتقالية التي حددت بموجبه بفترة 5 سنوات.

واستند الإعلان الدستوري الذي صادق عليه الشرع الخميس  في قصر الشعب بالعاصمة السورية دمشق، على روح الدساتير السورية السابقة لاسيما دستور الاستقلال الذي جرى إقراره عام 1950.

ما هو الإعلان الدستوري؟
الإعلان الدستوري هو وثيقة ذات طابع دستوري تصدر عن سلطة حاكمة غير منتخبة، سواء كانت مجلسا عسكريا أو حكومة انتقالية، بهدف تنظيم شؤون الحكم خلال فترة معينة من أجل إعادة هيكلة الدولة ووضع نظام جديد سعيا في الوصول إلى المرحلة الدائمة.

وغالبا ما تكون الفترة المعنية انتقالية بعد ثورة أو انقلاب أو سقوط نظام سابق حيث يغيب الدستور عند انهيار النظام السياسي، ما يجعل من الإعلان الدستوري حاجة ملحة لتوضيح صلاحيات السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية خلال المرحلة الانتقالية.

ماذا تضمن الإعلان الدستوري السوري؟
يتكون الإعلان الدستوري السوري الذي أعدته لجنة من الخبراء من مقدمة و52 مادة متوزعة على 4 أبواب رئيسية، أولها باب الأحكام العامة الذي تضمن 11 مواد، أبقت على اسم الدولة "الجمهورية العربية السورية" ودين الرئيس وهو الإسلام.

كما أبقت الفقه الإسلامي مصدرا رئيسيا للتشريع واللغة العربية لغة رسمية للدولة، فيما جرى تغيير العلم حيث تم النص على علم الثورة المكون من ثلاثة مستطيلات متساوية يعلوها اللون الأخير ويتوسطها اللون الأبيض ومن ثم الأسود في الأسفل. وتتوسط العلم في المنتصف وضمن المساحة البيضاء ثلاثة نجمات حمراء.

وحددت المادة المادة الحادية عشرة على أن الاقتصاد الوطني يقوم على مبدأ المنافسة الحرة العادلة ومنع الاحتكار.

أما الباب الثاني، فهو عن الحقوق والحريات ضم 12 مادة، معتبرا جميع الحقوق والحريات المنصوص عليها في المعاهدات والمواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها الجمهورية العربية السورية جزءًا لا يتجزأ من هذا الإعلان.

وأكد أن الدولة تكفل الدولة حرية الرأي والتعبير والإعلام والنشر والصحافة وتضمن عمل الجمعيات والنقابات وتصون حق المشاركة السياسية وتشكيل الأحزاب على أسس وطنية وفقاً لقانون جديد.


وجرى تخصيص الباب الثالث لمعالجة شكل نظام الحكم والسلطات في المرحلةِ الانتقالية في 24 مادة، حيث منح ممارس السلطة التشريعية إلى مجلس الشعب حتى اعتماد دستور دائم، وإجراء انتخابات تشريعية جديدة، في حين يمارس رئيس الجمهورية والوزراء السلطة التنفيذية.

وشدد الباب الرابع المتكون من 6 مواد، على أن السلطة القضائية مستقلة، وحظر إنشاء المحاكم الاستثنائية، في حين جرى حل المحكمة الدستورية العليا القائمة كونها من بقايا النظام المخلوع، على أن يتم إنشاء محكمة دستورية عليا جديدة.

ما الجديد في الإعلان الدستوري عن باقي الدساتير السورية السابقة؟
نص الإعلان الدستوري على إحداث هيئة لتحقيق العدالة الانتقالية تعتمد آليات فاعلة تشاورية مرتكزة على الضحايا، لتحديد سبل المساءلة، والحق في معرفة الحقيقة، وإنصاف للضحايا والناجين، بالإضافة إلى تكريم الشهداء.

واستثنى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية وكل الجرائم التي ارتكبها النظام البائد من مبدأ عدم رجعية القوانين.

كما نص على تجريم تمجيد نظام الأسد البائد ورموزه، على أن يعد إنكار جرائمه أو الإشادة بها أو تبريرها أو التهوين منها، جرائم يعاقب عليها القانون.

وألغى الإعلان منصب رئيس مجلس الوزراء ليكون شكل نظام الحكم بذلك رئاسيا تاما قائما على الفصل الكامل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.

ومنح الإعلان رئيس الجمهورية حق تشكيل لجنة عليا لاختيار أعضاء مجلس الشعب في المرحلة الانتقالية، على أن تقوم اللجنة المعينة  بالإشراف على تشكيل هيئات فرعية ناخبة لانتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشعب، والثلث الأخير يعينه رئيس الجمهورية "لضمان التمثيل العادل والكفاءة".


وألزم الإعلان رئيس الجمهورية العربية باتفاقيات حقوق الإنسان المصدَّق عليها من قبل الدولة السورية، وهذا النص يشكل سابقة في التاريخ الدستوري السوري.

وألغى الإعلان السلطات الاستثنائية الممنوحة لرئيس الجمهورية، مبقيا على سلطة استثنائية واحدة وهي إعلان حالة الطوارئ، حيث يحق للرئيس إعلان "حالة الطوارئ جزئيا أو كليا لمدة أقصاها ثلاثة أشهر في بيان إلى الشعب بعد موافقة مجلس الأمن القومي واستشارة رئيس مجلس الشعب و رئيس المحكمة الدستورية ولا تمدد لمرة ثانية إلا بعد موافقة مجلس الشعب".

وحظر الإعلان الدستوري إنشاء المحاكم الاستثنائية، الذي دأب النظام السابق على إنشائها بهدف إحكام قبضته على السوريين.

مقالات مشابهة

  • الفائز بجائزة العمارة المرموقة مهندس صيني لم يتوقّعها.. لماذا؟
  • كيف تتغير عاداتنا الاستهلاكية في شهر رمضان؟
  • ندوة لـ«تريندز» في مجلس اللوردات البريطاني: التصدي للتطرف مفتاح الاستقرار العالمي
  • سكاف في ذكرى 14 آذار: تغيرت المعادلة وسقط النظام الأسدي
  • ما هو الإعلان الدستوري الذي جرى إقراره في سوريا وماذا منح للشرع؟
  • سوريا بين تاريخيْن 2011-2025: من الاحتجاجات إلى التحولات الكبرى
  • زولجنسما: أغلى علاج في العالم لماذا يبلغ سعره 2.1 مليون دولار؟
  • هدى المفتي وعصام عمر ومالك في الصدارة.. هل تغيرت خريطة الدراما الرمضانية؟
  • الروسان يوجه رسالة للشرع .. لا تستغني عن أبو محمد الجولاني فقد يلزمك قريبا
  • لماذا منحت إدارة ترامب الضوء الأخضر لاتفاق الشرع وقسد؟