#أميركا وإيران.. من يسترضي الآخر؟ / د. #منذر_الحوارات
تندفع الولايات المتحدة بشكل ملفت هذه الأيام لإقامة تحالفات متعددة في عدة أقاليم دولية، لكنها تركز بشكل أساسي على منطقة الصراع المستقبلية المتوقعة في المحيطين الهادي والهندي بالذات في بحر الصين الجنوبي، فبالاضافة إلى حلف الناتو أقامت تحالف أوكوس بينها وبين بريطانيا وأستراليا، وغيرها من التحالفات، وها هي تجمع الخصمين السابقين اليابان وكوريا الجنوبية، في محاولة لإقامة تحالف إستراتيجي مع الولايات المتحدة ربما يكون مقدمة لإنشاء ناتو آسيوي، كل تلك التحركات والمحاولات الأميركية لها غاية واحدة هي الصين، ونظراً لأنها غير قادرة على احتواء هذا البلد الكبير والمنفتح اقتصادياً وسياسياً على العالم قررت أن تتبع خطة الإبطاء الإستراتيجي لهذا العملاق الكبير.
لكن هناك ما يشوب هذا المخطط الأميركي فهي بحاجة كي تبطئ هذا المارد وتمنعه من تجاوزها والتفوق عليها الى إحكام قبضتها على المحيط الهادي ومضيق ملقا، وهو الممر الذي يفصل بين مضخة العالم من النفط وهي منطقة الخليج العربي ومَشغل العالم الصين، فلديها ما يكفي من الأصدقاء والحلفاء على شواطئ هذا المحيط ومضيق ملقا، وتتوفر ايضاً القدرة العسكرية من خلال البوارج والأساطيل الأميركية في المحيطين، لكن تبقى المعضلة التي تواجه أميركا وهي قدرة الصين على التزود بالنفط من خلال المعابر البرية، وهذه تحققها فكرة الحزام والطريق، والتي هي محاولة صينية للهروب من السيطرة الأميركية على المضائق العالمية، وربما يكون ميناء وممر جوادر أفصح دليل على ذلك حيث ينطلق من إيران عابراً باكستان وينقل النفط بالاتجاه الصيني والبضائع في اتجاه إيران والخليج العربي، وهو يعتبر ضربة قاصمة لكل الجهود الأميركية ومحاولاتها في السيطرة على اهم محرك للاقتصاد الصيني وهو النفط، ولإيقافه تصبح ايران حاجة إستراتيجية أميركية في المرحلة المقبلة.
تدرجت العلاقات الإيرانية الأميركية منذ العام 1979 من فكرة إسقاط النظام وتغييره الى فكرة تغيير سلوكه وأخيراً التعايش معه التي دشنها الاتفاق النووي، لكن التداعيات الأخيرة وحاجة الولايات المتحدة الإستراتيجية لإيران وموقعها تجعلنا نطرح السؤال، أيحتمل أن ينتقل هذا العداء إلى تعاون؟ علماً بأن العلاقات الأميركية الإيرانية مرت بفترات متعددة من التخادم المتبادل ابتداء بحرب الكويت واحتلال افغانستان وكذلك العراق وأخيراً الحرب على الإرهاب والذي وصل الى مرحلة التنسيق المشترك كما قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري، إذاً كان هناك تعاون مشترك بين البلدين وإن كان متقطعاً، ولأن الحرب مستحيلة ولأن كل العقوبات لم تؤد إلى انهيار إيران وجعل نظامها أو حتى برنامجها النووي ينهار بل العكس هو الذي حصل، فإيران الحاضر قوة إقليمية لا يمكن تجاوزها عند مناقشة قضايا المنطقة، فأذرعها الإقليمية وقوتها الداخلية مكنتها من ذلك وهذا يُحتم على واشنطن سلوك طريق التعاون، وكون إيران دولة مؤسسات ولديها خبرة كبيرة في إدارة اللحظات الإستراتيجية فلديها دبلوماسيون على درجة عالية من الكفاءة لذلك فهي بدون شك ستلتقط اللحظة الأميركية وتساوم عليها ببراعة.
مقالات ذات صلة ماجد الشراري النابتة)…ونهره( العاصي)… 2023/08/22المؤشرات تعطي الانطباع بأن الولايات المتحدة تخطط لصياغة إستراتيجية أمنية شاملة للمنطقة بالتفاهم مع إيران، فلا بأس بالنسبة لها من تقديم بعض التنازلات في منطقة الخليج في مقابل تحقيق هدفها الإستراتيجي المستقبلي في إبطاء التطور الصيني، فاحتواء الصين أمر شبه مستحيل، إذا فليس أمام أميركيا سوى محاولة احتواء شركائها الدوليين وهذا هدف ما يزال بالمُستطاع تحقيقه وإن بدا مستحيلاً في كثير من الأحيان، لكن طبيعة الصراع الوجودي الذي تخوضه الولايات المتحدة مع الصين يفرض عليها ذلك، أما موقف الأطراف العربية وإسرائيل من هكذا تقارب فتلك قصة أخرى.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: أميركا الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
ماذا سيحدث لو ابتلع المحيط أميركا؟
ماذا سيحدث للعالم إذا استيقظ ذات صباح، فوجد الولايات المتحدة وقد ابتلعها البحر؟ لا شك في أن هذا ما تتمناه كل أمة/ دولة تضررت من التدخل الأميركي في شؤونها، والعالم العربي على رأس هذه الأمم بطبيعة الحال.
بيد أن السؤال "ماذا لو اختفت أميركا؟" لم يُطرح يومًا ما على العقل العربي ليستفز فيه الجانب الموضوعي في المسألة، فالعرب جزء من العالم الذي لا نعرف ماذا سيحل به حال انسحبت الولايات المتحدة إلى ما وراء المحيط، وتركت العالم لمصير "ما بعد أميركا".
وفي حين غاب السؤال تمامًا عن المنطقة التي تكتظ بالحضور العسكري الأميركي وتتأذى يوميًا من اعتداءات حليفها التوسعي ـ إسرائيل ـ عليها، فإنه شغل العقل الأميركي وبإلحاح منذ السنة الأولى من حكم الرئيس أوباما.
ففي نهاية 2009، كان الخبراء يتحدثون فعلًا عن "عالم ما بعد أميركا"، بعد تسجيل نقاط تراجع بالتزامن مع صعود قوى إقليمية بديلة ومحتملة، لها ذات أشواق وأحلام الولايات المتحدة الأميركية.
وبعدها بست سنوات، انتقل السؤال من الهامش إلى متن الجدل العام الأميركي، وفي الأثناء صدر كتاب "استثنائي: لماذا يحتاج العالم إلى أميركا القوية" (Exceptional: Why the World Needs a Powerful America)، وذلك في يوليو/ تموز من عام 2015، ألفه ديك تشيني، الذي شغل منصب نائب الرئيس الثالث والأربعين للولايات المتحدة من عام 2001 إلى عام 2009، وابنته ليز تشيني، وهي مسؤولة سابقة في وزارة الخارجية الأميركية.
وصفت الكتاب، في ذلك الوقت نيويورك تايمز (The New York Times) بـ"الأكثر مبيعًا"، وخلَّف صخبًا واسع النطاق في غالبية المنصات الإعلامية الأميركية، على اتساعها وتنوعها.
فبعد عرض ومناقشة قضية "الاستثنائية الأميركية" في الكتاب، يقول تشيني: نحن كما قال لينكولن، "آخر وأفضل أمل للأرض"، ويزعمون أن أميركا ليست أكثر من مجرد "كيان آخر لا يمكن تمييزه على المسرح العالمي"، بل إن الولايات المتحدة "كانت ضرورية للحفاظ على الحرية وتقدمها، ويجب على أولئك الذين يقودوننا في السنوات القادمة أن يذكّرونا، كما فعل روزفلت وكينيدي وريغان، بالدور الخاص الذي نلعبه". ويخلص المؤلفان ـ تشيني وابنته ـ إلى: "نحن في الواقع استثنائيون".
انتقد تشيني في الكتاب تخلي أوباما ـ أثناء رئاسته ـ عن قيادة أميركا للعالم، وتأصيله لمبدأ استخذائي "القيادة من الخلف"، ويشرح الكتاب تفصيلًا كيف خالف الرئيس أوباما بشكل جذري الإجماع الحزبي في السياسة الخارجية الذي مكَّن أميركا من الانتصار في الحرب العالمية الثانية، والفوز في الحرب الباردة، والانتصار في العقد الأول من الحرب ضد الإرهاب.
وأشار تشيني وابنته ـ بحسب زعمهما ـ إلى الضرر الذي أحدثته سياسات الرئيس أوباما، ويبينان كيف أدى عدم رغبته في الدفاع عن القوة الأميركية وحمايتها إلى إضعاف الأمة وتقليص قدرة الرؤساء المستقبليين على الدفاع عنها.
ويعتقد خبراء أميركيون أن أميركا ـ تاريخيًا ـ تأسَّست صراحة على فكرة "الفرار" من الدول المتحاربة في أوروبا بكل ما فيها من نقاط ضعف وسفك للدماء، من أجل إقامة "مدينة على التل" بعيدًا عن القارة العجوز.
ورغم أنها لم تكن "محايدة" تمامًا، فإنها كانت قادرة ـ إلى حد كبير ـ على البقاء بعيدًا عن الشؤون الأوروبية الأساسية.
وترى تلك المقاربات أن الانعزالية التي سادت في عشرينيات القرن العشرين لم تكن تعني أن أميركا لم تعد قوة عظمى، بل كانت تعني ـ ببساطة ـ أن الحرب العالمية الثانية قد أجبرت أميركا، وخاصة قادتها، على الاعتراف بالواقع الذي برز في عام 1917، وهو انهيار النظام القديم، الذي كان من المفترض على أوروبا أن تحافظ عليه، وأنه قد انتهى تمامًا إلى الأبد، وأنها ـ أي أميركا ـ كانت قوة عظمى غائبة.
وفي غياب تلك القوة القادرة على ردع صعود الأنظمة الخطيرة أو على الأقل الحد من الصراعات، اندلعت حرب عالمية ثانية، كانت أسوأ من الأولى. وبعد الحرب العالمية الثانية لم يكن هناك أحد آخر "غير أميركا": إما أن تحافظ الولايات المتحدة على السلام، حتى لو كان سلامًا باهظ الثمن ومضرًا بالأخلاق، أو أن يحدث ما لا يمكن تصوره مرة أخرى.
يقول آفي وولف في مقال له على ذا ديسباتش (The Dispatch): إنه لا يمكن لأميركا أن تكون سويسرا، للسبب البسيط المتمثل في أن سويسرا لن تكون قادرة على أن تكون سويسرا إذا أصبحت أميركا بطريقة أو بأخرى.
فمع القوة العظمى تأتي مسؤولية عظيمة، ملتزمة تقريبًا بالحفاظ على السلام وحماية التجارة وسلاسل التوريد، فضلًا عن العمل كمنارة للقيم الديمقراطية والغربية في أفضل حالاتها، وأنه ببساطة لا يوجد أحد آخر (غير أميركا) كما يزعم وولف.
الأسانيد التي يتكئ عليها الباحثون الأميركيون في تعزيز حججهم بأن العالم ليس بوسعه الاستغناء عن الولايات المتحدة، تستدعي ـ عادةً ـ التاريخ وتجارب انهيار القوى العظمى القديمة.
يقول روبرت كاجان ـ على سبيل المثال ـ فقد أدى سقوط الإمبراطورية الرومانية إلى نهاية ليس فقط للحكم الروماني، بل وللحكومة الرومانية والقانون الروماني ونظام اقتصادي كامل يمتد من شمال أوروبا إلى شمال أفريقيا، أما الثقافة والفنون، بل وحتى التقدم في العلوم والتكنولوجيا، فقد تراجعت إلى الوراء لقرون.
وأن التاريخ الحديث سار على نفس المنوال: فبعد الحروب النابليونية في أوائل القرن التاسع عشر، وفرت السيطرة البريطانية على البحار وتوازن القوى العظمى في القارة الأوروبية قدرًا نسبيًا من الأمن والاستقرار، وزاد الرخاء، وتوسعت الحريات الشخصية، وأصبح العالم أكثر ترابطًا بفضل الثورات في التجارة والاتصالات.
ربما يصادف هذا التنظير الأميركي مسوغاتٍ من التاريخ القريب، لوضع مدونة "أخلاقية" تبرر حاجة العالم إلى أميركا الآن.. وبعد الآن، لا سيما "درس" اقتراب العالم إلى حافة الانهيار والفوضى، مع اندلاع الحرب العالمية الأولى، حيث انهار عصر السلام المستقر والليبرالية المتقدمة، ليحل محله عصر القومية المفرطة والاستبداد والكوارث الاقتصادية، وتوقف انتشار الديمقراطية والليبرالية الواعد، ثم انعكس مساره، تاركًا حفنة من الديمقراطيات المحاصرة تعيش في ظل جيران فاشيين وشموليين.
صحيح أن انهيار النظامين البريطاني والأوروبي في القرن العشرين لم ينتج عصرًا مظلمًا جديدًا ــ ولو كان من الممكن أن يحدث ذلك لو انتصرت ألمانيا النازية واليابان الإمبراطورية ــ لكن الصراع المروع الذي نتج عنه كان مدمرًا بنفس القدر.
ويحاول آخرون الإجابة عن قدرة القوى البديلة على تعويض انسحاب الولايات الأميركية "وترك العالم وحده بدونها"، ولاحظتُ وجود شبه إجماع على أن غياب أميركا يعني تحول الميزان لصالح الأنظمة الاستبدادية، التي ترشحها التطورات كبديل طموح: فكل من بكين وموسكو تحميان بالفعل دكتاتوريين ودمويين في بعض بلدان الشرق الأوسط، وإنهما إذا اكتسبتا نفوذًا نسبيًا أكبر في المستقبل، فسوف نشهد عددًا أقل من التحولات الديمقراطية، والمزيد من المستبدين الذين يتمسكون بالسلطة.
غير أن ثمة مناقشات أخرى ما انفكت تخفف من المخاوف التي قد يخلفها "الابتزاز الأميركي" للعالم، متوقعة أن توازنًا في عالم جديد متعدد الأقطاب قد يكون أكثر مُلاءمة للديمقراطية، إذا ما عوضت بعض الديمقراطيات الصاعدة – البرازيل والهند وتركيا وجنوب أفريقيا – الفارق الذي قد تخلفه الولايات المتحدة (المنسحبة أو المتدهورة).
بيد أن هذا الاتجاه ـ الأقل تشاؤمًا ـ غير واثق من هذه البدائل التي يقترحها، من خلال خطاب استدراكي يشير إلى أن كل هذه الديمقراطيات ليس لديها الرغبة أو القدرة على القيام بذلك، فضلًا عن أن هذه الدول ـ من المتوقع حتمًا ـ قد لا تتمكن من مساعدة نفسها، وذلك لأن إنشاءَ نظام اقتصادي ليبرالي وبقاءَه كان يعتمد ـ تاريخيًا ـ على القوى العظمى الراغبة والقادرة على دعم التجارة المفتوحة والأسواق الحرة، وغالبًا بالقوة البحرية.
وإذا كانت أميركا "المتدهورة عاجزة" عن الحفاظ على هيمنتها التي دامت طويلًا على أعالي البحار، فهل تتحمل دول أخرى أعباء وتكاليف دعم القوات البحرية لسد الفجوات؟ ويضيف البعض إلى تلك المقاربات الحكمة القائلة: إن الفكرة الأفضل يجب ألا تفوز لمجرد أنها فكرة أفضل، بل إنها تتطلب من القوى العظمى أن تدافع عنها.
التنظير الأميركي لاستحالة أن يعيش العالم بدون أميركا، يحاول عقلنة بروباغندا "أميركا التي يحتاجها الجميع"، بالمرور فوق أرضية صلبة من التاريخ، وغياب البدائل المؤهلة للزعامة منفردة، واستحالة الاعتماد على نظام تعددي يقوم بدور "الشرطة الجماعية" لحفظ النظام الدولي من الانهيار.
وامتدادًا لهذه المقاربة، يُعتقد أنه إذا ما تراجعت القوة الأميركية، فسوف تتراجع أيضًا المؤسسات والمعايير التي دعمتها القوة الأميركية، أو على الأرجح، إذا كان التاريخ دليلًا، فقد تنهار تمامًا مع انتقالنا إلى نوع آخر من النظام العالمي، أو إلى الفوضى.
وقد نكتشف ـ حينئذ ـ أن الولايات المتحدة كانت ضروريةً للحفاظ على النظام العالمي الحالي، وأن البديل للقوة الأميركية لم يكن السلام والوئام بل الفوضى والكوارث، وهو ما كان عليه العالم قبل ظهور النظام الأميركي مباشرة، كما يزعم روبرت كاجان.
ويبدو لي أنَّ هذه الفرضية هي المرجحةُ حتى الآن، بيد أنَّ ما يدعو إلى القلق هو "العشم" العربي الزائد في البدائل التي تعوزها شروط القيام بدور "شرطي العالم" وحسن الظن العربي بها، بوصفها قوى قد تكون "رحيمة" ـ أو أكثر رحمةً ـ من الولايات المتحدة الأميركية، رغم أن تلك ، وليس بوسع أحد أن يقدم للعرب "شهادة ضمان" منها، تكفل وداعتها "وحنانها"، حال استفردت بالعالم مجددًا.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية